الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع اليعربي – البرتغالي المسلح على الساحل الغربي للهند ج 1

سعد سوسه

2021 / 4 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وفي العام التالي عاود العمانيون الهجوم على المدينتين ، فاحرقوهما وعادوا بالكثير من الغنائم . كما قام اسطول عماني من خمس سفن تحمل (1500) رجل ، بمهاجمة ميناء كونك، فدمر المقاتلون العمانيون القاعدة تماما ، واسروا سفينة كبيرة ، وغنموا ما قيمته (60.000) تومان ، أي ما يعادل 198.000 باون .
وفي سنة 1696، خطط البرتغاليون لحملة كبيرة ضد مسقط الا انها لم تنفذ بسبب احتياجات البرتغاليين للامدادت لمواجهة العمانيين في جبهة شرق افريقيا اثناء حصار
ممباسا .
وفي تشرين الاول من العام نفسه وصل دوم كريغور فيد الغو Dom Gregorio Fedalgo مبعوثاً خاصاً من لشبونة الى اصفهان ، يطلب مساعدة الفرس في الحرب على عمان، الا ان هذه المهمة لم تحقق النجاح المطلوب ، لعدم امتلاك الفرس اسطولا بحريا .
وفي اذار عام 1698 ، اصطدم الاسطول العماني والبرتغالي في معركة بحرية بالقرب من راس الحد ، انتهت بخسارة قاسية للعمانيين، اذ قُتل حوالي مائتي رجل ، بضمنهم والي مطرح ، اما خسائر البرتغاليين فقدرها ، دانفرز بـ(5) قتلى و (11) جريحاً ، وتم اخر الامر انسحاب الاسطول العماني .
وتمكن الامام سيف بن سلطان من الحاق هزائم كبرى بالبرتغاليين في شرق افريقيا ، فاستولى على ممباسا اقوى حصونهم سنة 1698 ، ثم اخضع على التوالي بمبا وزنجبار وباتا وكلوة ( 3 ) .
ادت هجمات الامام سيف الى شلَّ حركة التجارة البرتغالية في كونك ، التي هاجر
عدد كبير من تجارها . بينما تواصلت هجمات العمانيين على المواقع البرتغالية .
وبحلول اواخر سنة 1703 ، ارسل الامام سيف خمس سفن حربية لمهاجمة دامان ، Deman حيث نجح العمانيون في تدمير ، المواقع البرتغالية في المدينة ، والبقاء مدة سبعة ايام، والعودة بغنائم وافرة ، منها خمس عشرة سفينة ، ولم يستطع الاسطول الذي ارسله نائب الملك ، المؤلف من سبع سفن كبيرة ، من تحقيق نصر حاسم على العمانيين .
وبجرأة كبيرة عاد العمانيون في اذار عام 1705 ، الى مهاجمة دامان بحملة اخرى من ست عشرة سفينة ، نجحت اربع منها في انزال جنودها على البر ، اذ تمكن المهاجمون من احداث فوضى في المدينة ، وتشتيت قوة المدافعين عنها .
وشهد عصر سيف بن سلطان الهجوم الاخير على المواقع البرتغالية في الهند ففي سنة 1708 ابحرت حملة من اربع عشرة سفينة، على متنها سبعة الاف رجل، نحو ساحل ملبار، حيث نزلوا في مدن منغالور وبارسلور . ويذكر باثرست ان البرتغاليين كانوا مستعدين لمواجهة هذا الهجوم،وانهم اوقعوا خسائر في صفوف العمانيين تقدر بما بين اربعمائة الى خمسمائة رجل .
وبعد وفاة سيف بن سلطان ، تولى ابنه سلطان الثاني الامامة ما بين عامي (1711-1718) ، فواصل سياسة التصدي للبرتغاليين في البحار الشرقية ، ويذكر سلوت ان عام 1714 شهد تجدد الهجمات العمانية ضد البرتغاليين في ميناء كونك ، فاستولوا على السفن الراسية في الميناء ، ودمروا اجزاء من المدينة .
وتجددت الاشتباكات بين الطرفين بداية عام 1714 قرب سورات ، وعلى الرغم من جهود الاسطول البرتغالي في صد الهجوم العماني ، نجح الاخير في الاستيلاء على سفينة ، تعود الى احد رعايا الملك قرب مكاو ، فسارع نائب الملك بابلاغ امبراطور المغول ومحافظ سورات بالاستعداد لمواجهة العرب وتقديم الدعم للقوات البرتغالية .
سارع نائب الملك بارسال اسطول لمهاجمة العمانيين في شباط عام 1714 ، وطبقا لما ذكره البرتغاليون ، فان معركة عنيفة جدا وقعت بين الطرفين ، استمرت من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل ، اضطر العمانيون فيها الى الانسحاب بعد غرق سفينة القيادة في الخليج
ولما وصلت انباء هزيمة الاسطول العماني الى الامام سلطان بن سيف الثاني ، اصدر تعليماته الى الاسطول بالتوجه الى كونك حيث طلبوا تسليم الوكيل البرتغالي ، ولما رفض البرتغاليون طلبهم ، نزل المقاتلون العمانيون الى المدينة ، وهاجموا من فيها ، قبل ان تظهر قوة الدعم البرتغالي ، وبمساندة الفرس تمكنت من صد العمانيين واجبارهم على الانسحاب .
ولمواجهة هذه التهديد العماني ، قرر الشاه ، بمساعدة قائد الاسطول البرتغالي فرانسيسكو بيريرا Fransisco Pereira ، ارسال اربع سفن الى مضيق هرمز، للتصدي للعرب في موانئ الساحل الشرقي .
الا ان العرب نجحوا في قطع خطوط المواصلات بين الهند ، والموانئ الفارسية ، وبحلول سنة 1717 تمكن الامام سلطان من احتلال جزر قشم ولارك والبحرين ، وجرت محاولة للاستيلاء على هرمز ، لكنها فشلت في تموز عام 1718 .
ويبدو ان تعدّد جبهات القتال العمانية لم يمنع الامام سلطان الثاني من توجيه اسطول قوي ، في تشرين الاول عام 1717 ، الى ديو ودامان ، ومهاجمتهما ، مما دفع الحاكم الجديد دوم لويس مينزس Dom Luis de Menezes الى ارسال اسطول برتغالي ، من خمس سفن لمواجهته .
شهد عام 1717 تقارباً برتغالياً – فارسياً واضحاً ، لتشكيل حلف هجومي ضد مسقط ، فارسل شاه فارس مبعوثا الى كوا ، لتنسيق العمليات ضد العدو المشترك . وبالفعل تم ارسال اسطول برتغالي الى كونك في شباط عام 1719 ، وظل متواجداً فيه حتى نيسان من العام
نفسه .
وما ان التقى بالاسطول العماني ، حتى دارت بينهما معركة بحرية عنيفة ، استمرت قرابة يوم كامل ، اضطر فيها الاسطول العماني الى الانسحاب ، تلتها عدة اشتباكات غير فاصلة بين الطرفين حتى الثامن من اب ، وتذكر المصادر أن خسائر العرب كانت كبيرة .
تراجع العمانيون بعد ذلك الى جلفار (راس الخيمة ) بانتظار وصول تعزيزات من مسقط، وبعد مرور ثلاثة اسابيع حدث اشتباك اخر بين الطرفين استمر عدة ايام ، اضطرت السفن العمانية في ايلول الى اللجوء الى موانئها . ولم تجر اية محاولات برتغالية لمواجهتها هناك .
ظل الاسطول البرتغالي مرابطاً في منطقة الخليج العربي طوال فصل الشتاء، ثم انسحب الى كوا، وتُعزى، النكسات التي لحقت بالاسطول العماني الى الحرب الاهلية . التي عاشتها البلاد بعد وفاة الامام سلطان الثاني عام 1718 ، وانقسام العامة والخاصة بين الولاء لسيف والولاء لابن عمه مهنا .
اذ أيد العامة امامة سيف، وأيد الخاصة والعلماء امامة مهنا ، وانتهت هذه الازمة بانتخاب سيف اماماً وجعلوا مهنا اماماً ايضاً لكن سراً (يعد وجود امامين في وقت واحد امراً مخالفاً للمذهب الاباضي ، وقد فكر الشيخ القاضي عدي بن سليمان بخدعة لحل الازمة حين قدم الى عامة الناس ، سيف بن سلطان من على شرفة القصر ، ليس بصفته إمام بل اعطاه صفة الأمام أي المقدمة ، فقال : "هذا سيف امامكم" فاقتنع الناس وقام بعدها بادخال مهنا للقصر سراً حيث اعلن الخاصة انه الامام الفعلي ، لكن الوضع تأزم فأغتيل مهنا وهو في سجنه وعين يعرب بن بلعرب وصياً على سيف في نزوى وقتل القاضي عدي بن سليمان ، وسحبت جثته في مدينة الرستاق وهرب بعدها الوصي يعرب الى جبرين .) .
لم تهدأ الاوضاع بحل كهذا ، اذ ثار يعرب بن بلعرب وقتل مهنا ، وطالب بالوصاية على سيف بن سلطان لكن يعرب هذا استحوذ على السلطة ، مما دفع يعرب بن ناصر الى ان يخلعه ، ويعقد الامامة لسيف مرة اخرى سنة 1723 ، وتولى هو الوصاية عليه .
ردّ الوصي المخلوع يعرب بن بلعرب بالاتفاق مع محمد بن ناصر الغافري على اثارة القبائل الرافضة لهذا الوضع ، مما ادخل البلاد في حرب عنيفة استنزفت امكانات الدولة العسكرية والاقتصادية التي حققها الائمة الاوائل .
والملاحظ على النشاط البحري العماني انه اخذ بالتراجع منذ عام 1719 ، فكانت هذه فرصة مناسبة للبرتغاليين للتغلغل في جبهات الغرب وشرق افريقيا ، اما في مياه الخليج العربي فقد واصل الاسطول البرتغالي هجماته على السفن العمانية طوال عام 1720 ولكن النفوذ البرتغالي في الخليج العربي اخذ يتضاءل بفعل عدة عوامل ياتي في مقدمتها الصراع الحاد الذي نشب بين البرتغاليين ، والقوى الاوربية الاخرى الراغبة في توطيد نفوذها في منطقة الشرق ، كالانكليز والهولنديين والفرنسيين ، الذين خاضوا ضدهم معارك ضارية ، اخذت بعدها مواقع البرتغاليين تتساقط الواحدة تلو الاخرى .
وكان للضربات القوية التي وجهها ائمة اليعاربة للوجود البرتغالي في الخليج العربي والهند وشرق افريقيا، الاثر البالغ في اضعاف الوجود ، الذي استنزف ثروات طائلة من خزائن ملك البرتغال وفي تعليق المؤرخ البرتغالي فاريا سوزا على الدمار الذي اوقعه البرتغاليون في الهند والذي عجل بانهيار نفوذهم ، لم يتوان هذا المؤرخ عن تأنيب البرتغاليين على اساليبهم الوحشية والقاسية التي استخدموها ، فيذكر : كان "البرتغاليون يسعون الى جمع الثروة دون ان يؤمنوا الوسائل الكفيلة بحمايتها. ان تدهور احوالنا ينبعث من الاستهتار بالاشياء الهامة طمعا في الامور التافهة. وان تشبث البرتغاليين بالامور التافهة جعلهم ينسون بلادهم وكرامتهم" .
وفي المقابل كان النشاط البحري العماني ، الذي وصفه كثير من المؤرخين الاجانب تجاوزا (القرصنة) ونشير الى ما كتبه سلوت في هذا المجال قائلا : "علينا ان ناخذ بعين الاعتبار ان الحرب بين البرتغاليين وبين عرب عمان كانت مستمرة تقريباً ، ولهذا السبب فأن استيلاء العرب على المراكب البرتغالية ، يعدّ امراً شرعياً تماماً ، ويعد وصف البرتغاليين ذلك بأنه نوع من أعمال القرصنة دعايات حربية ، فقد كان المراقبون الهولنديون يرون أن هجوم العرب على السفن البرتغالية عمل حربي طبيعي" .
ولدحض الافتراءات التي قيلت عن ((قرصنة)) عرب مسقط ، سنشير الى ما كتبه الكسندر هاملتون : "كان عرب عمان يشنون غاراتهم على المستعمرين والبرتغاليين على الساحل الهندي ، ويدمرون المدن والقرى ، ولكنهم لم يهاجموا الكنائس ، ولم يقتلوا اعزلاً ولا طفلاً ، وكانوا يعاملون اسراهم معاملة انسانية خلاف ما كان البرتغاليون يعاملون اسراهم اذ كانوا يعاملونهم بقسوة ويعرضونهم الى القصاص مستخدمين السياط ، ثم ان العمانيين كانوا يمنحون أسراهم بدل ارزاق كتلك التي يعطونها لجنودهم ، و تدفع تلك الاموال مرتين في الشهر، واذا ما وجد بين الاسرى صناع بارعون واصحاب مهن ، فإنه يسمح لهم بممارسة مهنهم بحرية حتى يتسنى لهم جمع المال اللازم لفكّ أسرهم" .

المصادر
( ) 1 . عبد الرزاق البصير ، الخليج العربي والحضارة المعاصرة ، جامعة الكويت 1986 ، ص42 .
( ) 2 . غانم محمد رميض العجيلي ، الصراع البحري العماني – البرتغالي في البحار الشرقية ، مجلة الوثيقة ، العدد 13 ، السنة 7 ، 1988 ، البحرين ، ص84 .
( )3 . عبد المنعم عامر ، عمان في امجادها البحرية ، سلسلة تراثنا ، العدد 8 ، سلطنة عمان ، 1980 ، ص48 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ