الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


براهين وجود الله بين الفلسفة والدين

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2021 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


شغلت مسألة التدليل على وجود الله معظم الفلاسفة ـ باستثناء الملحدين والمنكرين لوجوده ـ بل لا نبالغ القول أن الفلسفة منذ بداية تاريخها كانت ـ بوجه من وجوهها ـ بحثا عن الله , حتى قبل أن تتأثر بالأديان السماوية , وقد دفع التأمل في هذه المسألة الفلاسفة أغلبهم إلى الاجتهاد في وضع أكثر من برهان للتدليل على وجود الله , وربما نجد عند الفيلسوف الواحد أكثر من دليل لا سيما عند فلاسفة العصور الوسطى والفلاسفة المسلمين الذين دفعهم الدين إلى تأييده بتلك البراهين والحج , لكن من يتأمل تلك البراهين يجدها كلها لا تخلو من ضعف الحجة لأنها تعتمد على استنتاجات بشرية لا تخرج عن أطر التفكير الانساني المحدود لذلك لجأ البعض إلى مهاجمة تلك الأدلة من أساسها بحجة أن قضية الله قضية إيمان قلبي لا تحتاج إلى براهين وأدلة منطقية , ومن أهم تلك البراهين وأشهرها :
أولا : دليل العلية وقال به أرسطو ونصه إن لكل شيء أو معلول علة توجده ويمكن أن تتسلسل هذه العلل لتكون الواحدة منها تارة علة وتارة أخرى معلولا لكن لا يمكن أن يستمر هذا التسلسل إلى ما لا نهاية فلا بد أن تنتهي هذه العلل إلى علة أولى تنتهي عندها كل المعلولات ليكون الوجود بأكمله معلولا واحدا يرتد إلى علة واحدة , وإلا وقعنا في الدور والتسلسل إلى ما لانهاية , وقد اعترض على هذا الدليل بالقول أن مسألة العلية تعود إلى اعتياد العقل وليس هناك ما يثبت وجودها غير ذلك .
ثانيا : دليل السببية وهو قريب من دليل العلية فالوجود بأكمله مجموعة أسباب جزئية متسلسلة حتى تجتمع كلها لتكون سببا واحد يرتد لمسبب واحد , وهذا السبب الواحد ليس بعده مسبب لأن ذلك سيوقعنا في التناقض ووجه الاعتراض على هذا الليل هو ذاته الذي اعترض به على مبدأ العلية .
ثالثا: دليل الحركة وأول من قال به أرسطو , وفكرته ببساطة تنص على أن الأشياء في الطبيعة متحركة حركات شتى فلا بد أن يكون لها محرك قريب يخرجها من القوة إلى الفعل لكن هذا المحركات لا بد أن تنتهي بمحرك لا يستمد حركته من غيره فلا بد أن يكون هذا المحرك محركا بذاته وإلا تسلسلنا إلى ما لا نهاية , ونقطة الضعف في هذا الدليل أنه لا يصلح للأمور الغيبية لأننا نفترض المحرك الأول افتراضا وهو استعمال غير دقيق لمبدأ السببية على ما يرى كانت .
رابعا : دليل بطلان التسلسل وهو مستمد من الأدلة السابقة فإذا كان الوجود عبارة عن مجموعة حوادث متسلسلة فلا بد لهذه الحوادث أن تنتهي عند نقطة معينة تكون مبدأ لتلك الحوادث وإلا لوقعنا في التناقض ولم يكن هناك وجود أصلا لأن انعدام بداية الشيء يعني انعدامه كليا .
خامسا : دليل النظام وأول من قال به القديس أنسلم وينص على أن هذا الوجود منظم تنظيما دقيقا لا يمكن انكاره أبدا فلابد لهذا التنظيم من منظم فمن غير المعقول أن يكون قد وجد مصادفة لأن المصادفة تناقض النظام أصلا , وقد اعترض برجسون على هذا الدليل بقوله أن النظام الذي نراه من صنع عقولنا ثم إذا كان هناك نظام شامل فما هذا الفوضى التي تعم العالم ؟
سادسا : دليل الإمكان وقال به ابن سينا ثم تبناه فلاسفة آخرون وينص على أن كل الموجودات تتسم بالإمكان أي أنها ممكنة الوجود والعدم أي أنها لا تقتضي الوجود ولا العدم بذاتها فوجودها وعدمها متساويان وبذا فهي محتاجة إلى واجب الوجود ليوجدها فلابد أن يكون هناك مرجح يرجح خروجها من العدم في زمان ومكان معينين وإلا لفسد الوجود وانتهى إلى الأبد منذ اللحظة الأولى وهذا المرجح لا بد أن يكون واجبا غير ممكن والا لأحتاج هو الآخر إلى من يرجحه , وهكذا , فلا بد أن يكون موجودا واجب الوجود .
سابعا : الدليل الأنطلوجي , وينص على أن الله هو الموجود الذي لا يمكن أن نتصور موجودا أكبر منه في الذهن أو في الواقع وهو ما قال به أوغسطين ومن ثم ديكارت .
ثامنا : الدليل الشخصي : وقد وضعه ديكارت انطلاقا من التفكير في شخصه هو بوصفه موجودا غير تام , ناقص فإذا كان كذلك لابد له من علة كاملة وهبته وجوده وكماله الذي هو عليه وإلا لوكان هو علة لنفسه لوهب ذاته كل الكمالات وهو ما لم يكن .
تاسعا : الدليل الهندسي : وقال به ديكارت أيضا وملخصه أن تصورنا لبداهة قياس زوايا المثلث يقودنا إلى بداهة وجود الله فمن غير المنطقي أن نغالط ذلك القياس البديهي مثلما من غير المنطقي أن ننفي الوجود عن الله لأن وجوده لازمة من لوازمه .
عاشرا : الدليل الخلقي وينص على أن الحياة الأخلاقية تقتضي أن نؤمن بموجود يثيب ويعاقب لتعتدل كفتا الخير والشر وهذا ليس من اختصاص الطبيعة الميتة فهو إذا من اختصاص الموجود الكامل الخيرية , وهو ما أقره كانت .
حادي عشر : دليل الصديقين وقد وضعه ابن سينا وينص على أنه لابد أن يوجد شيء لا يمكن أن يكون غير موجود , وهذا الشيء لا ينتمي لعالم الممكنات ولا المركبات ولا الماديات فهو واحد بسيط لا مادي قادر كريم خير ذكي بصورة مطلقة .
وقد ذهب المسلمون إلى استخراج أدلة على وجود الله من القرآن الكريم منها :
أولا : دليل الخلق والاختراع وخلاصته أن هذه المخلوقات دليل واضح على وجود خالق فمن غير الممكن أن توجد من نفسها واستدلوا على قولهم بالآية : ((أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)) الطور/35.
ثانيا : دليل الفطرة السليمة وينص على أن قضية الله مغروسة في النفس البشرية فطريا فالإنسان بفطرته يدرك أن هناك الها , ويستدلون على ذلك بالآية : ((فاقم وجهك للدين جنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها )) الروم 30 .
ثالثا : دليل البراهين الواضحة ويطلق عليه البعض دليل الآفاق استنادا إلى الآية (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم )) فصلت 53 .
رابعا : دليل الهداية وينص على أن كل مخلوق أعطي ما يهتدي به لإصلاح شأنه بدليل الآية ((ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )) طه 50 .
خامسا : دليل العناية : وهو قريب من دليل الهداية ويصب في المصب نفسه .
سادسا : دليل التسوية وينص على أن كل مخلوق جاء مستويا معتدلا في وضع يجعله مهيئا لأداء وظيفته في وجوده , وهناك أكثر من آية يستدل بها في هذا الشأن منها الآية (( لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم )) التين 4 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح