الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تأمّلات في الإِسْلام و القرآن 3 هل قَتَلَ محمّد آل بيته؟
سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر
(Sohel Bahjat)
2021 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تابعوني على تويتر @SoShow11 و اشتركوا في قناتي على يوتيوب https://www.YouTube.com/c/SohelBahjat
في نقدنا هنا لبعض أحاديث و روايات الشّيعة عن العلاقة الحميمة بين محمد (نبي الإسلام المؤسس) و ابنته و صهره و أحفاده لن يعني أنّ أحاديث السّنّة و فضائل الصحابة ذات قيمة ، بل هي موضوعات حالها حال الرّوايات الشّيعية.
أتذكرّ أنني عندما كنت متأثرا بالحالة الدّينية في تسعينيات القرن الماضي أنني كنتُ أغوص في بحوث الفضائل و جدل السّنّة و الشيعة حول تعريف من هم أهل البيت و هل أزواج محمّد – زوجاته – هنّ من أهل البيت أم لا و هل كان محمد يقدّر ابنته بذلك القدر الجليل و طبعا فإنّ موضوع الفضائل هو محلّ صراع مذهبي عريق في القدم و كان بنو أمية يروّجون أحاديث في فضائل أبي بكر و عمر و عثمان و معاوية و يحطّون من قدرِ عليّ بن أبي طالب و أنصاره.
بالمقابل كان العلويون المعارضون لبني أميّة يروّجون لأحاديث فضائل علي بن أبي طالب و يشدّدون على أنّ عليا لم يكن فقط صهر محمد بل أشبه بأن يكون ابنة. و كمثال ، يروي الشيخ الصدوق – أحد أعمدة المذهب الشيعي في (علل الشرائع ج 1 ص 127) عن : ".علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال سألت أبا الحسن [يعني علي بن أبي طالب]" ع " فقلت له لم كنى النبي صلى الله عليه وآله بأبي القاسم؟ فقال لأنه كان له ابن يقال له قاسم فكنى به قال فقلت له يا بن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة؟ فقال نعم، أنا علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أنا وعلي أبوا هذه الأمة قلت بلى، قال اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله أب لجميع أمته وعلي " ع " فيهم بمنزلته؟ فقلت بلى قال اما علمت أن عليا قاسم الجنة والنار قلت بلى قال فقيل له أبو القاسم لأنه أبو قسيم الجنة والنار" و هذه الفضائل واضحة جدا في كونها موضوعة و سأشرح لماذا لاحقا كما أنها تظهر الطّبيعة الأبوية الذكورية للإسلام الشّيعي و السّنّي حيث يروي السّنة أيضا اعتبارهم محمّد أباً و نبيّا للمسلمين.
أيضا ، كان بنو العباس يروجون لأحاديث تناسب مصلحة حكمهم و إمبراطوريتهم فتارة كانوا يروجون لنفس الأحاديث الّتي تواجه بني أمية و لا شرعية حكمهم حينما كان بني العبّاس مع المعارضة العلوية الشيعية ضدّ بني أمية ، لكن ، ما إن جاء العباسيّون بدولتهم و رجالهم و أسّسوا حكمهم على أنقاض الحكم الأموي المنهار ، و جد أبو جعفر المنصور و المهدي و الهادي وهارون (الّذي سموه الرّشيد) لاحقاً أن العلويين منافسون حقيقيون و بالتالي كان عليهم الترويج مرّة أخرى لروايات تناقض الروايات الشيعية.
و الآن في ظلّ هذا الكمّ الهائل من الروايات المختلقة و الاختلاقات المضادة و أضداد الأضداد من الاختلاقات ، هل يمكننا أنّ نجزم أن محمدا كان على علاقة وثيقة بابنته فاطمة؟ كما رأينا في الحديث الشيعي أعلاه فإن استخدام الشيعة لكنية أبي القاسم للنبي محمد فيها عدة إشكالات. أولا: لا يبدو أن وجود حديثٍ رواه السّنة و الشّيعة عن أنّ عليا هو "قسيم الجنّة و النّار" يصلح للقول أن محمداً اعتبر نفسه أباً لعلي بن أبي طالب ، ابن عمّه و متبنّاه و صهره ، كما يقول السّيد كمال الحيدري في تفسيره سبب كنية محمد بأبي القاسم في الفيديو أدناه:
https://youtu.be/Gu8ZV6pRhNI
من خلال التاريخ المسجل كتاريخ معتمد لدى السّنة و الشيعة نجد تفسيرا أكثر معقولية أن محمدا كان له ابنٌ يسمّى القاسم و هو ما أقره حديث الشيخ الصدوق أعلاه – و ليس قسيم كما يُنعت عليّ بن أبي طالب – و يبدو من خلال هذا التاريخ أنّ محمدا لم يهتم كثيرا بمصير فاطمة و أبنائها و حقيقة أنّ الخلفاء قاموا بتهميش و اضطهاد و حتّى إبادة أبناء و أحفاد فاطمة على يد الخلفاء كأبى بكر و عمر و عثمان و بني أمية و كيف أنّ هؤلاء استأثروا بالسلطة و الحكم بكل سهولة لعقود طويلة يظهر أنّ محمدا لم يهمل (ابنته) فاطمة فحسب ، بل إنّ قرآنه لا يذكرها و زوجها أو أبنائها قط و ما يحيلنا إليه فقهاء الشّيعة هي روايات تؤول على أنها تعني فاطمة و زوجها علي و أبنيهما حسنٌ و حسين اللذين ماتا اغتيالا ، فالإحالة إليهما رمزي لا أكثر.
أحاديث فضائل آل البيت الشيعية لا تصلح بتاتاً للاستدلال لسبب رئيسي واضح و هي أنها فضائل ينسبها أئمة آل البيت لأنفسهم و هذا طبعا يشبه الدّور المنطقي المحال بحيث لا يصلح تأسيس علمنا ب زيدٍ من الناس بالاستدلال بزيد نفسه ، و الأمر يشبه عدم صلاحية الاستدلال بالقرآن على عصمة القرآن لأنّه دور و الدور باطل منطقيّا و هو يسمى بالإنكليزية circular reasoning و يسمى أيضا باللاتينية circulus in probando إذ لا بد للدليل أن يأتي من غير المدّعي.
الأرجح أنّ محمدا لو كان أعلن بالفعل أهمية علي بن أبي طالب و فاطمة في تأسيسه للإسلام و لو كان اسمهما و شخصهما مشخّصين في القرآن – الّذي نفترض معهم عصمته عن التحريف – لكان من شبه المستحيل على أبي بكر و عمر و بني أميّة الاستئثار بالسلطة و قتل حسين بن فاطمة و علي و قتل أبناء حسينٍ بتلك البشاعة و رغم عدم وجود نصّ قرآني عن الحسين فإن قاتليه كانوا يرتعدون من مواجهته بسبب صلة نسبه بنبي الإسلام و وجود أسماء هؤلاء في القرآن – لو كان حدث - لكان سيضيف لهم حماية اجتنماعية و سياسية تحميهم و تجعل رسالة الإسلام (عبر آل البيت) أكثر منطقية و متانة و هو ما فشل إله و نبيّ الإسلام في تحقيقه.
نجد في القرآن هذه الآية: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَاۤ أَحَدࣲ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِیِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمࣰا﴾ [الأحزاب ٤٠] و نجد تفسير الجلالين يقول: "﴿ما كانَ مُحَمَّد أبا أحَد مِن رِجالكُمْ﴾ فَلَيْسَ أبا زَيْد: أيْ والِده فَلا يَحْرُم عَلَيْهِ التَّزَوُّج بِزَوْجَتِهِ زَيْنَب ﴿ولَكِنْ﴾ كانَ ﴿رَسُول اللَّه وخاتَم النَّبِيِّينَ﴾ فَلا يَكُون لَهُ ابْن رَجُل بَعْده يَكُون نَبِيًّا." فالواضح هنا – إلى جانب انشغال محمّد بنزواته الجنسيّة – أنّ النبي محمّد كان يسعى لأن يكون له ولدٌ ذكر على الأرجح و المفسر يفترض أنّه لو كان لمحمد ولدٌ ذكَر – بدل فاطمة – لكان هذا الولد أصبح نبيّاً بالوراثة.
و ينقل الطبري في تفسيره ج 6 ص 117 "عن قتادة قوله ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ قال: نزلت في زيد، إنه لم يكن بابنه، ولعمري ولقد ولد له ذكور؛ إنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر ﴿وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ أي: آخرهم ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾." بينما يقول ابن كثير في تفسيره ج 11 ص 42: " نَهَى أَنَّ يُقَالَ بَعْدَ هَذَا: "زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ" أَيْ: لَمْ يَكُنْ أَبَاهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَبَنَّاهُ، فَإِنَّهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، لَمْ يَعِشْ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ حَتَّى بَلَغَ الْحُلُمَ؛ فَإِنَّهُ وُلِدَ لَهُ الْقَاسِمُ، وَالطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، مِنْ خَدِيجَةَ فَمَاتُوا صِغَارًا، وَوُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، فَمَاتَ أَيْضًا رَضِيعًا ، وَكَانَ لَهُ مِنْ خَدِيجَةَ أَرْبَعُ بَنَاتٍ: زَيْنَبُ، وَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، فَمَاتَ فِي حَيَاتِهِ ثَلَاثٌ وَتَأَخَّرَتْ فَاطِمَةُ حَتَّى أُصِيبَتْ بِهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ."
فغياب ذكر فاطمة – تحديدا – و و غياب ذكر زوجها عليّ و أبنائهما عن القرآن و تشديد القرآن على أنّ محمّدا لا ولد ذكور له كما رأينا أعلاه ، هذه الأمور هيئت الظروف للخلفاء جيلا بعد جيل لقتل و سحل و إبادة أحفاد فاطمة و عليّ إلى حدّ أن أبى الفرج الأصفهاني (عاش في القرن العاشر الميلادي) ألّف كتابا اسماه مقاتل الطالبيين ، كما أن صلاح الدين الأيوبي قام في القرن الثاني عشر الميلادي بإبادة البلاط الفاطمي الشيعي في مذابح ذهبت مثلا في الإجرام و القسوة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في لبنان وغزة
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان.. إبداع في الدفاع ع
.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح -حكم الصلاة على الأذان في ا
.. 82-Al-Aanaam
.. هل هبط آدم من الفضاء ؟