الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير المرحلي للمسيحية في الموروث الأسلامي

يوسف يوسف

2021 / 5 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المسيحية كعقيدة ، والمسيحيين كأتباع للسيد المسيح ، تغيرا " وضعهم وموقفهم وحالهم .. " ، من حيث الكفر والأيمان والقبول و .. ، ومرا بمراحل مختلفة ، زمانيا ومكانيا ، وفق أحكام الموروث الأسلامي من جهة ، المقترنة والمعززة بقوة وسلطة الحاكم من جهة أخرى ! ، وسأسرد في هذا البحث المختصر بعضا من هذه المراحل .
الموضوع :
الموروث الأسلامي / القرآن والأحاديث والسنن النبوية و .. ، تعاملت مع العقيدة المسيحية والمسيحيين بتناقض صريح وواضح للعيان ، ولا يقبل الجدل ، وفيما يلي بعضا من هذه المراحل : -

المرحلة الأولى :
يمكن أن نختصر هذه المرحلة ، ونقول ان النص القرآني المبكر ، تعامل معهما " المسيحية والمسيحيين " واليهود أيضا ، تحت مسمى " أهل الكتاب " ، وتبين النصوص القرآنية أنهم من الصالحين ، وهناك آيات تؤكد ذلك ، منها " منْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ( سورة آل عمران 113) " . وآيات قرآنية أخرى تحث على التعامل " معهم " بشكل حسن ، " وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ، وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (سورة العنكبوت 46) " ، ولكن رجع النص القرآني ، ناقضا ما قاله سابقا ، وبشكل جزئي ، وبين أن المودة والقرب للنصارى فقط ، دون اليهود والمشركين ! " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ " (سورة المائدة 82) . ومن جانب أخر ، رسول الأسلام ذاته يقر من جانبه بالتوراة والأنجيل ، بنص قرآني تام ، " نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ (سورة أل عمران 3و4) " . والقرآن أيضا يذكر أن الرسولين موسى والمسيح تمييزا عن الأخرين ( فموسى وعيسى -عليهما السلام - يذكرهما ربنا كاثنين من أُولي العزم من الرسل ؛ فيقول سبحانه في حقهما: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [الأحزاب: 7]. / نقل من موقع طريق الأسلام ) .

المرحلة الثانية :
هذه المرحلة ، هي مرحلة التناقضات والتداعيات والأحتراب .. ! ، أولا - الأسلام يخطط للأنفراد بالوضع المجتمعي بكونه هو الدين الأوحد للقبائل أنذاك ، بالرغم من أعترافه بالرسولين موسى والمسيح ، وفق آية ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ / 19 سورة آل عمران ) ، ويرغب هنا الأسلام أن يكون وكيل الله الوحيد على الأرض ! . ثانيا - ويعزز هذا الوضع بقتل من لا يتبع الأسلام كدين ، وفق الحديث النبوي التالي ( وعَن ابن عُمَر رَضِيَ اللَّه عنْهَما ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ مُتفقٌ عليه . ) . ثالثا - وأخيرا يقرن الوضع المثير للجدل بين الدخول في الأسلام وبين الجزية أو القتل ، أيضا وفق نص قرآني ألهي ﴿ قَاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمنونَ باللَّهِ ولا بِاليومِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ورسُولُه ولا يَدِينونَ دِينَ الحَقِّ من الَّذينَ أُوتُوا الكِتَابَ حتَّى يُعْطُوا الجِزْيةَ عَنْ يَدٍ وهم صَاغِرُون ﴾ [التوبة:29] .

المرحلة الثالثة :
وهي مرحلة التكفير ، حيث يقوم القرآن بتناقض أخر : أولا - هو تكفير المسيحيين / الذي فضلهم القرآن على اليهود في المرحلة الأولى وفق آية 82 من سورة المائدة ، هذا التكفير جاء بالآية التالية " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ / 72 سورة المائدة " . ثانيا - وهذا الأمر أنجر الى مضايقات أهل الكتاب / من المسيحيين و" باقي الكفرة " ! ، وتمثل هذا الوضع بمفردات التواصل المجتمعي ، ك " البدأ بالسلام " .. ، وفق الحديث النبوي القائل « لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه » ، ولكن هذا الحديث نقضوه جمهور فقهاء المسلمين ، وفق ما جاء في موقع / حبل الله " يجوز للمسلم أن يبدأ غير المسلم بالسلام ، فقد سلّم إبراهيم عليه السلام على والده { قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ } (مريم، 47) ، وكان المؤمنون يواجهون لوم الكافرين إياهم بالقول ( لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) (القصص، 55) وقال سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ ) (الزخرف ، 89)." .. هكذا نرى الموروث الأسلامي يتناقض بعضه بعضا ، ولا يجعل المطلع او القارئ أن يصل الى نتيجة محددة ! . ثالثا - ومن ثم يرقع فقهاء ومحدثي المسلمين حديث " عدم البدأ بالسلام والمضايقات لغير المسلمين " ، بتعليل ركيك ، وهو الأتي ( يظهر أن النبي قال ذلك في ظرف خاص حيث كان يتجهز لحرب بني قريظة بعد انتهاء غزوة الأحزاب كما تشير بعض روايات الحديث ، ولا شك أن حالة الحرب لها مصطلحاتها وقوانينها ، ويصح أن نسمي هذا بمقدمات الحرب ، ولا يمكن أن يُعمم قول النبي في الحالة الطبيعية ، لأن التعميم يعارض ما ذكرنا من آيات . / نفس المصدر السابق ) .

الخاتمة :
المراحل والتداعيات والتناقضات كثيرة ، لكن ما ذكرته كان بعضا منها / وهوغيض من فيض . أن الوضع المأساوي للمسيحيين في الشرق هو نتاج شرعي للتراث الماضوي للأسلام ، وأن ما برز من منظمات أرهابية أسلامية / القاعدة وداعش والعشرات غيرهما ، هو التفريخ الأرهابي المنطقي لهذا التراث المتناقض ضد باقي الأديان / وخاصة المسيحية ، التي كانت المفضلة قرآنيا ، والرسول ذاته تزوج بمسيحية " خديجة بنت خويلد وبعقد مسيحي ، حيث أن الرسول لم يتزوج بأخرى في حياة خديجة ! " . والتراث المتناقض أيضا أبرز فقهاء وشيوخ ودعاة .. يكفرون المسيحيين ، بل يكفرون بعضهم البعض ، وأنقل فيما يلي مقطعا مختصرا من مقال د . حميد توفيق / منشور في موقع الحرة الألكتروني ، يوضح النهج التكفيري للشيوخ ( .. يخرج علينا أحد الشيوخ سواء كان سلفيا مثل المدعو ياسر برهامي ، أو أزهريا مثل الشيخ عبد الله رشدي بتصريح مفاده أن المسيحيين كفرة ! ، وللأسف الشديد إن الأمر لا يقف فقط عند حدود هؤلاء المشايخ ، بل يتعداه إلى نسبة ليست بقليلة من المجتمعات الإسلامية والتي تؤمن بنفس الفكر . الأمر برمته مثير للغثيان لأن الكافر في المفهوم التقليدي للشريعة الإسلامية لا بد من قتاله حتى يذعن للإسلام . ويراه ، للأسف الشديد ، العديد من " الفقهاء " حلال المال والدم وأحيانا حلال العرض . شيء بشع ومقزز حتى لمجرد مناقشته ..) . أرى وجود نزعة عدائية أسلامية ضد الغير ، وهذا الأمر يجب معالجته جذريا من أجل خلق أجيال متحضرة تقبل الأخر وتتعايش معه في عالم يقبل كل الأديان ، سماوية كانت أو أرضية ! ، وأورد مقطعا أخرا من مقال يؤكد هذا العداء ، حيث يورد المقال الأية ومن ثم يعلق عليها ( " وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " ، ويفسر هذه الأية بقوله " هنا يطلب القرآن معادات النصارى أو المسيحيين ، على إعتبار أن المسيحيين لم يتبعوا تعاليم المسيح الحقيقيّة بل غيّروا فيها .. " / نقل من موقع - البحث عن الحقيقة ، من مقال بعنوان : حقيقة و نظرة الدين الإسلامي نحو اليهود والمسيحيين / والنصارى ) . * كان من نتيجة الوضع الذي يعيشه المسيحيين في الشرق الأوسط - وهم أصحاب الأرض الحقيقيين ، هو هجرتهم الى الغرب ، وما تبقى منهم موزعين في مصر ولبنان والعراق والأردن وسوريا .. ، وعدا نسبتهم في مصر / والأقباط أيضا متعرضين لمضايقات ! ، فأن وجودهم في باقي الأقطار مهدد للزوال ! ، والسبب لكل ذلك ، هو العداء الأسلامي لهم !! .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا