الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصيان المدني، الدواء الناجع لداء العصر الحلقة الثامن

بولات جان

2006 / 8 / 4
المجتمع المدني



وسائل و أساليب العصيان المدني السلمي

للعصيان المدني العشرات من السبل و الوسائل المختلفة جداً و الغنية أيضاً. فهي غير محددة بأسلوب واحد فالابداع يلعب دوره لايجاد سبل جديدة للعصيان المدني. و بشكلٍ عام فإن عمليات العصيان المدني تنقسم ثلاثاً، وهي:

1- أساليب الاحتجاج والإقناع باستخدام اللاعنف (مثل التظاهر والمسيرات السلمية وتوزيع النشرات ووضع ألوان معينة ...)

2- أساليب اللا تعاون (وتعني رفض التعاون مثل الإضرابات والمقاطعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لمؤسسات الدولة.....)

3- أساليب التدخل اللاعنيف (تعطيل الأعمال الاعتيادية واحتلال المكاتب وإنشاء مؤسسات وحكومة موازية ....)

ليس من المعقول أن نسهب في الشرح أو الاتيان بالامثلة على كل نوع من هذه العمليات. و سنكتفي ببعضها، عل و عسى تفي بالتعرّيف على هذا النضال الحضاري.



الإعلام اللاقانوني و العصيان المدني:

كما نعلم بأن لكل دولة أو سلطة أو حزب مبادئ و قوانين خاصة بها تفرضها على اجهزة الإعلام كافة و يعاقب كل مؤسسة تخترق هذه القوانين. دول كـسوريا و إيران و تركيا معروفة جداً بقوانينها الجائرة في المجال الإعلامي. يمنع في تركيا مؤسسات الإعلام من التحدث باللغات غير التركية، كاللغة الكردية مثلاً(رغم السماح بها على الورق) أما في سوريا فممنوع منعاً باتاً إصدار مجلات أو جرائد أو البث الإذاعي من قبل اي جهة غير السلطة، ناهيك عن الإعلام السياسي الحر او الوطني للقوميات غير العربية. و في الايران فالأمر أكثر تراجيدياً حيث تمنع بث و نشر أي شيء خارج أحاديث الملالي و مدائحهم. أي إن هذه الدول لا تسمح بإعلام شبه مستقل و لا تأذن لأحد بذلك. لذا يقوم الكثير من الإعلاميين بنشر مجلات و جرائد و بث قنوات الراديو و التلفاز المحلي دون ترخيص؛ أي"إعلام القرصنة" كما تسميها السلطات. مثل هذه الوسائل لا تتقيد بقيود و قوانين مؤسسة او وزارة الإعلام في تلك الدولة، لا بل تنشر و تبث كل ما تراه مناسباً للجمهور. و كثيراً ما تلجأ السلطات لاعتقال القائمين عليها و توجيه التشويش التقني على محطات البث الإذاعي، و مع ذلك يصر "إعلام القرصنة" على متابعة دربها. يتوفر شروط العصيان المدني في هذه المؤسسات، من حيث السلمية، عدم إيذاء الوجدان و الضمير الجمعي للمجتمع و انتهاك قوانين جائرة. الكثير من دول العالم اضطرت إلى إجراء تعديلات على قوانين النشر و الإعلام في دساتيرها، و قامت على إثرها تلك المؤسسات اللاقانونية بالحصول على تراخيص رسمية للعمل أو حتى وضع نقطة(أنتهى)على إصداراتها و بثها؛ لسبب بسيط، ألا و هو عدم الحاجة لصيرورتها. و لكن أين هي دول الشرق الأوسط(ما عدا العراق)من كل ذلك؟

بعض الأمثلة على عمليات العصيان المدني في العالم

فرنسا: قامت حركة عصيان مدني بالتظاهر السلمي و بشكلٍ مدهش ضد تجارب فرنسا النووية في بحر الباسفيك. فقد قامت المنظمة المعروفة(Greenpeace) بحملة تحت شعار" اضربوه في أضعف نقطه" وقامت بحملة إعلانات و دعاية واسعة النطاق منادية" لا تشربوا الشراب الفرنسي"

الدانمارك: عقب احتلال الجيش النازي للدانمارك، أصدروا قانوناً بوجوب لبس اليهود صدريات عليها نجوم صفراء و ذلك بهدف التعرّف عليهم اليهود بسهولة. لم يرضَ الشعب الدانماركي بهذا القرار اللاإنساني، و لكي يهتكوا هذا القرار و يفرغوه من جوهره فقد قام كل ابناء شعب الدانمارك و بضمنهم الملك كريستيان نفسه بلبس تلك الصدريات المنجمة. بهذا الشكل عسر على النازيين التعرف على اليهود. و لإرضاخ الشعب الدانماركي لقرارات سلطة الاحتلال فقد سجنوا الملك داخل قصره. تمادوا بإثارة و تخويف الشعب بإعلانهم عن أن مرضاً عضالاً قد ألمّ بملكهم. بدل أن ييئس الشعب، بدءوا بالدعاء للملك بالشفاء و إرسال باقات الورود إليه. راح كل الشعب الدانماركي بإرسال الورود إلى قصر الملك. توقفت الحياة في البلاد ما عدا العربات المحملة بالورود المُرسلة للملك(المريض). عطلت الشوارع و شلت الحياة في المدن و الشعب مستمر بإرسال الورود. في النهاية رضخت سلطة الاحتلال لإرادة الشعب العظيمة و اعلنت عن شفاء الملك فجأةً. كان ذلك انتصاراً لإرادة الشعب بكل شرائحه و مذاهبه.

أمريكا: لأمريكا باع طويل في عمليات الاحتجاج السلمي و أكثرها شهرة هي تلك العمليات التي قامت ضد التمييز العنصري و قد تطرقنا إليها إلى جزء منها. كذلك ضد حرب الفيتنام و حرب العراق... فقد قام الشباب المعارضون للحرب الفيتنامية باحراقهم بلاغات الالتحاق بالجندية كاعتراض على الحرب و هذا ما يسمى في الفقه المدني بـ(الرد الوجداني). و أيضاً تبرع الألوف النقود لحركات العصيان المدني بدلاً من تسديد الضرائب، كدعم لحركات العصيان المدني و كرفض للضرائب.

الثورة المخملية: أو ثورة الورد الاحمر و هي حركة العصيان المدني السلمية التي قام بها الشعب الجورجي بقيادة ميخائيل سكاشفيلي ضد الرئيس السابق ادوارد شفاتنيزا. حيث أعتصم المتظاهرون امام مبنى البرلمان و بعدها اقتحموا البرلمان لمنع اداء شفاتنيزا لقسم الرئاسة. رفض الجيش استخدام العنف و العنوة ضد المتظاهرين المسالمين. و بسبب حمل المتظاهرين للورود الحمراء أثناء اقتحام البرلمان فقد سميت عمليتهم بـ(الثورة المخملية) بغض النظر عمن كان خلف هذه الحركة من القوى الدولية. و نفس الشيء حدث في أوكرانيا و لبنان و انتهت بنتائج ترضي الجماهير دون لجوءهم للعنف. أثبتت هذه الحركات قوة الجماهير و مدى تأثير اساليب اللاعنف السلمية أي العصيان المدني على تغيير الانظمة و إجبارها على الاصلاح او التنحي عن السلطة. هذه الاحداث أثبتت أمراً آخر، و هو أن حكومات تلك البلدان لم تكن ديكتاتورية و لا دموية. و خير برهان على ذلك عدم قمعهم و قتلهم للمتظاهرين العزّل كما ألفنا رؤيتها في سوريا و تركيا و الايران و الدول العربية الأخرى! هذا نابع من جبن و خساسة هذه الدول المرعوبة من الشعب، لأن الضعفاء و الجبناء وحدهم يلجئون للعنف ضد مواطنيهم العزّل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة