الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استغلال اللاجئين من قبل حكومات دول الشرق الاوسط!

اسماعيل ميرشم

2021 / 4 / 12
المجتمع المدني


من مبادئ القانون الدولي توفير الحماية للاجئين الفارين من بلدانهم الى بلدان اخرى خشية تعرضهم لقمع حكومات بلدانهم الاصلية مع ضمان حقوقهم السياسية والانسانية، بينما تقوم الانظمة الحاكمة في اغلب بلدان الشرق الاوسط باستغلال اللاجئين واستثمار وجودهم على اراضيها لاجنداتها الجيوسياسية ومصالحها الاقليمية.
ففي منتصف السبعينات من القرن الماضي بعد هروب قسم كبير من الكرد العراقيين الى ايران نتيجة تجدد الاقتتال بين الحكومة المركزية والحركة الكردية وخشية تعرض هؤلاء الهاربين للقمع من قبل النظام البعثيّ، قام نظام محمد رضا البهلوي في البداية باستقبالهم وتقديم المساعدة لهم، لكن فيما بعد تم استخدامهم واستغلالهم لتحقيق مصالحها الجيوسياسية من خلال استخدام الاجئين للضغط واجبار نظام صدام حسين على التنازل على جزء من شط العرب لصالح ايران مقابل توقف ايران عن دعم التمرد الكردي، مما تسبب باجبار هؤلاء اللاجئين الكرد بالعودة القسرية الى العراق كاسرى حرب، ومن ثم تم إبعادهم الى صحاري مدن غرب وجنوب البلاد.
في الثمانينات والتسعينات تكررت نفس الظاهرة، عندما هرب الالاف من العراقيين الشيعة الى ايران خشية تعرضهم للاعتقال والتعذيب من قبل الاجهزة القمعية الصدامية وبالاضافة الى قيام النظام بتهجير عشرات الالاف من الكرد الشيعة الفيليين الى ايران بحجة اصولهم الايرانية، فقامت اجهزة المخابرات النظام الايراني الاسلامي الجديد بتقديم المساعدات لهم في المراحل الاولى ومن ثم استغلالهم بزجهم في تشكيلات ميليشياوية مسلحة وارسالهم فيما بعد عبر الحدود لشن هجمات في محاولة لاسقاط النظام!
بالمقابل ، قام نظام صدام حسين في بداية الثمانينات من القرن الماضي باستغلال الاجئين من الكرد الايرانيين الذين هربوا من بطش القوات الايرانية بعد فشل انتفاضتهم في 1980 للمطالبة بحقوقهم القومية، فقام النظام العراقي في المراحل الاولى بمساعدة هؤلاء اللاجئين ووفرت لهم المسكن والمأكل، ليقوم باستغلالهم فيما بعد بزجهم في تشكيلات قتالية وارسالهم الى داخل المدن الايرانية للقيام باعمال تخريبية. كما قام النظام البعثي باستقبال مجاهدي الخلق الايرانيين الفارين من ايران بعد الثورة الايرانية خشية تعرضهم للقمع من قبل اجهزة السلطة الجديدة، ففي البداية ساعدهم النظام، ليقوم باستغلالهم فيما بعد بشكل صارخ، من خلال تشكيل قوات مليشياوية بينهم ودعمهم بشكل كبير وارسالهم الى داخل الاراضي الايرانية للقيام بالاعمال الحربية، وكذلك قام النظام الصدامي باستخدام "مجاهدي الخلق" في القيام بقمع الشعب العراقي اثناء انتفاضة 1991، في ظاهرة غريبة جدا ان يقوم مقاتل"لاجيء" يحمل السلاح من اجل حريته في بلده، بقمع شعب مضياف له ينتفض ضد نظام بلده في سبيل نيل حريته، المفروض ان كلاهما يناضلان من اجل نيل الحرية من نظامين دكتاتوريين!
نفس السياسية الاستغلالية بحق اللاجئين قامت بها كل من نظامي الحكم في دمشق وانقرة، أحدهم ضد الآخر، حينما استقبل حافظ الاسد اللاجئين الكرد من تركيا في التسعينات بسبب تعرضهم للقمع من قبل الحكومة التركية، وقدمت لهم المساعدة في البداية وفيما بعد قام باستخدامهم للضغط على الحكومة التركية للحصول على تنازلات بخصوص حصتها من مياة الدجلة والفرات! بينما قامت الحكومة التركية في بداية ما يسمى ب"الربيع العربي" في 2011 بفتح حدودها واستقبال الملآيين من اللاجئين السوريين الفارين من بطش قوات الاسد، حيث قامت تركيا في البداية بتقديم الخيام والطعام لهم، لكن فيما بعد قامت باستغلالهم بشتى الوسائل، حيث المساومة مع الدول الاوروبية للحصول على ملايين الدولارات مقابل منع وصولهم الى اراضي تلك الدول! ومن جهة اخرى قامت اجهزة المخابرات التركية بتجنيد قسم آخر منهم وزجهم في معارك ضد قوات النظام السوري وقسم اخر ضد القوات الكردية لغزو واحتلال الاراضي السورية بحجة اقامة ما يسمى ب"المنطقة العازلة" بينما وحسب التقارير الدولية تم تجنيد وارسال مجاميع اخرى من الاجئين السوريين بعد تدريبهم وتعبئتهم الى جبهات الحرب كمرتزقة للقتال في ليبيا وناكورني كاراباغ الى جانب القوات "الحكومة الشرعية الليبية" او الى جانب الجيش الآذري!
ومن جهة اخرى قامت تركيا باستقبال مهيب لجماعة الاخوان المسلمين من المصريين الذين هربوا من قمع النظام السيسي بعد الانقلاب العسكري في مصر في 2013، وقامت الحكومة التركية بالترحيب بهم وبمساعدتهم واظهار التظامن "الاخواني"معهم في البداية، لكن فيما بعد قامت اجهزة المخابرات التركية بشن حملة اعتقالات بين اللاجئين السوريين والمصريين والتهديد بالابعاد القسري لهم في محاولة للاستثمار فيهم واستغلالهم بهدف اعادة العلاقات مع نظام السيسي بغية الوصول الى تفاهمات معه بخصوص صراعهما على حقول الغاز في الاراضي الليبية على حساب اللاجئين المصريين الموجودين في تركيا!!
هكذا قامت وتقوم الانظمة الدكتاتورية في منطقة الشرق الاوسط باستغلال واستخدام واستثمار اللاجئين الفارين الى اراضيها من بطش حكام اوطانهم، فبدلا من القيام بتوفير الامن لهم وحفظ كرامتهم، يتم استغلالهم واستخدامهم باساليب بشعة تنتهك فيها ابسط حقوق اللاجئين الواردة في المواثيق والعهود الدولية!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط


.. خالد أبو بكر يرد على مقال بـ -فورين بوليسي-يتهم مصر بالتضييق




.. جامعة كولومبيا: فض اعتصام الطلبة بالقوة واعتقال نحو 300 متظا