الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة .

سعد سوسه

2021 / 5 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان موضوع اللغة كمفهوم وكظاهرة اجتماعية من السعة والشمول والاهمية ، يصعب معها الاحاطة به او تغطية جميع جوانبه ، فقد ارتبطت اللغة ارتباطا وثيقا بالانسان لانه الكائن الوحيد الذي يمتاز بخاصية النطق والبيان والتعامل بالرموز اللغوية و الاتصال اللغوي .
واذا ما اتينا الى اصل اللغات ، وجدنا انها ( اصلا اصوات وليست كلمات وان الكلمة صوت يرمز الى معنى ، وكتابة الكلمة ، رسم يرمز الى هذا الصوت ، والصوت هو الاصل .والصوت يصنعه الهواء ، يخرج من رئة الانسان وتقوم الحنجرة ، ويقوم اللسان ، ويقوم الفم ، وحتى الانف ، باعطائه شكلا خاصا . وهو الكلمة المسموعة )(1).
اللغة في اصطلاح اهل اللغة ( اصوات يعبر بها كل قوم عن اغراضهم ، وهذا التعريف يشمل معناها الخاص ، اما معناها العام فهو ، مجموعة الوسائل المعبر بها عن المعاني والدالة على نفس المعاني لدى الاخرين سواء كانت تلك الوسائل فطرية ام اصطلاحية )(2).
ومن هنا نرى ان استخدام هذا اللفظ - اي اللغة - للدلالة على وسائل التفاهم المختلفة يمكن ان يقصد بها كذلك طريقة كل شعب من الشعوب في التفاهم مع غيره )(3).
فاللغة اولا واخيرا هي وسيلة للتعبير بقصد التفاهم بين الناس ووسيلة اتصال فيما بينهم .
وعلى اختلاف الامم والشعوب نجد ان اللغات هي ما بين خمسة الاف ، وعشرين الف لغة يتحدث بها اكثر من مائة واربعين دولة تعكس كل منها نظرة فريدة للعالم ونمطا للفكر والثقافة (4).
ولذا فأن التعدد اللغوي من الظواهر المألوفة في العالم وقد تحتوي الدولة الواحدة بين جنبات ربوعها اكثر من لغة يتحدث بها الناس ،والذين تختلف نسبهم بالنسبة للافراد للاخرين في الدولة الواحدة تبعا لظروف ومعطيات عدة .
وعلى الرغم من كثرة اللغات وكمها الكبير الا ان ما لها صورة كتابية لا تزيد نسبتها على 5 % من مجموع اللغات المستخدمة من شعوب هذا الكوكب ، وكما هو معلوم ان اللغات التي لها صورة كتابية تكون اكثر قدرة على الانتشار ، واقوى تأثيرا وكذلك الافضل فرصا للبقاء بالمقارنة مع تلك التي ليس لها صورة كتابية .
وكما هي الحياة الانسانية في تطور وتقدم مستمر . كذلك كان الحال بالنسبة للغة ، فقد تطورت على مر تاريخها الطويل بواسطة الانسان الذي استطاع ان يطورها من مجرد صراخ يعبر به عن انفعالاته الى الفاظ تحمل بين طياتها معاني مدركة من قبل الاخرين ، ولقد استطاعت عوامل النهضة والتقدم ان تؤثر في اللغة فاضافت اليها -الحياة ذات طابع المتجدد ، وكذلك اظهرت معاني جديدة لألفاظ قديمة . ولكن مع كل هذا وذاك فان المشتغيلن باللغة افرادا وجماعات عمدوا ويعمدون الى ضبط هذا التحول والتوسع وتنظيمه وذلك بغية المحافظة على اصالة اللغة و استمراريتها (5). ومثلما تتطور اللغة بدرجات متفاوتة ، تنتشر اللغات الانسانية بدرجات مختلفة ومتفاوتة ،فهناك من اللغات ما يتاح لها فرص الانتشار في مناطق كثيرة من العالم كما هو الحال بالنسبة للغة اللاتينية في العصور القديمة والوسطى ، وكذلك اللغة العربية ، او اللغات الانجليزية والفرنسية والاسبانية في العصور الحديثة في حين ان هناك لغات ظلت حبيسة بقعة ضيقة من الارض وفئة صغيرة من الناس،كماهوالحال بانسبة اللغة الفارسية والحبشية ...(6)
ويذكر لنا الاستاذ محي الدين عبد الحليم جملة من العوامل التي تؤثر في اللغة وتطورها وارتقائها وانتشارها وهي :-
1- انتقال اللغة من السلف الى الخلف .
2 - تأثر اللغة باللغات الاخرى .
3- عوامل اجتماعية ونفسية وجغرافية ، مثل حضارة الامة ونظمها وعاداتها وتقاليدها وعقائدها وثقافتها واتجاهاتها الفكرية ومناحي وجدانها ، ونزوعها ، وبيئتها الجغرافية …
4- عوامل ادبية ، وتتمثل فيما تنتجه قرائح الناطقين باللغة ، وما تبذله معاهد التعليم والمجامع ، وما اليها من سبيل حمايتها والارتقاء بها والحفاظ علىكيانها و اصولها(7).
وفي حدود تطور اللغة يقول اللغوي الفرنسي اورسين مستيشر ( ان اللغة كانت وفي اي فترة من وجودها في تطور دائم ومستمر ينازعها في ذلك التطور عاملان متناقضان تجاهد اللغة في الاحتفاظ بتوازنها بينهما ، وبتمام ذلك يكتب لها طول العمر بين الناطقين بها والعاملان هما ، عامل المحافظة من ناحية ، و التطو من ناحية اخرى ) .
أن اللغة اذا ما ارادت المحافظة على وجودها يجب عليها ان تحافظ على مفرداتها ، ومميزاتها التي تختلف بها عن اللغات الاخرى ، وتتحرك جنبا الى جنب مع التطور الحاصل في ميادين الحياة ومتطلباتها لا ان تحيط نفسها بحدود تنأى بها ، وتفصلها عن العالم وما يدور فيه من تطورات ، لان هذا قد يجعلها تضمحل وتموت .

المصادر
1 - احمد عبـد الرحيـم الســايح ، اللغـــة الانسانيـــة ، نشـأتها فلســفتها ، مفهومها ، تطورها ، مجلــة اللسان العربي ، المجلد 9 ، الجزء الاول ، الرباط ، المملكة المغربية ، 1972 ، ص 49. 2- نفس المصدر السابق ، ص 49. 3- نعيمــة محمد عيد ، اللغات الاجنبيـــة دورها الثقافــي فــي المجتمع الجديد ، دار النهضــة العربيــة ، المطبعـــة العالمية ، القاهرة ، 1965 ، ص3. 4- خافــير بيريـز دي كــويلار ، التنوع الانساني المبدع ، تقرير اللجنــة العالميــة المعنيــة بالثقافــة والتنميـــــة ، منشورات اليونسكو ، الطبعة العربية ، مركز مطبوعات اليونسكو ، القاهرة ، 1996 ، ص 179.
5 - قسطنطين زريق ، في معركة الحضارة ، ط2 ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1973 ، ص97. 6 - محــي الديــن عبــد الحــليم ، اللغــــــة الاتصال عبر التاريخ الانسانـــــي ، مجلـــة التربيــــة ، العــدد 110 ، السنة 23 ، 1994 ، ص 177. 7 - حسن ظاظا ، اللسان والانسان ، مطبعة المصري ، الاسكندرية ، 1971 ، ص 98.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو