الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


م 5 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية عام 833

أحمد صبحى منصور

2021 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في تاريخ السلوك للمقريزى / المقريزى شاهدا على العصر
قال المقريزى في التأريخ لسنة 833
شهر ذي الحجة أوله الاثنين‏:‏
تحركات أكابر المجرمين
1 ـ برسباى يشهد مناورة بحرية : ( وفي يوم الثلاثاء ثامنه : نزل السلطان من قلعة الجبل إلى بيت ابن البارزي المطل على النيل، وقدم بين يديه في النيل غرابان حربية، فلعبا كما لو حاربا الفرنج، ثم ركب سريعاً، وعاد إلى القلعة )
2 ـ سفر ناظر الجيوش للقدس وعودته : ( وفي عاشره‏:‏ توجه عظيم الدولة القاضي زين الدين عبد الباسط ناظر الجيوش ومدبر الدولة في جماعته لزيارة القدس‏. ) . ( وفي تاسع عشرينه‏:‏ قدم القاضي‏ زين الدين عبد الباسط من القدس‏.)
صراع أكابر المجرمين
4 ـ ( وفي هذا الشهر‏:‏ توجه الأمير قصروه نائب حلب والأمراء المجردون من مصر بمن معهم لمحاربة قرقماس بن حسين بن نعير فلقوا جماعه تجاه قلعة جعبر وقد أخلى الجليل فأخذ العسكر في نهب البيوت فخر عليهم العرب فقتلوا كثيراً منهم وفيهم أتابك حلب وسلبوهم فعادوا إلى حلب بأسوأ حال‏.).
تعليق
حارب المماليك جماعة من الأعراب عند قلعة جعبر ( تقع الآن بجوار مدينة الرقة السورية ) . أخلى الأعراب مدينة الخليل فانشغل المماليك بنهب بيوت الجليل ، فهاجمهم الأعراب وهزموهم فهرب المماليك الى ( حلب ). نهب المماليك التابعين للسلطان برسباى ( سلطان الإسلام بزعمهم ) هو من المعلوم عندهم بالضرورة في دينهم السُّنّى . وهو ما يؤيده ويؤكده كبار فقهاء الشرع ( الشريف ) مثل ابن حجر العسقلانى .
الحج : موت الحجاج عطشا :
( وفي سابع عشرينه‏:‏ قدم مبشرو الحاج وأخبروا بهلاك من هلك من العطش‏.‏)
النيل وانهيار الجسور
1 ـ ( فيه نودي على النيل برد النقص وزيادة ثلاثة أصابع، لتتمة سبعة عشر ذراعاً ونصف )
2 ـ وفي عشرينه- الموافق لثاني عشر توت-: نودي على النيل بزيادة إصبع واحد، لتتمة تسعة عشر ذراعاً وعشر أصابع ولم يناد عليه من الغد، ونقص عشر أصابع لتقطع الجسور )
3 ـ وفي سلخه ( 30 ذي الحجة ) : نودي على النيل برد النقص وزيادة إصبعين .
موجز لكوارث هذا العام 833 :
ويوجز المقريزى أحوال هذه السنة 833 فيقول : ( فكانت هذه السنة ذات مكاره عديدة من أوبئة شنعة، وحروب وفتن. )
1 ـ يقول عن مصر : ( فكان بأرض مصر- بحريها وقبليها- وبالقاهرة ومصر وظواهرهما، وباء مات فيه- على أقل ما قيل- مائة ألف إنسان والمجازف يقول المائة ألف من القاهرة فقط، سوى من مات بالوجه القبلي والوجه البحري، وهم مثل ذلك. ) . تضارب في الأعداد ، وهو ما يحدث الآن في عصر العسكر المصرى ، فأعداد الضحايا ليس معروفا ، والتنقيب عنه يعنى الحبس الاحتياطي ، فهو من الأسرار العليا .
2 ـ وعن الحجاج : ( وغرق ببحر القلزم في شهر ذي القعدة مركب فيه حجاج وتجار يزيد عددهم على ثمانمائة إنسان، لم ينج منهم سوى ثلاث رجال، وهلك باقيهم، وهلك في ذي القعدة أيضاً بطريق مكة- فيما بين الأزلم وينبع- بالحر والعطش ثلاثة آلاف ويقول المكثر خمسة آلاف، )
3 ـ وعن الغرقى بالنيل : ( وغرق بالنيل في مدة يسيرة اثنتا عشرة سفينة، تلف من البضائع والغلال ما قيمته مال عظيم. ). الغرق في النيل وفى البحر عادة مؤلمة ، مستمرة حتى اليوم ، هل نسيتم ضحايا عبّارة السلام في عهد مبارك ؟
4 ـ وعن الشام : ( وكان بغزة والرملة والقدس وصفد ودمشق وحمص وحماة وحلب وأعمالها وباء، هلك فيه خلائق لا يحصى عددها إلا الله تعالى. )
4 ـ غير ذلك : ( وكان ببلاد السراي والدشت وصحاري في هذه السنة والتي قبلها قحط شديد، ووباء عظيم جداً، هلك فيه عالم كبير، بحيث لم يبق منهم ولا من أنعامهم إلا أقل من القليل. ).
صراع أكابر المجرمين في الحبشة وجبرت ( المنسوب اليها المؤرخ المصرى الجبرتى في أواخر العصر العثمانى )
يقول المقريزى :
1 ـ ( وكان ببلاد الحبشة بلاء لا يمكن وصفه، وذلك أنا أدركنا ملكها داود بن سيف أرعد بن قسطنطين- ويقال له الحطي- ملك أمحرة ( أمهرة الآن )، وهو وهم نصاري يعقوبية ( قبطية ) . فلما مات في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة، قام من بعده ابنه تدرس بن داود، فلم تطل مدته، ومات. )
2 ـ ( فملك بعده أخوه أبرم، ويقال له إسحاق بن داود بن سيف أرعد، وفخم أمره، وذلك أن بعض مماليك الأمير بزلار نائب الشام ترقى في الخدم، وعرف بألطنبغا مغرق، حتى باشر ولاية قوص من بلاد الصعيد، ثم فرّ إلى الحبشة واتصل بالحطي هذا، وعلم أتباعه لعب الرمح، ورمي النشاب وغير ذلك من أدوات الحروب، ثم لحق بالحطي أيضاً بعض المماليك الجراكسة- وكان زرد كاشا- فعل له زرد خاناه ملوكية، وتوجه إليه مع ذلك رجل من كتاب مصر الأقباط النصارى- يقال له فخر الدولة- فرتب له مملكته، وجبى الأموال وجند له الجنود، حتى كثر ترفه، بحيث أخبرني من شاهده وقد ركب في موكب جليل وفي يده صليب من ياقوت أحمر، وقد قبض عليه ووضع يده على فخذه، فصار يبين ويظهر لهذا الصليب الياقوت طرفان كبيران من قبضته. )
3 ـ ( فشرهت نفسه إلى أخذ ممالك الإسلام لكثرة ما وصف له هؤلاء من محاسنها، فبعث بالتوريزي التاجر ليدعو الفرنج للقيام معه. )
4 ـ ( وأوقع في بمن مملكته من المسلمين، فقتل منهم وأسر وسبي عالماً عظيماً. وكان ممن أسر منصوراً ومحمداً، ولدى سعد الدين محمد بن أحمد علي بن ولصمع الجبرتي- ملك المسلمين بالحبشة. )
5 ـ ( فعاجله الله بنقمته، وهلك في شهر ذي القعدة، فأقيم بعده ابنه اندراس بن إسحاق، فهلك لأربعة أشهر، فأقيم بعده عمه حزبناي بن داود بن سيف أرعد، فهلك في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين، فأقيم بعده ابن أخيه سلمون بن إسحاق بن داود بن سيف أرعد، فكانت على أمحرة أربعة ملوك في أقل من سنة. )
تعليق :
المفروض أن المقريزى يكتب هنا أنباء عام 833 ، ولكن من الواضح أنه أعاد تنقيح كتاباته فأضاف أخبار الحبشة وجبرت بعد عام 833 . ومما ذكره نعرف أنّ :
1 ـ نصارى الحبشة ينتمون الى الكنيسة القبطية المصرية .
2 ـ هرب أمير مملوكى كان واليا لقوص ولحق بملك الحبشة الصليبى : ( إسحاق بن داود بن سيف أرعد، ) ، وتبعه مماليك آخرون ، قاموا بتعليم جيش الحبشة فنون القتال . كما لحق به قبطى نصرانى خبير في إدارة الدواوين.
3 ـ استغل ملك الحبشة ( إسحاق بن داود بن سيف أرعد ) قوته في الهجوم على جيرانه المسلمين في إقليم ( جبرت ) شرق الحبشة ، حيث كانت مقصدا لهجرات عربية مسلمة . وانتصر هذا الملك الحبشى الصليبى عليهم ، واسر قادتهم .
4 ـ كما حاول ( إسحاق بن داود بن سيف أرعد ) الاتصال بالصليبيين في أسبانيا عن طريق التاجر التوريزى الايرانى ، وسبقت الإشارة الى إعتقاله في مصر والحكم عليه بالاعدام .
5 ـ مات ( إسحاق بن داود بن سيف أرعد ) وتعاقب بعده أربعة ملوك في أمهرة في مدة عام
ويأتي المقريزى بأخبار عجيبة في تاريخ دولة جبرت المجاورة للحبشة وقتها ، يقول :
1 ـ ( وفي هذه المدة: ثار جمال الدين ابن الملك سعد الدين محمد بن أحمد بن علي بن ولصمع الجبرتي. )
2 ـ ( وذلك أن سعد الدين محمد لما قام بأمر المسلمين أكثر من محاربة النصارى، واتسعت مملكته، وحارب الحطي غير مرة حتى استشهد بعد سنة عشر وثمانمائة، فتمزق أصحابه، وذهب ملكه، ولحق أولاده بزبيد، فأكرمهم ملك اليمن، ثم عادوا إلى الحبشة بعد سنين، فقام بالأمير صبر الدين علي بن سعد الدين مدة ثماني سنين ومات، فقام من بعده أخوه منصور بن سعد الدين بأمر المسلمين في بلاد الحبشة، وحارب الحطي مراراً آخرها في سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، وقد سار إليه في عدد جم، وأوقع بالنصارى واقعة شنعاء، قتل فيها وأسر وسبي عالماً كبيراً، بحيث كان عدد من أسر عشرة آلاف، ورجع مظفراً منصوراً، فسار عليه الحطي في آلاف كثيرة وواقعه، فقتل من أمحرة أتباع الحطي خلق كبير، ولم يقتل من المسلمين سوى دون العشرين رجلاً، إلا أنه وقع في قبضة الحطي إسحاق بن داود بن سيف أرعد منصور بن سعد الدين، وأخوه محمد، وانهزم المسلمون، فقيدهما ورجع إلى مقر ملكه، وقد كاد يطير فرحاً، فلما قرب من مدينة الملك، أركب الملك المنصور كهيئته في مملكته، وسار في العساكر به حتى دخل المدينة، فأنزله وأخاه محمداً بدار وأجري لهم ما يليق بهما، ووكل بهما الحرس. )
3 ـ ( فقام بأمر المسلمين بعد منصور أخوه جمال الدين بن سعد الدين، فلما مات الحطي إسحاق بن داود جمع جمال الدين المسلمين وأغار على بلاد أمحرة، فدوخ تلك البلاد، وقتل وأسر وسبي عالماً عظيماً، واستسلم منهم أمماً كثيرة، فأقر كل من أسلم ببلاده، وولى عليهم من قبله، فاتسع نطاق مملكته، وقويت عساكره، وكثرت أموالهم، وبعث بالسبي إلى الآفاق، فكثر الرقيق من العبيد والإماء ببلاد اليمن والهند وهرمز والحجاز ومصر والشام والروم. )
4 ـ ( وظهر من ثبات جمال الدين وشجاعته وصرامته ومهابته وعدله ما يتعجب منه، بحيث أن بعض أولاده الصغار لعب مع صبيان من الحبشة، فضرب منهم صبياً كسر يده، فكتموا ذلك عنه مدة ثم بلغه الخبر، فجمع أعيان الدولة ولامهم على كتمان خبر ولده عنه، ثم أمر بولده فجيء به محمولاً على الكتف لصغره حتى يقتص به، فقام إليه الأعيان بأجمعهم يشفعون فيه ويلتزمون بإحضار أولياء الغريم، فلم يقبل شفاعتهم فيه، فأحضروا أبا الصبي وأهله، فأسقطوا حقهم، وتضرعوا إليه جهدهم في العفو عن ولده، فلم يجبهم، وأخذ ابنه بيده، ومد يده على حجر، وضرب عضده بحديده، فكسره، والأعيان قيام يبكون لبكاء الصغير، وهو يقول له: تألم كما آلمت هذا الصغير. ثم سار به الخدم وهو يصيح من الألم إلى أمه، حتى تمرضه فكان يوماً مهولاً، ولم يجسر بعد ذلك أحد في مملكته أن يظلم أحداً. وله من هذا النمط عدة أخبار، مع العفة والنسك والإستبداد بجميع أموره، وأمور مملكته، ووفور الحرمة، وقمع أهل الفساد، وإزالة المنكرات، فالله يؤيده بعونه )
تعليق : موجز ما سبق :
1 ـ ملك جبرت ( المسلم ) ( سعد الدين محمد ) حارب ملك الحبشة الصليبى عدة جولات ، ولقى حتفه ، وتمزق ملكه بعد سنة 810 ، وهرب أولاده الى ( زبيد ) باليمن .
2 ـ بعد سنين إستعادوا ملكهم في جبرت بزعامة الأمير صبر الدين علي بن سعد الدين مدة ثماني سنين. ثم مات الأمير صبر الدين على بن سعد .
3 ـ تولى أخوه ( منصور بن سعد ) وتحارب مع ملك الحبشة عدة مرات ، كان آخرها 828 . وانتصر على ملك الحبشة انتصارا باهرا ، ولكن في النهاية انهزم ( منصور بن سعد ) وأخوه ( محمد بن سعد ) ووقعا في أسر ملك الحبشة ( إسحاق بن داود بن سيف أرعد ) .
4 ـ تولى بعده ( جمال الدين بن سعد ) الذى انتهز فرصة موت ملك الحبشة ( إسحاق بن داود بن سيف أرعد ) والضعف الذى حاق بمملكة الحبشة فغزا ( أمهرة ) وهزمهم وتوسّع على حسابهم ، وبعث بسباياهم الى الآفاق .
5 ـ ويشيد المقريزى بحزم ( جمال الدين بن سعد )وعدله وهيبته . ويحكى في ذلك قصة عجيبة تعطى صورة للمستبد العادل في العصور الوسطى .
المغرب
ويعطى المقريزى تقريرا سريعا عن صراع أكابر المجرمين في المغرب، يقول :
1 ـ ( وأما بلاد المغرب، فإن متملك فاس أبا زيد عبد الرحمن حفيد السلطان أبي سالم إبراهيم، ثار عليه السعيد أبو عبد الله محمد المعروف بالجبلي ابن أبي عامر عبد الله بن أبي سعيد عثمان بن أبي العباس أحمد بن أبي سالم إبراهيم بن أبي الحسن، في أوائل سنة ثمان وعشرين، وملك فاس، وقتله،)
2 ـ ( وخرج إلى الشاوية فقتلوه، وأقيم ولده أبو عبد الله محمد .)
3 ـ ( فقام الوزير صالح وبايع الناصر أبي علي بن أبي سعيد عثمان، فقدم أبو عمرو بن السعيد محمد بن عبد العزيز بن أبي الحسن من إفريقية، وملك فاس .)
4 ـ ( ثم فرّ .)
5 ـ ( فأعيد الناصر أبو علي، فعالجه أخوه أبو محمد عبد الحق بن أبي سعيد وملك فاس بعد قتال في آخر، شهر رجب، سنة ثلاث وثلاثين . ) .
تعليق
1 ـ ليس هنا صراع بين ( دار السلام ودار الحرب ) بالثقافة السائدة وقتها ، بل هو صراع داخل ( دار السلام ) . هذا مع وجود المغرب على تخوم أوربا ( الفرنجة / دار الحرب ) .
2 ـ قد يبدو الصراع بين أكابر المجرمين المحمديين أقل من صراعهم مع أكابر المجرمين الفرنجة ، ولكن الواقع ينفى ذلك في عصر المماليك البرجية . إذ أسّس تيمورلنك أمبراطورية دموية ، امتدت من أقصى الشرق الى حدود الدولة المملوكية ، بل ودمر أهم مدن من حلب الى دمشق ، أي إن جهاده الحربى المسلح كان فقط ، ضد المحمديين وبعيدا عن الفرنجة الأوربيين والأحباش الصليبيين .
3 ـ صاحبنا السلطان برسباى عاصر شاه رخ ابن السلطان تيمورلنك ، وكانت بينهما علاقات متوترة ـ دوافعها دينية سُنّيّة .
وقبل أن نتعرض لما بينهما لا بد من التوقف مع غزو تيمورلنك للشام عام 803 ، لاعطاء خلفية تاريخية لعلاقة برسباى / شاه رخ ، والأهم من ذلك هو تطبيق الشريعة السُّنّية فيما فعله تيمورلنك في حلب وغيرها عام 803








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر