الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة والعقاب -4

حازم السيد رويحة
كاتب وباحث

(Hazem Rwiha)

2021 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جريمة الذين يسعون في الأرض فسادا

تلك الجريمة التي فعلها فرقة من المنافقين الذين كانوا مقيمين في الدولة المدنية التي يحكمها النبي محمد عليه الصلاة والسلام بالشورى الديمقراطية ذات التصويت المعلن.

أولئك المنافقون الذين يبطنون الشر ويتظاهرون بالإيمان إتخذوا مسجدا ضرارا يضر بالمؤمنين الآمنين في المجتمع المدني الذي يكفل حرية العبادة وحرية العقيدة والدين والتعبير والتنقل ويوصي بالحق و السلام بين جميع طوائفه ويحرم إستعباد الناس ويوصي بالاخلاق الطيبة ويحض على إطعام الفقراء والمساكين ورعايتهم.

المنافقون أسسوا مسجدا ضرارا على مرتفع جبل على جرف هار ، على حافة الجبل، كان المسجد يطل على مدخل المدينة لكي يكون إرصادا وموطأ لمن حارب الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، وكان موقع المسجد الضرار يراقب مدخل المدينة ومخرجها ويراقب القوافل التجارية والناس، ويجعل المنافقون في مكانة أقوى ومنها يكيدون جرائمهم للمؤمنين بالضرر الإجتماعي وتخريب الإقتصاد ويشترون الطعام والموئن من القوافل التجارية القادمة إلى المدينة ويهلكونها ويهلكون الحرث والنسل، فيقل الطعام في المدينة ويوشك الناس على المجاعة، لا يكتفي هؤلاء الأشرار بذلك ولكنهم يحرضون على الكراهية والتفريق بين المؤمنين وإشعال نيران الحرب بين المجتمع المدني الآمن الذي يوشك على أن يفتن وتنفك أطر السلام بين أفراده ويدخل في مجاعة.

يقول الله سبحانه وتعالى:
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ۚ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ ۖ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)} [التوبة 9 : 107-110]

توصيف جريمة هؤلاء الأشرار الإضرار بالمجتمع وتخريب الإقتصاد والتحكم في قوافل الطعام والمؤن وإهلاكها لخلق حالة إضطراب ومجاعة في المدينة،و التحريض على الكراهية بين نسيج المجتمع الآمن والتفريق بين أفراده لإضعافه والتأثير السلبي على الوحدة الوطنية بين جميع أفراده, تلك الجريمة لم يرتكبوا فيها قتل النفس.

هذه الجريمة مؤكدة بالأدلة والقرائن يحكم بها ذو العدل من القضاة الذين تعلموا الحق والعدل من النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

العقاب الجزاء

يقول الله:
{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34)} [المائدة 5 : 33-34]

جريمة الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا لا تشمل على قتل النفس.
ولأن قتل النفس جزاءه القتل، فإن تلك الجريمة لا تعاقب جزاءا بقتل النفس، ويتم تأويل معنى (أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ) الى المعنى العام للقتل وهو فصل الجزء عن الكل، وكذلك معاني يصلبوا أي يمسكوا في سجن، أو تقطع أيديهم وأرجلهم أي الحد الفاصل بينهم وبين أموالهم والتفريق بينهم وبين الذين يوالوهم ويدعموهم.

والآية (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) دليل على أن جريمتهم لم تكن قتل النفس، لأن الله يغفر لمن تاب منهم بدون أن يُقتل جزاء النفس بالنفس.

والعقاب الجزاء ( أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) دليل آخر على أنه لم تكن جريمتهم هي قتل النفس التي يعاقب فيها بقتل النفس، لأن الآية بدأت ب (إنما جزاء) وإنما تفيد القصر أي أن الجزاء في تلك الجريمة خمسة أمور حصرا لا زيادة عليها على سبيل العطف والتخيير بحرف (أو) وخامسها ( أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) وذلك ليس بجزاء قتل النفس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج