الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب تجديد الفكر الإقتصادي (لإبراهيم العيسوي) عرض وتقديم لأحد فصول الكتاب

أميرة أحمد عبد العزيز

2021 / 3 / 26
الادارة و الاقتصاد


كتاب تجديد الفكر الإقتصادي (نظرة نقدية إلى الفكر الإقتصادي السائد وعرض وتقييم لبعض مقاربات تطويره)، مؤلف الكتاب هو الدكتور إبراهيم العيسوى الخبير الاقتصادى وهو واحد من أهم الكتاب والمؤلفين في هذا المجال وفي باب التنمية المستقلة وهو من أحد أقطاب الفكر الاشتراكي.
وقد صدر عن الهيئة العامة للكتاب هذا العام، وقمت باختيار أحد فصوله للعرض والتلخيص، ولما لمسته من أهمية الكتاب فسأحاول أن أقوم بتلخيص وعرض أجزاء أخرى منه بإذن الله، نرجو من الله أن يوقفنا لذلك.
عنوان الفصل: مبادىء الفكر الاقتصادي النيوكلاسيكي وسر صموده
الفكر الاقتصادي النيوكلاسيكي هو الفكر السائد اليوم، وقد ظهر في سبعينات القرن التاسع عشر وقد أحكمت صياغة نظرياته ومبادئه على أساس رياضي، ويشار إليه بعلم الاقتصاد في تفرقة بينه وبين مصطلح الاقتصاد السياسي الذي استخدم من قبل الاقتصاديين الكلاسيكيين. وحيث أن هذه المدرسة أخذت الأساس الرياضي فقط، فقد نحيت جانبا العوامل الأخرى التي كانت تدخل في اهتمام المدرسة الكلاسكية وما يعرف بالاقتصاد السياسى من العوامل الاجتماعية والنفسية والتاريخية والسياسية..
ولهذا العلم 10 مبادىء تنقسم على ثلاث مجموعات، واعتمد الكاتب بشكل رئيس في استخراج المباديء العشرة على تقسيمة الاقتصادى مان كيو.
مبادىء الفكر الاقتصادي النيوكلاسيكي
المجموعة الأولي: تمثل محددات القرارات الإقتصادية
في اتخاذ الناس لقرارتهم الاقتصادية
1- يتعين على الناس إجراء مقايضات وأن لاشيء يمكن الحصول عليه بدون ثمن، فالحكومة عليها المقايضة بين كفاءة الإنتاج وعدالة توزيعه، ونلاحظ أن هذا المبدأ يفترض التعارض بين الكفاءة والعدالة، بحيث لو قررت الدولة زيادة الضرائب تحقيقا لشرط العدالة الاجتماعية سوف يؤدى هذا لقلة الاستثمار والتأثير سلبا على كفاءة الإنتاج.
2- كلفة أي شيء يحصل عليها الفرد هي تساوي قيمة ما يتنازل عنه بالمقابل
مثال: كلفة دخول شاب الجامعة تساوي قيمة ما يتنازل عنه من مال كان سيتحصل عليه إن التحق بوظيفة أو إن احترف الرياضة إن كان رياضيا.
3- إن الانسان الرشيد يستخدم التحليل الحدي في الوصول لقرارته أى المقارنة بين المنفعة الحدية والتكلفة الحدية للحاجات وبناء على تلك المقارنة يتخذ قراره، وهذا المبدأ يفترض اتصاف الناس بالرشد والعقلانية في اتخاذ قرارتهم.
4- استجابة الناس للحوافز، أي أن ما يجعل الفرد يتخذ قرار ما هو (العائد أو الكلفة)، فارتفاع سعر البنزين يجعل الناس تشتري سيارات أصغر لخفض التكلفة أو استخدام المواصلات العامة.
إلا أن هذا المبدأ قصر الحوافز على المال، علما بأن المال ليس الحافز الوحيد الذي يؤثر على قرارات البشر، فارتفاع البنزين ليس شرطا لتخلي الناس عن السيارات الخاصة واستخدام المواصلات لأن السيارة قد تحقق حافز آخر غير مادى يخص الخصوصية والشكل الاجتماعي لمن يهتم بذلك، والشاب يستمرفي التعليم ولا يترك الجامعة ليحترف الرياضة وإن كان من المتفوقين فيها مما قد يجلب عليه مال وفير إن احترف الرياضة لكنه مع ذلك يفضل الجامعة لما سيتحصل عليه منها من ارتقاء ثقافي وعلمي.



المجموعة الثانية: تفاعلات متخذي القرارات في السوق
1- التجارة تجعل الجميع أفضل حالا.
فالتجارة تمكن الأفراد والدول من التخصص في أنشطة معينة ومبادلة انتاجها مع الآخرين الذين يكونوا تخصصوا أيضا فيما يجيدونه. وهذا المبدأ مرتبط بالتخصص وتقسيم العمل وحرية التجارة والمنافسة الحرة.
إلا أن الواقع يبرز حالات التجارة التي هي أبعد ما تكون عن التبادل المتكافيء، حيث أن الكثير من الدول النامية يفرض عليها التخصص في إنتاج سلعة واحدة من السلع الأولية.
2- الأسواق في العادة أداة تنظيم للنشاط الاقتصادي عن طريق اليد الخفية التى آشار اليها آدم سميث والمقصود بالأسواق هنا الأسواق الحرة التى تسودها المنافسة الحرة. ويعتقد في هذا المبدأ أن تدخل الحكومات بفرض الضرائب ومنع الأسعار من التكيف طبقا لقانون العرض والطلب إنها تعرقل بذلك عمل اليد الخفية في التنسيق بين قرارات الأفراد والمنشآت وتعوق وصول الأسواق لحالة التوازن. وبالتالي يرجع فشل الدول الاشتراكية في تدخلها في عمل الأسواق وفرض التخطيط.
ومما يسترعي الانتباه أن الكثير من الصفقات في ظل الرأسمالية تتم خارج السوق في إطار المنظمات والشركات الاحتكارية.
3- إن تدخل الحكومة وإن كان معطلا لليد الخفية الا انه يكون مفيد في تحسين عمل الاسواق من ناحية الكفاءة والعدالة في بعض الاحيان.
للتوضيح، فهذا الأمر يشار إليه عادة في إطار يكون التدخل لصالح الطبقات المسيطرة اقتصاديا.

ثالثا: مبادىء الاقتصاد الكلي
1- مستوى معيشة أي بلد يعتمد على قدرتها على انتاج السلع والخدمات.
2- الاسعار تتجه نحو الارتفاع عندما تفرط الدولة في انتاج النقود
نقد للفكرة: ليس بالضرورة أن تؤثر زيادة كمية النقود على ارتفاع الأسعار فذلك متوقف على ما إذا كان الاقتصاد يحتوى على قوة عاطلة تؤدى النقود لتنشيطه دون تضخم أم أنه لا يحتوى على قوة عاطلة وبالتالى زيادة النقود تؤدى لرفع الاسعار والتضخم.
3- المجتمع يواجه في الاجل القصير مقايضة بين التضخم والبطالة
هذا المبدأ يقوم على علاقة عكسية بين التضخم والبطالة بحيث يوضح أن زيادة الأجور تؤدي لزيادة التضخم ولكنها تؤدى لقلة البطالة ولكن انخفاض التضخم وقلة الاجور تؤدى الى زيادة البطالة، الا أنه ليس بالضرورة وجود تلك العلاقة العكسية بل قد تكون طردية أيضا في حالات أخرى.
وحيث يوجد خلاف في المبدأين الأخيرين فقد قام المؤلف باستبدالهم بمبدأين
1- التوازن
2- الاستباط
أسباب الصمود رغم الانتقادات والأزمات
1- قوة الميل لمقاومة التغيير والتمسك بما هو قائم، وميل المقاومة نحو التغيير عند أصحابه.
2- نقد الفكر النيوكلاسيكي لا يكفي للإطاحة به دون وجود بديل.
3- طول بقائه مدته جعله مسيطرا على الثقافة والفكر وأصبح يشكل البنية الفوقية للنظام القائم في المجتمع .
4- قدرته على المقاومة ترجع لكونه يحل مشكلة السلطة في الإقتصاد والسياسة، بحيث أصبحت المنشآت الإقتصادية الحديثة تسيطر على الاقتصاد وتمارس السلطة أيضا وتشكل ذوق المستهلكين وآرائهم وفكرهم السياسي.

وهكذا أكون قد أنتهيت من تلخيص هذا الفصل من هذا الكتاب الهام، و أود أن أنهي حديثي بنقطتان، فقد أثير لدى من قراءة هذه المبادىء بعض الأسئلة والملاحظات:

1- بالنسبة للمبدأ الأول من المجموعة الأولى والخاص بالمقايضات، فالمبدأ يعطي مثالا من المجتمع فيقارن بين عنصري كفاءة الانتاج وعدالة التوزيع وما يبدو من تعارض بينهما وضرورة مقايضة أحدهما بالآخر مع الدفع طبعا بضرورة اختيار كفاءة الانتاج على حساب عدالة التوزيع.
إن إقرار عنصر المقايضة هذا يبين فكرة إجتماعية تخص وحدة الموارد والامكانيات في المجتمع، بحيث أن ما يمثله من زيادة في أشياء هو يمثل انتقاص في أخرى، ويوجد مثل توضيحي يبين الفكرة أفضل يذكره الكاتب في هذا المبدأ فيقول (حين ينفق الفرد جنيه إضافي من راتبه الذي يفترض ثباته على القهوة فإن هذا يستوجب تخفيض إنفاقه على سلعة أخري كعصير البرتقال)، وبالتالي نفهم من هذا أن أى زيادة في الثروة الخاصة هي انتقاص بدورها من الثروة العامة وبالتالي انتقاص من امكانيات المجتمع ككل، وحيث أنها خاصة فالدولة لا تسطيع توجيهها للصالح العام فتظل انتقاصا من امكانيات المجتمع لصالح القلة من أفراده.
ملحوظة: يوجد فرق بين الثروة أو الملكية الخاصة والملكية الفردية، فحتى في النظم والدول الاشتراكية من الممكن والجائز وجود ملكيات فردية بجوار ملكيات عامة وتعاونية ولكن لا مكان فيها للملكيات الخاصة
((إن تعبير الملكية الفردية يدل على الشكل القانوني للملكية، وإن تعبير الملكية الخاصة يدل على حق المالك في إتخاذ القرار الاقتصادي بالنسبة إليها دون المجتمع)) دكتور عصمت سيف الدولة، نظرية الثورة العربية، الغايات،ص 269.
وحيث يكون التخطيط الاشتراكى قائما تعمل الملكيات المتعددة الأشكال القانونية بدورها في إطار الخطة ولا تستطيع الخروج عنها فلا يمكن لحائز الملكية الفردية انتاج أو بيع وشراء أو زراعة شيء أو تقديم خدمة ما لم تدرج في التخطيط الشامل وهو التخطيط الذي يجب أن يكون قائم ويمثل احتياجات المجتمع كله أو أغلبه ومعرفتها وتنفيذها ديمقراطيا (هذا موضوع آخر خاص بالعلاقة بين الاشتراكية والديمقراطية )، أما الملكية الخاصة فهي ملكية يرجع قراراها أولا وأخيرا لصاحبها ولا تكون موجهة قصدا لصالح المجتمع ولا تقوم
إلا في ظل نظام راسمالى.
2- فيما يخص أن مستوى معيشة أي بلد يعتمد على قدرتها على انتاج السلع والخدمات، فأحب أن أذكر في ذلك مقتطف صغير من كتاب رأس المال في القرن الحادي والعشرين لتوماس بيكيتي، ترجمة وائل جمال وسلمي حسين وهو كما يلي: (يقيس الناتج المحلى الإجمالي مجموع السلع والخدمات التى تم انتاجهما في عام معين داخل حدود دولة ما) كما يوضح أنه من أجل حساب الدخل القومى على المرء أولا خصم إهلاك رأس المال من الناتج المحلي الإجمالي ثم (إضافة الدخل الصافي الذي تم تلقيه من الخارج أو يخصم الدخل المدفوع للأجانب بما يتوقف على موقف كل بلد)
وللتوضيح يذكر توماس بيكيتي ويقول (فإن دولة يمتلك الأجانب شركاتها وأصولها الرأسمالية الأخري سيكون لديها إلى حد كبير ناتج محلى مرتفع ولكن سيكون دخلها القومى أقل بكثير بمجرد خصم الأرباح والريع والتدفقات إلى الخارج من إجمالي الناتج والعكس فقد تتمتع دولة أخرى بدخل قومي أعلى بكثير من ناتجها المحلي).
ومما سبق نجد أنه ليس معدل إنتاج السلع والخدمات في حد ذاته هو الذي يقاس به مستوى معيشة المجتمع بل يجب أن يحقق هذا الانتاج للدولة دخل قومى مرتفع، كما يبدو للعين أن فكرة الاستثمارات الأجنبية في الدولة ليست عامل قوة للاقتصاد بهذا الشكل.
من جانب آخر فالقدرة على انتاج السلع والخدمات في ظل نظام رأسمالي لا يعنى أن هذه السلع والخدمات تحقق احتياجات المجتمع وتساعد في تطوره ونموه، فلا يوجد أسلوبا علميا لمعرفة احتياجات المجتمع فعليا في ظل الرأسمالية التى تعتمد على أن اليد الخفية ستتولي هذا الأمر من خلال قانون العرض والطلب وقانون المنافسة الحرة ودون تدخل الدولة في ذلك، ولكن الواقع يوميا يكذب هذا الادعاء.
انتهي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز


.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 26-4-2024 بالصاغة


.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”




.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو