الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من علوم الإمام أبي العزائم | الطريق إلى الله | 26

عدنان إبراهيم

2021 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


اصطلاحات الطريق
1- الوقت:
قال الجُنَيْدُ: (الوقت لفظة بين عدمين فيه شركاء متشاكسون) ولهذا المعنى قيل: الفقير لا يهمه ماضي وقته ومستقبله، بل يهمه الوقت الذي هو فيه، لأن الاشتغال بالماضي والآتي اشتغال بمعدوم. وعن هذا قيل: الفقير ابن وقته، وكل وقت خلا عن خدمة الله تعالى فهو باطل، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لِي مَعَ الله وَقْتٌ لَا يَسعُنِي فيه مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلا نَبٌّي مُرْسَلٌ).
2- السفر:
والمراد سفر القلب في طريق الحقائق، ويطلق السفر أيضاً على الترقي في المقامات وقطع المنازل طلبا للوصول إلى الله تعالى.
3- المريد:
هو الذي صح له الابتداء، او حصل في جملة المنقطعين إلى الله تعالى.
4- المقام:
وهو مقام العبد بين يدي الله تعالى في العبادات، أي الآداب والطاعات التي نازلها العبد، قال الله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوى) فمقام كل سالك موضع إقامته من الآداب والطاعات، كالتوبة، والإنابة، والورع، والزهد، والتوكل، والتسليم، والتفويض.
وأهل المقامات ثلاثة:
أ- رجل يعمل على الرجاء والخوف مع اتصافه بالحياء، وهذا يسمى: مريدا. وهذا يُعَدُّ في وادي التفرقة لأنه عامل لخصوص نفسه, وهو رجاؤه وخوفه.
ب- ورجل مجذوب من وادي التفرقة إلى وادي الجمع, ويقال له: مُراد. لأنه عامل لا لشيء من خصوص نفسه, بل لمجرد المحبة وشهود الكمال, فهذا قلبه مع الله دون غيره
ج- ورجل مسلوب بالمعارف عند المقامات والأحوال. وما سوى هؤلاء فهو مدع مفتون اومخدوع.
5- الحال:
وهو معنى يرد على القلب من غير تعهد ولا تكسب من صاحبه، وهي مواهب ربانية، ومنح إلهية، من حُكْمِها الطرب، او الحزن، او القبض، او البسط، او الشوق، او القلق، او الهيبة، او الابتهاج (1)، والأحوال كالبروق في الظهور والأفول.

الفرق بين المقام والحال:
والفرق بين المقام والحال: أن المقام مكسوب، والحال موهوب. والأحوال لا تنتفي- بخلاف المقامات – فإن بقيت بتوالي أمثالها فهي حديث النفس.
قال الأئمة: والأحوال تحصل عن مقامات، الحزن والقبض يحصلان عن مقام الخوف، والبسط يحصل في مقام الرجاء، والطرب يحصل عن المحبة الحاصلة عن مشاهدة الجمال.
6- الكشف:
وهو عبارة عن بيان ما يتستر عن الفهم (2)، فيكشف للعبد عنه حتى كأنه يراه رأي العين، ومن هذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنِّي رَأَيْتُ الجنَّةَّ والنَّارَ في عَرْضِ هّذَا الحائِط)
7- الذهاب:
وهو بمعنى الغيبة، والمراد بذلك غيبة القلب عن المحسوسات بمشاهدة ما شهده من الوعيد او الوعد، والجلال او الجمال، او غير ذلك. ورؤية القلوب ترجع إلى الكشف.
8- الشطح:
وهو كلام يترجمه اللسان عن وجد، ظاهره يخالف الشريعة، ويصدر منهم في حال غيبتهم بما يرد عليهم، وحال سكرهم بالمحبة، وحكمهم في ذلك حكم المغمى عليه او من زال عقله، ويحصل ذلك أيضاً لداهش العقل عند مطالعة عجائب الحقيقة والإشراف على الملكوت الأعظم (3).
9- الصولة:
وهي أن يبادر إلى الحق، لا يرى أحد إلا الله تعالى، فإذا شاهد منكرا بادر إلى إنكاره مستهزئاً بفاعله كائنا من كان ملكا او سوقيا، لا يكترث به، ولا يهابه، ولا يخشاه، إنما يخشى الله تعالى ولا يخشى غيره، وهي تكون لأصحاب المقامات العالية (4)، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (بكَ أصُولُ وبك أجُولُ).
10- الالتجاء:
وهو توجه القلب إلى الله تعالى بصدق الفاقة إليه.
11- التجلِّي:
وهو إشراق النور على قلوب العارفين عند إقبال الحق عليهم.
12- الإصطلام:
وهو نعت وَلَه يرد على القلب فيسكن تحت سلطانه.
13- الجلال:
وهو نعت القهر من الحضرة الإلهية.
14- الطوالع:
وهي أنوار التوحيد تَطَّلع على قلوب العارفين بشعاعها، فيطمس سلطان نورها سائر الأنوار، كما أن نور الشمس يمحو أنوار الكواكب.
15- المشاهدة:
وهي ثلاثة:
أ- مشاهدة بالحق: وهي رؤية الأشياء بدلائل التوحيد.
ب- ومشاهدة للحق: وهي رؤية الحق بالأشياء.
ج- ومشاهدة الحق: وهي حقيقة اليقين بلا ارتياب.
16- الحرية:
وهي إقامة حقوق العبودية، فيكون عبدا لله، ومن غيره حراً.

من معارف أهل الطريق
اولاً - العقل:
هو نور القلب، وبنور القلب ينظر العبد إلى الآخرة في ظُلَم الهوى، فيبقى العبد حيراناً، فعند ذلك تنشرح الجوارح وتلتذ، وتبادر إلى مجاوزة المهلكات. فإذا أشرق العقل في القلب أضاء نوره وَقَوِيَ ضَوْءُه، وطفئت عند ذلك نيران الهوى وزالت ظلمته، ودل العلم حينئذ على الهوى والتمييز، وانفتحت له سداد السلوك، فعمل عند ذلك لطريق الآخرة.
ومن شأن العقل أن يُؤْثِرَ الأفضل، ويختار ما هو الاولَى والأصلح في العواقب، والهوى على الضد من ذلك، فإنه يُؤْثِرُ ما يدفع ضرر مكابدة الشهوة في الحال، ويقدم العاجل على الآجل، قال الله تعالى: (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِه وحُفَّتْ النَّارُ بالشَّهواتِ) فالعقل يرى صَاحِبَهُ ماله وما عليه. والهوى لا يُريه إلا ما له دون ما عليه، ويعميه عن رؤية العواقب. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (حُبُّكَ للِشَّيءِ يُعْمِي ويُصِمُّ) .

منازعة الهوى للعقل
قال الله تعالى: (وَلَا تَتَّبِعِ الهوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وقال الله تعالى: (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) وقال تعالى في مدح من عصى هواه: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوى) واعلم أن العقل والهوى كملِكين أحدهما يريد الفساد وهو الهوى, والآخر يريد الخير والإصلاح وهو العقل, وجنود العقل هي قواه من الفكر والخيال والحواس. والأعضاء والجوارح رعيته. وجنود الهوى هي الشهوات والغضب.

ثانياً - النفس:
وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: نَفْسٌ أمَّارة, وَنَفْسٌ لَوَّامةٌ, ونفس مُطمئنَّة.
أ- النفس الأمَّارة:
هي التي تطيع الشيطان, وتستولي عليها القوى الحيوانية, وتتبع شهواتها وهواها, قال الله تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) وقال صلى الله علية وسلم: (أعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ) وسئل صلى الله عليه وآله وسلم: (أيُّ الْجِهادِ أفضلُ؟ قال: جِهَادُ الْمَرْءَ نَفْسَهُ) ومجاهدة النفس أمر بمعروف, ونهي عن منكر. وتختلف أسماؤها باختلاف أحوالها العارضة عليها.
ب- النفس المطمئنة:
فإن اتجهَت إلى جهة الصواب, ونزلت علها السكينة الإلهِيَّة تواترت عليها نفحات الجود والخير من قِبَل الله, واطمأنت إلى معرفة الله تعالى وطاعته, فهي النفس المطمئنة, قال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِى وَادْخُلِي جَنَّتِي) .
ج- النفس اللوامة:
وإن كانت مع قواها وجنودها في تشاجر ومحاربة وقتال, وكان الحرب بينهما سجالا، فتارة لها اليد على القُوَي، وتارة للقُوَي اليد عليها، فلا يكون حالها مستقيما، فتارة تنزع إلى جناب الحق فتقبل اوامر الله تعالى ونواهيه، وتخاف سطوته، وتستحي من جوده وإحسانه وجلاله وعظمته، وتثبت على الطاعات. وتارة تستولي عليها القوى، فتهبط إلى حضيض منازل البهائم، وهذه هي النفس اللوامة وهي حالة كثير من الخلق.
فيجب على الإنسان أن يهتم بأمر النفس، فيتوقى آفاتها، ويسعى في إصلاحها وتطهيرها وتهذيبها، ويسعى في دفع مكايد العدو، ويصرف النفس عن التعلق بالشهوات، والتجنب عن فتنة الدنيا. فإذا قهر العبد نفسه، وحفظ جوارحه عما منع الله تعالى، وداوم على ذلك، صار له ذلك ملكة، وسهل عليه حينئذ رد نفسه وردعها إذا جمحت إلى الانحراف عن طريق الصواب.

ثالثاً: الروح:
الروح تُطْلَقُ، ويراد بها الروح الإنساني المتحمل لأمانة الله تعالى, المتحلى بالمعرفة والإيمان, المركوز فيه العلم بالفطرة, وهو الذي عناه الله تعالى بقوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) .

رابعاً: الخواطر:
الخواطر هي عبارة عمَّا يعرض في القلب من الأذكار والأفكار, وهي المحركات للإرادة, فإن النية والعزم والإرادة, إنما تكون بعد خطور الْمَنْوِىِّ بالبال, فمبدأ الأفعال: الخواطر.
ثم الخاطر يحرك الرغبة, والرغبة تحرك العزم, والعزم يحرك الأعضاء.
والخواطر التي تحرك الرغبة - إن كانت تدعو إلى الخير (وهو ما ينفع في الآخرة) - فإنها تسمى: إلهاماً, وإن كانت تدعوإلى الشر - وهو ما يضره في الآخرة - فإنها تسمى: وسواساً.
وخاطر الخير سببه المَلَكُ, وخاطر الشر سببه الشيطان.
واللطف الذي يتهيأ به للقلب قبول إلهام الملك يسمى: توفيقاً, والذي يتهيأ به لقبول وسواس الشيطان يسمى: إغواء وخذلاناً.
والخواطر تحدث في قلب الإنسان تبعثه على الأفعال والترك, وتدعوه إليها, وهي آثار تحصل في القلب بدعوة الملَك ودعوة النفس الأمارة ودعوة الشيطان, وهناك خاطر ليس معلوماً بشيء, بل خلقه الله تعالى ابتداء في قلب العبد, إما بخير إكراماً, وإما بشر امتحاناً. قال بعضهم: اول ما يعرض في القلب السائح ثم الخاطر, وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: (إن للِشَّيْطَانِ لَمَّةً بابْنِ آدَمَ كَمَا لِلْمَلَكِ لَمةً, فأمَّا لمةُ الْمَلَكِ فَوَعْدٌ بالخيْر, وأمَّا لمةُ الشَّيْطانِ فإيعادٌ بالشَّرَّ وَتكْذِيبٌ بالْحقِّ) ثم قرأ قوله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
ثم بعد الخاطر, الإرادة, والإرادة هي الهمة, وهي علة العزم, والسائح والخاطر يُعبَّرُ عنهما (بالهاجس) فحق على الإنسان إذا خطر له خاطر أن يستبرئه عاجلاً, فإن وجده خيراً ربَّاه حتى يجعله فعلاً, وإن وجده شرّاً بادر إلى قلعه وقمعه قبل أن يصير إرادة بالاستعاذة بالله تعالى, قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هو السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) وقال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ).



مذكرة المرشدين والمسترشدين
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبوالعزائم
الطريقة العزمية بمصر والعالم الإسلامي
____________________________________
(1) لا يشترط أن يكون الشخص ملتحقاً بأحد مدارس التصوف لكي يشعر بهذه الأحوال ويجدها في قلبه، ولكن في حالة دخوله في الطريق فإن الأحوال تكون معه أوضح وإحساسه بأنها من الله يكون أجلى وأتم.
(2) وهذا قد يكون في أمر يخص الدين والعقيدة أو مما هو أدنى من ذلك من أمور الدنيا ولكن كشفه يحقق مصلحة روحية باقية معه في الآخرة، فليس الكشف قاصراً على أمور الدين فقط، ولكن الطريق إلى الله دين ودنيا معاً.
(3) في هذا الحال صدرت الأقوال التي استنكرها الفقهاء، مثل قول: أبي يزيد البسطامي: سبحاني ما أعظم شاني، أو: ما في الجبة إلا الله، أو مثل شطحات الحلاج وغيره من الصوفية.. وقد نبه الإمام إلى أن مثل هذا لا يقتدى به، لأنه معذور، ولا يصدر الشطح عن كامل، لأن الكامل يقهر حاله ولا يقهره حاله.
(4) حينما تفتش في نسب هؤلاء غالباً ما تجده ينتهي إلى الإمام الحسن أو الحسين، فهم معروفون بأنهم لا يخشون في الله لومة لائم، لصغر الدنيا في أعينهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي