الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميشيل فوكو : بين الذات المفكرة والذات المتلذذة

أحمد عمر النائلي

2021 / 4 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


هل يمكن الفصل بين المقال وأخلاق كاتب المقال، هل يمكن أن نتقبل مفكرا وفيلسوفا بحجم الفرنسي ميشيل فوكو (المتوفى سنة 1984) وتأثيره على المشهد الفكري الإنساني ، والذي وصفه دليل التايمز للتعليم العالي في عام 2009 بأنه أكثر المؤلفين إستشهاد بهم في العلوم الإنسانية عالميا  .
وهو الذي استطاع أن يكشف العلاقة بين الخطاب والسلطة ، وكيف تتمكن السلطة في كل تمفصلاتها من توظيف الخطاب وصنع الحقيقة السائدة لمصالحها .
هل يمكن أن يكون كاتب بحجم وهالة وتأثير ميشيل فوكو مغتصبا ومستغلا للاطفال على أديم المقابر التونسية ، هل بالامكان الفصل بين ذهنيته الحاذقة النابهة المتمعنة في تاريخ الجنون ، وكيف تمكنت من رصد تغير هذا المفهوم عبر التاريخ بتغير الخطاب ، هل يمكن أن يكون مؤذيا لاطفال يبلغون من العمر ثمانية أو تسعة أعوام قادهم إليه شظف العيش وسوء الطالع ، مسببا لهم أثارا نفسية ربما استطال أمدها ، أم أن ماقاله الكاتب الفرنسي الأمريكي غاي سورمان (77 عاما) في مقابلة تلفزيونية و لقاء مع صحبفة Sunday times يوم 28 مارس 2021 الماضي محض هراء وتدليس ، من أن الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو ذائع الصيت ، كان مغتصبا للاطفال عندما كان مقيما في تونس ومدرسا في الجامعة التونسية في نهاية عقد الستينيات من القرن الماضي .
وهنا نقول أليست الرغبة في أذى الأخر انطلاقا من الحتمية البيولوجية الغرائزية هي نفسها التي قد تقود إلى استغلال العلم أو تزييفه وتزويره ، أم أن الرؤية لا تتم من خلال هذه الزاوية ، فالعلم حقل ونظام وفي ذات الوقت غرائزنا هي حقل ونظام آخر ، فعلى سبيل المثال لو كان ميشيل فوكو مكتشفا للقاح يقي البشرية جائحة كورونا أو الإيدز وفي ذات الوقت يعاشر الاطفال بعيدا عن الاراضي الفرنسية مخافة القانون الفرنسي ، ألم نكن قادرين على تقبل نجاح الممارسة العلمية ، بحجة فائدتها و إمكانية الفصل بين تحقيق الأذى للأخرين وبين النجاح في الممارسة العلمية ، وربما هنا نتذكر آلان تورينج Alan Mathison Turing ، صاحب الفضل الكبير في نجاة ملايين البشر عندما فككك الشيفرة النازية فسارع في إنهاء الحرب العالمية الثانية ، والذي أدين بعد ذلك وعوقب لمثليته ، مما جعله ينتحر عام 1954 بسم السيانيد. ، ولكن بريطانيا تحتفي به اليوم وتجعله بطلا قوميا وتزين صورته واجهة الجنيه الاسترليني ( فئة 50 ) ، وقامت الملكة اليزابيث الثانية عام 2013 بإصدار عفو واعتذار منه ، فتحول المجرم المثلي في عقد الأربعينيات الى بطل قومي في بداية الألفية الجديدة .
ولكن السؤال الآخر وليس الأخير الذي نطرحه في هذا المقام هل ثمة علاقة تأثر بين الذات المنقادة وراء غرائزها القائمة على أذية الآخر وبين الذات العالمة المفكرة ، فالذي لا يجد حرجا في تحقيق أذي للاطفال الابرياء في سبيل الحتمية البيولوجية هل يمكن أن يكون نزيها وصارما في الممارسة العلمية ، محافظا على موضوعيتها ومهنيتها واشتراطاتها ، هل يمكن الفصل بين الذهنية العالمة المتفكرة وبين سطوة الذات المتلذذة ، ولكن مع كل هذا ألا يوجد معيار وشروط ومنهج تمكننا جميعا من تحديد مدى رجاحة المنجز العلمي المنتج من الذات المتلذذة ، بالتالي نتمكن من التفرقة والفصل بين الذات العالمة والذات المتلذذة ، فمخترع البنسلين وأشعة أكس لا يضره انجراره وراء عالم النشوة القائمة على أذى الأخرين في التضييق على جودة وفائدة انجازه العلمي ، فالذات والموضوع شيئان مختلفان ، ناهيك على أن شدة الإكراه والضغط البيولوجي تبعث وتصنع الكثير من الأعذار ، و خاصة عندما تكون الذات المكرهة المفكرة ضمن عصبة أهل اليسار حيث العدالة والحقوق والنضال ، ولكن مايبعث الأسد على أكل الحمل الوديع لا يمكن تجاوزه ، فهي ضرورة الوجود .
فهل يمكن الفصل بين النتاج العلمي الفلسفي ، الخاضع لشروط التبرير والمحاججة والتفكر ، وبين الفعل اللاأخلاقي كونه اعتداء على حرية وحقوق الأخرين في أن يعيشوا بكرامة .
هل يلتقي العلم والذات المؤذية في جوف قلب رجل واحد ؟
وهل التفكير الكمي هو الأمثل و الذي يجعلنا نتجاوز الأذى الموجه لعدد خمسة أو عشرة أفراد من الاطفال في سبيل فائدة عامة تطال آلاف أو ملايين البشر ، أم أنه من قثل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا ؟
وفي سياق ممارسات فوكو نتذكر دعوته  وجاك دريدا وفرانسوز دولتو ودوبوڤوار إلى منع تجريم العلاقات الجنسية مع الأطفال دون الـ15 سنة ، والذي اعتبر مؤسساً للحركة المؤيدة للبيدوفيليا (ممارسة الجنس مع الأطفال) .
وفي الختام من يؤكد صدق رواية غاي سورمان حول أفعال فوكو ؟ ، الذي يغط في سبات عميق ، فهل موته بسبب مرض نقص المناعة (الإيدز) يشير الى ذلك فربما كان بريئا وماقيل هو فرية افتروه عليه ، ففوكو سيظل مكتشف أحاجي السلطة العظيم ، الذي تمقته ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة