الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة والعقاب -٣

حازم السيد رويحة
كاتب وباحث

(Hazem Rwiha)

2021 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القتل يعني فصل الجزء عن الكل، فإذا كان قتل النفس فذلك يعني فصل النفس عن الجسم.
وللقتل دلالات أخرى نفهمها من سياق النص والآيات.

وقد يعني القتل بأنه فصل النبي عن مقام النبوة والإيمان وذلك بإدعاء قول زور يسيء إلى الأنبياء أو تحريف معنى نصوص الوحي بما يتهم سمعة النبيين ويفصلهم عن مكانة النبوة والخلق النبوي العظيم


يقول الله سبحانه وتعالى:

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عصوا وكَانُوا يَعْتَدُونَ} [سورة البقرة2 : 61]

في سياق الآيات السابقة كان موسى وبنو إسراءيل قد خرجوا من سلطة فرعون في مصر ودخلوا سيناء بعد أن فلق لهم الله البحر فنجوا وغرق فرعون وجنوده، ثم إن الله رزقهم طعام المن الذي يصنعون منه الخبز ، والسلوى الطير الذي ينزل عليهم من السماء ليأكلوا لحما شهيا، ثم إن بعضهم لم يصبر على أن يأكل ذلك الطعام كل يوم، فسألوا النبي موسى عليه السلام أن يدعوا ربه ليخرج لهم أنواع أخرى من الطعام فاستجاب الله لموسى وقال لهم اهبطوا مصرا قرية زراعية من الأمصار ليجدوا فيها من البقول والحب والخضر والزرع.

(وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله) عقابا لبعضهم (ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله بعد أن تأتيهم وتعجزهم ليروا أن الله هو العزيز الحكيم، ثم يأتيهم أمر الله فيعصوه، ويقتلون النبيين بغير حق، القتل المذكور في الآية ليس بقتل أنفس النبيين، ولكن قتلهم النبيين بما اعتدوا على مقام النبيين وأذيتهم، إن سياق الأحداث في تلك الآية يبين أن أنبياء بني إسراءيل في ذلك الوقت هم (الأب يعقوب إسراءيل، ويوسف، وموسى وهارون عليهم الصلاة والسلام) وبني إسراءيل لم يقتلوا نفس أي نبي منهم، وبذلك فإن سياق النص والأحداث أن قتلهم النبيين بغير الحق ليس قتل نفس ولكن أن بعضهم اعتدوا على مقام النبيين وءاذوهم.

يقول الله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب33 : 69]

الذين أذوا موسى عليه السلام قتلوه وفصلوه من مقام النبوة والخلق العظيم وأذوا سمعته بأنهم قالوا عليه غير الحق الذي يسيء للنبي الكريم.

يقول الله:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة 2 : 87]

(أفكلما جاءكم رسول) أفكلما تفيد العموم تعني كل الرسل الذين جاءوكم، فريقا منكم كذبوهم وفريقا منكم يقتلونهم يعني يسيئوا إلى الرسل ويؤذوهم ويفصلوهم عن مقام النبوة الكريم، (وفريقا تقتلون) تقتلون زمن الفعل المضارع الآني أي أن الخطاب موجه لفريق هم يقتلون الرسل في الزمن الحاضر، في زمن الرسل وفي زمن نزول تلك الآية ، والآن وكل زمن حاضر هناك فريق يقتلون الرسل والأنبياء بالإساءة إليهم وأذيتهم بالقول السيء.


يقول الله:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [سورة البقرة 2: 91]

(قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين) النبي محمد عليه الصلاة والسلام يسألهم فلم تقتلون؟ بالفعل المضارع الآني الحاضر فلم تقتلون أنبياء الله من قبل في زمن الماضي من مئات السنين، يعني لم تسيئوا وتؤذوا أنبياء الله الذين بعثوا من قبل في زمان ماض وتفصلوهم عن مقام النبوة الكريم والخلق العظيم.


يقول الله:

{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ (22)} [سورة عبس 80 : 17-22]

أو أن القتل يعني عملية الوضع والولادة بوصفها فصل الجنين عن بطن أمه.

(قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) فصل الإنسان عن ما أكفره وستره، لا تعني تلك الآية قتل النفس لأن سياق الآيات ما بعدها سؤال عن من أي شيء خلقه، من أي شيء خلق الله الإنسان؟، و تليها آية الجواب من نطفة خلقه فقدره، وتليها ءاية ثم السبيل يسره تعني أن الله يسر للإنسان أن يعيش الحياة الدنيا، ثم أماته فأقبره، وبعد ذلك إن الله أمات الإنسان وجعله يدفن في القبر.

سياق الآيات دال على أن (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) ليس بقتل النفس والموت لأن الآيات التالية تبين خلق الإنسان وحياته في الدنيا ثم الموت والقبر، ولكن (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) تعني فصل الإنسان الجنين عن الكل الذي يحتويه ويغطيه ويكفره بطن أمه، وهي عملية الوضع والولادة، كذلك يتبين لنا من دلالات سياق النص والآيات.

يقول الله:

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا ۖ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ (29)} [سورة المدثر 74 : 11-29]

أو يكون معنى القتل البعد عن الإيمان والعزل عن فهم ءايات الكتاب لكل منكر لا يؤمن بها،

(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) فقتل لا تعني قتل النفس لأن الآية التي تليها تحدث بالقتل مرة أخرى (ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) وكذلك القتل مرة ثانية لا تعني قتل النفس لأن الآيات التي تليها تدل على أنه يحيا وينظر ويعبس ويدبر ويستكبر، ويقول أن ءايات القرءان سحر ويقول إن ءايات القرءلن قول البشر، فسوف يعذبه الله كما أنه قُتِلَ الفعل المبني للمجهول، يعني فصل وأبعد عن الإيمان والهدى لما علم الحق ولم يؤمن به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج