الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصبيانية الفكرية وبال على حركة نقد الفكر الديني

عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي

2021 / 3 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعاني حركة نقد الفكر الديني في عالمنا العربي، من أقلام لم تبلغ سن الرشد فكريا، تسيء الى الحركة، وتخلق قطيعة بينها وبين الجماهير المؤمنة. ويلبس أصحاب هذه الأقلام زيا موحدا، هو زي الكتيبة المناضلة، التي تريد إزالة الدين من عقول وضمائر المؤمنين، بدلا من إيقاد مصابيح تنوير صغيرة، تحفز المؤمن على التعامل مع أيمانه بحكمة ونضج وأعتدال، كعلاقة روحية بينه وبين ما يؤمن به.
أصحاب هذه الأقلام أشبه ما يكونوا بناشطين يبشرون بدين جديد ينقض الديانات الأخرى والإسلام على وجه الخصوص، وليس كطلائع حركة تنوير، تتعامل مع الدين كظاهرة إجتماعية خاضعة لقانون التطور، مثل كل ظواهر الوجود الفيزيو ـ كميائي الأخرى.
أصحاب هذه الأقلام يتعاملون مع المؤمنين كمعاقين ذهنيا، يتعين علاجهم بالصدمات ((لإعادتهم الى رشدهم المفقود بفعل وباء الدين)). ولا شيء يضر بحركة نقد الفكر الديني، كما تضر هذه الصبيانية الفكرية، التي يتوهم المصابون بها أنهم قد أكتشفوا المجهول بتحليل النصوص الدينية المقدسة تحليلا طفوليا، يبرز تلك الجوانب التي لم تعد تتلائم مع روح العصر فيه، ويصر على إعتبارها جوهر الدين، ويصب من خلالها هجماته على الدين، مهملا ما تتضمنه النصوص المقدسة من جوانب روحية سامية، تشكل ملاذا نفسيا للمؤمن، المحاصر بقسوة الحياة ومخاوف ما بعد الحياة.
إهمال حاجات الإنسان الروحية، وجعل المؤمن يشعر أن ناقد الفكر الديني، عدو له يحتقره، ويسعى الى إهانة معتقداته وتدميرها، ليس من التنوير في شيء، بل هو تدمير لأية إمكانية للتأثير الأيجابي في وعي المؤمنين، وتحفيز للروح العدوانية فيهم، بدلا من تحريك ملكاتهم الفكرية، ومساعدتهم على الأنفتاح على القيم الإنسانية العامة، والتوافق مع روح العصر وحركة التجديد.
أخطر المراهقين الفكريين على حركة النقد الديني، هم إولئك الذين يؤكدون للمؤمن المسلم أن الإرهابيين هم ممثلوه الحقيقيون، لأن فكر وممارسات الأرهابيين تمثل جوهر الدين، كما يزعم المراهقون، وهم بزعمهم هذا يدفعون المؤمن دفعا الى أحضان الأرهاب. هؤلاء المراهقون يصبون الماء في طاحونة الإرهاب أدركوا ذلك أم لم يدركوا.
مع إن بأمكانهم أن يؤثروا بشكل أيجابي في وعي المؤمنين عير إبراز حقيقة أقر بها أئمة مسلمون وهي أن النصوص الدينية (( حمالة أوجه )) وأن الفرد أو من يتحكم بوعي الفرد هو من يبرز وجوهها الأيجابية بما يعزز روح التسامح والتعاون بين الناس بعض النظر عن معتقداتهم الدينية، من خلال التأكيد على الظبيعة الروحانية لتلك المعتقدات والنأي بها عن السياسة وصراعاتها، والتخلي عن محاولات فرضها على الآخرين. أو يطمس تلك الجوانب ولا يرى في الدين سوى ما فيه من سلبيات، ويصمة بأشنع الصفات، ويوجه الأهانات لمعتنقيه، مما يخلق هوة لا يمكن جسرها بين تيارات التنوير وجماهير المؤمنين.
ويزداد هذا المنحى سوءا وتخريبا حين ينصب الهجوم على دين معين دون غيره من الأديان، وإعتباره مصدرا أوحدا للشرور.
لا ينبغي لحركة نقد الفكر الديني أن تستهدف أجتثاث المعتقدات الدينية من وعي الناس، بل أجتثاث جوانب محددة منه هي تلك التي تعيق التآلف والتوافق بين الناس والتعاون بين البشر على أختلاف معتقداتهم الدينية والفلسفية، وضمان حرية الفكر والعقيد. كيف لنا أن ندعي العلمانية ونحن نعمل على نفي وإقصاء، لا بل إجتثاث معتقدات دينية بعينها، ونهين معتنقيها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ياليت يبقى الموضوع على هذا القدر
منير كريم ( 2021 / 3 / 27 - 18:11 )
تحية للاستاذ المحترم
انهم يوسعون دائرة السباب والشتائم لتشمل العرب كقوم بطريقة عنصرية بغيضة وينتقصون ويزدرون التراث العربي وحتى لا تسلم منهم اللغة العربية
كيف لشخص يجمع بين العنصرية وادعاء التقدمية
شكرا لك


2 - ملاحظة صائبة تماما
عبدالله عطية شناوة ( 2021 / 3 / 27 - 18:51 )
نعم ثمة نشاط تخريبي يستهدف خلق حالة إحتراب في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث يصبح كل مكون من مكوناتها كارها ومحتقرا للمكونات الأخرى، وموضعا لكراهيتها. وينخرط
في هذا النشاط الذي يستثير الشوفينية ونوازع التعصب الديني والقومي فئات متعلمة لكن لم تتتجاوز ما يمكن إعتباره فترة مراهقة فكرية. ولا تدرك عواقب هذا الشحن الديني والقومي.كما تجهل أن هذا النشاط الذي تنخرط به ليس عفويا تماما، ويجري تسعيره من جهات يهمها حرمان مجتمعات المنطقة من فرص التنمية والتطور الديمقراطي.

اخر الافلام

.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran


.. 95-Ali-Imran




.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة