الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مفهوم الحضارة العربية الاسلامية

حسن نبو

2021 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لايخلو كتاب من الكتب التي تتناول التاريخ الاسلامي في الدول العربية عن ذكر الحضارة العربية الاسلامية وتأثيره هذه الحضارة على الحضارة الاوروبية. ويتم التأكيد على هذا الموضوع بشكل خاص في الكتب الدراسية على مستوى جميع المراحل الدراسية . كما توجد المئات ، بل الآلاف من المقالات والابحاث في الصحف والمجلات الورقية والمواقع الالكترونية تتناول هذه المسألة. ويمكن القول ان القاسم المشترك لهذه الكتب والمقالات والابحاث التي لانهاية لها هو تمجيد مايسمى بالحضارة العربية الاسلامية وابراز تأثيرها على الحضارة الاوروبية . بل ان بعض الكتابات تجعل مايسمى بالحضارة العربية الاسلامية اكثر تقدما وانسانية من الحضارة الاوروبية ، لابل تصف الأخيرة بحضارة الحرية الجنسية والانحلال الاخلاقي ...

فهل توجد فعلا حضارة عربية اسلامية بالمعنى التي تتضمنه كلمة الحضارة ؟

هناك من يرى ان الكتابة في هذا الموضوع صعب جدا وأن من يبحث في هذا الموضوع يجب ان يكون قارئا القرآن قراءة عميقة ومستوعبا معاني واهداف كل اياته الظاهرة والخفية..

اعتقد ان مثل هذع القول لايهدف الا الى سد الطريق امام الكتابة في هذا الموضوع ، ففي عصرنا الذي تتوافر فيه كل الآراء بإمكان اي مجتهد ان يدلي بدلوه في هذا الموضوع .

من خلال القاء نظرة بسيطة على كيفية نشوء الحضارة الاوروبية والمنجزات التي حققتها يتبين لنا ان الحضارة الاوروبية نشأت في حضن العلمانية او هي ثمرة من ثمرات العلمانية التي فصلت الدين عن الدولة وانها قدمت للبشرية الاف الاختراعات الهائلة في ميادين الافكار والقوانين التي لاغنى عنها في عالمنا الحالي . امامايسمى بالحضارة العربية الاسلامية فإنها تعتبر الدين اساسا لها ، اي انها مستمدة من احكام وتعاليم الدين الاسلامي الذي تتمحور حول القرآن ، ومن جهة اخرى فإنها لم تقدم للبشرية اي انجازات كالتي قدمتها الحضارة الاوروبية . وهذا يعني ان مايسمى بالحضارة العربية الاسلامية تختلف اختلافا كليا عمايسمى بالحضارة العربية الاسلامية ، فالاولى قامت على فصل الدين عن الدولة اما الثانية فقد اعتبرت الدين مصدرا لها ، اي ان كل ماجاء في الدين الاسلامي من قيم ومبادئ في الاخلاق والسياسة والحرب والاقتصاد والعقيدة هي حضارة بذاتها لأنها تستمد شرعيتها من الله .

وبسبب خلو مايسمى الحضارة العربية الاسلامية من المنجزات العلمية حاول البعض ربط التقدم العلمي في اوروبا - الذي يشكل اهم سمة من سمات الحضارة الاوروبية - بالقرآن ، حيث اعتبر هذا البعض ان كل الاختراعات العلمية التي اتت بها الحضارة الاوروبية موجودة في القرآن ولكن الاوروبين هم من اكتشفوها . ومن اجل تبرير فكرتهم هذه تمسكوا بفكرة اطلقوا عليها مصطلح الاعجاز العلمي في القرآن والذي يعني ان كل الاختراعات العلمية موجودة في القرآن لكنها لم تدرك في زمن نزول القرآن ، بل تم اثباتها في زمن متأخر وان هذا الاعجاز العلمي هو دليل على نبوة محمد .

اعتقد ان من السهولة جدا دحض فكرة الاعجاز العلمي في القرآن لأسباب عديدة ومن اهم هذه الاسباب ان القرآن ليس موسوعة علمية ، اي ليس كتابا في الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم الاحياء والجغرافيا والفلك ..الخ .بل هو كتاب دين وهداية الى معرفة الله وعبادته . ومن جهة ثانية اذا قرأنا التفاسير المختلفة للقرآن لانجد فيها اي نظرية علمية تؤدي الى اختراع اي من الاختراعات التي اتت بها الحضارة الاوروبية كالسيارة والطيارة والهاتف والكومبيوتر والكهرباء والتلفزيون والانترنيت والمذياع ...الخ .

اما مايسمى بالعصر الذهبي في الاسلام الذي قيل انه امتد من القرن الثامن الميلادي حتى اواسط القرن الثاني عشر وانه حفل بالعديد من الانجازات العلمية ، فهذا القول ايضا لايصمد امام النقد. فرغم حركة الترجمة التي ظهرت في العصر المذكور ، اي ترجمة بعض الكتب اليونانية والفارسية والهندية الى اللغة العربية من قبل بعض الاشخاص مثل اسحق بن حنين وهو مسيحي الديانة وثابت بن قرة التي كانت اسرته تنتمي للديانة الصابئية وابن اسحق وابن المقفع وغيرهم . ورغم ظهور بعض العلماء مثل الخوارزمي في مجال الرياضيات وابن سينا في مجال الطب وابن الهيثم في مجال البصريات والفارابي في مجال الفلسفة وابن خلدون في مجال علم الاجتماع وغيرهم . الا ان ماانجزه هؤلاء لايشكل نقطة في بحر العلوم التي اتت بها الحضارة الاوروبية في مجال الرياضيات والطب وعلم الاجتماع والفلسفة ...الخ . وليس صحيحا ان الحضارة الاوروبية استفادت من الترجمات التي تمت في العصر العباسي او من العلماء المذكورين .لأن الحضارة الاوروبية استندت في انجاز الثورة العلمية الهائلة على نظريات علمية لم يتم بحثها من قبل احد سابقا، لامن بعيد ولا من قريب .

واخيرا لابد من القول ان الهدف من مقالي هذا ليس التهجم على الدين او الاساءة اليه ، بل الهدف هو تبيان ان الدين الاسلامي ليس موسوعة علمية ولاعلاقة له بالمنجزات العلمية التي اتت بها الحضارة الاوروبية ، بل هو دعوة الناس الى عبادة الله وتحريرهم من عبودية غيره ، والايمان بوجود حياة بعد الموت يحاسب فيها الناس على اعمالهم الدنيوية ، حيث يكافأ المؤمن بالله بالجنة ويعاقب غير المؤمن به بالدخول الى الجنة ، وهذا هو جوهر الدين الاسلامي بل جوهر كل دين سماوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذ حسن
عدلي جندي ( 2021 / 4 / 22 - 21:34 )
فالاولى قامت على فصل الدين عن الدولة اما الثانية فقد اعتبرت الدين مصدرا لها ، اي ان كل ماجاء في الدين الاسلامي من قيم ومبادئ في الاخلاق ألخ
هذا قولك
والسؤال هل من الأخلاق ذكر ان الإسلام اصل الحضارة الأوربية ف مناهج مدارسهم و كتبهم وحواديتهم ومقالاتهم ....!!؟
تحياتي

اخر الافلام

.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر