الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هم المغضوب عليهم والضالين في القرآن ؟

صباح ابراهيم

2021 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وردت سورة الفاتحة بالقرآن كبقية السور التي تعتبر أنها من كلام الله حسب الاعتقاد السائد بين المسلمين ان القرآن كله كلام الله المنزل بواسطة جبريل ، والفاتحة من كلام الله لأنها من سور القرآن . وان كان الكلام يراد ان يتكلم به النبي والصادر من الله لتبليغ الناس ، تبدأ الآية بكلمة (قل ....) . ولما كانت سورة الفاتحة لا تبدأ بكلمة (قل) فهي تعتبر من قول الله للناس .
ماذا قال الله في سورة الفاتحة ؟ هل قال الله : " بسم الله الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين، إهدنا السراط المستقيم، سراط الذين انعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين) .؟
ليستخدم المسلم عقله ويفكر معي ، إن كان الله هو قائل هذا الكلام دون ان يطلب من النبي او المسلمين ان يقول ذلك كدعاء أو فاتحة الصلاة . فكيف يقول الله : "إياك نعبد وإياك نستعين ؟ ولمن يوجه الله كلامه بقوله إياك نعبد وإياك نستعين ؟
سؤال آخر نستخرجه من هذه الفاتحة وهو عن (الصراط المستقيم) .كتب بالقرآن (الصراط) بحرف الصاد وليس السين .
هل أعطى الله المسلمين المؤمنين الصراط المستقيم الذي يطلبون يوميا ان يهتدوا إليه ؟
"أهدنا الصراط المستقيم "
ومن هم المغضوب عليهم والضالين المقصودين بسورة الفاتحة ؟
اتفقت جميع التفاسير الإسلامية القديمة للطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم على ان المقصود بالصراط المستقيم هو الإسلام، والطالبين للهداية إلى الصراط المستقيم هم المسلمون ، ولم يكتف المفسرون بتفسير أن أصحاب الصراط المستقيم هم المسلمون، بل تمادوا في تفسيراتهم المخالفة لآيات القرآن الى أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم المسيحيين (النصارى) . كي يبقى المسلمون وحدهم أهل الجنة وأتباع الرسالة المحمدية الناسخة لكل الأديان السابقة . وبذلك وقع المسلمون في دوامة العنصرية الإقصائية ،وتمجيد الذات الإسلامية لوحدها مع ذم وكراهية كل من هو غير مسلم من شعب الله المختار وأتباع السيد المسيح ولن يدخل ملكوت الله وجنته والفوز بنكاح حور العين سواهم .
إن هذه التفاسير الخاطئة التراثية تتعارض بشكل تام مع الآية القرآنية 62 من سورة البقرة القائلة : " إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين، من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا، فلهم أجرهم عند ربهم، ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون " .
هذه الآية الواضحة تبين تؤكد تأكيدا لا يقبل الشك، أن كل من آمن بالله وباليوم الآخر وعمل صالحا من المسلمين واليهود والنصارى، سيجزيهم الله أجرهم بما يستحقونه من الثواب ويؤمنهم من الخوف ويبعد عنهم الحزن ! واليهود والنصارى المسيحيون المذكورون بالتتابع ب (واو العطف) بعد المؤمنين (المسلمين) مساوون للمسلمين بحكم الجزاء بالأجر والأمان من الخوف وعدم الحزن بموجب القرآن وهم ليسوا كفارا ولا مشركين بل أهل الكتاب المقدس الذي به هدى ونور ومن الموحدين كما يسميهم القرآن. فكيف جاز للشيوخ والمفسرين التغافل عن هذه الآية وعدم الالتفات إليها، وتفسيرهم سورة الفاتحة بأن المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى، علما ان هذه السورة لا تشير إليهم لا من قريب ولا من بعيد أبدا، إنما كان ذلك من اجتهادهم البشري القابل للخطأ والذي يتعارض مع الآية 62 من سورة البقرة .
ولازال شيوخ الكراهية يدافعون عن هذه التفسيرات الخاطئة ويشرحون للمسلمين بتعليم خاطئ وإصرار الى اليوم ان المقصود بالمغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى مستندين الى التفسيرات الخاطئة لرجال يتضاربون فيما بينهم في تأويل وتفسير آيات القرآن من دون اتفاق .
والقرآن يوصي المسلمين ان يجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن .
" ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وقولوا امنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون "العنكبوت 46
فهل التناقض يكمن في آيات القرآن أم في عقول المفسرين ؟
وهل اعتبار اليهود من المغضوب عليهم والنصارى ضالون بالاجتهاد الشخصي للمفسرين، هو نوع من الجدال بالتي هي أحسن ؟ بينما وصية القرآن ان يكون التعامل بين المسلمين وأهل الكتاب من الأديان السماوية بالحسنى والجدال بالتي هي أحسن .
هل وصف المسلمين لليهود والمسيحيين بهذا الوصف المشين المضاد للقرآن سيزيد الترابط والمحبة والألفة بينهم جميعا؟ ام سيولد الكراهية والفرقة والبغضاء بينهم خاصة بين المواطنين المختلفين بالدين من شعب واحد يتجاورون بالسكن جنبا الى جنب في المدن والأحياء، ويعملون سوية في المصانع والدوائر الرسمية ، ويتقاسمون الخير والشر الذي يصيب الشعب والوطن بنفس النسبة على السواء .
لقد كانت في زمن النبي عداوة وتناحر بين النبي والمسلمين وأتباعه من جهة وبين يهود جزيرة العرب والمشركين من جهة أخرى، وقيل عنهم انهم (اشد الناس عداوة للذين آمنوا)، بينما قيل عن مسيحيي الجزيرة أنهم الأقرب مودة للمسلمين (الذين آمنوا) . فهل يصح أن تنسحب هذه العداوة على كل يهود العالم وفي كل أقطار المعمورة وفي كل القرون التالية وتداولها كل الأجيال اللاحقة وتعمل بنتيجتها ؟ وهل وصف فئة قليلة من المسيحيين (النصارى) في القرن السابع، التي عاشت بزمن النبي في مكة والمدينة بالضلال تبقى ثابتة في كل زمان ومكان في أقطار العالم شرقا وغربا ويؤمن بها المسلمون إلى الآن على مسيحيي اليوم ؟ الم يتعايش المسيحيون مع المسلمين في كثير من البلدان الإسلامية ضمن الشعب والوطن الواحد بمحبة ومودة ومشاركة أخوية، واستشهد الكثير من المسيحيين دفاعا عن الوطن والشعب في الحروب والمعارك واختلطت دمائهم معا في الخنادق المشتركة ؟
ألم يذكر القرآن أن بين المسيحيين "قسيسين ورهبان وأنهم لا يستكبرون" ؟ هل هذا دليل الذم والضلال ام الإشادة الحسنة بهم ؟
من هذا نستنتج ان ما جاء بالكتب القديمة وبعض التفاسير الخاطئة لسورة الفاتحة من تقديس للذات والتحريض على التحقير للآخر المختلف دينيا هو أنانية مريضة واستعلاء يكرس مفهوم الإقصاء الذي أنتج لنا في العصر الحالي فكرا داعشيا مريضا يدعو لتهجير المسيحيين من ديارهم وادى الى سبي واغتصاب الايزيديات و قتل رجالهم بدم بارد بحجة التكفير ومخالفة الدين واتهامهم بالشرك ؟
اما الصراط المستقيم المذكور بسورة الفاتحة وهذا ليس من ضمن العقيدة والعبادات، فالمقصود به هو السير في الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه في السلوك والتصرف الأخلاقي ، بل الطلب من المؤمنين الإستعانة بالله والهدايا الى ذلك الطريق المستقيم .
وختاما نذكر المصدقين بتلك التفسيرات الخاطئة، ان الذين أنعم الله عليهم هم المسلمون فقط، وان المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم المسيحيون ، نقول لهم انظروا للنعيم الذي منّ به الله على من تطلقون عليهم (بالمغضوب عليهم والضالين) من شعوب دول الغرب ذات الحضارة المتطورة والصناعات التي تذهل العقول والعلوم المتقدمة في الطب والهندسة وغزو الفضاء تحت ظل القوانين الإنسانية في العدالة والحرية، والتي وفرت للمسلمين في بلدانهم بشكل جاهز الطائرات والسيارات والإنترنت والهواتف النقالة والأدوية والأجهزة الطبية المتطورة، التي لا يحلمون بتصنيعها بقدراتهم الذاتية ولو بعد مئات السنين، بسبب تخلفهم عن ركب الحضارات العالمية .
انظروا الى تفشي الشعوذة والجهل والأمية والفقر وسوء التغذية وكثرة الأمراض والوفيات في صفوف المسلمين بدولهم الإسلامية، وكثرة الفساد والرشاوي والحروب والاقتتال بين المسلمين والمسلمين في بلدانهم . هذا هو تعريف من غضب الله عليهم وأنهم هم المغضوب عليهم وهم الضالين التي قيلت عنهم في سورة الفاتحة . بينما الذين أنعم الله عليهم هو من تسمونهم (الكفار) من اليهود والمسيحيين (النصارى) . فهم في نعيم الحضارة الغربية والحرية والأمان يتنعمون، وقوافل المسلمين المغضوب عليهم في بلدانهم الإسلامية والضالين في عرض البحار والبراري لازالت تهاجر بالقوارب المطاطية مجازفة بحياتها بين امواج البحار لكي تنال من هذا النعيم الغربي وتعيش في بلاد الذين أنعم الله عليهم بين اليهود والمسيحيين، ليتذوقوا طعم الحرية والأمان والإنسانية في ربوع تلك البلاد (الكافرة) .
فهل عرفتم من هم الذين أنعم الله عليهم، ومن هم المغضوب عليهم والضالين ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انهم وسط المعمعة ويطلبون حدوث المعمعة
سالم عاقل ( 2021 / 5 / 14 - 07:47 )
أن كان أصحاب الصراط المستقيم هم المسلمون، فلماذا يطلبون الهداية 5 مرات باليوم الى السراط المستقيم طالما هم المتفردين بملكيته، وحالهم حال ذاك الذي يملك اكثر من مليون دينار ويطلب من الله ان تصل ثروته لمليون دينار، فهل هناك عبث وشيزوفرينا وغوغاء فكري اكثر من هذا! ام ان المساكين لا يعرفون ما الذي يريدوه ويرددوه في صلاتهم، ثم (إياك نعبد وإياك نستعين) ان كانت وحي من الاله، فهل هناك اله اخر يعبده هذا الاله ويستعين به ام ماذا؟ تحياتي


2 - نقطه هامه
على سالم ( 2021 / 5 / 14 - 15:52 )
الاله يعفور لم يلتفت الى هذه النقطه الهامه , الاله يعفور دائما يتخبط فى كتابه الايات البدويه


3 - ردي على التعليقات
صباح ابراهيم ( 2021 / 5 / 15 - 10:00 )
اشكر كل الأخوة الذين شاركوا في ابداء رايهم بهذا الموضوع من خلال التعليقات ، وكنت ارغب ان اعرف راي ألإسلاميين بتفسير ما قلناه عن المغضوب عليهم والضالين ، ومن يكونوا حسب راي مؤلف القرآن ومن يعاني الآن من غضب الله ويعيش في ضلال وضنك الحياة ، و من هم الذين يتنعمون بنعيم بركات الله .