الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة الوشم

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 4 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تحمل معظم نساء شمال افريقيا وشماً، لا يعرفون عنه شيئا، سوى أنه ذاكرة من الماضي، يتوخى الإنسان منه تزيين الجسد وفرض سلطته، وهو تعبير عن حب الحياة وفوارن مائها، يرتبط كل توريق منه بجزء خاص، لليد وشم، وللخد آخر، وللقدم أو الصدر توريق مختلف، يتنوع بتنوع تضاريس الإنسان، وهو السلف المبكر لما يعرف الآن بالتاتو Tatoo أو التاتواج.
يروى الحسن الوزان الملقب بليون الافريقي في كتابه الجغرافيا العامة، في القسم الثالث منه، المعنون "بوصف إفريقيا" إبان القرن السادس عشر أن سكان جبال بجاية بالأخص كانوا يضعون وشماً على خدهم يمثل صليباً أسود حسب العادة القديمة. كما أن من عادة النساء بالشمال الإفريقي أن يخضبن بالحناء وجوههن وصدورهنَ وأذرعهن وأيديهن إلى رؤوس الأصابع، لأن ذلك مستحسن عندهن، ويستعملن في بعض الأحيان خضاباً مصنوعاً من عتن لوز العصفة والزعفران، ويرسمن في وسط خدودهن زينة مستديرة تشبه الدينار، وبين الحاجبين شكلا مثلثا، وعلى الذقن شبه ورقة الزيتون، وتخضب به بعضهن الحواجب كاملة، ويمدح الشعراء العرب والأشراف هذه العادة، وتراها النساء أنيقة وجميلة، غير أنهن لا يحتفظن بهذه الزينة أكثر من يومين أو ثلاثة، لأنهن لا يستطعن البروز إلى أقاربهن بتلك الحال، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبنائهن. ويفعلن ذلك ليكن أكثر جاذبية، متوهمات أن تلك الزينة تزيد كثيرا من جمالهن.
وقد اعتاد كل واحد من مدينة بْرِيشْك، بإقليم بني راشد قديما، أن يرسم بالوشم صليباً أسود على خديه ويديه في كفه تحت الأصابع، وقد وجدت هذه العادة عند جميع الجبليين بالجزائر العاصمة وبجاية إبان ذاك القرن، ولا تزال عند بعضهم وباقي المناطق المغاربية إلى الآن. كما أن من عادات الموريتانيين آنذاك، سواء منهم السادة والسوقة، وشم صليب على خدهم برأس سكين، على نحو ما كان يفعله بعض الأشخاص بأروبا.
يقول المؤرخون الأفارقة إن عدداً لا يحصى من البلدان والشواطئ والجبال كانت خاضعة للقوط. وإن كثيرا من المغاربيين تنصروا، وقد أمر ملوك القوط ألا يجبي أي خراج من المتنصرين، فكانوا كلهم إبان أداء الخراج يَدَعون أنهم مسيحيون. ولما كان القوط يجهلون لغة البلاد وعاداتها، ولا يتمكنون من التمييز بين المتنصرين ومدعى التنصر فإنهم أمروا المسيحيين بالوشم بهذه الصلبان. وعندما فقط القوط نفوذهم، عاد الكل إلى الدين الإسلامي، غير أن هذه العادة بقيت عبر العصور دون أن يدرك الكثير سببها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا