الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحضير - صفحات مضيئة من انتفاضة أربيل في 6 آذار 1991

دلشاد خدر

2021 / 3 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



الجزء الثالث

هنا بودي أن أتحدث عن حقيقة ما، وأنا في المدينة كان لي باع ودور نشط في الإدارة والتنظيم الى حد كنت على دراية بكل ما يدور حولي من التحركات داخل المدينة وكنت أعرف عن كثب تحركات الأشخاص من أطراف أخرى. وبعد الأنفال والى يوم الانتفاضة أحسست وتيقنت بأنه عدا تنظيمات حزبنا وتنظيمات ره وتى كومونيست (التيار الشيوعي) لم يكن هناك تنظيمات فاعلة أخرى في المدينة وهذا لا يعني بأن الأطراف الأخرى لم يكن لديهم مناصرين واتباع.. او حتى داعمين ومؤيدين لهم في المدينة.. لكنني لم نتحسس وجود أي عمل منظم عدانا نحن والتيار الشيوعي (ره وتي كومونيست).
في وقت احتلال الكويت من قبل العراق.. كنت جندياً في مستشفى الطبابة العسكرية في أربيل وكان لدي وقت كافي للتفرغ للأعمال الحزبية. أغلب الأيام منذ الصباح ولغاية الساعة الثانية بعد الظهر كنت منشغلاً في الدوام الرسمي.. وفيما بعد والى وقت متأخر من الليل كنت أتجول وأتفرغ للعمل والنشاطات الحزبية.
الشيء الذي ساعدني بأن أتجول دون خوف.. هي تلك الملابس العسكرية التي كنت ألبسها في تجوالي وتحركي هنا وهناك داخل الدمينة.. وأيضاً هوية الطبابة العسكرية التي كانت بحوزتي وأنا أتجول واتنقل بين أحياء أربيل.
في تلك الفترة كانوا يسمون خروجنا من المعسكر (بالنزول). الشيء الملفت والغريب في قسم الطبابة العسكرية الذي كنت أعمل فيها كان هناك شعبة المراقبة المكثفة، عدد منتسبي هذا القسم كان محدوداً يتكون من خمسة جنود ونائبين للضباط.. من مناطق جنوب العراق.
لكن من مجموع خمسة من هؤلاء الجنود الأكراد.. ثلاثة منهم شيوعين (أنا والرفيق هه ينى هريرى ـ الرفيق هه ينى كان من خريجي الكلية التمريض وكان على اتصال برفاقنا في حرير التي فيها تنظيمات شيوعية نشطة من العهد الملكي، وأيضاً كان الرفيق فرهاد وه ستا حسن وهو منحدر من عائلة شيوعية وهو أخ لشهيد الحزب الرفيق هيوا.
لم يكن لأحدنا علم بعلاقة الأخر الحزبية. أمّا الرابع جبار من منطقة (گه رمیان) كان قريباً الينا والخامس كاكة محسين من مناصري الپارتی.
المسؤول عنا جميعاَ كان شاباً عربياً بقي معنا في فترة الانتفاضة الى النهاية. وفي تلك الأيام الصعبة ونحن في المستشفى العسكري كنا نتواصل في خوض المناقشات السياسية بلا خوف. وفي أحد الأيام ونحن نجلس مجتمعين بحضور مجموعة من الجنود ونواب الضباط معاً.. تحدثنا عن الأوضاع القائمة الكل من جانبه أدلى بدلوه كما يقول المثل..
ومع مرور الوقت جاء دوري وبدأت بالتحدث وأنهيت الجلسة قائلاً:
ـ أن كل ما حصل ووقع من المآسي والويلات على العراق سببها وجود حزب البعث وهم وحدهم يتحملون مسؤولية الأحداث ونتائجها المحتملة، ومستقبلاً سوف يحملون المسؤولية كاملة والشعب العراقي سوف لن يجني خيراً منهم طالما بقوا في السلطة!
مع انتهاء حديثي هذا لم يبقى في المكان أحد ما، تبخر الجميع، جاءني لاحقاً الأخ هه ينى وقال لي: أذهب وأنفذ بجلدك، أنقذ نفسك سوف يعتقلونك الآن!
لكنني لم أهتم.. كنت مدركاً تماماً ما سيؤول اليه الحال.. وأين وصلت بوصلة الخطر.. كنت أعرف وأدرك أن أحداً لا يريد او يرغب في ربط مصيره بمصيرهم وان الاستعداد لتقبل الموقف الجريء والمشاركة في التغيير وصنع البديل قد نما في النفوس الحائرة المنتظرة التغيير بلهفة..
لكن لاحقاً ظهر لي بأن الذين سمعوا أقوالي استغربوا وكانوا ينظرون الي بذهول ومباشرة بعد الهجوم الأمريكي على العراق أنتقل مستشفى الطبابة العسكرية الى موقع مستشفى السل القديمة في أربيل في محلة شورٍش.. مباشرة على شارع المؤدي الى شقلاوة لكيلا تكون هدفاً لقنابل الطائرات الأمريكية.
الانتقال كان مفيداً لي.. لأنني في الصباح أذهب الى العمل.. وبعد ساعة أخذ إذناً من أصدقائي للخروج عبر السياج واغادر المستشفى وأذهب الى المدينة للقيام بنشاطاتي الحزبية.
مع استمرار الهجوم الأمريكي وغارات الطائرات تضاءل خوف الناس من النظام.. ولاحظنا الكثير من الجنود أخذوا يغادرون الثكنات العسكرية ويفرون من وحداتهم ليرجعوا الى منازلهم وعوائلهم خائرين، وفي حينها الأغلبية العظمى من الناس كانوا ينتقدون النظام علانيةً. بالضبط وتحديداً في تلك الفترة أتصل بنا أحد رفاقنا من البصرة وأسمه بهجت (الرفيق بهجت كان من الأنصار (پێشمەرگە) لكنه كان مقطوعاً عن الرفاق بعد حينما أرسل الى الداخل بتوجيه من الحزب.. إلا أنه أنقطع لأسباب قاهرة عن صلته الحزبية وعن طريق أحد أقارب الرفيق شوان وهژار عاود الاتصال بنا من جديد (الرفيق شوان كان عضواً في الحزب وهو من عائلة معروفة وكان بيتهم يقع في محلة 92.. أمّا الرفيق هژار فمن أقاربه وهو أيضاً من عائلة شيوعية) وكان جندياً في البصرة أستطاع أن يصل الى أربيل وتمكن من أن يعاود نشاطه السياسي..
التقيت مساء احد الأيام في محلة 92 ببهجت وتحدثنا كثيراً وفيما بعد استلمت منه رسالة التي أعدها للحزب وأنا أعطيته مجموعة من أوراق عدم التعرض العسكرية) ووعد بأن يرجع بعد أسبوع لكن للأسف حصل بأن انقطعت جميع الطرق ولم يستطع المجيء إلا بعد الانتفاضة وبدوري أخذته الى شقلاوة و سلمته الى رفاقنا في قيادة الحزب الشيوعي العراقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -