الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرائحة الكيميائية بين البشر

حيدر ماضي
صحفي، وروائي

(Hadier Madi)

2021 / 3 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ترتبط علاقتنا بالاخر بدرجة كبيرة في مدى ارتياحنا له ، وتقبله سواء اكان ذلك متعلقا بالمظهر الخارجي او في الاسلوب او لسبب اخر نسميه ب ( الكيمياء البشرية ) التي عرفت في خمسينيَّات القرن الماضي حينما اعتقد بعض العلماء بأنَ البشر هم كتلة متحرِّكة من الذرَات الكيميائية، وبما أن الذَّرات الكيميائية تتحرك وتتنافر، وتتجاذب مع الذرات الأخرى اي بمعنى الكائنات البشرية الأخرى لذلك فإن الانجذاب بين البشر يَحكمه نوع من الكيمياء غير المرئية، ولهذا وضَع بعضُهم تعريفًا "للكيمياء البشرية" على أنَّها ، دراسة ردود أفعال الفرد إزاء الفرد الآخر.

ولهذا فأن الانسان يفسر ما يصادفه وفقا للمعطيات لديه، فكل انسان يخلق في بيئة يكتسب منها شخصيته ويضع من خلال تواجده في المجتمع الاسس الخاصة به في تعامله مع الاخرين بغض النظر عن درجة القرب بينه وبينهم ، انطلاقا من العائلة النواة الاولى التي يعيش في كنفها الى ان يرى ضوء العالم الخارجي والتنوع البشري .

ان الرائحة الكيميائية هي المفاتح الاول لفهم الطبيعية البشرية للاشخاص في حياتنا ، ولابد ذات يوم لاحظنا اننا نميل بالانجذاب لاشخاص لا تربطنا بهم معرفة قريبة ، لكننا نشعر بالارتياح تجاههم والسلاسة من خلال الحديث كأنما نعرفهم منذ زمن طويل ويمكن ان نطلق على هذا نوع من الشعور " كيمياء الشعور بالراحة " وهذا ما يؤكده عالم الاجتماع د. هاري ريز ، أستاذ علم نفس في جامعة روتشيستر، ان أغلب الناس الذين يشتركون في هذه الكيمياء يشعرون كأنهم وحدة واحدة ، عندما يتكلّمون مع بعضهم البعض، يشعرون كأنهم يتحدثون مع أنفسهم .

ومن جانب اخر فأننا قد ننفر من اشخاص قد نعرفهم او نشاهدهم لاول مرة في الطرقات او عند جلوسنا في المقهى اوفي اي مكان اخر ، لمجرد اننا لا نتقبل الرائحة المنبثقة منهم ، كونها لا نميل اليها بالانجذاب لانها لا تتماشى مع رغباتنا او مع الصفات التي نتصور ان نجدها على ارضع الواقع ، ويمكن ان نسمي هذا الشعور " كيمياء الشعور بعدم الراحة او التقبل " ، وهذا من نجده صريحا في قول النبي( ص) ان " الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف ".

ان انجذابنا أو إحساسنا بعدم الراحة، تجاه الاخرين هو شُعور حقيقي يَشعر به الكثير ، وهو الذي يحدد مجريات علاقتنا بمن هم حولنا ، وهذا ما نجده في الكتاب الكتاب الأول الذي يتحدث عن “الكيمياء البشرية” الذي ظهرَ في العام 1914، والذي أكد مؤلفه وليام فيبررن: أنّ “الإنسان ما هو إلا مجموعة من المواد الكيميائية التي تتفاعل مع غيرها من المواد الكيميائية الأخرى.

وخلاصة ما اريد قوله أن علاقة الانسان مع قرينه في الجنس البشري لا تحددها بضعة معايير يضعها المجتمع ، انما هي شعور غير مرئي يسمح لنا بتقبل الاخرين على مختلف مستوياتهم الفكرية او العمرية ، ولذلك نحن يمكن لنا ان نكافح لنعيش وسط مجتمعنا لكن لا نستيطع تقبل الرائحة التي لا تنسجم معنا ، لذا يمكن ان اقول ان علاقاتنا لا تحكمها شروط خاصة ، فالحُب وتقبل الاخرين كيمياء عميقة تلامس العقل والقلب في ذات الوقت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة