الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التواصل مع القوى والشخصيات - صفحات مضيئة من انتفاضة أربيل في 6 آذار 1991

دلشاد خدر

2021 / 4 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات




الجزء الخامس

في إحدى الأمسيات التقيت في السوق بالأخ (اسماعيل سه ر سپی) وكان يرافقه الأخ شيروان. أنا عن نفسي كنت على علم بأنهم كانوا يعملون مع تنظيمات (ره وتى کۆمۆنیست) التيار الشيوعي وفي الحقيقة كان هذا التنظيم نشطاً جداً وله حضور في المدينة ومن ناحية العدد فهم كانوا كثرة، في البداية تكلمت معهم عن برنامجنا وفيما بعد طلبت منهم باسم الحزب المشاركة معنا وباسم (ره وتی کۆمۆنیست) أجابني شيروان متشنجاً..
ـ أولاً أنت عليك أن تتخلص من بدلتك العسكرية هذه، ثم عليك أن تتحدث عن الانتفاضة..
وفهمت منه ليس في نيتهم مشاركتنا. لكنني تحدثت مع الغالبية ممن اعرفهم من الناشطين في التيار الشيوعي ووعدونا بالمشاركة الفاعلة.
باختصار شديد خلال تلك الأيام الأربعة عدا الخطوط الحزبية الأخرى، وكنت أشرف على البقية منهم. الأكثرية ممن كانوا موضع ثقتنا أخبرتهم مساء اليوم الخامس من آذار.. أي قبل يوم من الانتفاضة رجعت الى البيت مبكراً بعض الشيء.. تخلصت من جميع الأشياء الممنوعة والمحضورة وبالتفصيل الممل تكلمت مع والدتي وقلت لها غداً من الأفضل أنْ لا يتواجد أحد في البيت.
من الممكن أن تأتي الأجهزة الأمنية للبيت ويعتقلوكم. أمي كانت على دراية ببعض من توجهاتنا وكانت تعرف ما في حوزتنا. في البداية هي أظهرت عدم رضاها.. وبيأس سألت:
ـ هل أنتم تنون أن ترموا بأنفسكم بصدور مفتوحة أمام أيادي المرتزقة من الجحوش القتلة! لا أحب أن أقول لك لا تذهب، لأنني أعرفك تماماً وأعرف بأنك سوف تفعلها وتذهب فليحصل ما يحصل. لكنني لا أريد أن يمسك بك، ثم تقع في أيديهم ليعذبوك في دائرة الأمن..
جاوبتها بهدوء وقلت لها:
أمي الغالية غداً صباحاً سوف تكون المدينة حرة تماماً.. والبعث لن يبقى فيها سيهرب المرتزقة معهم..
لكنها قالت بقناعة:
ـ لا يا ولدي.. هناك سوف تجد أربعة من المرتزقة والقتلة ممن يفضلون العيش على الفتات.. باقون ليرشقوكم بالرصاص.. لأنهم لا يشبعون من الدماء..
في ذلك المساء زرت الأخ أدهم في منزله خلف بيتنا، كان يعمل مساعد طبيب في مستشفى الطبابة العسكرية في شعبة القلم. بعد السلام كيفك وحالك مباشرة ً قلت له أنا سوف لا أتي الى دوام المستشفى غداً لقد أتخذنا القرار بأن نقوم بالتظاهر ضد النظام. إذا أمكن لا تسجلني غائباً.. وإذا لا تستطيع فهذه ليست مشكلة فقط خبرني بما يحصل.. لأنني قررت مع نفسي إذا سجل غيابي سوف لا أرجع الى الدوام والعسكرية بتاتاً.
قال:
ـ سوف أحاول بكل جهدي أنْ لا أسجلك غائباً. شكرته ورجعت أدراجي الى منزلنا. في تلك الليلة أخذت أفكر بما قد يحصل في الصباح.. ماذا سوف يحصل؟ والحدث الى أين سوف يأخذ بنا!
لا أعرف كيف ومتى نمت.. لكنني كنت أعرف أن الوقت كان متأخراً.
في الصباح الباكر استيقظت من النوم.. وجدت أمي كعادتها قد نهضت قبلي وأحضرت كل شيء، معاً تناولنا فطورنا.. في ذلك اليوم لم تتكلم معي كعادتها لكنها كانت تنظر نحوي وترمقني بنظراتها بشيء من الخوف والقلق.
بعد الأكل غيرت ملابسي ارتديت الملابس العسكرية ثم جلست، كنت بانتظار (فؤاد صديق) الذي كان مقرراً أن يأتي في الوقت المحدد الى بيتنا لنذهب معاً الى المكان المقرر للتظاهر.
في الصباح جاء فؤاد مبكراً.. طرق الباب.. توجهت فوراً لأفتح الباب. وتحركنا معاً مغادرين البيت وحين ابتعادي ووصولي الى زاوية ومنعطف من محلتنا أدرت بوجهي للخلف.. وإذا بي أجد أمي واقفة أمام الباب وهي تواصل النظر الينا بحزن شديد، كانت تنظر الينا كأنها المرة الأخيرة التي سترانا فيها.. وتمسح من خلال نظراتها اجسادنا بحنان امومي يصعب وصفه.. ومن المؤكد انها ذهبت بخيالها الى أقصى مدى في تلك اللحظات الحرجة.!
أخذنا نقطع الطريق على أقدامنا مروراً بأزقة محلة سيداوة متوجهين نحو السوق، في البداية تفقدنا (كازينو مجكو) ونحن أما مدخلها ألتقينا بالأخ گوشاد. بدا لنا كأنه هو أيضاً قد جاء الى السوق لنفس الغرض، فيما بعد بقينا نتجول ونراوح في المكان لنعرف ما يدور هناك، لم نلحظ شيئاً غريباً، وجدنا بأن الرفاق يظهرون ويتوافدون، وأن العدد في ازدياد.. وبدى لنا أنهم مثلنا يحومون حول المكان المخصص للتظاهرة الموعودة بثقة وقلق الشجعان والثوار..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -