الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الإهلاك الإلهي ناموس غير اعتباطي
سعد كموني
كاتب وباحث
(Saad Kammouni)
2021 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإهلاك الإلهي
كتاب ليس اعتباطياً
إن الذي عرف الفرق بين "قدّ" و "قطّ"، أو بين "شرع" و"شعر"، إنما عرف ما تحيل عليه "الألف" و"اللام" و"الراء" في مستهلّ سورة الحجر في القرآن الكريم. والذي دعانا إلى طرح هذه المعادلة في بداية هذا العمل، ما تقتضيه الضرورةُ ونحن نعمَد إلى معاينة الآية الكريمة "وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ" ، في سياقها الذي وردت فيه، بهدف الوقوف على معنى "الإهلاك الإلهي" بوصفه عِلّةَ بحثنا. ولكون هذا السياق مستهَلّاً بالأحرف المقطعة؛ ينبغي أن نرصد الدلالات التي تحيل عليها تلك الأحرف، وذلك أنها مختلفةٌ عن الأحرف التي استُهلت بها سورٌ أخرى في القرآن الكريم؛ ما يحملنا على تقدير أنّ ما تحيل عليه، مختلفٌ عما تحيل عليه تلك الأحرف في سياقٍ آخر؛ الأمر الذي أوجب علينا الاهتمام بها انسجاماً مع سؤالٍ بدهي، ما الذي اقتضى "ألر" هنا و"ألم" هناك؟ وهل يحسن العربيّ تلقّيها كونها لم تكن شائعةً في مستهل النصوص العربيّة التي وصلت إلينا من عصر التنزّل أو قبله بقليل؟
ونفترض بإزاء تلك الأحرف المقطعة أنها تكتنز المرجعيّةَ الفكريّةَ لما في السورة من موضوعات تعني المتلقين في أزمنتهم وأمكنتهم،واجتماعهم، وتندرج في سياقاتِ ما تحيل عليه تلك الأحرف من أطرٍ تعني الإنسان في كل زمانٍ ومكان واجتماع.
ولتحقيق أهدافنا في البحث نلجأ إلى القراءة المتأنية وفق رؤيةٍ خاصّةٍ لا تلزم أحداً.
استئناساً بمقولة ابن جني في معاينة الأصوات العربية "حذواً لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث" يمكننا أنّ نبحث في هذه الأصوات عن المحسوسات التي استحالت أصواتا إنسانيّةً موحية.
يرى حسن عباس أنّ "صوت الهمزة في أول اللفظة يضاهي نتوءاً في الطبيعة.. وهو يأخذ في هذا الموقع صورة البروز كمن يقف فوق مكان مرتفع " ، وهو بذلك يقدّم لنا الهمزة صورةً صوتية لمشهدٍ بصري، ما يعني أنه يوحي بالحضور والوضوح والعيانية، ويحرّض أيضاً على مطّ الرقبة وحملقة العينين بغية التبصر في ما هو يحضر ويتضح للعيان. كما نعرف أن الرمز الكتابي للهمزة في السريانية والكنعانية يأخذ شكل رأس ثور، لذلك يُنطق منفرداً بـ"ألف" من الألفة والإيلاف، فالثور حيوانٌ أليف، وكأني بهذا الصوت في مستهل سورة الحِجر يكتنز التشوّف إلى الرفعة والسموّ والتصاعد فوق شيء ما أو أمرٍ ما أو واقعٍ ما، لصالح الألفة والتآلف. ويعقبه "اللام" الذي يوحي بالالتصاق والتماسك والليونة "بما يتوافق مع واقعة التصاق اللسان بأول سقف الحنك قريباً من اللثة العليا" . وبما أنّ الرفعة والسموّ والألفة تحتاج التلاصق والتماسك والتّماسّ والليونة لتمنحها بعداً اجتماعياً محموداً؛ كان صوت "اللام" تالياً بوظيفته الإيحائية "الذوقية واللمسيّة"، ويليه حرف "الراء" الذي يفيد الترجيع والحركة والتكرار والمداومة، وينطوي على إيحاءات بالحلاوة كأنه يشير في موقعه إلى ما يؤول إليه تعانق الألف واللام.
"ألر" ليست مرسلةً صوتيّةً لا طائل تحتها، بل هي رسالةٌ إلى متلقٍ حمولتُها خطابٌ من شأنه أن يُحدثَ أثراً في آلية النظر، وفي آليةِ التعامل مع المنظور إليه، أو من شأنه رفع مستوى الأداء الذهني في اتخاذ الموقف بإزاء المكان والاجتماع والبداية والنهاية وسواها، وما لذلك من أثرٍ أكيدٍ في تحديد موقع المتلقين في التاريخ والتأريخ. وبما أنّ سورة الحجر تنطوي على جملة موضوعات تبيّن آيات الله في الكون وتعامل الإنسان على مرّ التاريخ معها، وتبيّن مصارع الأقوام، والحق الكامن في خلق السماوات والأرض؛ نرى أن "ألر" تختص بالتنبيه إلى أهمية ذلك كله لإعادة صياغة مجتمعٍ وأفكاره ومواقفه.
قوام هذه السورة هو العلاقة بين رؤوس المثلث الوجوديّ:" الإنسان، والكون، والمجتمع". هذا المثلث هو الحق الذي يكون مرجعيّة العلاقة المستقيمة بين هذه الرؤوس، وفقدانه يؤدي إلى خلل يفسد هذه العلاقة. وتحديد الحق لا يمكن أن يكون إلا خلاصة اجتهاد حثيث في كشف الأسباب التي تبيّن ماهية الإنسان، وماهية المجتمع، وماهية الكون، ويكون مرجعية السلوك الفرديّ والاجتماعيّ.
1. سبل النجاة وسبل الهلاك
كيف هي العلاقة التي أدت إلى انهيار وهلاك، وكيف هي العلاقة التي تؤدي إلى عمران وبناء؟
بعد "ألر" تستكمل الآيةُ "تلك آياتُ الكتابِ وقرآنٍ مبين"، فإما أن تكون الإشارة بـ"تلك" إلى "ألر" على أنها آيات الكتاب وقرآن مبين، وإما أن تكون الإشارة إلى آيات الكتاب وقرآن مبين على أنها "ألر". وعندما يحتمل التركيب وجهين، يكون الوجهان مطلوبين.
إذا فهمنا "ألر" على أنها المرجعيّةُ الفكريّةُ لسورة الحِجر؛ فتكون الإشارة بـ"تلك" إليها، لبيان منزلتها الرفيعة وبُعدها المعنويّ والوظيفيّ في مستهل السورة، ولبيان ما يؤدي إليها "آيات الكتاب وقرآن مبين". وكذلك يمكن أن تكون الإشارة بـ"تلك" إلى "آيات الكتاب وقرآنٍ مبين" لبيان منزلة آيات الكتاب ومنزلة قرآن مبين، في فضاء التبصرة التي تقدّمها "ألر".
إذن، "ألر" تحرضُ المتلقي النبيه ليؤطّر آيات الكتاب في مدلولاتها، ولا يستطيع أن يتعامل مع القرآن المبين إلا وفق بيّناتها؛ فإذا تبيّن لنا أنها تتوخى ترسيم علاقة حقٍ بين الإنسان ومجتمعه والكون؛ فهذا يعني أن العلامات التي سنكون عليها في هذه السورة إنما هي علاماتٌ على العلاقات المستقيمة وما تؤدي إليه من عمران وتطوّر وازدهار، وعلاماتٌ على الخلل في العلاقات وما يؤدي إليه من مهالك الجماعات ومواطنها.
2. الكتاب والقرآن
كلتا المفردتين تحيلان على الجمع والتضام. فالأصل في الكَتْب " ضمّ أديم إلى أديم بالخياطة، يقال: كَتَبْتُ السّقاء، وكَتَبْتُ البغلة: جمعت بين شفريها بحلقة، وفي التّعارف ضمّ الحروف بعضها إلى بعض بالخطّ، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها إلى بعض باللّفظ، فالأصل في الْكِتَابَةِ: النّظم بالخطّ لكن يستعار كلّ واحد للآخر، ولهذا سمّي كلام الله- وإن لم يُكْتَبْ- كِتَاباً" . نفهم من تعريف الراغب للـ"كتْب" أنه إجراء يمنع التسيب أو التفلّت أو الضياع، فهو بمثابة قانون يمنع الداخل من الخارج ويدّخره للفائدة.
أما القَرء فـ " تعبر القاف عن تعقد في الجوف والراء عن استرسال، والفصل منهما يعبر عن ثبات المسترسل في قاعٍ (جَوْفٍ) كالقرار مستقر الماء..... وفي (قرأ) تزيد الهمزة دَفْعًا يؤدي إلى التعبير عن زيادة الجمع في العمق وضِخَمه كقَرء الجنين" . ونفهم من هذه المعاينة لمفردة "قرأ" من خلال أصواتها، أنّ القرْء هو الاجتماع للدفع إلى العيان والوضوح، وهذا ما يؤديه صوت الهمزة من البروز . فالقرء إذن هو الإجراء الذي يبرز المجموع المضموم للفائدة.
إذن الكتاب هو الناموس الذي يحفظ، والقرآن هو الناموس الذي يبيّن المحفوظ.
إذا كانت "آيات الكتاب" هي ما تدل عليه "ألر"، أو تدلّ على "ألر"، فهذا يعني أننا أمام كون له ناموس، وله آيات مشار إليها بـ"تلك" التي من أغراضها" تنزيل الأشياء المعقولة أو غير المشاهدة، منزلة الأشياء المحسوسة المشاهدة" ، وبهذا يكون الكتاب بوصفه ما هو محفوظٌ، ذلك المصحف الذي يجمعُ آياتٍ تدل على الحق، أو ناموس العلاقات المفيدة بين الإنسان ومجتمعه أو المجتمعات الإنسانية، والإنسان ونفسه، والإنسان والكون. وكذلك "القرآن"، آياتٌ تدل عليه "ألر"، أو تدلّ على "ألر"، أشير إليها بـ"تلك" فيكون القرآن هو المجموع المبّرز بين دفتي المصحف، وما حذف المضاف"آيات" هنا إلا للدلالة على أنّ آيات الكتاب هي هي آيات القرآن، غير أنّ القرآن موصوف باسم الفاعل "مبين" بما يشكل من حاجةٍ تأكيدية لوظيفة القرآن الرسوليّة في تعيين العلاقات الحقة والباطلة وأمثالٍ عليها من تجارب الشعوب أو من سنن مقترحة وممكنة في أدائها. آيات هي نفسها الآيات، فهي مع القرآن باعتبار وظيفتها، و مع الكتاب باعتبار ماهيتها.
3. التأثير في المتلقين
بعد الإشارة إلى الآيات الدالّة على الإجراءات التي أثبتت الناموس، وعلى الإجراءات المبيّنة له؛ نرى أنّ الإتيان بها في مستهلّ السورة من شأنه أن يحرّض المتلقّين باتجاه معرفة أنفسهم وأسباب سلامتها في الاستقرار والتحولات الطبيعية والاجتماعية، ومعرفة اجتماعهم وأسباب أمنهم الصحي والنفسي والماديّ وتحوّلاتها المستمرّة، ومعرفة الكون وقوانين سيرورته، للتعامل معها وفق مناهج مجدية، في توفير الوسائل الذهنية والمادية التي تمكّن الناس من تحقيق البناء الاجتماعيّ، والماديّ المرتبط به، على أسس وطيدة في السعي نحو تحوّلٍ مستدام. ومن الطبيعي بإزاء هذا المشروع الذي يهدف إلى إعادة تأهيل الذهن بإجراءات جديدة، أن يكون الناس بين مصدّقٍ لها وغير مصدّق.
هناك دائما في الحياة من يكون في حرجٍ مع آليات التفكير السائدة، وهو في حيرةٍ من أمره معها، فيشعر بالضيق من ضغطها على سلوكه الذهني والحركي، ولمّا يهتدِ إلى سبيل يفضي إلى تحررٍ، حتى إذا تبدّت فكرةٌ تدعو إلى إعادةِ التفكير في آليات التفكير، وتحدد منهجاً جديداً، يسارع إلى اعتماده باندفاعٍ شديد تلبيةً للحاجة.
وبالمقابل نجد الغالبيّةَ العظمى من الناس متصالحين مع السائد، يقبلون على ما يقبل عليه الجميع، وينفرون مما ينفر منه الجميع، ولا يخطر في بالهم إن كانوا على صواب هم أم على خطأ، فيصعب عليهم تقبّل أي دعوة تمس ما هو قارٌّ في قعور الأذهان، لاعتقادهم أن ذلك سيدخلهم في ارتباك حياتي على كل المستويات، فيحرصون على طرائقهم المعتادة ويغالون في ذلك.
ويكون بين هذين الطرفين من هو متردد، فلا هو مع الجديد بمكذب، ولا هو مع السائد بمصدّق، أولئك متضررون من السائد إلا أنهم يخضعون له بحكم انتمائهم الطبقي أو الأسريّ، ويشكون في جدوى الجديد لكونه قد يكون أتى على ألسنة من يعتقدونه دونهم في المرتبة الطبقيّة فلا يعترفون لسواهم بالأهليّة لتلك المهمّة. يماحكون كثيراً وقد يواجهون الميل المنطقي إلى الجديد، ولا يملكون الحجةَ في الدفاع عن تمسكهم بما هم عليه. ولا يفوتنا في هذا السياق أنّ بين المترددين نخبةً لا تبالي بمواقف الآخرين منها بل تريد الحقيقةَ، لذلك تتريث في اتخاذ الموقف ريثما تتشكّل قناعاتها بالإجراءات الذهنية الجديدة.
تأتي الآية التالية﴿ رُّبَمَا یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡ كَانُوا۟ مُسۡلِمِینَ ﴾ .
تضعنا هذه الآية الكريمة أمام جملة من الإحالات مع تلقيها عقب "ألر" وما تثيره. فالظنيّةُ التي يمنحها إياها حرف التقليل "ربّ" يتلقاها المصدّقون فيتعزز إيمانهم لدخول "ربّ" على فعل مضارع مؤجل الحدوث، وذاك أنه تعبير عن أُمنية فالود يعني التمنّي ، وأنه لم يأتِ بفعل التمني لفظاً لأنّه يحيل على استحالة التحقق، والود يجعل المودود مرجحاً؛ فهذا يثلجُ قلوب المؤمنين ليزدادوا يقينا، إذْ إنّ المعرفةَ التي أتاحتها "ألر" تشكل وعداً بخلاص من متاعب الحياة وتهديداتها المستمرة، وأنها وضعتهم بإزاء مناهج في التعامل مع الكون وأنفسهم ومجتمعاتهم، فهذا سيجعلهم يفهمون الآيات الكونية أو القرآنيّة انطلاقاً من وثوقيّةٍ نفسيّةٍ لها فعاليتها المؤثرة في تعديل سلوكهم الحياتي.
كما يتلقى هذه الظنيّةَ أولئك المترددون على اختلاف مستويات التردد عندهم، فتتضاءل مساحة التردد من جراء ما تحمله "ربما يود" من وعود، فيغالبون مواطن السلبيّة في نفوسهم، أو أنها تمنحهم تلك الفرصةَ في تحقيق انتصار تدريجيّ على النفس الأمّارة بالكبْر، أو على النفس المضطربة بإزاء أسئلةٍ ضمنيّةٍ لا تجد جواباً عنها في السائد من آليات إعمال الذهن، ولمّا تتشكلُ عندهم قناعةٌ في المعروض عليهم من آليات جديدة. إنّ هذا المتردد عندما يسمع أن المشروع المعروض على الناس سيحقق نجاحاً باهراً، سيسارع إلى إعادة النظر بطرائق تفكيره بغية تعديلها.
أما الذين كفروا عندما يتلقون هذه الآية الكريمة بأسلوبها الظنيّ، سيعرفون حتماً أنّ "ربما" لا تفيد تقليلاً ولا تكثيرا، إنما هي لإتاحة فرص الودّ؛ فيكون تفاعلهم معها تحت تأثير تفكك الضدّية الصلبة في نفوسهم، فالآية ليست تهديداً أو وعيداً، إنما دعوةٌ آنيّةٌ للتأمل والتفكير، فالتعثر الحضاريّ لا يمكن التملّص منه بقرارٍ شخصيّ فقط، بل يحتاج ــــــ إضافةً إلى هذا القرار ــــــ دربةً وخبرةً تراكميّةً في معاينة الكون وسلوكه، والاجتماع وسلوكه. ويبدو ذلك مستحيلاً من دون منهج في الفهم مرنٍ قابلٍ للتعديل. وأنَّ الفهومَ السائدة لم تمكنهم من التحوّل نحو الحياة المستقيمة، وأنهم لا يشعرون بأنّ الحياة المستقيمةَ ممكنة؛ فإنّ هذه الآية الكريمة تتيح أمامهم فرصةَ التحوّل إلى منهجٍ آخر بدت ملامحه مع "ألر....".
ثم لماذا يودون أن يكونوا مسلمين وليس مؤمنين؟
الإسلام لغةً هو "الطّاعة والِانْقياد والتَّسليم" ،﴿وَمَن یُسۡلِمۡ وَجۡهَهُۥۤ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنࣱ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ﴾ ، وهو في الشرع يعني دين محمّد(ص)، إلا أنه في القرآن الكريم يشمل ـــــ أيضاًــــــ دينَ جميع الأنبياء وهو الدين عند الله لا دين غيره ﴿إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ﴾ .
أمّا الإيمان فهو لغةً التصديق، وله في الشرع الإسلاميّ أركان، أما التصديق الذي كان يُطالب به الناس إنما هو تصديق بنبوة محمّد، وبأن القرآن من عند الله. أما التصديق بوجود الله وسننه في الكون؛ فهو مشترك بين كلّ من امتلَّ ملّة نبيّ بعد إبراهيم.
لذا، لم يرد لفظ "مؤمنين" هنا لأنه لو قيل بدلاً من "مسلمين" لانصرف الذهن إلى الذين لم يؤمنوا بمحمد نبياً وبالقرآن الكريم كتاباً من عند الله، وهذا ليس مقصود الآية. الذين أسلموا مع موسى ومع عيسى هم في حياةٍ مستقيمة من حيث المبدأ، والذين كفروا بالله وبالنبيين ورسالاتهم هؤلاء يودون لو كانوا مسلمين. ما يؤكّد أن الكتاب أو الناموس إنما ينبغي أن يفهمه كلّ الخلق، والذين كفروا أيضاً معنيون بهذا الفهم من كونهم بشراً، وإذ توسلوا الجهل الإرادي فإنهم يتحمّلون مسؤوليةَ سلوكهم المخالف لما يقتضيه الناموس الكوني والناموس الاجتماعي، والناموس الفرديّ.
المشروع الذي تنطوي عليه الآية السابقة، إنما يعني الانتقال بالبشرية من الخضوع للناموس إلى فهم الناموس وتعديل السلوك الذهنيّ والحياتي تأسيساً على فهمٍ مرنٍ قابل للتحول والتعديل مع التطورات. وفي ذلك أمن الناس كل الناس بمواجهة التحديات المهلِكة، سواء كانت طبيعيةً أو بما كسبت أيديهم.
4. أسلوب التعامل مع أسلوب الذين كفروا
﴿ ذَرۡهُمۡ یَأۡكُلُوا۟ وَیَتَمَتَّعُوا۟ وَیُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ﴾ .
"فلان يذر الشيءَ أي يقذفه لقلة اعتداده به" ،... وهي أخصّ من "يدع"، و"يترك" . نلحظُ في دلالةِ السياق أنه سياق عدم اعتداد الذين كفروا بما يُلقى عليهم من آيات وقرآنٍ مبين بوصفها علاماتٍ على سبل التعامل القويم مع الناموس. فهم يكتفون من هذه الحياة بالأكل والتمتع ؛ لذلك جيء بفعل "الوذر" بصيغةِ الطلب لكونهم يذرون الوعيَ والإدراك، فيكون الطلب إلى محمّد(ص) بألّا يشغل بالَه بهم، وهذا لا يعني قلة الحرص على استقامتهم، إنما قلة الإلحاح على ذلك. وكونهم يذرون الاهتمام بآيات الكتاب/الناموس، وما جُمع لهم من البينات، ويعزفون عنها إلى الاكتفاء بالمأكل والمشرب كالأنعام؛ يكون الأمر بصيغةِ المضارع المجزوم بلام الأمر المحذوفة "يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل" وليس بصيغة الفعل "كلوا وتمتعوا"، دلالةً على مواصلتهم الفعل أصلاً ومداومتهم عليه، ما يعني أن الأمر بالمضارع المجزوم فيه شيء من التوبيخ والسخرية، أما حذف لام الأمر وإبقاء عملها، فإنما هو إلماحٌ إلى تعطيل الإباحة التي قد توحي بها، كما أنّ حذفها فيه من اللطف ما يفي بغرض الآيات، وذلك أن اللام فيها تنصيص على الأمر، بينما حذفها ألطف حتى لا يُفهم أن الأمر بأنْ "يذرهم" فيه كراهيةٌ لهم وإهمالٌ يستثنيهم من ضرورة معرفة النواميس سبيلاً إلى النجاة من المهالك. التوبيخ بالمضارع المجزوم تحريض على خلع أسبابه وليس إقراراً لهم بذلك.
ويلههم الأمل، اللهو"ما يشغل الإنسان عمّا يعنيه ويهمّه". والأمل "ظن البقاء، والطمع في زيادته" وهذا مظهر "الوذر" في سلوكهم، يهملون ما يعنيهم ويهمهم، ويرجّحون دوام حياتهم كما لو أن إنسانية الإنسان يؤمِّن خلودَها الأكلُ والشرب، وليس السلوك المنتِجُ بما يقتضيه العقل والفكر والفهم.
أن يكون الإنسان جاهلاً ويجهل أنه جاهل، فهو معذور، أما أن يأتيه من ينتشله من جهله فيأبى، ويدير ظهره، ويضع حائلاً بينه وبين المعرفةِ أو إمكانها؛ فلا يمكن أن يكون معذوراً؛ لذلك، فالوعيد هنا تحريض المعنيّ ضد التمادي في إدارة الظهر، أو معاندة المشروع الذي انطوت عليه "ألر" في مستهل السورة. وطمأنةٌ لمتلقّي الخطاب الذي أُسند إليه فعل "الوذر" أنهم "سوف يعلمون".
إذن، يقوم أسلوب هذه الآية الكريمة، بالإنشاء الطلبيّ لتعيين الإجراء الذهنيّ الملائم لسلوك الذين كفروا، فسلوكهم أحداث لا ترقى بهم إلى ما تتطلبه الإنسانية، بل يكتفون بالأكل والتمتع والتلهي بالظن أن المراد سيأتيهم سواء أَسَعوا إليه أم لم يسعوا، وإنْ لم يحصلوا عليه فيصرّون أنه ليس من حظهم؛ ما يقتضي الوعيد بأسلوب التسويف، إذْ إنّ الضائقة عندما تستحكم يتأكدون أنّ سلوكهم السابق لم يكن ملائما. وعندها ربما لا ينفع العلم. ولازم التسويف هنا إثارة القلوب بالوعيد المؤجل ما يدفعهم إلى التفكير بما يجب أن يقوموا به الآن، بأنْ يتخلصوا من عدم الاعتداد بما يجب أن يهتموا به.
5. الإهلاك وفق كتاب
﴿وَمَاۤ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡیَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابࣱ مَّعۡلُومࣱ ﴾.
اللافت في هذه الآية الكريمة أنها تثبت أمراً ما عن طريق الحصر بالنفي و"إلا"، ويكون هذا الأسلوب في العادة القولية عند العرب لردّ إنكار، إذ إنّ المعنيّ بهذه الآية إنما هو منكرٌ لكون الإهلاك وفق كتاب معلوم، وهذا بدا واضحاً إذ سوّف النصُّ حدوث العلم عندهم، ما يعني أنهم في حال إنكار معقّدة، وقد تبين من الآيات السابقة أنهم متعايشون مع جهلهم وسعداء به ويحسبونه الصراط المستقيم؛ لأنهم لا يعرفون رسوليّة الإنسان في هذا الكوكب.
وما لا شك فيه هو أنهم لا ينكرون الإهلاك بوصفه مصيراً محتّما، فهو مشهودٌ ولا يحتاج إلى برهان، إنما ينكرون إهلاك القرى وفق ناموس يُدعون إلى معرفته، فالمطلوب أن يمتثلوا إلى الدعوة التي تحضّهم على التفكّر والاعتراف بهذا الناموس.
ما هي نواميس القرى غير عقد اجتماعيّ يتنازل بموجبه الفرد عن جزء من حقه بمقابل أن يحفظ له المجتمع ما يبقى؟ وحقوقُ الناس تكون في الحرص على الحق العام في الماء والكلأ والنار، وتقديم درء المفاسد على جلب المصالح، وفي حفظ ما يطلق عليه فقهاء المقاصد الأفذاذ "مصالح العباد" ، و في الحرص على الحق العام في بيئة نظيفة متوازنة، وأي إخلال بهذا العقد سيؤدي حتما إلى انهيار المجتمع وهلاكه معنوياً ومادياً.
الإخلال بالعقد المؤسَّس على معرفة القرى وحقوقها ومصالحها، ومعرفة النفس وما سوّاها، ومعرفة العلاقات كما ينبغي أن تكون، والنضال في سبيل استقامتها. إنما هو إخلال بالكتاب المعلوم، أي بالنظام الحافظ . والمعلوم تعني الموسوم بعلاماتٍ دالاتٍ عليه، فآيات الكتاب هي العلامات التي بموجب فهمها تتحدد السيرورة الوجودية لأي قرية/ مجتمع، والقرآن المبين هو المناهج التي ينبغي اعتمادها في معاينة تلك العلامات، والتعامل مع مدلولاتها.
القرى لها كتاب معلوم، هل هو واحد لكل القرى؟ أم أن كل قرية ولها كتاب؟
النفي هو تعطيل لفعل الإهلاك مسنداً إلى "نا" وواقعاً على "قرية"، إلا أنّ مفردة "قرية" مسبوقة بـ "من" الزائدة لاستغراق الجنس، لتشمل جنس القرى، وتنكير القرية أيضاً يدخلها في الشيوع ، فلو كان التعبير من دون "من" ــــــ وهو جائز في اللغة ــــــ لاختلفت الدلالة، وصارت تعني "ما أهلكنا قريةً"، أي "ما أهلكنا أي قرية"، أو تعني "أهلكنا قريتين أو أكثر". وعندما يعطل الإسناد بين الفعل وفاعله، إنما ليحصر حدوث الفعل في حال معينة خاصة بالمفعول به "قرية"، والحال " لها كتاب معلوم".
تقديم الخبر "لها" على المبتدأ "كتابٌ معلوم"، إنما يولي الخبر أهميةً نفهمها من كون اللام للاختصاص، ومن كون هذه الجملة الحالية مؤكّدة بواو الحال، لإفادة تأكيد لصوق الصفة "لها كتاب معلوم" بالموصوف "قرية"، وللدلالة على أنّ اتصافه بها أمر ثابت مستقرّ.
إذن، ينتفي الإهلاك للقرى من دون أن يكون لها كتاب معلوم. ليس لها كتاب فقط، إنما كتاب معلوم، أي موسومٌ بعلامات، " آيات الكتاب" وهي التي أشير إليها بعد "ألر"؛ فكل تجمع بشري في مكان ما، له كتاب يحدد ما ينبغي توافره لاستمراره، ما يحمّل المتلقي مسؤولية فقه العلامات وتدبير شؤونه معها، أو معالجة مدلولاتها، والتصدي لمخاطرها، وفق أصول ينبغي الاجتهاد الحثيث في تعيينها واعتمادها. وأي إهمال أو جهلٍ إرادي أو تجاهلٍ لهذا الواجب، إنما ينحط بالمجتمع وأفراده ومكانه معنوياً ومادياً.
6. تصحيح ظنّ
﴿مَّا تَسۡبِقُ مِنۡ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا یَسۡتَـٔۡخِرُونَ﴾.
عندما يكون النفي بـ"ما" رداً على قول أو تصحيح ظن ، ويؤتى بها في مستهل هذه الآية، إنما يكون ذلك للإحالة على المواقف التي استدعت هذا البيان، فهم يظنون بالبقاء والفناء غير ما يلقى عليهم ، ربما كانوا ــــــ وهذا المرجح ــــــ لا يربطون الهلاك بأسبابه ولا يربطون البقاء بأسبابه، لأنهم لا يعترفون بالناموس ولم يبذلوا جهوداً حقيقيّةً لفهمه، إنهم يأكلون ويتمتعون، يتلهون بالأمل؛ ما يعني أنهم أداروا ظهورهم تماماً للكتاب المعلوم، بقصدٍ أو بغير قصد.
نفي الفعلين "تسبق" و"يستأخرون" بوصفهما مسندين إلى الجماعة الإنسانية، من شأنه تعطيل هذه العلاقة بينهما وبين المسند إليه، في كونهما واقعين على "الأجل" بوصفه علامة زمنية تحيل على حدث إهلاكيّ حتميّ هو"الموت".
أجلُ الموت له علامات في سلوك الجماعة مع أنفسهم وبيئتهم الطبيعية والحيوانية. وفَهمُ هذه العلامات يحتّم تعديلاً مستمراً في السلوك. واعتماد منهجٍ علمي في قراءة هذه العلامات المكتوبة في الكون والإنسان والجماعة، هو المنجاة، وأنهم لم يبلغوا المدى المطلوب في الأداء المنهجي، فلا يمكن أن يخضع الحتميُّ لاعتباطية الحركة الخاضعة للأمزجة والرغبات.
إذا كان المكان يرسلُ إشاراتٍ تدلّ على بداية تصحرٍ ــــ مثلاً ـــــ ولم يُكترث لهذه الإشارات، أو لم تُفهم، وجاء من يدلّ أنّ القادم من السنين سيشهد جفافاً يقضي على الزرع والضرع، وطالب بتعديل السلوك؛ فاستمرَّ السلوك المعتاد، ولم يتمّ التفكير بالتصدي لهذا الجفاف، لا باستثمار الماء المتوافر إلى حينه، ولا باعتماد الحمى الوقفية للمواشي وفق نظام جديد، ولم تنشأ أحواض لجمع المياه، ولم يتم البحث عن مزروعات تحتاج كميةً أقل من المياه، أو.......؛ فإنّ أجَل الهلاك حتميّ "ما تسبقُ من أمّة أجلها وما يستأخرون".
النفي كما أسلفنا تعطيل لاعتباطية الناموس؛ فما كانوا يقولون وما كانوا يظنون إنما هو مهلكة حتميةٌ لا يمكن لأي أمة أن تسبقها أو تستأخرها. فالأجل يكون حقيقةً قد تحدد بسلوكهم الذهنيّ والحركيّ. وهذه الآيةُ الكريمة هنا في سياق الحض على التعامل مع آيات الكتاب الكوني، ومع ما جُمع من بيناتٍ في نص كريم، تنطوي على إشعار بضرورة الفهم والامتثال لما يقتضيه؛ فنوعيّة الحياة الاجتماعية والحضاريّة هي التي تحدد الأجل وليس أي شيء آخر.
زيادةُ "من" بعد النفي بين الفعل "تسبق" والفاعل "أمة"، لتنصيص النفي، وإفادة الاستغراق في الجنس، ما يعني أن الحكم الذي يلحق أمةَ زمن التنزل يلحق آخر أمّة في الوجود، فاستباق الأجل مستحيل لكون أجل الأمّة مرتبطاً بأسبابٍ تؤدي إليه، وكذلك "يستأخرون" ما يعني صرامة الناموس وحتميته "وصِيغَةُ الِاسْتِفْعالِ لِلْإشْعارِ بِعَجْزِهِمْ عَنْ ذَلِكَ مَعَ طَلَبِهِمْ لَهُ" . فالسبق لا يُطلب، وما من أمةٍ تطلب فناءها، إلا أنه جيء به هنا كناية عن ثبوت الموعد الذي حددته الأسبابُ المفتعلةُ المؤديةُ إليه، فلا يكون قبل الموعد ولا بعده. أما علامة التذكير مع المسند مرةً وعلامةُ التأنيث في أخرى ، فمردّه إلى أنّ اقتران فعل السبق بعلامة التأنيث لكون المسند إليه "أمة" مؤنثا لفظاً، فيكون التأنيث مراعاةً للفظ، وإذْ أَسند إلى "أمّة" فعل الاستئخار لم يؤنث مراعاةً للمعنى مع التغليب. غير أن السؤال الأهم لماذا مع السبق راعى اللفظ ومع الاستئخار راعى المعنى مع التغليب؟
حال النفس عندما ينصرف الذهن إلى التفكير في سبق الأجل، إنما هي حال وهنٍ ولين، لذا، ناسب إلحاق تاء التأنيث بفعل السبق مسنداً إلى أمة، لما في الأنوثة من الوهن واللين (وهذا ليس ذمّاً). بينما تكون حال النفس إذْ تنصرف الأذهان إلى التفكير باستئخار الأجل، إنما هي حال جهادٍ ومقاومة، لذا؛ ناسب إلحاق علامة التذكير بفعل الاستئخار لما في الذكورة من خشونة وقوة ونشاط. سبْق الأجل لا يتطلب جهوداً كثيرة أو كبيرة، فقط يتطلب ضعفاً في النفس، بينما الاستئخار يتطلب حشد جهودٍ نفسيةٍ وفكريّة، وكلا المطلبين مستحيل التحقق لدقة الناموس/الكتاب، وما الإشارة إلى الاستباق والاستئخار سوى إشارةٍ إلى مظاهر الوهم والظنون يعززهما الجهل الإرادي والإهمال.
7. الخلاصة
عندما يقف القلم، لا بدّ من مراجعةٍ لما تناولنا، لنقف على ما يمكن استخلاصه من هذه القراءة، فكنّا على ما يأتي:
1. العلاقة بين الإنسان، والكون، والمجتمع، ينبغي أن تكون علاقةً مستقيمة ، مرجعيتها الحقّ الذي يؤدي فقدانُه إلى خلل مهلك. وتحديد الحق لا يمكن أن يكون إلا خلاصة اجتهاد حثيث في كشف الأسباب التي تبيّن ماهية الإنسان، وماهية المجتمع، وماهية الكون، ويكون مرجعية السلوك الفرديّ والاجتماعيّ.
2. الحروف المقطّعة في أوّل السورة "ألر"، تحرضُ المتلقي ليتبيّن ترسيم علاقة حقٍ بين الإنسان ومجتمعه والكون.
3. العلامات التي قرأناها بالاستناد إلى "ألر" إنما هي علاماتٌ على العلاقات المستقيمة وما تؤدي إليه من عمران وتطوّر وازدهار، وعلاماتٌ على الخلل في العلاقات وما يؤدي إليه من مهالك الجماعات ومواطنها.
4. آيات هي نفسها الآيات، فهي مع القرآن باعتبار وظيفتها، و مع الكتاب باعتبار ماهيتها.
5. المشروع الذي تنطوي عليه سورة الحجر، إنما يعني الانتقال بالبشرية من الخضوع للناموس إلى فهم الناموس وتعديل السلوك الذهنيّ والحياتي تأسيساً على فهمٍ مرنٍ قابل للتحول والتعديل مع التطورات. وفي ذلك أمن الناس كل الناس بمواجهة التحديات المهلِكة، سواء كانت طبيعيةً أو بما كسبت أيديهم.
6. يقوم أسلوب الإنشاء الطلبيّ لتعيين الإجراء الذهنيّ الملائم وليس مجرّد وعيد.
7. ولازم التسويف إثارة القلوب بالوعيد المؤجل ما يدفعهم إلى التفكير بما يجب أن يقوموا به الآن، بأنْ يتخلصوا من عدم الاعتداد بما يجب أن يهتموا به.
8. ينتفي الإهلاك للقرى من دون أن يكون لها كتاب معلوم. ليس لها كتاب فقط، إنما كتاب معلوم، أي موسومٌ بعلامات، " آيات الكتاب" وهي التي أشير إليها بعد "ألر"؛ فكل تجمع بشري في مكان ما، له كتاب/ناموس يحدد ما ينبغي توافره لاستمراره.
9. يتحمّل المتلقي مسؤولية فقه العلامات وتدبير شؤونه معها، أو معالجة مدلولاتها، والتصدي لمخاطرها، وفق أصول ينبغي الاجتهاد الحثيث في تعيينها واعتمادها. وأي إهمال أو جهلٍ إرادي أو تجاهلٍ لهذا الواجب، إنما ينحط بالمجتمع وأفراده ومكانه معنوياً ومادياً.
10. مواعيد آجال القرى يحددها أهل القرى بسلوكهم مع العقد الاجتماعي ومكانه، ولا يعني أنه مهما فعل الناس سيأتيهم الهلاك.
مرّةً أخرى يتبيّن لنا أن الإهلاك الإلهي لا يكون إلا بسلوكٍ لا يستفيد من التجارب والمنجزات العلمية على طريق المعرفة، من خلال الفهم الدقيق لعلامات الناموس الوجودي.
سعد كموني
المصادر والمراجع
القرآن الكريم
1) ابن جني،(أبو الفتح عثمان)، الخصائص، تح: محمد علي النجار،الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط3، القاهرة، 1986.
2) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، تح: عبد الله علي الكبير، محمد أحمد حسب الله، هاشم محمد الشاذلي، دار المعارف ، القاهرة 1998.
3) الألوسي، محمود شكري، روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني، دار إحياء التراث العربي،بيروت،1994.
4) حسن جبل، محمد حسن، المعجم الاشتقاقي المؤصل، مكتبة الآداب ، القاهرة، 2010.
5) حسن عباس، خصائص الحروف العربية ومعانيها، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1998.
6) الحسين بن محمد( الراغب الأصفهاني)، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق:صفوان داوودي، دار القلم، دمشق، الدار الشامية بيروت،ط4، 2009
7) الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تح. محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، القاهرة، ط3، 1984.
8) السامرائي، فاضل صالح، معاني النحو، دار الفكر، عمان، 2000.
9) السمين الحلبي،أحمد بن يوسف بن عبد الدائم، عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، تح:محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1996.
10) الشاطبي، إبراهيم بن موسى، الموافقات، تحقيق مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، السعودية، الخبر،1997.
11) الفيروز آبادي، مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، دار الفكر، بيروت، 1978 .
12) المبرّد، محمد بن يزيد، المقتضب، تح: محمد عبد الخالق عضيمة، وزارة الأوقاف، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، ط2، 1979.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال