الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشباب الكوردي ومحنة العربية الملغاة

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2006 / 8 / 7
القضية الكردية


ما اثار في نفسي مشاعر الاحزان والاحباط.. خلال رحلتي الى كردستان حزيران الماضي.. وذلك لرصد مشهدهاالادبي والثقافي هناك بوصفه احد المكونات المهمة في بنية الثقافة العراقية وموروثها الابداعي.. وانطلاقاً من نظرية التوازن الثقافي ما بين المركز والاقاليم وفق رؤية تنسجم والتغييرات السياسية الحاصلة عقب زوال الدكتاتورية.
ما اثار في نفسي مشاعر الاحزان هو انقطاع جيل كامل من الشباب الكرد عن اللغة العربية قراءة وكتاباةوانتاجاً.هذا فضلا عن اللسان. في الوقت الذي حلت فيه محلها في الاهتمام والتبني لغات اخرى كاللغة الفارسية والتركية والانكليزية.
ومن المفارقة ان يشاطرني في مشاعر الالم هذه.. نخبة من المثقفين الكرد شعراء وباحثين ممن درسوا في الجامعات العراقية في فترات سابقة ومن تعاطى في ثقافتة قراءة وانتاجاً على ماتصدره المكتبة العربية وترجماتها من الآداب العالمية.
لم تغب لغة الضاد وحدها عن لسان الشباب الكرد بل غابت الكتب العربية والاهم من ذلك كله غاب الدرس التقليدي في اللغة العربية عن المدارس الكردية بجميع مراحلها الابتدائية والثانوية والجامعية.
ولا يمكن اثارة هذه القضية دون اغفال حالة ردود الافعال الذي ولدته اثار التسلط الشوفيني للسلطة البعثية وممارستها القومية العنصرية ليس ضد الكورد بل لجميع الفئات الاثنية والدينية الوطنية. مما شكل واحداً من اهم الاسباب الموضوعية لهذه الظاهرة المؤلمة.. التي لاقت استحساناً وتشجيعاً من الرواد الاوائل والنخبة الثقافية في كردستان بذرائع منها.. ان المثقفين العرب بعيداً عن مؤسسات السلطة الغاشمة وممارساتها الشوفينية .. لم يبادروا الى انشاء مراكز خاصة للترجمة او تعليم اللغة الكردية.. كما لم يكن هناك اهتمام في ترجمة اللغة الكردية.. وادابها بالحجم الذي يناسب موردثه الابداعي والفكريمن قبل المترجمينالعرب العراقيين ومن هنا وبأحساس من الالم الممض يمكن القول بان جيل الشباب الذي نما وترعرع فيما بعد انتفاضة الربيع المباركة لعام 1991.. هو جيل غائب عن منتجات الثقافة العربية.. اداباً وبحثاً ولغة.وادى ذلك بالطبع للانفقطاع عن روافد الثقافة العراقية.
وللخروج من هذه المحنة واعادة صور التواصل من جديد واعتماد الترجمة المزدوجة كواحدة من الحلول العاجلة.. ما نأمل ان تقوم به المؤسسات المدنية الثقافية والرسمية على حد سواء في اقليم كردستان او بقية اقاليم الحكومة الفيدرالية المركزية..
وينتظر الادباء الكرد.. مبادرة من اخوتهم العرب العراقيين.. لاقامة مراكز لدراسة وترجمة الثقافة الكردية.. وعدم الاقتصار على الزيارات العابرة اوالاستضافات لهذا الاديب او ذاك.
والسعي في ذلك الاتجاه هو رد طبيعي للتاريخ الشوفيتي لحكومة البعث المبادة وانسجاماً مع الرغبة والتطلع الى بناء هوية ثقافية عراقية تتكامل في اطارها البنيوي جميع موروثات مكوناتها القومية والاثنية والدينية. ولتسهم كذلك هذه الثقافة في رأب الصدع الحاصل في تلك الهوية الوطنية التي لم تعد تحتمل المزيد من التشظي والتهشم والضياع. خصوصاً.. ان بقايا الصدامية.. وايتامها.. ومن يقف لدعم مشروعهم السياسي الدموي.. مازال ماثلاً في المشهد الدموي العراقي اليومي ويتربصون... لاجهاض التجربة الوطنية الجديدة.. التي ترمزالى الحرية والتسامح والتعددية كثقافة بديلة لتاريخ ثقافة الاستبداد والعنف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟