الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارل ماركس: حول المسألة اليهودية

محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)

2021 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتب كارل ماركس Karl Marx (1818-1883) كتابه (La question juive ) (تُرجم إلى العربية تحت عنوان "حول المسألة اليهودية، ترجمة د. نائلة الصالحي، منشورات الجمل، 2003، وهي ترجمة ملتبسة) وعمره 25 سنة. ينتقد في هذا الكتاب أفكار برونو باور Bruno Bauer (1809-1882) حول المسألة اليهودية.
تساءل برون باور عن مدى تلاؤم الدين مع الحرية السياسية التي تضمنتها حقوق الإنسان، وتحديدا فيما يخص المطالب السياسية التي طالب بها يهود بروسيا. وقد بدا موقف برونو باور معاديا لليهودية إن لم يكن معاديا للسامية.
يرى كارل ماركس أن المسألة اليهودية لا تتعلق بالدين. وبالرغم من أن برونو باور قد أثار مسألة تحرر اليهود، لكنه لم يَسْمُ بهذه القضية إلى مستوى التحرر الإنساني. لقد ركز برونو باور على العلاقة ما بين الدين والدولة، ولم يستوعب أن الإنسان هو الذي ينبغي تحريره وليس اليهودي وحده.
لقد أوضح ماركس أنه "لا يبحث عن سرّ اليهودي في دينه"، وإنما "يبحث عن سرّ الدين فِي اليهودي الواقعي". وطالب بالتفكير في "اليهودي الدنيوي الواقعي العادي" وليس في "يهودي الشابات".
يقود التفكير في المسألة اليهودية، بالنسبة لماركس، إلى فهم أن التحرر السياسي ليس هو التحرر الإنساني، إذ تتضح حدود التحرر السياسي بشكل مباشر لما تتحرر الدولة من عائق معين دون أن يقود تحرر الدولة هذا إلى تحرر الإنسان. فالدولة يمكن أن تكون حرة دون أن يؤدي تحررها إلى تحرر الإنسان.
تقوم الدولة بطمس الإنسان، وذلك بتعويضه بالفرد السياسي: تحرير هذا الفرد أو ذاك لا يعني تحرير الإنسان، والسبب هو أن الفرد يوجد دوما تحت سيطرة الدولة السياسية. يستنتج ماركس من هذا التمييز أن الحرية المدنية لليهود ليست حلا للمسألة اليهودية. فالمسألة اليهودية هي مسألة العبث بالأخلاق في اليهودية. فالدين اليهودي ليس هو مفتاح التّهوّد. فاليهودية هي ماهية مثالية مجردة لليهودي.
إن التفكير في المسألة اليهودية يتطلب التفكير في اليهودي الواقعي، يهودي الحياة اليومية، أي لا ينبغي اختزال اليهودي الواقعي في "يهودي الشابات" ولا ينبغي تعويض اليهودي الواقعي "بيهودي الشابات".
يرى ماركس أن اليهود الواقعيين، يهودَ الحياة اليومية، يستغلون دينهم (مشكلة الأخلاق في اليهودية) لحجْب أهدافهم الدنيوية المكروهة والمقيتة. يقول ماركس في هذا الصدد: "ما هو العمق الدنيوي لليهودية؟ إنه الحاجة العملية، المنفعة الشخصية. وما هو الطقس الدنيوي لليهودي؟ إنه التجارة غير المشروعة؟ وما هو الإله الدنيوي لليهودي؟ إنه المال؟".
يلاحظ ماركس أنه لا معنى للدونية السياسية لليهود أمام خضوع السلطة السياسية للقوى المالية، وهم سادة هذه القوى المالية. ويستنتج أن حل المسألة اليهودية يمر عبر التخلص من التجارة غير المشروعة (التي يمارسها اليهود الدنيويون)، وهذا الأمر سيمكن اليهود من المساهمة في تحرر الإنسانية ككل.
تكشف المسألة اليهودية عن فساد المجتمع البرجوازي. ويتهم ماركس اليهودية بمسؤوليتها -في آخر المطاف- عن استلاب الإنسان لأنها نشرت تصورا عن العلاقة مع العالم تقوم على الحاجة الأنانية والتجارة غير المشروعة. وإذا نجحت اليهودية في الاستمرارية حتى اليوم فسبب ذلك هو أن التّهوّد صار دنيويا ومنتشرا في المجتمع البرجوازي الذي تبنّى الروح العملية المميزة لليهود. فهؤلاء جعلوا من المال أسمى هدف، ولوثوا ذهنية الشعوب الأوروبية بذلك. يقول ماركس: "لقد تحرر اليهودي بطريقة يهودية، ولم يتم ذلك بتحوله إلى سيّد للسوق المالية، ولكنه تمّ لأن بفضله ومن خلاله تحول المال إلى قوة عالمية، وتحولت الروح العملية اليهودية إلى روح عملية للشعوب المسيحية. لقد تحرر اليهود بتحول المسيحيين إلى يهود".
لقد صار المجتمع كله اليوم في خدمة إله المال، هذا الإله الذي يحول كل شيء إلى سلعة. ومن الناحية العملية، يُعلّم ُ هذا الدين الدنيوي احتقار الطبيعة والحياة والعقل والفن والتاريخ والإنسانية كما أنه يختزل كل شيء في الملكية الخاصة.
المرجع:
- Karl Marx, sur la question juive, présentation et commentaires de Daniel Bensaïd, la Fabrique, 2006.

ملاحظة: لمزيد من التوضيح يمكن الطلاع على مقالات ذات صلة في الصفحة التالية: (المعرفة للجميع)

https://www.facebook.com/hilaliphilo








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمن سيصوت يهود أميركا في الانتخابات الرئاسية؟


.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم




.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah