الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة والعقاب -١

حازم السيد رويحة
كاتب وباحث

(Hazem Rwiha)

2021 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتاب القرءان كتاب الهدى يحدث الناس باسلوب من البيان والمنطق، ويوصي باستعمال العقل لفهم ءاياته، ومن الكلمات في القرءان الذي أنزل بلسان عربي لها معنى عام ويتم تحديد معنى الكلمة في إطار سياق النص من الآيات، و قد تكون الكلمة لها عدة دلالات مختلفة وتفهم معانيها من سياق النص والموضوع وما قبلها وما بعدها من الكلمات.

مثلا حرف "ما" معناه النفي كما في قول الله:
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3)} [النجم 53: 1-3]
(ما ضل) ما النافية تنفي عن الرسول صاحبكم أن يكون ضل في إبلاغ الوحي، (ما غوى) تنفى عنه أن يكون غوى أصحابه بكلام من عند نفسه، (ما ينطق عن الهوى ) تنفي عنه أن ينطق عن هوى نفسه.

"ما" للمعرفة والإثبات بمعنى الذي، التي، الذين...
يقول الله:
{فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11)} [النجم : 10-11]
ما للتعريف والإثبات، فأوحى إلى عبده (ما أوحى..تعني ذلك الذي أوحى)
(ما كذب ما النافية تنفي عنه الكذب) ، (ما رأى ما للتعريف والإثبات تعني الذي ذلك الذي رأى)

نجد أن الحرف "ما" يأتي بمعنيين مختلفين مرة للنفي ومرة للإثبات وفهم معنى "ما" يكون من سياق النص والآيات.



قد يكون معنى الكلمة عاما مثل كلمة "قتل" والتي تعني فصل الجزء عن الكل ، والتي تفهم في سياق النص بمعنى الهلاك الموت وفصل النفس عن الجسد أو أن لفظة "قتل" تأتي ولها دلالة أخرى تفهم من سياق النص كما سأبين في مقالي هذا.

لما هزم موسى سحرة فرعون بقوة ءاية الله في تحول عصا موسى إلى ثعبان يلقف ما صنع سحرة فرعون، ءامنوا بالله فغضب فرعون وأنذرهم بعقاب العذاب و القتل وبطريق مجرم وظالم أليم، بأن يقطع أيديهم وأرجلهم ويصلبهم في جذوع النخل، ذلك العقاب الوحشي الفاجر لكونهم عصوا أمر فرعون وءامنوا برب موسى وهارون.

ونرى في ءاية أخرى يذكر بها عقابا جزاء للذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا بألفاظا مشتبه ولكن البحث في تفاصيل المعاني والأدلة يبين ما هي كيفية الجريمة وما تستحقه من الجزاء العقاب الذي لا يماثل عقاب فرعون الإجرامي الظالم.




فيما يلي قصة النبي موسى وفرعون والسحرة الذين ءامنوا بالله وعقاب فرعون لهم حسب شريعة فرعون المجرم الملعون، وكما ذكرت تلك القصة في سورة الأعراف 7 و سورة الشعراء 26.

يقول الله سبحانه وتعالى:
{اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ (45) قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ (48) قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ (50) قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ (51) قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (53) كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (54) ۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55) وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ (56) قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ (60) قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ (62) قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ (64) قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ (70) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ (71) قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (73) إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ (74) وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّىٰ (76)}
[سورة طه 20 : 42-76]

حكم شرع فرعون المستكبر الملعون بقتل أنفس السحرة الذين تابوا إلى الله فيعاقبهم بأبشع عذاب وقتل وسفكا للدماء (فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) فرعون يعاقب بقطع بتر الأيدي والأرجل أطراف السحرة، وقطعها من خلاف تعني قطعها من خلف الأطراف، من نهاية الأطراف بقطع الأيدي من الاكتاف ويقطع الأرجل من نهايتها من أعلى الفخذ عند الحوض فيصير الجسد من دون أطراف ينزف دما في عذاب أليم حتى الموت.
(ولأصلبنكم في جذوع النخل) ويصلبنهم يعني يثبت الأجساد المقطعة الأطراف النازفة في جذوع النخل وذلك عذاب شديد، كانو يقلمون أغصان النخل حتى تصيىر كرؤوس الرماح ويضعوا عليها الأجساد المقطعة الأطراف ويثبتوها بشدة فتصلب في جذوع النخل تنزف دما حتى الموت ولتكون تخويفا لكل من يعصى أمر فرعون المستكبر الملعون.

على الرغم من ذلك العذاب لم يردع سحرة فرعون الذين تابوا وءامنوا بالله العزيز الحكيم

قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (73) إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ (74) وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّىٰ (76)}
[سورة طه 20 ]


كلمة "قطع" تعني عمل حد فاصل وهي تقارب المعنى العام لكلمة "قتل" التي تعني فصل الجزء عن الكل.

كلمة قطع لاتعني بالضرورة البتر ، وجزاء السارق والسارقة في شرع الله كما بين القرءان الكريم ليس بتر اليد الطرف من جسم السارق ولكن جزاء السارق قطع الأيد الأموال، وهو عمل حد فاصل بين السارق وبين كل ما يملك من مال، كمصادرة أمواله إلى أن يصلح من بعد ظلمه ويرد قيمة المال المسروق إلى أصحابه توبة له فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم.

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (39)} [سورة المائدة 5 : 38-39]

(والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) فاقطعوا أيديهما تعني اقطعوا أموالهما، لأن أيديهما مثنى أيد أو أيدي، ولفظة أيد أو أيدي هي جمع "يد" وأقل جمع هو ثلاثة، والأية عرفت ماللسارق ب الأيد ويستحيل أن الآية تعني قطع اليد الطرف من جسم الانسان لأن كل إنسان له يدين اثنين فقط وليس له جمع من الأيد الأطراف.

ودليل ثاني على أن الأيد تعني الأموال، يقول الله:
{اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص 38 : 17]
داوود ذا الأيد، هو نبي عليه الصلاة والسلام وله يدين طرفين اثنين، والآية ذكرت الأيد، والأيد جمع أكثر من يدين اثنين، وفي تلك الآية الأيد تعني المال، (واذكر عبدنا داوود ذا الأيد الثري ذو الأموال).

حدود فاصلة

{وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سورة التوبة 9 : 121]

(ولا يقطون واديا إلا كتب لهم) تعني ولا يقطعون حدود فاصلة لوادي من الأرض إلا كتب لهم تحت سلطتهم.

{قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ} [ سورة النمل 27 : 32]

(ما كنت قاطعة أمرا) تعني ما كنت قاطعة أمرا بحد فاصل في شئون الحكم.

أما الآية التالية فيها شرع الله العزيز الحكيم الذي يختلف عن شرع فرعون المستكبر الظالم.

{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ الله غفورٌ رَّحِيمٌ (34)} [سورة المائدة 5: 33-34]

(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا)
توصيف الجريمة:
1- الذين يحاربون الله ورسوله: الحرب حالة عامة تبدأ بمقدمات عدوانية من فئة ضالة ضد المؤمنين إلى أن يتلاقوا في مواجهة ويتقاتلوا في ساحة القتال، ثم ينتهي التقاتل ويتم تبادل الأسرى بالفداء ويمن المؤمنون بما يبقى من الأسرى ويطلقوا سراحهم وتضع الحرب أوزارها وتبرم المعاهدات بين الفئتين.
فالحرب حالة أعم من القتال.

وقد بينت الآيات في سورة التوبة 9 من هم الذين يحاربون الله ورسوله.

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)} [التوبة9 : 107-110]

الذين يحاربون الله ورسوله اتخذوا مسجدا
1- ضرارا بالذين ءامنوا.
2- كفرا بالعهد وبالأمان والسلام في الدولة المدنية.
3- تفريقا بين المؤمنين.
4- إرصادا لمن حارب الله ورسوله، وهم الذين يعملون الضرر، والكفر بعقد الأمان الإجتماعي للدولة المدنية، ويفرقون بين المؤمنين.

فما سبق من توصيف لجريمة الذين يحاربون الله ورسوله، وذلك من أفعال المنافقين الكارهين للرسول والمؤمنين، ولم تصل الجريمة ألى درجة التقاتل وسفك الدماء، ولكن هي جريمة المكائد بالضرر الاقتصادي والكفر بالسلام الاجتماعي عن طريق التحريض على الكراهية والتفريق بين المؤمنين وإضعاف وحدتهم وقوتهم.
ذلك فعل الذين يحاربون الله ورسوله.

أما في توصيف جريمة (يسعون في الأرض فسادا) وهي مكملة للجريمة السابقة تبينها الآيات التالية،..

يقول الله:

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنم وبئسَ الْمِهَادُ (206)} [البقرة 2: 204-206]


(وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها) تعني الذين يسعون في الأرض فسادا.

(ويهلك الحرث والنسل) يهلك يقتل الحرث من ثمار الزروع وما تنبت الأرض، ويقتل النسل من الحيوان والأنعام ظلما وإسرافا ومكرا وإستكبارا.
فالسعي في الأرض فسادا إثم في معظمه إهلاك وقتل الحرث والنسل، ونرى ذلك الأسلوب القرءاني الذي يعرف بعطف العام على الخاص للتأكيد والبيان.

كمثل قول الله: (قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق، ومن شر غاسق إذا وقب، ومن شر النفاثات في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد)

إننا نعوذ برب الفلق الذي فلق البحر والذي فلق الإصباح والذي فلق الحب والنوى، من شر ما خلق يعنى من شر كل ما خلقه الله ، ما خلق تفيد العموم كل الخلق ثم يعطفها على خواص وهم غاسق إذا وقب هو بالضرورة من ما خلق وكذلك النفاثات في العقد وحاسد إذا حسد من ما خلق، ذلك عطف العام على الخاص للبيان والتأكيد.

عطف العام (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها) "و" العطف، على الخاص (يهلك الحرث والنسل).

القتل:

القتل يعني فصل الجزء عن الكل، القتل يعني الهلاك والموت إذا كان فصل النفس عن الجسم ويعرف تحديدا بقتل النفس.

وقد يعني القتل بأنه فصل النبي عن مقام النبوة والإيمان وذلك بإدعاء قول زور يسيء إلى الأنبياء أو تحريف معنى نصوص الوحي بما يتهم سمعة النبيين ويفصلهم عن مكانة النبوة والخلق النبوي العظيم.

أو أن القتل يعني عملية الوضع والولادة بوصفها فصل الجنين عن رحم أمه.

أو يكون معنى القتل البعد عن الإيمان والعزل عن فهم ءايات الكتاب لكل منكر لا يؤمن بها،

وكل تلك الدلالات لمعنى القتل تأتي وفقا لمنطق فهم المعاني ضمن سياق النص وما يحمله النص من قرينة تحدد المعنى.

يقول الله:

{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة : 45]

(وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) كتب الله في التوراة أن من قتل نفس بريئة متعمدا فجزاءه القتل، النفس بالنفس وذلك هو شرع الله بالعدل، العدل بأن النفس تساوي نفس أي كانت طفلا صغيرا أو ذكرا أو أنثى، كل الأنفس تتساوى بالعدل، جزاء القتل العمد ولا دية ولا عفو تصدقا في القتل العمد.

وتقتل النفس بالنفس بمحاكمة عادلة أساسها الحق.
{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} [الإسراء17 : 33]

(ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل) ولي المقتول ظلما وعمدا لا حق له إلا في قتل القاتل أما من يتجاوز ويقتل ءاخرين لا ذنب لهم كعادة الثأر الجاهلية الظالمة فذلك يدخل في إطار القتل العمد المحرم تحريما عظيما.


أما جزاء العين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن، والجروح في باقي اعضاء الجسم إما بالقصاص إذا أراد ذلك من وقع عليه الظلم أو قد يعفو عن الفاعل ويقبل الدية.

جزاء القتل الخطأ:
يقول الله:

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء : 92-93]

(ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) كل مواطن يعيش في الدولة المدنية هو مؤمن...
إذا كان يؤمن بالله فمن فروض الإيمان بالله أن يؤمن للناس ويعايشهم بأمان، وإن كان المواطن لا يؤمن بالله فهو ملزم أن يؤمن للناس ويعايشهم بأمان في دار الأمان الدولة المدنية.

يقول الله:

{وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة9 : 61]

(ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) ويقولون هو أذن يأذن لكل من يطلب منه الإذن وينصرف عنهم لشأن خاص به، (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين ءامنوا منكم) ويؤمن للمؤمنين تعني عقد الأمان الإجتماعي لكل من يعيش بأمان في الدولة المدنية.

ومن يقتل مؤمنا خطأ:
فتحرير رقبة مؤمنة، والرقبة هي كل شيء يراقب، أو يترقبه الناس، والناس تترقب لحاجتها الأساسية الطعام والأمان، (الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف).

فرقبة مؤمنة تعني وحدة رقابة أمنية يحررها وينشأها أو يشارك في تحريرها الذي قتل مواطنا ءامنا خطأ، قد تكون وحدة رقابة مرورىة أمنية على الطريق السريع إذا صدم أحد المواطنين شخص ءاخر بسيارته فعليه تحرير رقبة مؤمنة وحدة رقابة لتنظيم المرور والحفاظ على الأنفس، أو المشاركة بتحرير وإنشاء قسم بوليس رقبة مؤمنة، رقابة أمنية.
وعليه أن يدفع مبلغ كبيرا من المال دية القتل الخطأ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قل لي سببا واحدا
ايدن حسين ( 2021 / 5 / 16 - 14:39 )
الاخ حازم السيد رويحة
قل لي سببا واحدا اجبر الله على استخدام كلمة الايدي بدلا من الاموال ان كان قصده قطع الاموال لا قطع الايدي
و هناك من يقول ان الضرب لا تعني الضرب
و ان القتل لا تعني القتل و ان الصلاة لا تعني الصلاة
اذن من حقنا ان نقول ان العبادة لا تعني العبادة .. و ان اربع لا تعني اربع بل تعني خمسة
و ان محمد لا يعني محمد بل يعني ايوب مثلا
كفاكم يا اخي مثل هذه الجدالات
القران كتبه محمد و ليس هناك اي وحي و لا جبريل و لا شياطين
لهذا السبب جاء القران بهذا الشكل الركيك و المتناقض
قل سببا واحدا ان يعيد الله نفس الموضوع .. موضوع القيامة في عدة سور .. القارعة و التكوير و سور اخرى كثيرة .. و الموضوع واحد لا يتغير .. هل يعقل ان يقوم الله بتوضيح نفس الشيء في عدة سور
و احترامي
..

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج