الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى سيد المقاومة

فؤاد علي منصور

2006 / 8 / 1
المجتمع المدني


خليك عربي!!

عشرة أيام من بدء الحرب.. وكثيرة كثيرة الأشياء التي دارت في رأسي.. كيف أنظر إلى هذه الحرب؟! وكيف أعالج في رأسي كل الموازين؟ كيف أنظر إلى حسن نصر الله؟
كيف أنظر إلى ردة الفعل العربية الرسمية وغير الرسمية؟!!.
عشرة أيام خجلت فيها من نفسي كيف أنني لم أنتمِ إلى موقف واضح..
وتذكرت أننا في الشرق نعاني من الفصام والازدواجية، وتذكرت أننا مذبوحون من أقصى الكرامة إلى أقصاها.. وتذكرت أننا محبطون ومهزومون وضائعون.. وتحديداً منذ سقوط بغداد..
تذكرت أننا نعاني من هزال مزمن في الذاكرة.. وندمن الحلول الجاهزة أو الرسمية أو الغربية أو.. أو..
تذكرت أننا كعرب مطوقون بالهم اليومي وبكسرة الخبز وبأجرة الميكرو.. ومربوطون بالمذياع والقنوات الفضائية.. نعم.. نعم نحن حاويات إعلامية وإعلانية.. وتذكرت هموم الشرق كله.. وأنا أفتش عن شيء أجهله.. أفتش عن انتماء واضح وصريح..
لا أخفي بدايةً خوفي من مسألة الطوائف في هذه الحرب أو في غيرها.. وعموماً يحزّ في نفسي أن أنظر إلى الإنسان من خلال دينه أو طائفته..
ولكننا في الشرق أجبرنا على ذلك.. بحيث أننا نرى السني والشيعي والكاثوليكي والماروني.. والمسلم وغير المسلم.. و.. و.. وتنشط بعض الأجهزة الإعلامية في رفد المد بالآراء والحكم والفلسفات التي تؤيد آراءها وتبطل آراء غيرها.. ولو توقف الأمر هنا.. فلا بأس..
ولكن الأدهى والأمرّ أن إلغاء الآخر، بل واجتثاثه أصبح موضة العصر.. حتى يكاد المرء في العراق مثلاً يخفي اسمه لأنه يحمل دلالة طائفية.. وربما يقتل جراءها..
ولا أخفي أيضاً أنني لا أؤمن بحكم الحركات الدينية سياسياً.. لأنها تبقى في النهاية أسيرة أيديولوجيتها.. ولا بد أن تقع في (فخ عقائدي ما) ومهما كانت منفتحة على الآخرين فإنها ستبقى ضمن إطار ضيق من المعايير الذاتية.. رغم أن المساحات والمسافات الداخلية كبيرة وممتدة.. لكن الأهداف الشخصية تغلقها وتمنعها من الاقتراب من الآخر.. وبالنتيجة لم يقدم التاريخ دولة دينية(بعد فترة الرسول الكريم والخلفاء الراشدين) تمتلك سيرة ناصعة إلا خلال فترات قليلة بحكم أشخاص مروا على هذه الدول..
وهذا العصر بالذات يشهد حرباً ضد كل ما هو ديني عامة وكل ما هو إسلامي خاصة.. والمتتبع للأحداث يعلم أن مقتل أي حزب في تسميته بالإسلامي.. وانظروا إذا شئتم إلى جبهة الإنقاذ الإسلامية.. وحركة حماس الإسلامية.. وأخيراً المحاكم الإسلامية.. لتروا أن القضاء عليها بدأ من الاسم والعكس صحيح.. و(حزب الله) هو أحد هذه الأحزاب الدينية.. بدأ من هذا المنطلق، وإن كانت أهدافه (الطائفية) ليست دائماً ضد الطوائف الأخرى (مع أنني حزنت عندما سمى حسن نصر الله المقاومة العراقية ـ السنية (إرهاباً) إرضاء لمصالح إقليمية..
ودخول حزب الله في تشكيلة الحكم اللبنانية ـ برأيي ـ أعطاه بعداً طائفياً أكثر إذ كان يمثل المقاومة الوطنية في لبنان، أما في السلطة فهو وحركة أمل يمثلان الطائفة الشيعية في لبنان..
أعود لهذه الحرب...
فقد سرني فيها الصمود والرد والحنكة، الصمود قولاً وفعلاً.. لأنه يعبر عن (حالة) فقدناها منذ زمن بعيد.. وكسرت خوفنا من هذا العدو المتغطرس.. وأعاد هذا المقاتل العربي الجنوبي الأمل إلى النفوس المحترقة..
وسرني الرد قولاً وفعلاً.. فخطاب حسن نصر الله في اليوم الثالث كان منهجياً دقيقاً ممتلئاً ثقة بالنفس وبالقدرات متوجهاً فيه لجماهير الأمة بأكملها.. ووقفت كثيراً عند قوله: (الآن هناك بارجة في البحر.. انظروا إليها.. ستنفجر..).. وكم سررت بل ودمعت عيناي حين صدق هذا الرجل..
وتتالت الأيام والصمود يعظم والرد يعظم.. وترى أن هذه المقاومة ليست مقاومة عادية بل جيش منظم ومدرب ويمتلك العتاد القوي والاستطلاعات المهمة وبعد النظر.. والحنكة العسكرية التي فاقت (حنكة) كل الأنظمة العربية المستترة خلف الكراسي في قصورها.. والتي أسقطت ورقة التوت الأخيرة عن هذه الأنظمة التي لم تقم حتى ـ على عادتها ـ بشجب هذا العدوان الإسرائيلي وهذا الدعم الأميركي اللا محدود عسكرياً وسياسياً..
الغريب في هذه الأنظمة أنها لا تخجل لا من نفسها ولا من شعوبها.. ولا حتى من مقدار انبطاحها أمام سيدها الأوحد.. حتى أنها تفعل أكثر مما تؤمر.. وبأرخص الأثمان..
(حزب الله) عرّى هذه الأنظمة من (فذلكاتها) و(واقعيتها) ليريها للعالم، ربي كما خلقتني، بل أعوذ بالله أن يخلق قبحاً وخزياً بهذا الشكل..
وإذا فكرت وحللت ما صنعت هذه المقاومة على كافة الأصعدة لضاقت بي السبل.. لكن إحساساً خفياً ظل يعتمل في نفسي إعجاباً يقودني إلى المقارنة بين هذا (الحزب) وبين الأنظمة العربية الحاكمة.. بين هؤلاء المقاومين وبين الشعوب العربية..
بين ردة الفعل الشعبية العربية وبين ردة الفعل الشعبية الغربية..
أين نحن من هذا العالم؟ أين شعوبنا من شعوب العالم؟
هل ما فعله الحزب أسطورة أم قصة خيالية؟
هل يوقظ الضمائر الميتة.. والعقول الواقعية؟
هل تشجع (مغامرته) الآخرين على خوض مغامرات جديدة؟
هل... وهل.. وهل..
كل النتائج المقطوفة من هذه الحرب تصب في مصلحة (حزب الله) لأنه تبنى خطاً عربياً.. ولم يتقوقع في الطائفية الضيقة.. بل انطلق إلى رحابة العروبة وأمدائها الواسعة، لأنها السماء التي تظلل الجميع في هذا الوطن الكبير.. وهي القادرة على استيعاب كافة التيارات الدينية والسياسية..
هذا الخروج من الضيق إلى الرحب.. أراحني وجعل شيئاً من التماسك يتسلل إلى أعماقي.. وانتمائي..
هذا النصر العروبي ـ لا الطائفي ـ رفع رأسي وأثلج صدري وأعادني إلى زمان أفتخر فيه بأنني عربي..
ختاماً.. أقول للشعب العربي من المحيط إلى الخليج: ادعموا هذه المقاومة بما استطعتم.. لأنها هي التي سطرت معجزة القرن الحادي والعشرين.. وعلى الأقل وأضعف الإيمان (احسبوها فريق كرة قدم عربياً..لم يخسر في إحدى مبارياته 8 ـ 0 بل انظروا إلى فريق قدّم الانتصار تلو الانتصار)..
وأقول لسيد المقاومة: خليك عربي...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - كوريا الشمالية تعرب عن دعمها الكا


.. حديث السوشال | في الأردن.. معلمة تصفع طفلاً من ذوي الاحتياجا




.. مشاهد لاكتظاظ مدينة دير البلح بالسكان النازحين من رفح


.. تونس: متظاهرون يطالبون بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وإطلا




.. الجيش الإسرائيلي يخلي مراكز الإيواء من النازحين الفلسطينيين