الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآن ... هل يُعتبر ولى العهد السعودى ( منكر سُنّة ) ؟!

أحمد صبحى منصور

2021 / 5 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أولا :
1 ـ قبل عدة أشهر من مولد ولى العهد السعودى كانت إحالتى للمحاكمة داخل جامعة الأزهر ، ويوم الأربعاء القادم 5 مايو سيكون قد مضى عليها 36 عاما ، كانت في الخامس من مايو 1985. قبلها قضيت عدة أشهر حتى أتممت في زمن قياسى تأليف وطبع خمسة كتب ، وهى : ( الأنبياء في القرآن الكريم : دراسة تحليلية ) ( غارات المغول والصليبيين ) ( حركات انفصالية في تاريخ المسلمين ) ( العالم الاسلامى بين عصر الخلفاء الراشدين وعصر الخلفاء العباسيين ) ( دراسات في الحركة الفكرية في تاريخ الحضارة الاسلامية ) . قررتها على الطلبة الذين أقوم بالتدريس لهم في عدة كليات داخل الجامعة . وكانت عُدتى للترقية الى درجة أستاذ مساعد . كان يكفى مجرد بحث للحصول على هذه الدرجة ، وأن يكون تقليديا أقل من المستوى العلمى المنخفض للأساتذة الكبار حتى يُجيزوه . كالعادة اخترت الطريق الصعب . كانت المكافأة أن رئيس الجامعة أصدر قرارا بمصادرة الكتب من أيدى الطلاب ، مع إحالتي للتحقيق أمام مجلس التأديب ، ووقفى عن العمل ووقف مستحقاتى المالية ومنعى من الترقية لأستاذ مساعد ومنعى من السفر. السبب أننى في هذه الكتب ( خصوصا كتاب : الأنبياء في القرآن الكريم : دراسة تحليلية ) أنكرت شفاعة النبى محمد عليه السلام وعصمته المطلقة وأن يقال عنه أنه أفضل الأنبياء ، وقلت هذا متروك لله رب العزة جل وعلا وحده .
2 ـ استشهدت ب 150 آية قرآنية في نفى الشفاعة للنبى ومثلها في نفى عصمته المطلقة ، وحوالى 30 آية في الحكم على أنه لا يجوز أن يقال عنه أنه أفضل الأنبياء ، واستشهدت أيضا ببعض الأحاديث ، حيث كنت وقتها سُنيّا معتدلا يحاول إصلاح السُنّة بعرض مقولاتها على القرآن الكريم .
3 ـ قرار رئيس الجامعة جاء فيه تشكيل لجنة التحقيق معى برئاسة عميد كلية أصول الدين في أسيوط وقتها ، وهو د محمد سيد طنطاوى ، ومعه المستشار القانوني للجامعة ، ومع شهادات مكتوبة لأساتذة كبار تتهمنى بالكفر ، هم : د محمد الطيب النجار رئيس الجامعة الأسبق، ود. عبد الجليل شلبى رئيس مجمع البحوث ، ود إبراهيم الفيومى الأستاذ بكلية أصول الدين والحاصل على الدكتوراة من ألمانيا في ( الفلسفة الإسلامية ) . سبق هذا محاولات لتجاوز الموضوع منعا لإحراجهم ، بأن أكتب سطرين أقول فيهما إننى أجتهدت فأخطأت . رفضت ، فبدأت المحاكمة صباح 5 / 5 / 1985 .
4 ـ بسبب كثرة استشهاداتى بالقرآن الكريم في موضوعات الشفاعة والعصمة والتفضيل بين الأنبياء فقد عجزوا أمامها ، ورأوا فرصتهم فى الأحاديث التي تؤكد لهم شفاعة النبى وعصمته وتفضيله .
5 ـ رددت عليهم بحقائق تراثية كانت منسية، ولكنها مثبتة في بطون كتب التراث ، فلم يستطيعوا إنكارها وهى :
5 / 1 : الأحاديث تنقسم الى متواتر وآحاد .
5 / 1 / 1 : المتواتر الذى يفيد اليقين : هو مُختلف فيه ، هناك من ينفى وجوده ، وهناك من يجعله حديثا واحدا فقط ، هو ( من كذب على فليتبوأ مقعده من النار ) ، وحتى هذا فقد اختلفوا في صيغته ، حيث يرويه بعضهم ( من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ). وبعضهم يرفع عدد الأحاديث المتواترة الى بضع أحاديث .
5 / 1 / 2 : أحاديث آحاد . قالوا عنها :
5 / 1 / 2 / 1 ، إنها تفيد الظّنّ .
5 / 1 / 2 / 2 : كل الأحاديث في ( كتب الصحاح ) أحاديث آحاد ، وهى مُختلف في اسنادها ورواياتها حتى في البخارى نفسه .
5 / 1 / 2 / 3 : لا تؤخذ منها السمعيات ( أي العقائد والغيبيات ) ولا أحكام الحدود .
5 / 1 / 2 / 4 : يُعمل بها فقط إذا اتفقت مع القرآن الكريم .( أي لا داعى لها أصلا في وجود القرآن الكريم )
6 ـ وقلت لهم هذا هو منهجى في كتبى ؛ استشهدت بالقرآن الكريم وأحاديث آحاد تتفق مع القرآن الكريم.
7 ـ طبقا للقانون فإنه إذا مرّ عام على المُحال لمجلس التأديب دون الحُكم عليه فان التهم تسقط . لم يستطيعوا إدانتى، ولم يستطيعوا الرضوخ لأدلتى . فقالوا لى : سنعيد اتهامك في العام التالى ، وللك عشرة كتب وستظل في محاكمة كل عام ، ممنوعا من العمل ومن الترقية حتى تتنازل عن آرائك . وفعلا ، صدر قرار جديد في العام التالى بالتحقيق معى في كتاب : ( دراسات في الحركة الفكرية في تاريخ الحضارة الاسلامية ) بتهمة جديدة هي ( التهوين من حُجّية السنة ) . في فصل من هذا الكتاب تعرضت لتاريخ (علم الحديث ) وارتباطاته السياسية ، في مرحلتى الرواية الشفهية والتدوين ، وصناعة الاسناد للأحاديث ، ونشأة وتطور ما يعرف مع بالجرح والتعديل ، واختلافهم في كل صغيرة وكبيرة في الحكم على الرواة ، وقلت ان هذا المنهج في الحكم على رواة موتى يدخل في الغيبيات المنهى عن الخوض فيها ، كما يعصى أمر الله جل وعلا الذى نهى عن تزكية النفس والغير . كان البحث موثقا ، وهم قد إستعدوا لعام من المحاكمة الصورية الهزلية لأظل تحت عقوباتهم أو أتراجع وأوفّر عليهم الاحراج . قدمت استقالة مسببة فرفضوها فرفعت عليهم دعوى في مجلس الدولة لإلزامهم بقبول استقالتى ، وقبل أن يصدر مجلس الدولة الحكم بادروا هم بقرار عزلى من الجامعة ، أي عزلوا من قدّم لهم استقالته . ثم بعدها أدخلونى السجن مع أول موجة من اعتقال أهل القرآن في نوفمبر 1987 .
8 ـ أثناء محاكمتى ومنعى من العمل أوصلت الموضوع للمجال العام خارج جامعة الأزهر ؛ كنتُ أجوب المساجد أخطب الجمعة أؤكد ما كتبته من نفى الشفاعة والعصمة المطلقة وعدم التفضيل ، وعلى أن الأحاديث في البخارى وغيره مجرد أحاديث آحاد ، ثم تطرقت الى الطعن في البخارى علنا . ورآها الصحفى ( أحمد زين ) رئيس تحرير جريدة ( اللواء الاسلامى ) فرصة لتوزيع جريدته ، وقد كان تلميذا للشعراوى يتكسّب بنشر كتبه ، فاستكتب شيوخ الأزهر في التشهير بى بأكاذيب ، منها أننى أتلقى تمويلا من أعداء الإسلام ، وفعلا أحالونى لجهاز الكشف غير المشروع ، وتحقق هذا الجهاز أننى لا أملك شيئا وليس لى رصيد في أي بنك ، وأعيش في شقة مستأجرة لم أغادرها . ثم جاءتهم فرصة عودة العلاقات الرسمية بين مبارك والسعودية فعقدت رابطة العالم الاسلامى السعودية مؤتمرا في اسلام أباد برعاية ضياء الحق رئيس باكستان ، وحضره شيوخ السعودية وشيوخ الأزهر ، وناقشوا كتاب ( الأنبياء في القرآن الكريم ) وحكموا بردّتى وطالبوا بعقابى مع تكريم للدكتور ( محمد الطيب النجار ) ، وتكونت لجنة في ( الأزهر ) للدفاع عن السيرة والسنة ، وتبرعت لها رابطة السعودية بأربعة ملايين من الجنيهات ، ذهبت في جيوب الشيوخ التي لا قاع لها . ثم عقدت رابطة العالم الاسلامى مؤتمرا آخر في جدة ، كل هذا للضغط على مبارك لوضعى في السجن . كنت أثناء تجوالى في المساجد ــ في القاهرة والجيزة والصعيد والإسكندرية وطنطا ودمياط ـ قد تكونت حولى مجموعات كانوا الرعيل الأول من القرآنيين ، فسهّل هذا عليهم اتهامى بتكوين تنظيم لانكار السّنّة . ودخلت السجن في أوائل نوفمبر 1987 ومعى حوالى 60 من أهل القرآن ، كلنا يحمل لقب ( منكرى السُّنّة ) . وأثناء وجودى في السجن تفننت الصحف في استكتاب الشيوخ في سبّى وتكفيرى نوعا من الاغتيال المعنوى على أمل أن يقتلنى ــ وأنا في السجن ــ عُتاة المتطرفين، خصوصا وقد كتب الشيخ الشعراوى فتوى تؤكد أنه لا بد من تطبيق ( حدّ الحرابة ) علينا وهى ( القتل والصلب وتقطيع الأطراف ).!
9 ـ من الطريف أنه أثناء محاكمتى تقابل صديقى د عبد القادر سيد أحمد ( عميد كلية الصيدلة بجامعة القاهرة وقتها ) ومعه د محمد البشير ، وهما معا كانا من عمدة أهل القرآن وقتها ، وتحاورا مع د إبراهيم الفيومى الذى كتب تقريرا في تكفيرى ، قالا له إن استشهاداتى بالقرآن أكثر من كلامى . فقال : ( ما تقولوش قرآن ومش قرآن.. الأزهر له مألوف بيمشى عليه ، ومفروض أحمد صبحى منصور يمشى زينا على مألوف الأزهر . ) . هذا هو ( مألوف الأزهر )، والذى يتشارك فيه مع ( مألوف السعودية ) وقتها .
10 ـ د سيد طنطاوى الذى تزعم محاكمتى وأكّد على عزلى كافأه النفوذ السعودى بتعيينه مفتيا لمصر ، ثم بعدها بتعيينه شيخا للأزهر ، أو على حد زعمهم ( الامام الأكبر ) . أي إن صبى السفارة السعودة وصبى ( رابطة العالم الإسلامي السعودية ) جعلوه ( الامام الأكبر ) ، وهنا مفارقة مؤلمة ؛ فالنبى محمد عليه السلام يجعلونه ( اشرف المرسلين , سيد المرسلين وأفضل المرسلين ) ولكنه ليس ( الامام الأكبر ) فهو ( إمام اصغر ) بالنسبة ( للامام الأكبر) سيد طنطاوى . أي إنّ ذلك الصبى السابق للسفير السعودى بالقاهرة صار الامام الأكبر الذى يعلو مقامه على خاتم النبيين عليهم السلام ..
11 ـ خصومة شيخ الأزهر ( محمد سيد طنطاوى ) لم يكن فيها ذرّة من الشرف . خلال التسعينيات كنت أكتب في الصحف والمجلات ، أؤكد فيها آرائى العلمية ، وكان يردّ بتحريض أمن الدولة ضدى ، وكانت تتوالى استدعاءاتهم لى تهدد بالسجن إن لم أكُفّ . ولم أكُفّ. بعض ضباط أمن الدولة كان رفيقا بى ، يعتذر بأنهم يتلقون أوامرهم من الأزهر ، وأن الأزهر هو مرجعيتهم فيما يخصُّنى . على أن مبارك لم يستجب لشيخ أزهره سيد طنطاوى ، بسبب ما حدث في عام 1992 وما بعده ، بعد مقتل صديقى الراحل د. فرج فودة ــ بسبب فتوى معلنة من جماعة أزهرية تحرّض على قتله وقتلى ــ علا خطر الجماعات الإرهابية ، وسيطروا على مناطق وقرى في الصعيد ،وارتكبوا مذابح ، وبدا عجز مبارك عن مواجهتهم ، عندها تنادينا الى تكوين ( الجبهة الشعبية لمواجهة الإرهاب ) وكنت من مؤسسيها ، والمقرر الفكرى لها ، وقمنا بالتجوال في الصعيد ، وقدمت لنا الحكومة كل التسهيلات ، ورافقتنا أجهزة الاعلام ، وقابلنا الضحايا الأقباط ، وبعض الوزراء وكبار المسئولين . هذا بينما وقف الأزهر على الحياد ، وبعضهم كان يتأهّب للقفز في ( الاتوبيس القادم ) دولة الاخوان المسلمين . بعد أن استعاد مبارك السيطرة تحقّق ما كنا نتوقعه ، وهو ( الاستدعاء ثم الاستغناء ). استدعونا عند الحاجة ، ثم استغنوا عنا حتى بدون كلمة شكر . على أن هذا أضاع جهد شيخ الأزهر في ملاحقتى بسبب نشاطى ضد الإرهاب وكتاباتى ضده . تغيّر الوضع حين عملت مع د سعد الدين إبراهيم في مركز ابن خلدون ، أدير ندوته الأسبوعية ( رواق ابن خلدون ) من 1996 الى إغلاق المركز في يونية 2000 . وكنت المشرف على مطبوعات المركز والمستشار الدينى له ، وأذعت المسكوت عنه من فضائح أحاديث الآحاد وهجص البخارى ، وقد تولى د محمد الخشت إدارة مركز ابن خلدون فترة ، وحضر جلسات الرواق ، وهو الذى جادل شيخ الأزهر ( أحمد الطيب ) فيما بعد في مولد ( تجديد الخطاب الدينى ) . اشتدّ غضب مبارك علينا بسبب برنامجين تبنّاهما مركز ابن خلدون ، في عام 1999 ، وهما ( اصلاح التعليم المصرى ) و ( تعليم المصريين حقوقهم السياسية والانتخابية ) . وكنت الرائد في المشروع الأول ، والخطيب في المشروع الآخر ، حيث كنا نعقد مؤتمرات حيّة مع الناس في القرى والنوادى والأحياء الشعبية . استجاب مبارك لضغط شيخ أزهره محمد سيد طنطاوى ، وكانت الموجة الثانية من اعتقال القرآنيين بتهمة إزدراء الدين ، وقد استطعت النجاة منها باللجوء الى أمريكا . واصل شيخ الأزهر خصومته غير الشريفة لى بالتحريض على سجن أهل القرآن من عائلتى ، فكانت الموجة الثالثة ثم الرابعة ، والتى ارتبطت بتعذيب هائل لهم ، وكان الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن أهم ضحايا الموجة الثالثة . ومات د سيد طنطاوى ، وخلفه د . أحمد الطيب يسير على منواله في الدفاع عن ( مألوف الأزهر )
ثانيا
1 ـ في حُمّى التوريث قام جمال مبارك بتكوين ما أسماه ( لجنة السياسات ) ، وعيّن د. أحمد الطيب عضوا في هذه اللجنة . أي إن د. أحمد الطيب هو ( صبى سابق ) ل( جمال مبارك ) . ثم جاءت الأوامر لأحمد الطيب أن يرتدى الزى الأزهرى ، وقيل له : كُن رئيس جامعة الأزهر ، فكان رئيس جامعة الأزهر ، ثم قيل له ( كُن شيخ الأزهر ) فكان ( الامام الأكبر ). أي إنّ الصبى السابق لجمال مبارك صار الامام الأكبر الذى يعلو عندهم مقامه على خاتم النبيين عليهم السلام .
2 ـ أراد عبد الفتاح السيسى أن يشغل الناس عن سرقاته وفشله بموالد مختلفة يهلل لها الإعلام ، كان أبرزها مسرحية ( تجديد الخطاب الدينى )، والتي توزعت فيها الأدوار : السيسى يترجّى من شيخ الأزهر أحمد الطيب تجديد الخطاب الدينى والشيخ يأبى ويتمنّع ويتدلّل.!. هذا في الوقت الذى يسجن فيه السيسى من يقومون فعلا بتجديد الخطاب الدينى : ( إسلام بحيرى ومحمد عبد الله نصر ) ، ويحيل المستشار أحمد عبده ماهر للنيابة . ومنذ شهر أغسطس الماضى أدخل السيسى الأستاذ رضا عبد الرحمن في حبس احتياطي للمرة الثالثة ، بتهمة ملفقة : تكوين خلية داعشية يتزعمها ( أحمد صبحى منصور ، والشريف والأمير إبنا أحمد صبحى منصور). أي إننا دواعش ، أما شيخ الأزهر الذى رفض تكفير الدواعش فليس من الدواعش .!!
أخيرا
1ـ نرجع الى عنوان المقال : جاءتهم المفاجأة في تصريحات ولى العهد السعودى ، والذى يكرّر بعضا ممّا قلت من 36 عاما ... فهل يجرؤ شيخ الأزهر على اتهام ولى العهد السعودى بانكار السُنّة ؟
2 ـ وتعجبون من سقمى ؟!! صحتى هي العجب .!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا