الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان و الإسلام و إمبراطور الصّين العاري

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2021 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تابعوني على تويتر @SoShow11 و اشتركوا في قناتي على يوتيوب https://www.YouTube.com/c/SohelBahjat
قد يتعجب كثيرون من عنوان المقال ، لكن هناك ترابطاً بين هذه الرّموز الثّلاث. بين أردوغان الّذي تسلّق إلى هرم السلطة بالوسائل الدّيمقراطية متحايلاً على دولة عريقة في علمانيّتها و معروفة منذ تأسيسها عام 1920 على يد مصطفى كمال آتاتورك بأنها لا تلقي اهتماما لخرافات رجال الدين و أنها دولة تسعى للسّعي نحو التقدم و التطور ، و هكذا قرّر أردوغان الاستفادة من الإسلام المعروف ببشاعته و كونه الركيزة الأساسية لحكم الفاسدين و المستبدين معيدا تركيا و المنطقة إلى عهود العثمانيين الظلامية و سنرى سرّ شبهه بإمبراطور الصّين العاري.
تناسى أردوغان الاختلاف و التّباين الكبير بين الدولتين العثمانية و الجمهورية التركية الّتي جاءت بعدها و قد بدأ بالفعل ، خصوصا ما بعد سنة 2000 بالترويج لسياسة توسعية شبيهة بسياسة الإمبراطورية العثمانية.
مصطفى كمال آتاتورك و عند إلغائه السلطنة و الخلافة و تأسيسه للنظام الجمهوري و بمعيّة نساء و رجال آمنوا بالحداثة ، كان يريد قطيعة تامّة مع كل ما هو عثماني ، قطيعة مع كل ما هو إسلامي ، و قطيعة مع العقلية الذّكورية التّوسعية ، و لهذا أيضا تبنّى 8 بنات ، و هو الّذي كان محروما من الإنجاب ، بدلاً من تبنّي أطفال ذكور. و الجمهورية لم تسعى لأي توسّع طوال 80 عاما.
الجمهورية التركية اختلفت عن الخلافة العثمانية كليّا ، و كانت الخلافة العثمانية قوية و قادرة على التوسع حينما كانت الجيوش تعتمد على القوة العضلية و العددية و إرعاب الشعوب الّتي يغزونها بالسلب و النهب و الإبادة ، و لم كن السلطات العثمانية تهتم برعايا الدولة – حيث لم يكن مصطلح مواطن موجودا إلا في العقود الأخيرة من حياة الإمبراطورية – و لكن كان الرّعايا هم "أبناء و عبيد" السلطان و حاشيته و السلطان يتفضل عليهم بحمايته – إن أراد – و هذه صفة ملازمة لكل دولة تتبنى نموذج الإسلام الذي يظهر لنا كيف أن محمّدا كان يملك حتى قرار الموت و الحياة بحق أتباعه و من تحت "حمايته".
تناسى أردوغان الأسباب الّتي أدت لانهيار الدولة العثمانية الّتي كان السّياسيون الأوروبيون يسمّونها بـ"الرّجل المريض" ، و الدولة العثمانية كانت مدركة لأسباب تراجعها أمام تطور و تزايد نفوذ دول أوروبية – بعضها أصغر من أن تُقارن بالإمبراطورية العثمانية – و مهما عددنا الأسباب الّتي ساهمت في تخلفها ، كافتقارها لنظام سياسي حديث و افتقارها لمفهوم المواطنة و عدم المساواة بين الرجل و المرأة و المسلم و غير المسلم ، لكننا نستطيع القول باختصار أن "الإسلام" كان هو أساس تخلّف الدولة العثمانية و مرضها المزمن.
رفع الإخوان منذ تأسيسهم لحزبهم في العشرينيات من القرن الماضي شعار "الإسلام هو الحل" و يبدو أنّ أردوغان انخدع بنفس الشعار و يظنّ أن الدولة العثمانية كانت "قوية" بسبب تمسّكها بالإسلام و لكنه لا يدري أنّ الإسلام كان هو مرض الدّولة العثمانية الّذي قضى عليها في النهاية.
أردوغان الآن هو أشبه بإمبراطور الصين العاري ، و إليك قصته: كتب هانس كريستيان سيباستيان (1805-1875) ، و كان هذا كاتب قصص أطفال دنمركي مشهورا ، قصة خيالية عن إمبراطور صيني مغرور لم يكن أحد يجرؤ على إخباره الحقيقة و ذات يوم جاءه محتالان تظاهرا أنهما يعملان على قماش حريري "سحري" نادر و أنه سيعجب الإمبراطور ، و في الحقيقة كانت أيديهم فارغة و يتظاهرون بأنهم يعملون على خياطة هذا الحرير النادر ، و عندما سأل الإمبراطور وزراءه عن رأيهم في هذا الحرير النادر ، أبدوا إعجابهم به رغم أنهم لم يكونوا يرون شيئا في أيدي الخياطين المحتالين ، و انتشر النفاق و الكذب في البلاط فراحوا يمدحون ثياب الإمبراطور رغم أنه كان عاريا! لم ينتهي المديح و الرياء للإمبراطور إلا بعد أن صاح طفل بين الجماهير:
- الإمبراطور عارٍ... إنه عاري! (وضجّ النّاس من الضّحك)
أردوغان الآن هو أشبه بهذا الإمبراطور الّذي يحتاج أحدهم أن يوقظه من وهمه المقدّس و أنّه في الحقيقة عاريٌ لا يلبس شيئا.
الإمبراطورية العثمانية ماتت و لن تعود ، و الإسلام لن يجلب لتركيا إلا التخلف و الدمار! فهل تنجو تركيا من هذا السرطان الذي خرج من الجزيرة العربية قبل 1400 عام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح