الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اصبح الدين متوحداً في ظل تقدم العقل الإنساني

كاظم لفته جبر
كاتب وباحث عراقي

(Kadhim Lafta Jabur)

2021 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لقد داب الفلاسفة واللاهوتيين في البحث عن التقارب والتباعد بين الدين كعاطفة , والعقل كتفكير حر, اذ تمثل العاطفة نتيجة جبرية لموقف ما ,فالأيمان موقفنا من الحياة ,والعقل هو الذي يجلب للمواقف حريتها من حيث يمثل وجهة نظر الانسان العاقل اتجاه الاشياء فالأيمان هو الذي يمثل التوسط بين العقل والدين من حيث الموقف اتجاه الحياة فالدين يمثل الطريق السالك للحصول على السعادة المطلقة في حياة اخرى, والعقل الانساني يمثل النشاط الفردي للبشرية في الحصول على السعادة , وهي الرابط بين العقل والدين .
فقديما بحث الفلاسفة اليونانيين عن السعادة في ضوء العقل الفلسفي ,فالوسط الذهبي الارسطي هو الذي شُيد اخلاقهم في ضل الوثنية السائدة أنذالك بداً من سقراط( 469_399 ق .م) أب الفلسفة العقلية الذي يرى تتوفر السعادة عند التوازن بين رغباتنا والشعور بالأخرين. وأفلاطون( 427_347ق.م ) الذي سعى للتوفيق بين العلم وبعض اللذات المعقولة , وذلك تكون دعواهم الى السعادة أكثر ما تكون قريبة الى الدين الجديد في ضل وثنية يونانية , لفرض النزوع المثالي للأخلاق الانسانية اذ تجعل الانسان بعيدا عن ذاته ورغباته المشروعة المادية, والحث على الإيثار وتوفير رغباته وفقا للجماعة ,مما يوفر له السعادة المعقولة ,وهي تكون كلية وهذ هو مبدأ كل الاديان السماوية .
الا ان مجيء أرسطو(384_322ق.م) هو الذي أحدث تغيرا مهما في العقل الانساني لما قدمة من نظرة توفيقية بين الانا والاخر او العالم المعقول والعالم المحسوس عندما أقر للإنسان القاعدة التي تحيي ذاته وهي العيش وفقا لطبيعته اي العمل هو الذي يحدد سلوكنا في السير نحو السعادة ,هذا ما جعل ابيقور (341_ 270 ق. م ) يقر السعادة بالحصول على الرغبات الطبيعية , والرواقية (300 ق.م) ترى في السعادة عدم الاضطراب وهو مبدأ واحد مهما اختلفت التسميات والطرق للسعادة .
اذ ان مجيء الاديان السماوية اليهودية والمسيحية والاسلامية وجعل السعادة الانسانية مرتبطة بالعالم الأخر جعل الانسان بعيدا عن رغباته الطبيعة ومرتبطاً بالجماعة والسعادة المثالية للعالم تاركا عالمه الذي يعيش فيه لإسعاد الاخر ,مما جعل الاديان ترفض الارسطية وما قرتُه من فلسفة عملية للإنسان فالكنيسة المسيحية رفضت الارسطية بكل اشكالها النظرية والعملية ,الا انها وجدت مقبولية من قبل علماء الاسلام كجابر بن حيان والكندي والحسن بن الهيثم والفارابي وأن سينا والغزالي وأبن رشد (721_ 1126)ان هذا التوفيق الفلسفي الاسلامي للارسطية كان حافزا للتوفيق بين الانسان والدين وواقعة اليومي والعلمي مما جعل الانسان الاسلامي متطورا لفهمه للانا والاخر وتوفيقه بين العقل والدين هذا التطور العلمي حفز الاوربيين لمعرفة الارسطية من خلال التيار الارسطي المتمثل بالفيلسوف توما الأكويني وذلك بعد سيادة التيار الافلاطوني الاوغسطيني(354 _430 )من قبلة الذي يربط السعادة بالإيمان والمثُل الافلاطونية (العالم الاخر) ,فلاكويني(1225_1274) ربط بين الدين والعقل من خلال الطبيعة الحية التي توصلنا للسعادة الدنيوية والاخروية, فكان العقل هو المفصل في توفير طرق السعادة كما أفاد كثيرا لما قدمه الفلاسفة المسلمين في التوفيق بينهما والذي اثمر عنه تطوراً هائلاً يشهد له العالم أنذالك , فما كان الحال الان من تطور الغرب وتأخر الشرق, اذ تمثل في محاربة العقل والاعتماد على الدين فقط والذي سبب بدوره صعود التيارات المتطرفة للواجهة الاسلاميةام الغرب فكانت حاربهم ضد التقيد بالدين ودعوا لتحريك العقل الانساني للحصول على السعادة, وما هذا الا دليل على تقاعس العقل العربي عن التفكير فان استخدام العقل يوفر لنا الحصول على السعادتين كذلك اعتماد اسس الجماعة للسعادة التي تمثل الزعامة والقيد الذي جعل الفرد في مهب الانتماءات المذهبية الشائكة مع ظهور من يردد بوجود حقيقتين معتمدين على التفسير الرشدي للحقيقة , اما الغرب فكان لهم ما يبغون من تطور علمي جعل للعقل كلمته على الدين اذ اعادوا التوازن للعقل الانساني وتفرده لكي يبدع ما يمكن يجعله مخلداً وليس انتظار السعادة والموت لكي نعيش سعادتنا فالسعادة تكمن في العمل الذي يجعل الانسان في ما ينبغي علية ان يكون وهذا هو الدين الحقيقي الذي اراده الله لنا والا لجعلنا الله بدون عقل لكي نؤمن به, و هذا دليل على ان العقل الاساس في الحصول على سعادة الانسان الحقيقة ,هذا ما جعل بليز باسكال(1623_ 1662) يرى للوصول للسعادة يجب الايمان , او هو الرغبة عند اريك فروم(1900_1980) اي جعل السعادة هي الهدف من الوجود الانساني حيث يرى كانت(1724_1804) السعادة تكمن في صورتها النقدية في التحقق من الشيء قبل الايمان به ثم العمل بإخلاص ,وهذا مبدا العقل الجاد للتطور العقلي .
مع تطور العلم اخذت مطالب السعادة ومفاهيمها تتغير وفقاً لمتطلبات كل عصر فالعصر الحالي اصبح العقل يوفر سعادة ومتع من خلال ابتكاراته الهائلة في العلم مما جعل الدين متوحدا بسبب ابتعاده عن غايات الانسان اليومية كما انه اصبح مصدر البؤس للفرد لما يحتكر من سلطة على العقل الانساني من خلال تعدد وجهات النظر الى صورة الله فكل يري الله حسب سعادته فتحديد السعادة الحقيقة التي تعيد الى الانسان توازنه امرا مهما في علاج توحد الدين وان السبب الرئيسي يقع على القائمين علية اذ انهم يرون السعادة تقبع بعد جدار الموت لكي نحصل عليها يجب عبور هذا الجدار بسرعة , وهذا هي النظرة المتطرفة للدين , لكن الحق لا يضاد الحق كما يقول ابن رشد فان الدين الحقيقي يدعو الى التعقل ومحاولة زرع التوازن بين العقل والعاطفة والعمل وفقا للطبيعة الانسانية التي وجد الانسان من اجلها الا وهي الحياة العقلية مع اللذات الحسية المقومة لها , والتوفيق بين الأنا والأخر من حيث جعل التعامل مع الدين من الأنا , لأنه يمثل تجربة خاصة بذات الانسان والله , والعقل من خلال التعامل مع الاخر ,لأنه يمثل المسافة والطريق للتكامل مع الأخر وفق حريتي الذاتية لذلك يجب على الدين ان يوفر في ضل التقدم العقلي للإنسان ليس الاجابة عن ماذا علي ان أفعل ؟وكيف يمكن ان أعيش ؟ بل كيف علي ان أسعد في ضوء طبيعتي الخيرة والمتغيرات المادية للعالم ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah