الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوال السعداوي في مواجهة مجتمع نسوي مذكر

فاروق يوسف

2021 / 4 / 11
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


المرأة العربية في العموم هي “رجل مقنع”. ذلك حكم قاس، لكن وقائع كثيرة عبر عقود من السنوات أكدت أن المرأة لا تحظى برضا المرأة.
غالبا ما تخسر المرأة في الانتخابات لأن النساء لم يقترعن لصالحها. الشيء نفسه يحدث فيما لو تبوأت المرأة منصبا رفيعا في الدولة.
لا تميل المرأة إلى أن تخضع لأوامر امرأة أخرى في العمل. بغض النظر عن المستوى العلمي والثقافي والتربوي للمرأة المسؤولة فإنها لا تصلح من وجهة نظر النساء للقيادة كما يصلح الرجل. ذلك ما لا تصرح به امرأة، غير أن الواقع يضعه أمامنا كلما فشلت امرأة في أدائها العملي.
المشكلة التي لا تعترف بها النساء المناهضات لقيادة المرأة إنما تكمن في أن الثقافة الذكورية متمكنة من مجتمع يمارس سلطته على الغالبية من النساء، اللواتي يعتقدن أن معارضة تلك الثقافة يمكن أن تحرمهن من حماية المجتمع الذي يظل بالنسبة لهن هو الغطاء الوحيد.
كانت وفاة المفكرة والروائية المصرية نوال السعداوي (1931 ــ 2021) مناسبة للصدام بين المرأة كما هي في الواقع والمرأة كما دعت إليها السعداوي. كان ذلك الأمر هو واحدة من أكبر فضائح ثقافتنا المعاصرة. لقد تعرضت المفكرة التي عُرفت بجرأتها وشجاعتها واستبسالها في الدفاع عن حرية المرأة واستقلال وجودها أثناء حياتها إلى هجوم عنيف من جهات سلفية عديدة كان الرجال يتقدمون جبهاتها. أما بعد موتها فقد كان الهجوم الأعنف يتم من جبهات نسائية.
ما كان مؤلما وبعيدا عن التصديق أن نساء يمكن اعتبارهن مثقفات قد دخلن إلى الحرب ضد السعداوي طائعات، بالرغم من أن واحدة منهن لم تتكلم أثناء حياتها بما يشي بالموقف المعادي الذي صرن يجاهرن به بعد وفاتها. تصرف المتعصبون من الرجال بما لا يليق بادعائهم الإيمان أما النساء فإنهن تصرفن بما لا يليق بكونهن نساء.
فالسعداوي التي اعتبرت من وجهة نظر المتعصبين داعية انحلال وفسق وفجور، كان ينبغي ألا تكون كذلك من وجهة نظر النساء اللواتي دافعت عن وجودهن الأنثوي والأسري ضد كل أنواع العنف التي تمارس ضدهن سواء من قبل الأفراد أو من قبل المجتمع.غير أن الأمور بدت مقلوبة.
عقدة سوء الفهم التي وقعت السعداوي ضحية لها إنما تعود إلى ذكورية المجتمع. ذلك مفهوم. غير أن أسوأ تجليات تلك العقدة ظهرت حين تبين أن النساء كن يتقدمن جحافل المدافعين عن الهيمنة الذكورية بكل ما تنطوي عليه من إجحاف لحقوق المرأة في أن تتمتع بحياة سوية.
كانت نوال السعداوي داعية حرية، ولم تكن تلك الحرية حكرا على النساء بالرغم من أن اختصاص السعداوي العلمي قد فرض عليها نوعا من المعرفة بالاختلاف الجنسي للنساء. وهو اختلاف من شأنه أن يفرض شروطا لحياة مستقلة لم يكن المجتمع الذكوري قادرا على هضمها والتعامل معها بشكل إيجابي وبما يليق بطرفي المجتمع “المرأة والرجل”.
وبذلك يمكن القول إن السعداوي لم تكن عدوة للرجال بدليل أنها كانت متزوجة، ولم تكن أيضا محرضة للنساء لكي ينخرطن في صفوف منظمات ثائرة ضد ما يُسمى بالمجتمع الأبوي. السعداوي كانت طبيبة وباحثة ومفكرة، وجدت أن من واجبها أن تقول الحقيقة بغض النظر في ما إذا كان ما تقوم به متعارضا أو متطابقا مع وجهات النظر العامة.
وإذا ما كانت المفكرة المصرية قد اتخذت مواقف معارضة للنظام السياسي المصري، فإنها كانت إيجابية في التعامل مع الظاهرة الدينية من غير أن تهادن رجال الدين الذين كانوا من وجهة نظرها يزورون الدين من خلال وضعه في خدمة السياسة.
وحين تُقدم السعداوي باعتبارها ملحدة فإن ذلك يُخالف حقيقة ما كانت تقوله. فهي ليست باحثة في الأديان ولم تزعم يوما أنها كذلك. كل ما كان يهمها أن تصحح الوضع الذي تعيشه المرأة العربية، وهو من وجهة نظرها وضع لا يليق بالإنسان في عالمنا المعاصر.
وبغض النظر عما كانت تفكر السعداوي فيه، فإن كتاباتها هي بذرة ثورة نسوية سعى الكثيرون إلى تعطيلها أو تأخيرها، ولكني على يقين من أنها قادمة لا محالة.
وإذا ما كان المجتمع الذكوري قد حرك جحافل نسائه ضد السعداوي فلأنه كان على يقين من أن المرأة العربية لم تصل إلا في ما ندر إلى مرحلة سيادتها على عقلها وجسدها وهي تعيش بعقل رجل وجسد امرأة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة سارا تطالب بوقف الانتهاكات الممارسة بحق النساء ومحاسبة


.. -لن نتراجع عن احتجاجنا ما دامت مطالبنا لم تتحقق بعد-




.. استشهاد امرأة وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي على منزل بحي السلام


.. الإهمال والتمييز يفاقم معاناة نساء غزة




.. إحدى النازحات في أماكن اللجوء ذكريات المعصوابي