الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في أسباب الحرص على سلامة إقليم كردستان

صلاح بدرالدين

2021 / 4 / 18
القضية الكردية


عقب أحدث هجوم بطائرة مسيرة على محيط مطار أربيل الدولي – في عاصمة إقليم كردستان العراق ، وقد سبقتها هجمات صاروخية أخرى في غضون الأشهر الماضية ، أصدرت خمس دول كبرى وعظمى ، ثلاثة منها أعضاء في مجلس الأمن وهي ( الولايات المتحدة الامريكية ، فرنسا ، بريطانيا ، ألمانيا ، إيطاليا ) بيانا مشتركا نددت فيه بالاعتداء على الإقليم ، كما حذت حذوها العديد من دول العالم بينها المملكة العربية السعودية ، وبلدان عربية أخرى ، وأبدت الغالبية الساحقة من تنظيمات الحركة الكردية وتياراتها السياسية ، ونشطاء المجتمع المدني ، والشخصيات الوطنية ادانتها للاعتداء الغادر ، وتضامنها مع شعب وحكومة الإقليم الكردستاني .
فلماذا هذا الحرص الرسمي الإقليمي والدولي المميز ، والشعبي الكردي في وطنه التاريخي المجزأ وبلدان الشتات ، على أمن ، واستقرار ، وسلامة هذه البقعة الجغرافية الصغيرة التي لاتتعدى مساحتها الثمانون ألف من الكيلومترات المربعة ( ١٨٪ ) من مساحة العراق ،بسكانها الذين لايتجاوزون الستة ملايين نحو ( ١٩٪ ) من مجموع سكان العراق ، والتي تعتبر رسميا وبحسب القوانين الدولية جزءا من العراق الذي يتعرض بدوره يوميا الى المواجهات ، والاعتداءات ، والتفجيرات ، وعمليات الاغتيال ؟ .
والاجابة كماأرى في الأسباب التالية :
أولا – عامل التوازن في الداخل العراقي ، حيث يشكل إقليم كردستان بنسيجه القومي ، والديني ، والمذهبي المتنوع عنصر توازن في العراق الراهن الذي تتتصارع فيه الطوائف ، وتتنازع عليه القوى الخارجية عبر وكلاء محليين ، وتحاول ايران تحويله رهينة وأداة في مواجهاتها مع القوى الإقليمية والعالمية ، ففي عهد نظام الدكتاتور المخلوع – صدام – تضامن شعب كردستان مع الشيعة واستقبل في مناطقه المحررة قوى المعارضة الشيعية ، واليوم وبعد استحواز الشيعية السياسية السلطة والقرار ، والاستقواء على المكونات والقوى الأخرى ، يقف شعب كردستان بمواجهة أذرعها المسلحة الموسومة بفصائل الحشد الشعبي السيئة السمعة التي تعيث قمعا وفسادا ، وتأتمر بقرار أجهزة نظام طهران ، كما يتضامن مع الطيف السني عبر التحالفات السياسية لتحقيق شراكته ورفع الغبن عنه .
ثانيا – شعب كردستان بتكوينه ، وتاريخه النضالي يشكل قوة ثابتة وضاربة في مواجهة الإرهاب ، ان كان إرهاب الأنظمة والحكومات المتعاقبة بالعراق ، أو إرهاب جماعات الإسلام السياسي – السني - ونسخته الاحدث – تنظيم الدولة – داعش – وكذالك مجموعات الإسلام السياسي – الشيعي – التي تعمل تحت غطاء – الحشد الشعبي – ولم يعد سرا أن سيطرة داعش على الموصل ، والتحضير للتوجه نحو كردستان باحتلال أربيل أولا ، وظهور خليفته من على منبر أحد مساجد المدينة ، تم بتعاون وتواطئ من جانب جماعات حاكمة تنفذ رغبات طهران ، وظهر تعاون جماعتي الارهاب ( السني والشيعي ) بأوضح صوره للانقضاض على إنجازات شعب كردستان العراق ، وكنت من الذين فضحوا هذا المخطط حينها بمقالة نشرت في بعض المنابر .
ثالثا – كردستان حاجز طبيعي بين ايران وتركيا والعراق العربي ، ولهذا الموقع الجغرافي أهميته الاستراتيجية ، حيث يمكن لشعب كردستان الذي له امتدادات قومية ، واجتماعية ، واقتصادية على أطراف الحدود أن يقوم بدور وسيط الخير ، بين المختلفين ، والبوابة الاقتصادية المزدوجة لمصلحة الجميع .
رابعا – إقليم كردستان العراق نموذج سلام وتعاون كردي – عربي ، حيث تم حل القضية الكردية وللمرة الأولى بالمنطقة ، وذلك نتيجة التوافق الكردي العربي في العراق على الحل الفيدرالي وهو صيغة نابعة من مبدأ حق تقرير المصير ، الذي جسد نموذجا متقدما في حل المسألة القومية ، هذه المسألة التي مازالت قائمة في العديد من البلدان تنتظر الحلول الديموقراطية .
خامسا : تجربة إقليم كردستان العراق واعدة في مجال العيش المشترك بين الاقوام ، والديانات ، والمذاهب ، والثقافات ، فمشروع دستور الإقليم ينص في تعريف شعب كردستان على : " الكررد ، والتركمان ، و ( الكلدو – آشور – سريان – والارمن - والعرب ) ، وعلى صعيد الواقع العملي هناك شراكة في السلطة والقرار بين الجميع من خلال السلطات التشريعية ، والتنفيذية ، وتمتع الجميع بالحقوق الثقافية ، والحرية الدينية ، والعقيدية ، وفي ظروف مواجهة داعش والحروب الاهلية ، وسيطوة الفصائل المسلحة ، ومحاسبة الناس بسبب مواقفهم السياسية ، تحولت كردستان الى موئل وملاذ آمن لسكان جميع المناطق العراقية وخصوصا المسيحيين ، والسنة العرب .
سادسا – انجاز حل القضية الكردية في العراق ككل ، وسياسة العيش المشترك بين الاقوام اللذان يشكل إقليم كردستان محورهما ، هما عنوان لأهم قضية في العصر الحديث على خطى مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وعلى ضوء الوقائع الموضوعية ، وموازين القوى السائدة ، والعنوان هذا يدحض كل البدع المثارة هنا وهناك حول الزعم بفوات أوان ذلك المبدأ التاريخي والإنساني الذي تتبناه شرعة الأمم المتحدة ، والمجتمع الدولي المتحرر من القيود ، وقد أضفى ذلك العنوان القوة والمناعة لشعب إقليم كردستان ، والمزيد من الاحترام في المنطقة والعالم .
سابعا – نهج إقليم كردستان العراق السياسي العام المتواصل والنابع من أصالة شعبه النضالية ، ومن ثوراته التحررية ، وثورة أيلول القومية – الوطنية الديموقراطية بقيادة الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ، تجسيد للاعتدال في الحركة القومية الكردية ، ونشدان السلام ، لذلك فان مكانة الإقليم تحظى بالاهتمام من جانب قوى المنطقة والعالم ، ويتم التعامل معه كموقع متقدم وموثوق في الحركة الكردية بالمنطقة .
ثامنا – إقليم كردستان يتمتع بموارد اقتصادية هائلة من نفط ، وغاز ، ومياه ، ومعادن ، وقوى بشرية اكثر من نصفها من الأجيال الشابة ، ولتلك الأسباب هناك آفاق واعدة في البناء ، والاعمار ، والاستثمارات ، خاصة اذا ما سويت الخلافات بين أربيل وبغداد ، والتزم المركز بالدستور العراقي ، الى جانب تحقيق الإصلاحات التي وعدت الحكومة بانجازها ، وتعميق الديموقراطية ، ومحاربة الفساد ، وترتيب البيت الكردستاني الداخلي .
وكما أرى فأن الأسباب والعوامل الثمانية المذكورة أعلاه تتوزع " كدوافع " بشكل وآخر على الأطراف الإقليمية ، والدولية ، والكردية في مجال الاهتمام باحوال الإقليم ، والحرص على ديمومته ، وسلامة شعبه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل


.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة




.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل


.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د




.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج