الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موجز قصة الثورة السورية الكبرى في الجولان- اقليم البلان

ثائر أبوصالح

2021 / 5 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقدمة
مقدمات الثورة
بداية الثورة
انطلاقة الثورة في وادي التيم
الهجوم على جديدة مرجعيون
معركة راشيا
معركة مجدل شمس الأولى
بين المعركتين
معركة مجدل شمس الثانية
حملة الإقليم الثانية
خاتمه
قائمه بأسماء الشهداء
مصادر

مقدمة:
يأتي هذا العمل اليوم تخليداً منا لذكرى الشهداء والمناضلين الذين وضعوا دمهم على اكفهم ووقفوا كالطود الشامخ في وجه الاستعمار الفرنسي، مستمدين العزم من تراثهم وأصالة انتمائهم.

ومن نافل القول أن نذكر أن احياء ذكرى ثورة اقليم البلان وقائدها هو أقل واجب ممكن أن نقدمه للذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الذود عن الأرض والعرض والكرامة الوطنية، وكم حري بنا نحن أبناء هذا الجيل أن نستذكر هؤلاء ليشكلوا بالنسبة لنا مدرسة وقدوة نستنبط من تجاربهم العبر ونستمد من سيرتهم العزم على إكمال المسيرة، فقد تبدل وجه المستعمر ولكن المضمون واحد وكما عرف أهلنا واجبهم المقدس، ببساطة الفلاح الملتصق بأرضه والمجبول عرقه بترابها، أن عليهم أن يتصدوا للمحتلين حتى ولو كلفهم هذا الغالي والنفيس، يجب علينا نحن أن ندرك أن معركتنا مع الاحتلال الإسرائيلي طويلة تفرض علينا لم الشمل وتجنيد كل الطاقات والإمكانيات لنرقى إلى المستوى الذي يستطيع ابناؤنا من بعدنا أن يفخروا بنا كما نفخر نحن اليوم بالمناضلين الذين سبقونا.

ومن ناحية ثانية يأتي هذا العمل مساهمة لا بد منها في تصحيح مسار تاريخ هذه المنطقة التي عرفت باسم إقليم البلان والممتدة من قلعة جندل شرقاً إلى قلعة بانياس غرباً، حيث لعبت ،هذا المنطقة، دوراً ريادياً في تاريج الثورة السورية الكبرى. لكن، وللأسف، غالبية من كتبوا عن الثورة السورية غفلوا أو تغافلوا بحكم جهلهم لأحداث الثورة أو لأسباب أخرى لا نعرفها عن إعطاء هذا الإقليم حقه. فمنطقه يستشهد ثلث مقاتليها في مقارعة الاستعمار جديرة بأن تذكر بأحرف من نور في تاريخ سوريا الحديث والتاريخ العربي بشكل عام. وهنا نود أن نؤكد إننا لا نلوم فقط المؤرخين الذين تناولوا تاريخ الثورة السورية واخطأوا التعامل مع تاريخ هذا المنطقة ولم يعطوها الاهمية التي تتناسب مع حجم تضحيات أهلها. وإنما أيضاً نلوم أنفسنا لعدم قدرتنا، نحن أبناء هذه المنطقة، على تدوين تاريخنا الذي يتشرف كل فرد منا بالانتماء إليه. ولم نكتف بهذا التقصير بل ذهبنا لأبعد من ذلك، وعلى طريقة جلد الذات، فقد بدأنا نصدق ما يكتب من تحريف وتزوير لتاريخ هذا الإقليم حتى يكاد يظن القارئ أو المستمع أننا استوردنا مناضلين من مناطق مختلفة من انحاء سوريا لأن أهلنا كانوا "عاجزين ومقصرين ولم يقاتلوا المستعمر."

أهكذا نكافئ من ضحوا ؟ بأن نساهم في محي تاريخهم، ألا نخجل من أطفالنا أذا سألونا لماذا لم نكرم أهلنا؟ وهل نعيب على الأجيال القادمة إذا خرجت بلا تاريخ وتجاهلت تكريم المناضلين الذين قارعوا الاحتلال الإسرائيلي؟ أسئلة كثيرة تستوجب منا الوقوف مع الذات لنعيد حساباتنا، وندرك أن من يحاول تجاهل تاريخ المناضلين يصبح بلا تاريخ، ومن يحاول طمس الحقائق سيعيش دائماً بالأوهام. إننا مع تكريم كل مناضل عربي من المحيط إلى الخليج، ولكننا أولاً وقبل كل شيء مع تكريم المناضلين من أهلنا، عندها يصبح تكريم الأخرين استكمالا لتاريخنا الوطني النضالي.

أما أن نقفز من فوق مناضلينا وندير الظهر لشهدائنا كمن يقول: أن لا تاريخ لنا، وأن أهلنا كانوا مقصرين عن أداء واجبهم الوطني والقومي. إن أهلنا أيها الاخوة لم يتخرجوا من المدارس والجامعات وكانت الأميه متفشية بينهم إلى أبعد حد، ولكنهم أدركوا بحسهم الوطني المرهف أن المستعمر لن يخرج عن طيب خاطر وإنما عليهم أن يخرجوه من أرضنا بقوة السلاح. الا يحق لنا أن نفتخر بأمثال المجاهد صالح أحمد شمس ورفاقه الأبطال الذين سدوا بعمائهم فوهات المدافع؟ الا يحق لنا أن نعتز بالمجاهد سليمان مرعي ورفاقه الأشاوس الذين وضعوا دمائهم على أكفهم وصعدوا على برج قلعة راشيا؟ وهل يجوز لأحد منا أن ينسى مقولة القيادة الدينية أنداك المتمثلة بالشيخ طاهر أبو صالح أن من يقتل من صدره وهو يهاجم العدو يستحق الرحمة ومن يقتل من ظهره فاراً لا يستحقها.

أليس هذا أنبل وأسمى درجات التحريض على الجهاد في سبيل الوطن؟ إن المجاهد أسعد كنج أبو صالح قائد الثورة في إقليم البلان عندما جاءه أحد المؤرخين المصريين ليكتب تاريخ الثورة ذكر كل مناضلي هذا الاقليم ورفض أن يتكلم عن نفسه. أليست هذه صفات المجاهدين المناضلين الأصيلين الذين ينكرون ذاتهم من أجل الجماعة؟ وهل ننسى أن الشيخ كنج أبو صالح، الذي اعتقله الفرنسيون عند بداية الثورة، عندما جاءه نبأ استشهاد ابنه البكر في الثورة وأخطأوا عند تبليغه الخبر بين ابنه وأخيه، قائد الثورة، قال: الحمد لله الذي قضى باستشهاد ابني وليس أخي فسألوه، والدهشة تعلو وجوههم، كيف وهو ابنك؟ فقال إن استشهاد ابني لن يوقف الثورة ولكن استشهاد أخي قائد الثورة قد يوقفها. أليست هذه مواقف الرجولة والعز والكرامة التي تذكرنا ببطولات العرب الأمجاد الذين انتصروا على الغزاة والأعداء في معارك اليرموك والقادسية وحطين وعين جالوت. وما المجاهدين الذين ذكرت أسماؤهم سوى عينه تدل بأفصح ما يكون على علو همة وهامة بني معروف العرب الأصيلين في مناقبهم العربية الكريمة. ونقولها مدويه أننا لن نصمت بعد اليوم على هذا التزوير والجحود والإهمال قناعة منا أنه مهما حاول العابثون بالتاريخ طمس الحقائق أو تزويرها لن يستطيعوا أن يحجبوا ضوء الشمس بعباءة ولا أن يسلبوا المناضلين الشرفاء حقهم. لأن التاريخ في النهاية ملك لصانعيه وليس ملكاً ‏‏‏‏لكاتبيه.

مقدمات الثورة:

إن المواقف الوطنية والقومية لأهالي إقليم البلان لم تبدأ فقط عند إشعال الثورة في هذا المكان العزيز من أرض سوريا وإنما هي موروث نضالي حملته الأجيال المتعاقبة منذ انبلاج فجر العروبة. فمن درس التاريخ وتمعن به جيداً يعي أن بريطانيا قبيل وإبان الحرب العالمية الأولى، حاولت أن تستميل غالبية الأطراف الفاعلة الواقعة تحت الحكم العثماني، وذلك بهدف استغلال هذه القوى بحال نشوب الحرب كقوة مفتتة من الداخل لهذه الإمبراطورية.

على هذا الأساس اتصلت بريطانيا بزعيم الحجاز الشريف حسين حيث جرت مراسلات بين الطرفين أوصلت إلى شبه تفاهم عرف باسم اتفاق الحسين - مكماهون، من خلاله وعدت بريطانيا بإقامة دولة عربية في بلاد الشام والعراق والجزيرة العربية مع بعض التحفظات التي لا مجال للخوض فيها الآن، وبالمقابل يعلن الشريف حسين الثورة على الدولة العثمانية .

وهذا ما حصل بالفعل، فقد أعلنت الثورة وسار الجيش العربي بقيادة ابنه الأمير فيصل من شبه الجزيرة العربية باتجاه الأردن شمالاً بموازاة جيش اللنبي الذي خرج من مصر باتجاه فلسطين، والهدف كان التقاء الجيشين في دمشق. وقد بدأ السباق بين الطرفين من يدخل دمشق اولاً، لأن من يدخلها سيرتسم بأعين الناس على أنه المحرر من ظلم العثمانيين الذين أذاقوا القوميين العرب أشد العذاب في تلك الفترة.

لقد استطاع الجيش العربي أن يدخل دمشق قبل جيش اللنبي بيوم واحد وذلك في أواخر شهر أيلول من عام 1918، وكان في طليعة هذا الجيش سلطان باشا الأطرش ومجموعة من مناضلي جبل العرب وإقليم البلان على رأسهم المجاهد أسعد كنج أبو صالح الذين انضموا إلى الجيش العربي الزاحف إلى دمشق وكانت هذه الطليعة أول من رفعت العلم العربي في سماء دمشق.

وبعد دحر الجيش العثماني في معارك لاحقه حتى الحدود السورية التركية، أعلن فيصل ملكاً على سوريا. وشكلت وزارة وعين الأمير عادل أرسلان، والذي يعتبر من أركان الثورة السورية ضد الفرنسببن حيث رصد كل ما يملكه لهذه الثورة، مستشاراً للملك والحكومة. في تلك الفترة نقضت بريطانيا تعهداتها للعرب وبدأت بتطبيق اتفاقية سايكس -بيكو التي كانت قد عقدتها بشكل سري مع فرنسا إبان الحرب وفضحتها لاحقاً القيادة البلشفية للاتحاد السوفيتي بعد ثورة أكتوبر 1917. وقد قضت هذه الاتفاقية بتقسيم بلاد الشام إلى أربعة أقطار هي سوريا، لبنان، فلسطين وشرقي الأردن حيث وضعت سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطين وشرقي الاردن والعراق تحت الانتداب البريطاني. في هذه الفترة عرفت فرنسا، والتي كانت قواتها ترابط على الساحل اللبناني، أن دخولها إلى سوريا لن يكون سهلاً ولن يمر دون مقاومه. لذلك بدأت بمسعى لشراء زعماء العشائر والأقاليم في سوريا من أجل التحالف مع فرنسا، وعدم خوض أي قتال ضد جيوشها التي ستتقدم باتجاه دمشق وتحاول السيطرة على سوريا تطبيقاً للاتفاق بينها وبين بريطانيا.

وضمن هذه السياسة أرسلت لزعيم إقليم البلان آنذاك الشيخ كنج أبو صالح كمية كبيرة من النقود الذهبية كهديه للهدف الذي ذكرناه. وكعادته قام الشيخ كنج أبو صالح بجمع وجهاء الإقليم وتشاور معهم وأقروا إرسال هذا المبلغ إلى خزينة الدولة السورية التي قامت حديثاً بقيادة الملك فيصل. وقد كلف الشيخ كنج أبو صالح أخاه الشيخ أسعد كنج أبو صالح بحمل هذا المبلغ إلى الملك فيصل في دمشق. وعندما وصل وقدم هذا المبلغ إلى الملك فيصل من أهل إقليم البلان كدعم لاستقلال الدولة السورية وأعلن ولاء أهل الإقليم للدولة العربية واستعدادهم للموت في سبيلها.

تقدم الملك فيصل وسأل الأمير عادل أرسلان: هل الشيخ كنج أبو صالح صاحب إقطاعات؟ وهل أهل هذا الإقليم من الأغنياء؟ فأجابه الأمير عادل: أن الشيخ كنج لا يملك أكثر مما يمتلك كل فلاح اخر في مجدل شمس حيث وزع هؤلاء أراضيهم فيما بينهم بالتساوي بعد أن حرروها من الإقطاع الشهابي الذي كان يمتلكها. فأعجب الملك فيصل بهذه الروح الوطنية العالية وقال للشيخ أسعد كنج أبو صالح: إن لكم ولأهل الإقليم في خزينة فيصل أضعاف هذا المبلغ وأنكم والله أشرف من عرفتهم، وأصدر أمراً بتعيين الشيخ أسعد كنج أبو صالح نقيباً في الجيش العربي. ولكن حكم فيصل انتهى بعد انتصار الفرنسيين في معركة ميسلون في 24 تموز عام 1920 ودخولهم دمشق حيث اضطر الملك فيصل مغادرة دمشق إلى حيفا ومنها إلى أوروبا ثم بعد مؤتمر القاهرة تم تنصيبه ملكاً على العراق.


بداية الثورة
:
كتب البعض من المؤرخين عن الثورة في إقليم البلان واعتبروا أن هذه الثورة بدأت بوصول حملة زيد الأطرش التي أرسلت من جبل العرب من قبل قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش من أجل إشعال الثورة في منطقتنا. هذا ما كتبه الذين تناولوا سيرة الثورة بأقلامهم واعتبروه حقيقة تاريخية، وذلك لجهلهم بأحداث الثورة في هذه المنطقة.
ومن أجل تصحيح هذا الفهم المشوه والمغلوط لابد أن نؤكد على الحقائق التالية:
1. أن أهلنا أدركوا واجبهم الوطني وأشعلوا الثورة في إقليم البلان قبل مجيء زيد الأطرش وحملته، حيث تشاور الشيخ كنج أبو صالح مع وجهاء الإقليم وقرروا أن عليهم نصرة أخوتهم في جبل العرب عن طريق توسيع نطاق الثورة ومدها إلى إقليم البلان، لتخفيف الضغط عن باقي المناطق التي اشتعلت فيها الثورة. وطلب من الشيخ أسعد كنج أبو صالح أن يعد العدة لذلك وأرسلت رسائل بهذا الخصوص إلى قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش ووقعت إحدى هذه الرسائل بأيدي الفرنسيين.

2. بعد وقوع بعض المراسلات التي كانت قد جرت بين قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش وزعيم إقليم البلان الشيخ كنج أبو صالح. وعلى أثر قيام مجموعات مسلحة من أهل الإقليم بالتصدي للقوات الفرنسية في أنحاء مختلفة من منطقتنا، قام الفرنسيون باستدعاء مجموعه من زعماء المنطقة وطلبوا منهم أن يستنكروا ببيان مكتوب ثورة جبل العرب وأن يتعهدوا بالامتناع عن أي عمل ضد الجيش الفرنسي. رفض الزعماء هذين الطلبين فزج الفرنسيون بهم بالسجن وبعد فتره وجيزة أخلي سبيلهم على دفعات وأبقوا على زعيم الإقليم الشيخ كنج أبو صالح الذي نقلوه إلى سجن تدمر وبدأوا بالضغط عليه لأن يطلب من أخيه قائد الثورة إيقاف الثورة ولكن دون جدوى فنقل إلى جزيرة أرواد وبقي هناك سجيناً في قلعتها حتى نهاية الثورة السورية وكل هذه الأحداث حصلت قبل وصول حملة زيد الأطرش.

3. بعد اندلاع الثورة في إقليم البلان نفذ مجموعه من الثوار بقيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح عدداً من العمليات الهجومية واصطدموا مع الفرنسيين مرات عديده وقاموا بنسف بعض الجسور والعبارات لقطع الطرق التي تمر عليها آليات الجيش الفرنسي كذلك قطعوا خطوط الاتصالات للتشويش على الفرسيين وإرباكهم.

وقد أرسلت قيادة الثورة في منطقتنا وفداً برئاسة فندي سيف ومحمد علي أبو صالح إلى جبل العرب لإقناع قيادة الثورة العامة بمد الثورة إلى وادي التيم ومناطق أخرى خارج إقليم البلان وطلبوا من قائد الثورة العام إرسال حمله من مجاهدي الجبل لمساعدة ثوار الإقليم على القيام بهذه المهمة الصعبة. ألح الوفد على قائد الثورة العام قبول الفكرة وساندهم المجاهد فؤاد سليم الذي أبدى تحمساً كبيراً لهذه الفكرة لما فيها من حسنات سنأتي على ذكرها لاحقاً. نجح الوفد في إقناع المجاهد سلطان باشا الأطرش وقام بإرسال الحملة المعروفة بقيادة زيد الأطرش ومجموعة من الثوار المرموقين أمثال حمزة درويش وعلي عامر وفؤاد سليم ومحمود كيوان لدعم ثوار الإقليم في مد الثورة إلى وادي التيم. وصلت تلك النجدة إلى قرية الخيارة في الغوطة وأنضم اليها بعض مجاهدي دمشق والغوطة، في حين كان قسم آخر من ثوار الإقليم يواجهون بكل بسالة القوات الفرنسية التي حاصرت قلعة جندل.

وعندما كانت الحملة في الخيارة وصلها خبر محاصرة الفرنسيين لقلعة جندل بقيادة الجنرال كوليه حيث أخذ هذا الأخير ثلاثة عشر رجلاً من أهل القرية كرهائن وطلب من سكان القرية تسليم مئتي بندقيه فهب ثوار الإقليم لمساعدة أهل قلعة جندل وكذلك لبى زيد الأطرش استغاثة أهلها فتوجه إلى هناك ولكن كانت المعركة قد انتهت ،حيث قتل كوليه الرهائن.

ومن الذين برزوا في هذه المعركة المجاهد حسن شمس الذي استطاع ببندقيته ومن المكان الذي تمركز فيه بين الصخور في شمال البلدة أن يمنع تقدم القوات الفرنسية باتجاه "الخلوة" التي كان قد تجمع فيها الأطفال والنساء والشيوخ. تابعت الحملة مسيرتها برفقة ثوار الإقليم إلى قرية عرنه ومن ثم وصلت إلى مجدل شمس مركز قيادة ثورة إقليم البلان واجتمعوا في بيت قائد الثورة المجاهد أسعد كنج أبو صالح وتشاوروا حول كيفية توسيع الثورة. ورغم وجهات النظر المتعددة قرروا مد الثورة لتشمل حاصبيا والقرى المجاورة لها وبالفعل سارت حملة باتجاه حاصبيا حيث غادرت حاميتها دون قتال ودخلها الثوار ثم تم السيطرة على كوكبه، وإبل السقي وجديدة مرجعيون وراشيا الوادي. وحصلت معارك طاحنه كان أشهرها الاستيلاء على قلعة راشيا واستبسل الثوار في هذه المعركة، ولكنهم اضطروا للعودة إلى مجدل شمس للدفاع عنها بوجه الهجوم الفرنسي الذي استهدفها لعلمهم أنها القلب النابض لثورة إقليم البلان فإذا أخمدوا ثورتها أخمدوا ثورة إقليم البلان.

يتضح مما سبق أن الثورة في إقليم البلان قد أشعلها أهلها ولم يشعلها الاَخرون لأن الروح الوطنية متقدة بداخلهم. فلماذا نبخل عليهم بذكر الحقائق كما هي؟ ولم يدافع أهلنا فقط عن قرانا وإنما حاربوا وكما أسلفنا في وادي التيم وجبل العرب وقدموا أكثر من 150 شهيداً على مذبح الحرية وأحرقت مجدل شمس وهجر أهلها ونهبت بيوتها من قبل الفرنسيين وأعوانهم. أليست هذه حقائق جديرة بأن تبرز وتصحح فهمنا لبداية الثورة في منطقتنا.

انطلاقة الثورة في وادي التيم
كما أسلفنا عقد قادة الثورة من جبل العرب ودمشق اجتماعا في بيت قائد ثورة إقليم البلان وتباحثوا سوياً في إمكانية مد الثورة لأماكن أخرى وذلك وفق خطة هدفها النهائي الاستيلاء على دمشق ورفع العلم العربي فيها. لذلك اتفق على الخطوط العريضة التالية:
1. تعطيل خط دمشق-بيروت.
2. تجريد دمشق من النجدات الفرنسية. 3. أقترح أيضاً إمكانية الزحف على صيدا للتحكم بالساحل اللبناني وهذا سيؤدي إلى الانضمام الفعلي لدروز لبنان إلى الثورة.

بعد المداولات اتخذ قادة الثورة القرارات التالية:
1. إرسال مفرزة بقيادة المجاهد فؤاد سليم لنسف جسر الرقاد.
2. إرسال مفرزة أخرى بقيادة حمزة درويش لتعطيل المواصلات الجنوبية ومناوشة الفرنسين في حاصبيا. وهذا ما تم بالفعل فقد فجر المجاهد فؤاد سليم جسر الرقاد وأستطاع حمزة درويش دخول حاصبيا دون مقاومه لأن الحامية الفرنسية في البلدة قد استجارت بالشيخ حسين قيس فأجارها قبل دخول الثوار وأمن لها الطريق إلى جديدة مرجعيون فالنبطية وهكذا أصبحت حاصبيا بأيدي الثوار. اجتمع قادة الحملة الفاتحون في حاصبيا وقرروا أن يستولوا على جديدة مرجعيون واقترحوا تجنب دخول قرية كوكبا لمرابطة قوات معاديه للثورة فيها أولاً وتحسباً للحساسيات الطائفية بين الدروز والمسيحين ثانياً ولكن عندما بدأ الزحف فوجئ الجميع بقبول حمزه درويش دعوة الكاهن لتناول الغداء في كوكبا.

وما أن كادت السيارة التي استقلها الكاهن وحمزه درويش تصل القرية حتى أمطرت بالرصاص من قبل عصابة بطرس وغطاس كرم من زعرتا مما أودى بحياة الكاهن وثلاثة من مرافقي حمزه درويش، وباءت جميع محاولات الثوار إقناع الموالين لفرنسا في هذه القرية التوقف عن إطلاق النار عندها دخلها الثوار وأضرموا النار في منازلها وحصل سلب ونهب في هذه القرية أساء لسمعة الثورة، خصوصاً أن حمزه درويش خرق ما اتفق عليه في الاجتماع الذي عقد في حاصبيا والقاضي بعدم دخول قرية كوكبا. هذا الأمر فرض على قادة الثورة من جبل العرب وإقليم البلان الذين اجتمعوا في مجدل شمس كما أسلفنا سابقاً أن يأخذوا زمام الأمور لأيديهم وقد استدعى لاحقاً حمزة درويش من قبل قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش ليعود إلى جبل العرب.

بعد هذه الحادثة عاد الثوار إلى حاصبيا ليتدارسوا الأمور من جديد ولكن هذه المرة بعلم القادة الكبار للثورة وقرروا عدم التوجه غرباً كي لا يثيروا الفتن وحصروا نشاطهم الحربي في منطقة وادي التيم، إضافة لذلك وحفاظاً على طهارة الثورة قرروا ما يلي:
1. جمع ما سلب ونهب وإعادته للشهابين لكي يرد إلى أصحابه.
2. إنزال العقوبات بالمسـؤولين عن هذه الانتكاسة. قرر الثوار الاستيلاء على إبل السقي فانطلقوا باتجاهها ودخلوها بالتنسيق مع وجهائها واستقبلت الحملة أحسن استقبال، ومن هناك أرسلوا مجموعة للاستطلاع ومعرفة ماذا يجري في جديدة مرجعيون فعادت هذه المجموعة وأبلغت الثوار أن هناك حاميه صغيره تعسكر في السرايا فقرر الثوار إرسال وفد لمفاوضتهم من أجل الانضمام للثورة فذهب هذا الوفد وكادت مساعيهم تنجح لولا وصول حملة مكونه من أربعمائة جندي بمعداتهم الكاملة برفقتهم بطرس كرم على رأس عصابة ما رونيه يبلغ عددها 300 محارب وكان عدد الثوار ثلاثمائة محارب لذلك طلبوا النجدات من سكان الإقليم .وقرروا انتظار وصول قادة الثورة للبت بأمر الهجوم على جديدة مرجعيون.

الهجوم على جديدة مرجعيون
مال قادة الثورة في البداية إلى عدم التعرض لجديدة مرجعيون. ولكن عصابة بطرس كرم لم تترك لهم مجالاً للتفكير حيث قام الأخير بالهجوم على مزرعة برغز التابعة لإحدى العائلات الدرزية وأحرقها انتقاما لما حصل مع حمزة درويش في كوكبا. تصدت مجموعه من ثوار إقليم البلان لعصابة بطرس كرم وأسروا منهم ثمانية عشر رجلاً جردوهم من سلاحهم ثم أطلقوا سراحهم. تحرك الثوار في 13 تشرين الثاني عام 1925 باتجاه جديدة مرجعيون وهاجموها وبعد معركة حامية الوطيس استبسل فيها الثوار أشد استبسال انسحبت القوات الفرنسية وعصابة بطرس وطاردهم الثوار ودخلوا جديدة مرجعيون وأشعلوا النار بجوانبها.

اجتمع قادة الثورة بعد دخول جديدة مرجعيون وقرروا ما يلي:
1. تأليف مفرزة بقيادة المجاهد فؤاد سليم لنسف جسر الليطاني (الخردله).
2. تأليف مفرزة بقيادة المجاهد زيد الأطرش تعود للإمساك بزمام الأمور في حاصبيا. 3. إبقاء مفرزة بقيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح لتوطيد دعائم الأمن في جديدة مرجعيون وتفادياً لأي محاوله للسلب والنهب تسيئ لسمعة الثورة كما حصل في كوكبا.

ويورد سعيد العاص في مذكراته ما يلي: "أرى من واجبي أن أسرد للقراء ما قام به المجاهد أسعد كنج أبو صالح من ضروب الشهامة. لقد أبقى قوة ضئيلة في جديدة مرجعيون للمحافظة على الأرواح والأرزاق والأموال وتهدئة خواطر السكان، ومكث فيها حتى اليوم الثالث من فرار العدو منها وجلائه عنها بحد الحسام، فمنع كل سلب ونهب بحزم ولو كان هدف الثوار النهب لنالوا ألوفاً من الأصفر الرنان لكنهم نبذوا ذلك وحافظوا على حياة السكان كمحفظاتهم على رقابهم. ومع ذلك أسمع ما قامت به عصابة الموارنة من ضروب الجريمة والقسوة وما فعلته بامرأة الشيخ زاكي نعمان شيخ الديانة الدرزية وهذه القضية كان لها صداها بمجلس عصبة الأمم. كانت هذه عجوز طاعنة بالسن تجاوزت العقد السابع من العمر فقطعها متطوعة الموارنة إرباً إرباً أمام بصر الجيش" ويضيف قائلاً:" دخل أسعد كنج أبو صالح دار الشيخ نعمان بعد أن أخلى الجنود عن البلدة بالقوة فوجد بواباً يدمر ثلاثة بنادق، ووجد منظارين، وضع يده عليهما، وتحرى مع إخوانه الدار بدقة فسمعوا همساً فسدد الثوار بنادقهم نحو الصوت، ولما قرب الثوار من الصوت شاهدوا امرأة وبنتها فاستغثن به فهدأ روعهن وعرفهن بنفسه وقدم لهن ماء وأسقاهن. وكان لهن صيغة حلي من ذهب ثمينة جداً فلم يمسها أحد وكانت هذه الأسرة أثرى الأسر المسيحية فأين حضارة فرنسا من حضارة أخلاق ثوار سوريا".

تمركز الثوار بعد احتلال جديدة مرجعيون في إبل السقي وفي حين كان المجاهد أسعد كنج أبو صالح قد أتم مهمته ومنع السلب والنهب في جديدة مرجعيون ،انطلق المجاهد فؤاد سليم لتفجير جسر الخردل مع مجموعة من الفرسان وعندما وصل إلى المكان تبين لهم أن قوة الخفر والتي يبلغ عددها 200 جندي متمركزه فوق هضبة تعلو الجسر مقدار عشرة أمتار على بعد مترين .

ورغم هذا استطاع المجاهد فؤاد سليم ورفاقه من وضع المتفجرات بالجسر وهم على بعد عدة أمتار من القوات الفرنسية. بعد إتمام المهمة انسحب الثوار فأحس الفرنسيون بوجودهم فأمطروهم بالرصاص ولكنهم انسحبوا بسرعه وفجروا الجسر ولكنه لم يدمر بشكل كلي لأن قسم من المتفجرات كانت فاسده.

في اليوم الثالث من احتلال مرجعيون انسحب المجاهد أسعد كنج أبو صالح ورفاقه إلى حاصبيا ومن هناك شكلت قوة بقيادته وقيادة شكيب وهاب هدفها احتلال كفر مشكى، وصلت قوة من مجدل شمس وانضمت لهذه الحملة وعندما وصل الثوار إلى مزرعة الحمارة ،وكان الفرنسيون قد وزعوا السلاح على أهل كفر مشكي، اصطدموا مع الجند وانتصروا عليهم وأرسلوا رسولاً إلى أهالي كفر مشكى يبلغهم أن الثوار لا يقصدون بالأهالي شراً وخيروهم بين السلم الحيادي او الاندماج بالثورة أو القتال. فأجابوا بأنهم سينضمون للثورة وأرسلوا وفداً عنها ليقابل قائد الثوار المجاهد أسعد كنج أبو صالح لوضع أسس التفاهم. بعد الانتهاء من هذه العمليات بدأ الثوار الإعداد للهجوم على راشيا وقلعتها الحصينة.

معركة راشيا
بعد السيطرة الكاملة على جديدة مرجعيون واستتباب الأمن فيها. قرر الثوار السيطرة على راشيا وساروا باتجاهها ورأوا بأم أعينهم فرار سكانها من الأطفال والنساء والشيوخ يحملون على الدواب أمتعتهم وبعض ما توفر من الطعام وذلك هرباً من بطش الفرنسين وأعوانهم.

وفي صبيحة 20 تشرين الثاني عام 1925 اقتربت الحملة من راشيا وانقسمت إلى قسمين:
1. القسم الأول بقيادة المجاهدين: أسعد كنج أبو صالح، أسد الأطرش، شكيب وهاب. هذه المجموعة تدخل مع قواتها إلى البلدة.
2. القسم الثاني بقيادة المجاهدين: زيد الأطرش وفؤاد سليم وصياح الأطرش وعلي عامر. تتمركز في الهضاب المجاورة لراشيا لمراقبة سير المعركة واتخاذ التدابير اللازمة لقطع المدد عن القوات الفرنسية أثناء محاصرة القلعة (مذكرات سلطان باشا الأطرش (

اشتبك الثوار مع بعض القوى التي كانت خارج القلعة وانتصرت عليها وتحصنت القوات الفرنسية وأعوانهم داخل القلعة الحصينة حيث وضعت أكياس الرمل في نوافذ القلعة وكان الفرنسيون قد نسفوا البيوت المحيطة بالقلعة بالديناميت وأحاطوها بالأسلاك الشائكة لمنع وصول الثوار إليها. تدارس قادة الحملة التي دخلت راشيا الأراء المختلفة لوضع خطة الهجوم على القلعة من أجل الاستيلاء عليها.

والجدير بالذكر أن الاستيلاء على هذه القلعة ودحر الفرنسين في راشيا سيفتح الطريق أمام الثوار للدخول إلى سهل البقاع وقطع طريق دمشق بيروت مما يسهل أولاً الاتصال بثوار بعلبك والهرمل ويفتح الطريق لمنع النجدات عن القوات الفرنسية في دمشق وصولاً إلى تحريرها من أيدي المستعمرين ثانياً. قررت قيادة الحملة إحداث فتحات في جدران البيوت ليلاً للوصول منها إلى القلعة واستعان الثوار من أجل إنجاز هذه المهمة بأمهر البنائين وأنقسم الثوار إلى ثلاث مجموعات:
1 . مجموعه تقطع الأسلاك الشائكة وتتسلق السلالم الخشبية التي أحضروها من القرية وشدوها إلى بعضها للوصول إلى برج القلعة.
2. مجموعه ترابط وراء المتاريس خلف جدران البيوت لتحمي ظهور المهاجمين.
3. مجموعه تهاجم أبواب القلعة من أجل تحطيمها. وبدأت المعركة بين الطرفين وأظهر المجاهدون شجاعة نادرة أعادوا فيها مجد الأسلاف حيث بدأ الثوار يتسابقون على صعود السلم وكان في مقدمتهم ثوار إقليم البلان الأشاوس الذين صعدوا السلم رغم وابل الرصاص الذي انهمر عليهم من متاريس الفرنسيين وعرف من الذين صعدوا على برج راشيا المجاهدون التأليه أسمائهم: سليمان مرعي، حسن إسماعيل شمس، علي أحمد القضماني، محمد أسعد أبو صالح، قاسم العفلق، نجيب الكحلوني، محمد قاسم محمود، قاسم السيد أحمد.

وعندما وصل المجاهد سليمان مرعي إلى البرج قام بتبليل كوفيته بالبترول وأشعلها ورماها على السطح الخشبي الذي اشتعلت به النيران فأضطر الفرنسيون إلى الهبوط إلى الطوابق السفلية للقلعة. وفي تلك الأثناء كان قسم آخر من الثوار بقيادة المجاهدين أسعد كنج أبو صالح وشكيب وهاب وحمزة درويش يهاجمون باب القلعة الشرقي حيث قام الثوار بتقطيع الأسلاك الشائكة وتحطيم الباب بالبلطات وبرز من الذين هاجموا أبواب القلعة من الإقليم: محمد كنج أبو صالح، حسين رضا أحمد رضا سلمان ملحم الشوفي، أحمد بنوت(المرعي)، أسعد شروف ومحمد سعيد أبو صالح. فحطموا الباب وأحدثوا فتحات في الجدران ودخل الثوار فاحتلوا ساحتها الداخلية وبدأوا بمطاردة الفرنسيين داخل القلعة. وفي هذه الأثناء ألقت الطائرات الفرنسية نسخاً من رسالة تطمئن فيها الحامية الفرنسية بقرب الفرج ووصول النجدات لتطويق ثوار راشيا، ويهنئ قائد الحامية الفرنسية بصموده أمام الثوار. وبالفعل وصلت النجدات الفرنسية واشتبكت مع قوات الثوار التي بقيت خارج راشيا وأنسحب على إثرها الثوار من القلعة. بدأت قوات الثوار تخرج من راشيا فانسحبت مجموعة نزيه العظم والتحق قسم من الثوار بالقوة المرابطة خارج البلدة، ولم يبق في راشيا، حسب مذكرات سعيد العاص، إلا مجاهدي الإقليم بقيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح اضطروا للانطلاق باتجاه قريتهم مجدل شمس ليدافعوا عنها أمام الزحف الفرنسي الذي بدأ من القنيطرة باتجاه القرية
معركة مجدل شمس الأولى
بدأت القوات الفرنسية تزحف بقيادة غرانكور باتجاه حاصبيا، وبنفس الوقت بدأت قوة فرنسية تزحف من القنيطرة باتجاه مجدل شمس والهدف إحداث فكي كماشه على الثوار الذين تفرقوا وعاد قسم كبير منهم إلى مجدل شمس من أجل الدفاع عنها. دخلت القوات الفرنسية حاصبيا في الخامس من كانون الأول بعد معركة ضاريه أستشهد فيها العديد من الثوار. وكان من الطبيعي أن يستثمر الفرنسيون هذا النصر بالانقضاض على مجدل شمس والتي تواجد فيها غالبية الثوار الذين وصلوا من وادي التيم.

سد الثوار مداخل البلدة عند البويب والسكرة بهدف منع تقدم القوات الفرنسية. وكانت خطة الثوار تقضي بامتصاص الهجوم الفرنسي ومن ثم القيام بهجوم مضاد. وهكذا بدأت المعركة عندما هاجمت الطائرات الفرنسية المجدل وبدأت ترميها بمدفعيتها وفي نفس الوقت تتقدم باتجاه القرية. وكانت مجموعات من الثوار تناوش العدو المتقدم باتجاه البلدة بدءاً من المناطق التي تفع غربي بقعاثا واختار الثوار تكتيك القتال والتراجع الذي يفرضه واقع ميزان القوى بينهم وبين الفرنسيين المدججين بكل أنواع الأسلحة الثقيلة من مدافع ومدرعات وطائرات في حين كان الثوار يمتلكون البنادق والسلاح الأبيض.

وقعت قرية بقعاثا بيد الأعداء الذين قاموا بإشعال النار في بعض بيوتها واستمر تقدم الجيش الفرنسي حتى المساء وتوقف القتال عند حلول الظلام ورابط الجيش الفرنسي في قرية مسعدة وحول بركة ران وفي اليوم التالي بدأ الفرنسيون بقصف مكثف لمواقع الثوار الممتدة من القاطع غرباً حتى السكرة شرقاً وبدأوا بالتقدم باتجاه مداخل البلدة التي كان قد سدها الثوار بالصخور. وعند وصول القوات الفرنسية إلى هذه المداخل جرت معارك طاحنه مع الثوار استبسل فيها أهلنا أشد استبسال حاربوا بالبندقية وبالسكين والفأس وبكل أداة حادة يملكونها واستطاعوا تدمير ثلاث دبابات ومصفحتين عند موقع البويب. ومن أشهر المعارك التي حصلت أنداك معركة السكرة حيث رابط عند هذا المدخل مجموعه من الثوار عرف منهم: صالح أحمد شمس، حمود أحمد شمس، علي أحمد شمس، منصور علي عماشة، محمود سلمان شمس، منصور زهوه. وقبيل بدء المعركة كان قائد ثورة الإقليم يتفقد جاهزية المقاتلين برفقة المجاهد فؤاد سليم حيث سأله عن استعداد المقاتلين عند مداخل البلدة الحساسة فأجابه: لا تقلق فقد استلم مداخل البلدة أبطال ميامين لن يدخلها الفرنسيون إلا فوق جثثهم. وبالفعل سطر هؤلاء الثوار أروع البطولات التي شهدتها معارك الإقليم فقد أنقض المجاهد البطل صالح شمس على المدرعة المتقدمة بالسلاح الأبيض بعد نفاذ ذخيرته وطعن سائقها وسد فوهة مدفعها بعمامته وسقط شهيداً في معركة الشرف. وانقض رفاقه الآخرين على المدرعات وحاولوا قلبها وإحراقها. وفي الجانب الآخر من البلدة أي في منطقة القاطع استطاع المجاهد محمود كنج أبو صالح ومجموعته أن يحتلوا المتراس الأول للفرنسيين وعندما هاجموا المتراس الثاني سقط محمود كنج أبو صالح شهيداً. هذه البطولات التي أبداها مجاهدو الإقليم دبت الرعب في قلوب الغزاة وبدأت صفوفهم تتقهقر. عندها قام الثوار بهجوم معاكس استطاعوا فيه أن يلاحقوا القوات الفرنسية حتى تل البرم قرب القنيطرة واستمرت هذه المعركة ستة أيام بلياليها. ولكن خسر الثوار في هذه المعركة أحد أبرز قادة الثورة السورية الكبرى ألا وهو المجاهد الكبير فؤاد سليم الذي أستشهد عندما سقطت قنبلة بجانبه وهو يحاول امتطاء حصانه قرب قرية سحيتا عندما كانوا يطاردون فلول الجيش الفرنسي المهزوم فخر شهيداً وكانت خسارة الثورة كبيره لأنها خسرت أحد أهم أركانها.
بين المعركتين
بعد انتهاء معركة مجدل شمس الأولى وبالرغم من حلول فصل الشتاء ، فصل الأمطار والثلوج إلا أن العمليات القتالية لم تتوقف بين الثوار وقوات الاستعمار الفرنسي فقد حصلت عدة معارك هامه في وادي التيم وفي إقليم البلان والمناطق المجاورة له. سير الفرنسيون حمله بقيادة الجنرال ماسيت باتجاه القنيطرة وذلك على أثر هزيمتهم في معركة مجدل شمس الأولى، اشتبك الثوار مع هذه الحملة عند وعرة "دورين" وهي مزرعة تابعه لعين الشعرة وامتد القتال من قرية سعسع حتى الشوكتليه واشتد القتال قرب قرية سعسع حتى كادت مجموعة من الثوار تباد لولا الهجوم المعاكس الذي قام به بعض الثوار حيث استطاعوا فك الحصار وأنقذوا إخوانهم.

بعد هذه المعركة انقسم الثوار إلى ثلاثة أقسام:
1. القسم الأول بقيادة زيد الأطرش، صياح الأطرش، على عامر وحمزة درويش يعود إلى جبل العرب وذلك تماشياً مع طلب القيادة العامة للثورة.
2. القسم الثاني بقيادة شكيب وهاب وحمد صعب يرابط في قضاء راشيا.
3. القسم الثالث بقيادة أسعد كنج أبو صالح يرابط في مجدل شمس. حاول الثوار الذين رابطوا في قضاء راشيا ومنذ منتصف شباط 1926 السيطرة على قرية شويا قرب حاصبيا إلا أن مقاومة الفرنسين العنيفة، والبرد القارس الذي تعرض له الثوار في تلك الليلة، هذا بالإضافة إلى ضعف خطة الهجوم التي وضعت، اضطرهم إلى الانسحاب في صبيحة اليوم التالي والعودة إلى مميس. كذلك قام الثوار بمهاجمة قرية حماره الواقعة غربي مجدل عنجر وذلك على إثر المضايقات التي قام بها بعض العناصر الفرنسية للمجاهدين من نصب كمائن، وقطع طرق، وقد دار قتال عنيف استسلمت القوات الفرنسية على إثره للثوار بعد أن يئسوا من وصول المعدات فغنم الثوار السلاح والخيل وأطلقوا سراح الجنود. كذلك هاجم الثوار قرية مجدل عنجر حيث دخلوها واحتلوا مخفرها وأسروا الجنود الفرنسيين المتواجدين عدا الذين استطاعوا الفرار. وعند وصول الفارين لأقرب قوة فرنسية بالبقاع أبلغوا القيادة الفرنسية بما حصل. وجه الفرنسيون قوه إلى مجدل عنجر وحاصروها وأستطاع الثوار الانسحاب من القرية بعد مقاومه عنيفة وبطوليه. كذلك استولى الثوار على قرية كفر مشكى بعد أن انقسموا إلى ثلاث مجموعات، وبعد بضع ساعات من القتال استولى الثوار على القرية ومخفرها. على إثر هذه المعركة قام الثوار بمهاجمة القوات الفرنسية المتمركزة في قرية حلوه وطردوها من هناك بعد أن كبدوها خسائر فادحه بالأرواح والمعدات. كان هدف الثوار قطع طريق دمشق بيروت لمنع الفرنسين من إرسال الإمدادات إلى دمشق. لذلك قرر الفرنسيون منعهم من ذلك وأرسلوا لهذه الغاية قوة كبيره لمهاجمة الثوار الذين انتشروا بعد ذلك في قرى البيرة، الرفيد والمحيه فنشبت معارك عنيفة استمرت يوماً كاملاً سقط فيها العديد من الشهداء والجرحى فقرروا الانسحاب شرقاً إلى خربة روحا فلاحقهم الفرنسيون بقيادة الكولونيل لوفور وحاول تطويقهم إلا أن النجدات التي وصلت إلى الثوار عدلت الكفة حيث استطاعوا دحر القوات الفرنسية وأوقعوا بها خسائر فادحه.

تراجعت قوات لوفور باتجاه راشيا والتحقت بالجيش الفرنسي الكبير الذي كان يقوده الكولونيل كليمان غرانكور ،حيث قررت قيادة القوات الفرنسية البدء بالزحف شمالاً لتطويق قرية ينطا التي وصل إليها شكيب وهاب ورفاقه. ودارت معركة عنيفة بين الطرفين حيث نجح الثوار بإبعاد القوة الفرنسية عن القرية مما أعطاهم المجال للانسحاب ونزح أهل القرية باتجاه إقليم البلان. بعدها توجه الثوار الى الفالوج ودارت هناك معركة طاحنه خسر فيها المجاهدون سبعة شهداء في حين خسر الفرنسيون أربعمائة قتيل ويصف هذه المعركة المجاهد حسن شمس الذي شارك بها قائلاً: كنا مئة واربعة عشر مجاهداً نملك بنادق بالإضافة الى ستة مجاهدين لا يملكون السلاح، عند المساء وصلنا الى الفالوج وقسمت القوة الى مجموعات وتمركزت غالبية القوة من الجانب الغربي لأن الجهة الغربية كانت أوسع، كان الضباب كثيف والأرض مزروعة شعير، وعندما كنا هناك جاء مجموعه من كامد اللوز لتحصد الشعير فأبعدناهم شرقاً. عند بزوغ الفجر وصلت قوة استطلاع من الشمال على غير ما كنا نتوقع وكانت مرتفعة أكثر منا فاحترنا كيف يمكن أن نرتفع الى مكان يمكننا من مجابهة القوة، وفجأة جاءنا الفرج حيث عاد الضباب لينتشر بشكل كثيف مما مكننا من التحرك واخذ أماكن مناسبه. عندها وصلت طائره وبدأت تلقي بالمناشير تبشر بوصول جيش من الجهة الجنوبية، وبالفعل وصل هذا الجيش واصطف الجنود للتحية عندها فتحنا عليهم النار مئة واربعة عشر مشط رصاص قبل أن يستطيعوا تصويب بنادقهم. استمرت المعركة ثلاث ساعات ونصف اضطررنا بعدها للانسحاب عندما بدأ إطلاق نار من الشرق باتجاهنا حيث علمنا أن هؤلاء الحصادة من كامد اللوز الذين أبعدناهم شرقاً كانوا قد وصلوا الى مخفر الحمارة وابلغوا عن وجودنا فخفنا من التطويق وتراجعنا. إثر معركة الفالوج استدعي الثوار إلى عين الشعرة وانضموا إلى مجموعة الثوار التي يقودها المجاهد أسعد كنج أبو صالح واجتمعوا في قرية عين الشعرة وقرروا الاستيلاء على قطنا ،وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي ،وأنضم بعض الثوار من دمشق إلى هذه الحملة وبدأ القتال شرساً حيث هاجم الثوار قطنا من معظم جهاتها واستمرت المعركة حتى خيم الليل على المقاتلين وقد استعملت فرنسا الطائرات والمدفعية والأليات المدرعة، ولكن الثوار استطاعوا أن يقتحموا الخطوط الدفاعية وقتلوا من الجند الفرنسين عدداً كبيراً خصوصاً اولئك الذين انسحبوا إلى ساحة مدرسة البلدة . خسر الثوار في هذه المعركة حوالي أربعين شهيداً منهم المجاهد الشيخ خطار أبو هرموش الذي عرف بنضاله ضد المستعمرين منذ الثورة العربية الكبرى عام 1916.
معركة مجدل شمس الثانية:
هذه البطولات التي أبداها الثوار في إقليم البلان أوصلت الفرنسين إلى قناعه أنه لا يمكن اجتثاث الثورة إلا بالاستيلاء على مجدل شمس التي تجمع فيها كل ثوار الإقليم وكانوا يخرجون منها لضرب الفرنسين ثم يعودون إليها. لذلك بدأ الفرنسيون بوضع الخطة وحشد القوات التي تمكنهم من الاستيلاء على هذه البلدة، ويقول قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش بمذكراته:" أنه من الطبيعي أن يحاول الفرنسيون تطهير الإقليم من الثوار بعد أن سيطروا نسبياً على الموقف في المناطق الأخرى وحدوا من الأخطار التي كانت تحدق بخطوط مواصلتهم الرئيسية ومراكزهم العسكرية الهامة فيها فإذا تم لهم ذلك (أي الاستيلاء على مجدل شمس) يصبح طريق السويداء مفتوحا أمامهم ويتفرغون لخوض المعركة الحاسمة". من هنا نستطيع أن نستنتج ثقل وحجم ثورة الإقليم وثوارها في تلك الفترة فقد أخذ الفرنسيون بالحسبان عدم دخولهم في مغامرة ضد جبل العرب قبل القضاء على ثورة الإقليم خوفاً من أحداث فكي كماشه على القوات الفرنسية في حال توجهها جنوباً باتجاه السويداء. مع نهاية شهر أذار عام 1926 جهز الفرنسيون حملتين الأولى انطلقت من مرجعيون وهدفها مهاجمة القرية من الغرب والشمال الغربي والثانية انطلقت من القنيطرة ً وهدفها الهجوم من الشرق والجنوب وتبقى فقط الجهة الشمالية الشرفية مفتوحة للثوار وهي منطقه جبليه وعره مكشوفه للطائرات، وقد انيط بالجنرال كليمان غرانكور قيادة هذه الحملة. وتألفت الحملة الأولى حسب الكتاب الذهبي لجيوش الشرق الأوسط من اللواء الثالث من فيلق الرماة الإفريقيين العشرين واللواء الثاني من فيلق الرماة الإفريقيين الحادي والعشرين ولواء الشرق من جيش المستعمرات وكوكبه من فيلق الصباحين مع سريتين من المدفعية. أما الحملة الثانية فقد تألفت من اللواء الأول من فيلق الرماة الإفريقيين الحادي والعشرين واللواء الأول والثالث من فيلق الرماة التونسيين السادس عشر بالإضافة إلى سريه من الدبابات مع خمسة كويكبات شركسيه فضلاً عن السيارات الرشاشة. وصل عدد الثوار في مجدل شمس من أهل الإقليم إلى حوالي ستمائة مقاتل كانوا تحت قيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح.

وضع الثوار خطة الدفاع عن البلدة كما يلي:

.1 التصدي للحملات الفرنسية قبل وصولها إلى المجدل بهدف النيل من هذه القوات ومن معنوياتها إضافة إلى تأخير وصولها إلى البلدة.

.2 تقرر إخلاء النساء والأطفال إلى مكان آمن في جبل الشيخ كي لا يتعرضوا إلى بطش الفرنسين ونقمة أعوانهم إذا ما سقطت المجدل بأيديهم وللفرنسين وأعوانهم باع طويل في هذا المجال. ومنذ أواخر أذار وبداية شهر نيسان بدأ الثوار بالتصدي للحملات الفرنسية في مواقع مختلفة مثل خان أرنبه، وجباثا الخشب، الغجر ووادي العسل، وكبدوا الفرنسين خسائر فادحه بالأرواح والعتاد. لم يترك الثوار المجال للقوات الفرنسية بالراحة ليل نهار إلا أن الطائرات الفرنسية بدأت في مطلع الثالث من نيسان بقصف جوي مكثف على المجدل وضواحيها وبدأت أيضاً المدفعية تنصب من كل جانب وأستطاع الثوار رغم ذلك صد المدرعات والأليات ودحر المشاة وبدأوا يستعدون لهجوم معاكس على القوات الفرنسية التي هاجمت البلدة من جهات مختلفة.

ولكن عدد القوات الفرنسية الهائل التي زجت في المعركة والمدججة بكل أنواع الأسلحة من طائرات ومدرعات ومدافع ،مقارنة مع عدد المجاهدين وأسلحتهم المتواضعة من جهة، وهجوم الفرنسيين من جهات البلدة المختلفة ،الأمر الذي فرض على الثوار رغم قلة عددهم التوزع بمجموعات صغيره على أطراف البلدة المختلفة من جهة ثانيه، هذا اضافة الى الجبهة الشمالية الغربية التي فاجأهم منها وصول المغاوير الفرنسيين عن طريق بركة مرج المن مقتربين ،بمساعدة أحد الخونة من القرى المجاورة، من المكان الذي لجأ إليه النساء والأطفال والعجزة، هذه الأسباب مجتمعه جعلت قائد الثورة المجاهد أسعد كنج أبو صالح أخذ قرار الانسحاب المنظم لحماية النساء والأطفال والعجزة. ويذكر قائد الثورة العام سلطان باشا الأطرش:" أن أبطال ثورة الإقليم بقيادة أسعد كنج أبو صالح تولوا حماية ظهر المنسحبين". رفض المجاهد البطل يوسف عماشة إخلاء بيته المطل على البويب وبقي يحارب ويدك الأعداء حتى فرغت ذخيرته، عندها فقط استطاعوا الوصول إليه وألقوا قنبلة داخل البيت من فتحه في السطح(روزنه) ،وأستشهد هذا البطل المغوار الذي حمى الثوار بانسحابهم وساهم في عدم تمكن الفرنسيين من الوصول إلى النساء والأطفال.

وصل الثوار مع قافلتهم التي تضم النساء والأطفال والعجز إلى حينا في السادس من نيسان عام 1926 ويقول قائد الثورة العام في مذكراته: "أن الثوار أخذوا على عاتقهم حماية نساء القافلة وأطفالها وشيوخها من كل عدو مغير أو طامع مستهتر بالقيم الإنسانية والأخلاقية عامةً والوطنية خاصةً، يغتنم الفرصة للإفادة من تلك النكبة التي حلت بهؤلاء القوم المناضلين، الذين ضحوا بكل ما يملكون في سبيل الذود عن حرية بلادهم وصيانة شرفهم وعرضهم والاحتفاظ بكرامتهم وعزة نفوسهم". بدأت الأمطار تهطل والرياح تعصف فتوجه الثوار إلى قرية كناكر العجم الواقعة شرقي سعسع فأحسن أهل القرية ضيافتهم وضمدوا الجرحى وفتحوا لهم بيوتهم مدة يومين استغلها الثوار بإرسال مجموعه من المجاهدين لطلب النجدة من الجبل لملاقاة القافلة. وكان سلطان باشا الأطرش والأمير عادل أرسلان برفقة عدد من الثوار في قرية جدل في قلب اللجاة. وصل الثوار الذين أرسلوا لهذه الغاية وأبلغوا قائد الثورة ورفاقه بما حدث ،وبدوره أرسل سلطان باشا الأطرش رسولاً إلى السويداء إلى عبد الغفار باشا الأطرش، فسارع عبد الغفار باشا إلى تعميم الخبر على أهل الجبل وعلق على الرسالة التي أرسلها سلطان باشا الأطرش إليه مع الرسول قائلاً: "لحضرة إخواننا المحترمين سكان جبل الدروز روحاني جسماني الأفخمين دام بقاهم ... يتضح لكم حراجة الضيق والشده على نساء إخواننا أهل الإقليم وأطفالهم، فعليه نستنهضكم باسم الدين والشرف والحميه الدرزية قبل الفتك بأعراض النساء المذكورين بأن تسرعوا بما يمكنكم بالنجدة القوية في رجال وجمال وبغال وخيل. فالوحى الوحى يا أهل الشرف والناموس لأن العرض عرضكم والدين دينكم..."

على إثر هذه الرسالة عمم شيوخ العقل الثلاثة: الشيخ أحمد الهجري، الشيح سعيد جربوع والشيخ علي الحناوي منشوراً على سكان الجبل جاء فيه: "...وتقرر فزعه عموميه لا يسمح لأحد فيها أن يبقى في بيته خلاف القاصر والعاجز فقط وكل بلد مكلف شيخها وسياسها ووجهاؤها أن يكونوا أمام البيرق وذلك من أجل نجدة إخوانكم أهالي الإقليم ورفعاً للحرب عن بلادكم. وقد كلفنا قائد الدرك التجوال في عموم أنحاء الجبل لأجل أن يراقب ويفتك بكل فدان بقر يفلح حيث تقرر تعطيل بقر البلاد إجمالاً مع الحرام الشديد وغضب الله الذي ما عليه من مزيد على كل من يتخلف عن الجهاد المقدس أمام حفظ الدين والعرض والناموس..."
عاد الرسول من الجبل وأخبر سلطان باشا الأطرش أن الجبل بدأ بالزحف باتجاه منطقة اللجاه من أجل مساعدة أهل الإقليم ولكن سلطان باشا الأطرش ورفاقه لم يستطيعوا الانتظار فخرجوا لملاقاة أهل الإقليم خصوصاً بعد ما علموا أن أدلاء من عشيرة السلوط المتعاونين مع فرنسا قد قادوا قافله النازحين إلى "بقع جمره" وهو مستنقع يغرق الأنسان في أوحاله حتى ركبتيه، فقام هؤلاء أي عشائر السلوط بمحاصرة القافلة بتحريض من فرنسا من أجل النيل من الثوار هذا بالإضافة إلى السلب والنهب. أما الهدف الفرنسي الأبعد من ذلك هو تحويل الثورة عن مسارها وإدخال سوريا إلى حرب أهليه ذات بعد طائفي.

حاول الأمير عادل أرسلان وصحبه ثني سلطان باشا عن الركوب معهم خوفاً على حياته قائلاً: " إنك القائد العام لهذه الثورة ولا نريد أن تصاب بخدش بسيط على يد هؤلاء المرتزقة المتآمرين، فيغدو ذلك موضع فخرهم ومباهاتهم ". إلا أن قائد الثورة رفض هذا الاقتراح وقال للأمير عادل أرسلان:" كيف أطيق البقاء هنا ولو لساعه واحده وإخوتنا في محنه عظيمه، وعرضنا قد يستباح هناك فلنسر في طريقنا والله الموفق على كل حال ". انطلق سلطان باشا الأطرش مع رفاقه حتى وصلوا إلى " بقع جمره " وكانت المعركة دائرة على أشدها ويصف سلطان باشا هذا المنظر المريع: " سمعنا أصوات النخوات المنطلقة من الثوار النازحين تشبه زئير الأسود وقد انتشروا حولهم (حول القافلة التي تنقل النساء والشيوخ والأطفال) يذبون عنهم ويحمونهم بالمهج والأرواح. "ويضيف: "يا لها من مناظر مروعه وقع بصري عليها حينما توسطنا صفوف المقاتلين رأيت-وكان الأمير عادل قريباً مني يرى المشاهد نفسها-جثث الأدميين والحيوانات التي تساقطت في المعركة غائصه في الأوحال، أطفال يختلط صراخهم باستغاثات النساء، صهيل الخيل، خوار البقر وثغاء الماعز والأغنام.


جرحى خارت قواهم فتلوثت جراحهم بمياه المخاضة الأسنة. وعجزوا عن النهوض فاستسلموا للقدر. أم نجت بطفلها الرضيع فانتحت به جانباً محاولة تهدئة روعه بقطرات ماء نضحتها براحة يدها من مسيل هناك فأصابوها برصاصه في صدرها فلما ذهب قريب لها لإسعافها وإنقاذ طفلها وجدها تلفظ أنفاسها الأخيرة، والطفل مشدود بذراعيها إلى صدرها يرضع لبناً ممزوجاً بالدم ". ويضيف: " لم تفعل سيوفنا في تشتيت قوى المرتزقة وتقريب ساعة النصر الحاسم عليهم مثلما فعله حضورنا المفاجئ للمكان إذ ما كاد إخواننا كأسعد كنج أبو صالح ومحمود الطويل وغيرهم يلمحوننا ويتأكدون من حقيقة وجودنا بينهم حتى سرت في أوساطهم موجه عارمه من الحماسة ضاعفت معنوياتهم وشددت من عزائمهم في القتال. لقد ظن ثوار الإقليم أن بيارق الجبل قد وصلت وهكذا أيضاً ظن المرتزقة الأمر الذي أدى إلى دخول الروع قلوب المرتزقة فبدأوا بالفرار من أرض المعركة ". بعد تهدئة روع النساء والأطفال وتضميد الجرحى سارت القافلة باتجاه الجبل والتقت بطلائع بيارقه وبدأ يتوزع أفراد القافلة على مناطق الجبل المختلفة.

حملة الإقليم الثانية:

بعد هذه الموقعة انضم ثوار الإقليم إلى ثوار الجبل وخاضوا معهم معارك العز والكرامة ضد القوات الفرنسية المستعمرة وأستشهد وجرح عدد منهم في هذه المعارك. إلا أن القوات الفرنسية بقيادة الجنرال أندريه استطاعت أن تستولي على السويداء وبدأ يدب الوهن في جسد الثورة السورية لذلك اتخذت قيادة الثورة في اجتماع "سالة" مجموعه من الخطوات والتدابير بهدف مهاجمة العدو وإشعاره بصلابة عزيمة الثوار وتصميمهم على القتال وعدم الاستسلام. وكانت إحدى هذه القرارات إعادة القوات النازحة من الإقليم بمحاولة لإحياء الثورة هناك من جديد، وبالفعل عادت مجموعه من المقاتلين من لبنان ومن الإقليم بقيادة المجاهدين الأمير عادل أرسلان وأسعد كنج أبو صالح. وكان قد انضم إلى هذه الحملة ايضا المجاهد أحمد مريود ولحق بالثوار بعد ذلك كلاً من الأمير عزالدين الجزائري وصبري العسلي مع مجموعه من الثوار. انطلقت الحملة من الجبل في منتصف أيار من عام 1926 وبعد أن اجتازت "سكرة براق" انقسمت الى مجموعتين، مجموعه سارت عن طريق "الدير علي" فاصطدمت بالقوات الفرنسية عند وصولها الى الشوكتليه ومجموعه اخرى سارت عن طريق الغوطة الى عين الشعرة ثم باتجاه مجدل شمس فدخلوها وجعلوها من جديد مقراً للقيادة وإدارة العمليات في المنطقة. لقد كان هدف هذه الحملة التقدم باتجاه البقاع والاتصال بقادة المجاهدين في بعلبك ومناطق الشمال هذا إضافة إلى إعادة إذكاء نار الثورة في الإقليم من جديد. اقتصرت العمليات الحربية على مناوشات واشتباكات خاطفه مع الفرنسيين لأن عدد الثوار هذه المرة لم يتجاوز المئة ولم تنجح الحملة في اثارة الحماسة من جديد عند أهل اقليم البلان وذلك لما عانته هذه المنطقة واهلها من ويلات في المعارك السابقة التي شاركوا بها. من جهة أخرى وتمشياً مع هدف الحملة ارسلت مجموعات صغيره مسلحة باتجاه البقاع فوصل بعضها الى مجدل عنجر وتجاوزوها شمالاً حتى مشارف رياق وخلال مسيرتها كانت تقوم هذه المجموعات بأعمال تدميريه في سكك الحديد، وخطوط الهاتف، وإطلاق النار على مراكز الدرك والجند الفرنسي، مما أثار حفيظة الفرنسيين وقرروا اجتثاث هذه الحملة من مصدرها قبل أن يشتد عودها. كان الثوار في الإقليم قد انقسموا الى مجموعتين: الأولى بقيادة المجاهد أسعد كنج أبو صالح رابطت في مجدل شمس والثانية بقيادة المجاهد الأمير عادل أرسلان رابطت في قرية حضر. أما المجاهد أحمد مريود فقد أصر على الذهاب إلى قريته جباثا الخشب ظناً منه أنه يستطيع تثوير أهلها. حاول قادة الحملة ثنيه عن ذلك ولكن تحت ضغطه واصراره لبى قادة الحملة رغبته ورافقه الى بلدته مجموعه صغيره بقيادة الأمير عزالدين الجزائري والمجاهد صبري العسلي.

استغل الفرنسيون هذا التوزع لأفراد الحملة وتوجهت حمله من المتطوعة بقيادة كوليه في 30 أيار عام 1926 باتجاه جباثا الخشب لعلم الفرنسيين المسبق بأنها أضعف حلقه في حملة إقليم البلان الثانية، زحف الفرنسيون ليلاً حتى لا يشعر بهم الثوار ووصلوها عند الفجر فاندلعت المواجهة بين الطرفين. ورغم استبسال الثوار المتواجدين في البلدة إلا أن الفرنسيين كانوا متفوقين بالعدد والعدة فخر المجاهد أحمد مريود شهيداً مع عدد من رفاقه ولم ينج من المجموعة التي رافقته سوى المجاهدين الأمير عزالدين الجزائري وصبري العسلي. وصلت نجدة الثوار من المجدل وحضر واشتبكوا مع القوات الفرنسية التي بدأ يصلها المدد من قطنا والقنيطرة مما أضطر الثوار، لقلة عددهم، الانسحاب واختاروا أن يتجمعوا في قلعة جندل خوفاً من التطويق، وبعد تقييم الموقف قرروا العودة الى الجبل لمساندة الثورة هناك. وتوضيحاً لدور المجاهد أحمد مريود الذي ألتبس على الكثيرين ممن كتبوا عن الثورة نود أن نؤكد أن المجاهد أحمد مريود لم تتح له الفرصة للمشاركة في معارك الإقليم على الإطلاق لا في وادي التيم ولا في معارك مجدل شمس الأولى والثانية لأنه كان قد أتهم في عام 1922 بتسهيل اغتيال الجنرال غورو ولذلك غادر سوريا إلى الأردن ثم انتقل إلى العراق حيث كان يحكم الملك فيصل الأول. وعند نشوب الثورة السورية الكبرى عاد ليشارك في هذه الثورة ولكنه لم يأت إلى الإقليم إلا في إطار الحملة الثانية التي ذكرناها سابقاً. وكانت المشاركة الوحيدة له في ثورة إقليم البلان معركة جباثا الخشب التي أستشهد فيها.

وصل الثوار إلى "وعرة الصفا" ثم الى اللجاه فقرية صميد حيث شاركوا بالمعارك التي كانت تدور هناك. وحضر المجاهدان الأمير عادل أرسلان وأسعد كنج أبو صالح اجتماع "بوسان" الذي شارك فيه قادة الثورة الفاعلون من أنحاء مختلفة من سوريا على الأغلب في شهر آب حيث يذكر سلطان باشا في مذكراته: "بالإضافة لما ذكرنا أنفاً عن المجاهدين فقد كان يلازمنا أو يتردد علينا في تلك الأونة عدد من الزعماء والقادة أمثال الساده: الدكتور الشهبندر، شكري القوتلي، نسيب البكري، نزيه مؤيد العظم، فوزي القاوقجي، الشيخ أحمد الأشمر، سعيد العاص، منير الريس، الدكتور أمين رويحه، الدكتور محمد الشواف، إسماعيل ومنوخ الحريري، مصطفى أبو الحسنين، فندي الحشيش العباس، مصطفى الخليلي، خلف المقبل المحاميد، ا لأمير عادل أرسلان، رشيد طليع وأسعد كنج أبو صالح". تقرر في اجتماع بوسان تقسيم قوات المجاهدين إلى ست مجموعات. إحدى هذه المجموعات قادها الأمير عادل أرسلان وأسعد كنج أبو صالح وتألفت من مجاهدي الإقليم ولبنان وبعض المقاتلين من جبل العرب.

إشترك ثوار الإقليم في معركة "الرشيدة" التي حاول الثوار فيها تحقيق نصر كامل على القوة الفرنسية ليلهبوا حماسة الشعب من جديد ولكنهم لم ينجحوا. ويصف سلطان باشا في مذكراته بطولات الثوار في هذه المعركة: "لقد استبسل ثوارنا وأبدوا المهارة والجرأة ومقارعة العدو ما يدعو للفخر والاعتزاز وبخاصه عندما التحم فريق من فرسانهم ومشاتهم (مع الفرنسيين) أمثال أسعد كنج أبو صالح، شكيب وهاب سليمان ونسيب نصار، جبر شلغين، محمود كيوان..." في أواخر تشرين أول عام 1926 قام عدد من قادة الثورة على رأسهم سلطان باشا الأطرش مع مجموعه من المجاهدين بجوله في بعض القرى في منطقة السويداء وعند مرورهم في قرية ميماس داهمتهم غاره جويه كبيره يصف نتائجها سلطان باشا الأطرش"... استشهد من ثوارنا فيها ستة عشر رجلاً في منزل واحد وكتب النجاة لرفيقنا المناضل أسعد كنج أبو صالح الذي خرج من بين الأنقاض مصاباً برضوض شديدة".

قام الثوار بنحر أحد العجول وأخذوا جلده ولفوا به المجاهد أسعد كنج أبو صالح الذي كاد أن يستشهد ونقل إلى الأردن ومن ثم إلى فلسطين للعلاج وبعد أن كتب له الشفاء بمعجزه، عاد ليقاتل مع الثوار من جديد. وقد أطلق عليه المجاهد شكري القوتلي، وهو أول رئيس لسوريا بعد الاستقلال، لقب "الشهيد الحي". لم يستطع الثوار الصمود في وجه فرنسا ومع مطلع عام 1927 اضطروا لمغادرة سوريا إلى الأزرق في الأراضي الأردنية ألا أن بريطانيا، التي كانت قد وقعت اتفاقا مع فرنسا بعد حل مشكلة الموصل بين الدولتين المستعمرتين، رفضت بموجبه إبقاءهم هناك فاضطروا إلى الرحيل إلى وادي السرحان في السعودية، بعد أن توسط لهم بذلك شكري القوتلي مع الملك عبد العزيز ابن سعود. أقيمت في وادي السرحان نزل (خيم) مثلت مناطق سوريه المختلفة وقادة ثوراتها وذلك لتقسيم المساعدات التي كانت تأتي للثوار من المهجر بالتساوي. وقد كان أحد هذه النزل خيمة الإقليم وقائد ثورتها المجاهد أسعد كنج أبو صالح، بقي الثوار هناك يعانون الأمرين حتى إعلان العفو العام عن الثوار فعادوا من جديد إلى سوريا. ولم يعد ثوار الإقليم مباشرة إلى مجدل شمس حيث ذهب قسم منهم لفتره وجيزة إلى فلسطين ثم عادوا من جديد إلى قراهم.

خاتمه :
وبعد هذا الاستعراض السريع لأحداث ثورة إقليم البلان تتضح لنا الحقائق التالية:
.1أن ثورة إقليم البلان كانت من صنع أهلها، وبقيادة أهلها، هم الذين فجروها بحسهم الوطني التلقائي المرهف وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل الذود عن الأرض، ورووا بدمائهم الزكية كل شبر منها.
هذه الثورة التي قادها المجاهد أسعد كنج أبو صالح كانت امتداداً ودعماً للثورة السورية الكبرى التي انطلقت من جبل العرب، بدأت قبل مجيئ زيد الأطرش وحملته إلى الإقليم. وثوار الإقليم بدأوا بالتصدي للقوات الفرنسية قبل وصول قوات الجبل.
2. إن حملة زيد الأطرش التي أرسلت إلى الإقليم لم يكن هدفها اشعال الثورة في منطقتنا لأن الثورة كانت قد بدأت قبل ذلك، وإنما جاءت هذه الحملة تمشياً مع رغبة وطلب قيادة الثورة في الإقليم، من القائد العام للثورة المجاهد سلطان باشا الأطرش، في مد الثورة الى منطقة وادي التيم وذلك من أجل الوصول الى طريق دمشق-بيروت وقطع الإمدادات الفرنسية عن دمشق بهدف التسهيل على ثوار الغوطة ودمشق بالسيطرة على العاصمة. والدليل القاطع على ما نقول هو أن حملة زيد الأطرش عادت الى الجبل بعد فشل الثوار بالسيطرة على قلعة راشيا ولم يشارك إلا أفراد قلائل منها بمعركتي مجدل شمس الأولى والثانية.
3. لم يحارب ثوار الإقليم فقط دفاعاً عن قراهم وإنما جاهدوا في وادي التيم وجبل العرب تحت راية الثورة السورية الكبرى وأستشهد عدد كبير منهم خارج قرانا. وقد نسقت قيادة ثورة الإقليم خطواتها مع القيادة العامة للثورة ليصب زخم الثوار الثوري لمنطقة الإقليم في إطار الهدف الأسمى ألا وهو تحرير الأرض السورية من المستعمر الفرنسي، وهذا ما يفسر لنا توجههم في البداية إلى وادي التيم واشتراكهم في معارك الجبل لاحقاً.
4. إن لثورة إقليم البلان ثقلها في إطار الثورة السورية الكبرى وهذا ما يؤكده قائد الثورة السورية العام في مذكراته وكذلك مذكرات قيادي الثورة أمثال سعيد العاص وغيرهم. فلو كتب للثوار السيطرة الكاملة على قلعة راشيا فقد كان من الممكن إكمال الخطة الموضوعة من خلال متابعة مسيرة الظفر باتجاه البقاع وصولاً إلى طريق دمشق بيروت بهدف قطع الإمدادات والنجدات الفرنسية مما يسهل على الثوار في الغوطة ودمشق السيطرة على العاصمة. وهذا يعني انتصار الثورة في جنوب سوريا. إلا أن الهجوم الفرنسي على مجدل شمس تفادياً للذي ذكرناه أجبر الثوار على التراجع للذود عن القرية واضطروا مرغمين التخلي عن إكمال الخطة التي وضعت سابقاً. من هنا نستنتج مدى أهمية ثورة إقليم البلان على المستوى الوطني ومدى العطاء والتضحية التي قدمها أهلنا أنداك.

هذه هي قصة الثورة رويت بأمانة متناهيه، وهذه هي بطولات أهلنا التي يجب أن تشكل لنا مدرسه في وحدة الصف والكلمة ونبذ الذات من أجل الجماعة. تصوروا أيها الإخوة المسؤولية الكبيرة التي أخذها أهلنا على عاتقهم عندما قرروا إشعال الثورة في إقليم البلان.
ألا يستحق منا هؤلاء التكريم؟ أليس هذا التاريخ هو الذي يجب أن يتعلمه أطفالنا ليفتخروا بما صنع أجدادهم ويستنبطون من تلك الفترة العبر. لقد كانت ولسنوات طويله محاولات لطمس هذا التاريخ والتقليل من أهمية ثورة إقليم البلان وذلك إما بحكم الجهل وإما بسبب النيات السيئة المبيتة التي حسدت هذه المجموعة الصغيرة عدداً والكبيرة فعلاً لأنها تركت بصمه في تاريخ سوريا الحديث. لذا يجب علينا إعادة الحسابات من جديد وقراءة التاريخ بشكل يعيد لأهلنا أمجادهم ويصحح ما اقترفت يدانا من غبن على الثورة والثوار وإن لم نفعل ذلك نكون قد خنا الأمانة التاريخية وساهمنا في تجهيل أجيالنا القادمة مما سيعود علينا بالضرر الكبير، وينسف أسس وجودنا ومساهمتنا الوطنية، ويطمس تاريخ الثورة في إقليم البلان. لذلك يجب علينا التصدي لمهمة تأريخ أحداث هذه المنطقة بأنفسنا حتى لا يضيع هذا التاريخ الذي يشرفنا أن ننتسب إليه.


قائمه بأسماء الشهداء:


قرية مجدل شمس:

أسعد أبو عقل، أسعد إسكندر أبو صالح، اسعد محمد أبو صالح، أسعد خليل أبو صالح، أسعد أيوب، أسعد مداح، إسماعيل القضماني، بركات أيوب، حسن الحلبي، حسن حمود الصفدي، حسن "ف"خاطر، حسن "م" خاطر، حسن ذبيان، حسين أبو زيد، حسين الحلبي، حسين علي الصفدي، حسين وهبه أبو صالح، حسين يوسف أبو صالح، حمد أبو عقل، حمد نعمان محمود، حمود عبد الولي، خزاعي إسماعيل أبو صالح، خطار زهوه، رشيد الحلبي، سعيد أسعد إبراهيم، سعيد أبو زيد، سعيد المقت، سعيد خاطر، سلمان إبراهيم، سلمان حمود إبراهيم، سلمان السيد أحمد، سلمان صالح الصفدي، سلمان محمود، سلمان وهبه أبو صالح، سلمان مرعي، سلمان نخله، سليمان العزقي، سليمان الشاعر، سليمان مرعي، سليمان نخله، سليمان قاسم محمود، سليمان فارس سمور، سليم أبو زيد، سليم الشاعر، سليم حسن أبو صالح، سليم فارس المصطفى، سليم أيوب، سليم محمد عويدات، سليم مرعي، شاهين محمود أبو صالح، صالح سلمان أبو صالح، صالح نصار أبو صالح، صالح وهبه أبو صالح، صالح السيد أحمد، صالح العفلق، صالح مداح، ظاهر عويدات، عبدالله خاطر، علي أحمد سماره، علي اسماعيل حسن أبو صالح، علي قاسم إبراهيم، علي مداح، فارس أبوجبل ،فارس حمود أبو صالح، فارس زايد أبو صالح ، فارس أسعد أيوب، فارس يوسف أيوب، فارس عويدات ، فندي سيف، فياض فارس أبو صالح، قاسم أبو زيد ، قاسم أبو ضحيه، قاسم حمود أبو صالح ، قاسم العزقي، قاسم العفلق، قاسم الشوفي ، قاسم سليم محمود، قاسم محمد محمود، محمد إبراهيم، محمد السلعت، محمد الصفدي، محمد صالح محمود، محمد قاسم الصفدي، محمد أبو صالح، محمود فارس خاطر، محمود قاسم بريك، محمود عويدات، محمود كنج أبو صالح، ملحم أحمد محمود ،ملحم أبو زيد، ملحم شاهين أبو صالح، مهنا بريك، نجم أبو فياض(السيد أحمد)، نصار محمد أبو صالح، نجيب الكحلوني، هاني إبراهيم نخله، وهبه إبراهيم، وهبه نخله، يوسف أبو عرار، يوسف العفلق، يوسف الشوفي، يوسف حسين عماشة، يوسف سعيد أيوب، يوسف جريرة.


قرية مسعدة:

أسعد أبو سعده، سلمان الصفدي، سند نمر الصفدي.


قرية سحيتا:

أسعد الولي، حسين عربي طربيه، سعيد الولي، علي صالح سعيد، محمد الولي، محمد حمد، يوسف البطحيش.


قرية بقعاثا:

أحمد حمود عماشة، أحمد "ع" عماشة، أسعد خليل عماشة، أسعد "عماشة اسماعيل عماشة، حسن اسماعيل عماشة، حسين الحرفاني، حسين قاسم عماشة، حسين شمس، حسين طربيه، حمد عماشة، حمود الحرفاني ، حمود "ح" عماشة ، حمود "ر" عماشة، خزاعه نعمان عماشة، سعيد حمد عماشة، سلمان عباس عماشة، سليم عماشة، صالح عباس عماشة، صالح علي عماشة، صالح أحمد شمس، صقر حبوس، علي محمد الفيش، عبد الكريم عماشة، فارس عماشة، فارس شمس، فارس حمود، فرحان فارس عماشة، قاسم شمس، قاسم عماشة، كامل حسين عماشة، محمد خزاعه أبو عواد، محمد حبوس ، محمد عماشة، محمد ملحم فرحات، منصور عماشة، وهبه نجم عماشة.

قرية عين قنيه:

بشير علوان، حمدان سلمان حمدان، محمد منذر، منصور حمد منذر، نصار عربس(منذر)، يوسف قاسم أبو صالحه.


قرية قلعة جندل:

أحمد أمين عبد الصمد، أسعد خطار أبو رافع، أسعد محمد جمعه، إسماعيل عبدالله أبو راشد، بهاء الدين محمد معمر، حسن سليمان عبد الصمد، حسن خزاعي الصقعان، حسن يوسف معمر، حسين أحمد أبو رافع، حسين أسعد الحجلي، حسين رافع أبو رافع، حسين سلمان اسماعيل الخطيب، حسين محمد علم الدين، حمد حسين الخطيب، حمد مزيد راشد، خطار أسعد أبو رافع، سلمان بهاء الدين معمر، سلمان حسن عبد الصمد، سلمان حسن كحل، سلمان حسين أبو رافع، حمزه محمود علامه، سلامه نجم كحل، سليمان سلمان سليمان الخطيب، سليمان قاسم دراج، سليمان محمود الشوفي، شمس الدين علي علامه، عباس حسن الكحل، عبدالله محمود الخطيب، علم الدين محمد علم الدين، فارس عبدالله أبو رافع، فارس محمد عبد الصمد، قاسم أبو علي الصقعان، قاسم سليمان دراج، قاسم محمد الخطيب، محمد حمود الحجلي، محمد قاسم صفا، مرعي نجم كحل، يوسف حسين علامه، يوسف خطار الصقعان، يوسف أمين عبد الصمد، يوسف سلمان الصفا، يوسف سلمان إسماعيل الخطيب.


قرية بقعسم:

إبراهيم محمد كريدي، أبو عبد شمس الدين عماد، حسن طرودي صقر، حسين محمد عماد، شبلي نجم كريدي، علي بشير عماد، علي يوسف صقر، فهد خطار فهد، محمود أسعد كريدي، محمود حمد عماد.


قرية عرنه:

خزاعي محمد زعيب، ذوقان محمد كبول، علي شديد ركاب.


قرية الريمه:

فؤاد أبو مصلح، محمود خزاعي معن.


عين الشعره:

إسماعيل حمود الشيخ، حمود قاسم مزهر، سليمان قاسم نديوي، شاهين محمد راضي، شهاب محمد راضي، عبد الله محمد مزهر، محمود سليمان الخطيب، وهبه وهبه مزهر.

حرفا:
حمد أتمت.


حضر:
إبراهيم حسن الطويل، أحمد حامد ركاب، إسماعيل زيدان وهبه، إسماعيل محمد حسون، حسن حمد، حسن صلاح الدين، حسين بهاء الدين الطويل، حسين يوسف رافع، سعيد حسن حمد، سليم إسماعيل زيدان، صالح زيدان، علي علي زيدان، علي محمد حمدان، فارس أسعد زيدان، فياض أحمد حسون، قاسم قاسم حسون، كنج قاسم الطويل، محمد سعيد بدريه، محمد علي أحمد حسون، يوسف حمد عثمان، يوسف زيدان وهبه.

شهيدات من اقليم البلان:

أمينه إبراهيم ، أمينه يوسف الصباغ، بسمه نخله زوجة قاسم ركاب، تميمه أحمد سماره، حميده أيوب، حميده بشير أبوصالح، خوله يوسف حلاوه، رضيه يوسف بهاء الدين الطويل، زليخه أيوب، سليمه إبراهيم، شاهينه عماشه زوجة أحمد منصور عماشه، ظريفه أيوب، عفيفه يوسف الصباغ،علياء عماشه، فاطمه أبوعرار، فائده أحمد نصرالدين، فاطمه أيوب، فاطمه ابنة سليمان خاطر، مثمنه سمور، محسنه يوسف أبوعرار زوجة محمود خاطر، محموده فارس بدر زوجة عبدالله خليل ركاب، محموده زوجة جبر ذياب(بريك)، مدلله عويدات زوجة سليمان الحلبي، مره أحمد أبو صالح ، مره أسعد محمد أبوصالح وولداها الصغيران، ورد أحمد أبوصالح وولدها، زوجة شبلي إبراهيم وولداها الصغيران.



شهداء من مناطق أخرى سقطوا في معارك مجدل شمس:

اكلي المغربي، فؤاد سليم، سعيد سراي الدين، فارس سراي الدين، قاسم سراي الدين.

مصادر:
1. أبو صالح عباس مكارم سامي، تاريخ الموحدين الدروز السياسي في المشرق العربي، المجلس الدرزي للبحوث والإنماء، بيروت، بدون تاريخ.

2. السفرجلاني محي الدين، تاريخ الثوره السوربه، دار اليقظه العربيه للتأليف والترجمه والنشر، دمشق،1961.

. 3-أطرش سلطان، مذكرات، 1998.

4. العاص سعيد، صفحه من الأيام الحمراء(مذكرات القائد سعيد العاص)، المؤسسه العربيه للدراسات والنشر، بيروت، 1988.

5. حسن نجاة قصاب، صانعوا الجلاء في سوريه، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر،1999.

6. شمس حسن اسماعيل، اشرطه مسجله بصوته عن أحداث الثورة.

7. عبيد سلامه، الثوره السوريه الكبرى،

8. علواني جميل، نضال شعب وسجل خلود، بدون تاريخ.

9. هندي إحسان، كفاح الشعب العربي السوري 1948-1908 ، إدارة الشؤون العامه والتوجيه المعنوي، دمشق، 1962.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟