الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسخ و التناسخ

الشيخ إياد الركابي

2021 / 5 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


 
هذه  الموضوعة  جدلية بإمتياز  وفيها وعليها   ،    ثمة أقوال وأراء متناقضة   ،   كما أن هناك   إسقاطات معرفية جرى فيها خلط   بين  المعنى  المعجمي  والمعنى الدلالي  للفظة   ،  من غير فرز ولا تحقيق  بينهما  مما  جُعل  من المعنى  الدلالي  هو ذاته  المعنى المعجمي   ،  وجرى هذا الخلط  في لغة أهل التراث  وإستخداماتهم  و في كتبهم ومنتجاتهم  ،  وعُمم  هذا المعنى  في الأدب  الفقهي تحت بند وحدة المعنى المُدعاة    . 
   لكن  اللفظ  في  الكتاب المجيد   دلالته ومعناه  بعيدين   عن المعنى المعجمي     ،   فالله  حينما  يقول   :  -  [  ما ننسخ   من آية  أو نُنسها  نأت بخير منها  أو مثلها  ]  -  البقرة 106  -   ،  نرآه  يتحدث  في   حدود  سياق  الإمكانية  والقدرة المطلقة  له تعالى ،    ( أي إن الله قادر بالفعل   وبالقوة  على  ذلك  )  ،  ولكنه  لا يريد  القول   إنه سيفعل ذلك في الكتاب  المجيد في نصوصه وأحكامه     ،   أي إن الحديث عن القدرة والإمكانية المجردة أو الخالصة    ،  بمعنى أدق   :  -  إن الله  في الكتاب يصف نفسه  بالقدير والقادر  على تغيير آيات الخلق  والكون   -     ،  وهذه  الصفة   مرتبطة بطبيعته كخالق ومكون لهذا الكون وآياته  ،  وليس بمعنى :   -  إن الله بعد ما نزل  الكتاب المجيد  قام بعملية نسخ وتبديل في الأحكام   -   ،   وهذا  الكلام يشبه قوله تعالى  :  -  (   يمحوالله  ما يشاء ويثبت   )  -  الرعد 39  -   ،  أي إن الكلام  هنا  يتمحور  حول  جهة الإمكانية والقدرة  على نحو مطلق    ،   ولا يتعلق الأمر  بما ورد  في الكتاب المجيد من نصوص وأحكام   ،   ذلك ان هذا الكلام إن أُرُيد  به نصوص الكتاب وأحكامه   ،  يكون  كلاماً   غير مقبول من الناحية الموضوعية  . 
   لماذا  ؟   :  -  لأن  الكتاب المجيد  لازالت  نصوصه   وأحكامه   تتنزل  على قلب محمد النبي عليه السلام   ،   والتي لم تنزل دفعة واحدة بل  جاءت تباعاً   وتدرجاً   بحسب الظروف والحاجة  ،   كذلك  ولم تطبق من الناحية الموضوعية حتى  يُقال  إن أحكامها بحاجة إلى عملية  إعادة نظر  أو تغيير  أو تبديل   ،   إذ  لم  يتم  بعد  الحكم عليها وعلى صلاحيتها وقابليتها  وموافقتها   للواقع   ،  ومعلوم بالضرورة ان الكتاب  المجيد  نزل نجوماً على بضع وعشرين سنة   ،   أي إنه أستغرق   وقتاً  حتى أستكمل مُراده  ومحتواه    ،  وفي هذه  الحالة  فلا يصح  القول    :  - ان الله قد غير وقد بدل في نفس الكتاب هذا   -  ،   (  لأن هذا النوع من الكلام  إن صح  يكون ترفاً  و عبثاً  وفوضى  )  تعالى الله عن فعل  ذلك  أو القيام به  . 
لماذا  :  لأن ذلك سيولد  في نفس المتلقي  الشك والريبة في علم الله    ،   لكن  الكلام  عن  النسخ  في الكتاب المجيد  ورد  وصفاً   لقدرة  الله   وإمكانيته  على ذلك  ،   تلك القدرة الأزلية  حتى من  قبل نزول الوحي على النبي محمد عليه السلام  ،  ولا يتعلق المعنى  بما هو نازل بالفعل على محمد النبي عليه السلام  . 
  وأما  ما ذهب إليه البعض من معاني النسخ  في الأحكام والتلاوات والقراءات  فلا معنى له   هنا  ،   ثم   إن الله  إنما   تحدث عن الآيات  وليس عن الأحكام !!    ،   ومفهوم الآيات   جدلاً   و موضوعاً  يتعلق  بالمعجزات  التي هي من  باب الخلق والتكوين ولا علاقة لهذا  بموضوعة التشريع والأحكام       . 
 
 
لكن ماذا يعني النسخ  في لغة العرب ؟   ،   يقول   أبن منظور  في اللسان    :   [  نسخ الشيءَ ينسَخُه نَسْخاً وانتسَخَه واستنسَخَه  ،  اكتتبه عن معارضة  ]    ،   وهذا المعنى يشبه المعنى الجديد  المتداول   (  الفوتوكوبي  )   يعني نقل الشيء كما هو من غير زيادة أو نقصان  مع الحفاظ على الأصل    ،   لكن هذا  المعنى يصح في حالة واحدة حينما نعتبر ، إن هذا الكتاب صادرا  أو مستنسخا  عن  أم الكتاب الذي هو النسخة الأصلية   الموجودة لدى الله   ،  لكن  الفقهاء وبعض المفسرين  لم يأخذوا بهذا  المعنى ،   وقالوا  بل    النَّسْخ  المُراد   :  هو  إِبطال الشيء وإِقامة  شيء  آخر مقامه    ،   أو   هو  تبديل الشيء  إلى غيره  ، وهذه الفجوة  المفهومية  تُثار  كجدل معرفي   حول ماهية النسخ   ،   وهل المُراد  بالنسخ   هو ما  يشمل  الأحكام والنصوص     ؟   ،  أم إن  المُراد  بالنسخ   هو ما  يتعلق بالآيات  حصراً    ؟   . 
  عامة  التراثيين  قالوا بالنسخ  العام   ،  مستعينين  بذلك على المقولة البسيطة   -  إن الله على كل شيء قدير -  البقرة 107  في تعليلهم وإثبات مُدعاهم   ،  وزاد  بعض الفقهاء في الإستسهال  حتى قالوا  : بقدرة الحديث النبوي على نسخ نصوص الكتاب المجيد    ،   وعندنا الأمر مختلف   إذ   إن  النسخ   المقصود   في الكتاب  يعني  قدرة الله على تغيير آيات الكون والخلق   ،   وليس بمعنى تبديل في سنن الشرائع  والأحكام   لأن هذه بالذات لا تحتاج إلى تدخل مباشر من قبل الله ، إذ ثمة فسحة أتيحت للفقهاء ان يغيروا بحسب الظروف والواقع   ، وهنالك من قال بذلك صراحة حين يتعلق الأمر بالواقع الإجتماعي   . 
  وأما  عن  الحديث النبوي فلا إمكانية  له  على ذلك  ،  وليس هذه  من صلاحيته وسلطته     ،  وبهذا نكون قد رفضنا  ما ذهب إليه بعض  الفقهاء  في ذلك وأبطلناه    . 
  وأما  النسخ  من  جهة  الموضوع  :  فهو  إزالة  شيء وإستبداله بأخر   ،  هكذا قيل  وفي هذه الحالة  يكون موضوعة  النسخ هي عينها موضوعة  المحو  ،   والله  قد  أشار إلى هذا بقوله -  يمحو الله ما يشاء ويثبت  -   ،  ولكن هذا كله  يتعلق بقدرته المطلقة    من جهة   ومن جهة ثانية   يشير  إلى  ما  قبل نزول الوحي على محمد سلام الله عليه ،   ويكون هذا  من الناحية الموضوعية   في طريقة  الخلق وفي طريقة  التكوين على الهيئة والصورة التي حددها  ورسمها مسبقاً   ،  أي أن  هذه الإشارة   تتحدث عن  الإمكانية والقدرة  في  الزمن  الماضي  زمن التكوين والخلق    ،  وهذا  لا يشمل  ما يذهب إليه  بعض الفقهاء وبعض المفسرين     ،   كذلك   وليس إلى  ما سيكون لاحقاً   فالشيء  ينسخ الشيء نَسْخاً   حين  يزيله ويتخذ  مكانه   ،  وهذه  لا تكون في الكتاب المجيد  لا في شرائعه ولا في أحكامه  ،  إلاَّ من جهة تغير المفهوم بناءاً على تغير متبنيات  الزمان والمكان   ،   أي إن الأمر كله متعلق بالفهم  المتغير  تبعاً لتغير المعرفة  بالأشياء بحدود الواقع   وأدواته المعرفية   ،   وقد أخطأ  الفرّاء  بقوله  إن  :  [  النسخ أَن تعمل بالآية ثم تنزل آية أُخرى فتعمل بها وتترك الأُولى  ]   ،   لما قدمنا في ذلك من تعليم  وتوضيح في المعنى والدلالة   .

ولا يصح  البتة  قياس  تبدل  الفهم  ككونه مساوقا  لمعنى   النسخ  ، ففي ذلك تدليل ناقص  وتشويه معرفي  ،  فمثلاً  لا يصح  على نحو إعتبار ما عليه  الفكر النبوي في طول المسيرة  حاكماً  على ماورد بالنصوص الإلهية  ،  ذلك إن النبوات تتكامل ولا تتناسخ  ولا تلغي  بعضها بعضاً   ، كونها  تنطلق من مشكاة واحدة  تدور في فلك  تطوير معارف الإنسان  ومداركه   لكي يصل إلى الكمال  في ذلك   ،   ومن هنا  حين تقول العرب  :   (   نسَخَت الشمسُ الظلّ وانتسخته    )  ،   أي بمعنى   أَذهبته أو أزالته   وحلت محله   من جهة المكان والزمان المعينين  ،  فهذا المعنى التداولي   لا يصح  تطبيقه وإجرائه  على ما في الشريعة  والعقيدة في الكتاب المجيد  ،  لأن هذا المعنى الذي تسوقه المعاجم   هو  من المعاني الرجراجه  المتحولة   ،  وهذا لا يصح إعتباره حجة بذاته  لأنه غير ممكن  ،  ان يكون  دليلاً مستقلاً  على صحة النسخ في الكتاب  . 
 
ولكن   هل  التناسخ   الذي تفترضه   المذاهب الكلامية   له صلة  بالنسخ الذي تحدثنا عنه  ؟  ،   هذا  السؤال   الجدلي  يدور  بالفعل  في فلك   الميثولوجيا  الدينية  القائلة    :   بإمكانية  إنتقال الروح  من شخص إلى أخر  ،    أي من  شخص قد  مات  إلى أخر  قد ولد  حديثاً   ،  هذه المقولة الميثيولوجية   تولد في الذهن  هذا  التسلسل  من جهة  بقاء الروح  وتدرجها  في الصعود  والهبوط  بحسب طبيعتها  وفعلها    ،  هذه المقولة :  أمنت  بها فلسفات قديمة   عديدة  وأديان  ومذاهب   منقرضة وحالية  ،    [   كالبوذية  والهندوسية  وبعض طوائف  المسلمين  من علويين  ودروز  وغيرهم  ]   ،  والفكرة  من حيث هي هي  و في ذاتها عميقة   ،   وتحتاج  في فهمها  إلى تحليل  فلسفي  برهاني   معمق  ،    ذلك  لأن  الفكرة  لم تأت عبثاً   إنما  أرتبطت  جدلاً   بمفهوم  العدالة الإلهية  والقضاء والقدر والجنة  والنار    ،  وهذه  المفاهيم الكلامية  هي مفاهيم نسبية    ،  وقد جاء  التناسخ  ليدعم  هذه النسبية   ويعزز  الوثوق بها   ،  من حيث  ما يلاقيه  المرء  من سعادة وشقاء  في دنياه   ،   مما يعكس طبيعة ما عليه الروح  المستنسخة  من هذا الذي تحصل عليه  في عالم الدنيا  ،  يستتبع هذا  نفي فكرة العذاب الأخروي  ونفي الأخرة ككل  بإعتبارها وهم  ،  فالموت  بالنسبة لهذه  الفكرة هو مجرد نهاية جسد  وإنتقال روحه لجسد جديد  ،  فما كان يحمله هذا الجسد  لهذه الروح  من سعادة  أو شقاء سيكون ملازماً لهذا المخلوق الجديد  الذي حلت به   . 
 
 تقول العلوية :  [    إن التناسخ  في  الأرواح هو إحدى أسمى تجليات العدالة الإلهية على الأرض  ]   ، ولديهم  على  ذلك  ثمة   أمثلة  و نماذج   دالة على ذلك   ،   كقولهم  :  إنه  ليس  من العدل  ألّا تُمنح الروح أكثر من حياة لتعيش دورتها كاملة  حتى تستوفي شروط وجودها  الموضوعي   (  قبل أن يحاسبها الله  )   !!   ،  وطبعاً  هذه المقولة  :  تقودنا  لدفع  المعنى الذهني  المعروف لدى عامة  المؤمنين    ،   والقائلة : -  بأن  الله  لا يحتاج  إلى هذه الدورة  طالما  هو   يعلم   علماً  مسبقاً    ماهي  الأرواح المؤمنة  وماهي الأرواح  الكافرة  -    ،   ومع ذلك  يصر العلوي  بقوله : -  إن حكمة الله وعدله  تقتضيان حصول الروح  ، على حياة متكررة  لتثبت بذلك أهليتها  قبل يوم الحساب  ،   وهم بذلك يبررون  الفكرة  حول إنتفاء الحجة أو ثبوتها  بعد كل هذه التمارين  والممارسات  ،  والفلسفة العلوية  في هذا  تقول : -  إنه  من المستحيل   جدلاً  أن تصعد الروح إلى الجنة أو تدخل النار   ،   من  دون أن تكون قد  مرت  بهذه الدورة  وتناسخت  مرات عديدة  في الجسد الترابي للكائن الحي     ،   والتعليل في ذلك نجده  عندهم مكتوباً   على أساس إن  التناسخ  فعل  تقوم به  الروح كجزء من واجباتها   تجاه  نفسها أولاً وتجاه الله ثانياً  ،  وفي ذلك تثبت أهليتها لتكون من أهل الجنان أو من أهل النيران !!  . 
 
هذه الميثولوجيا   الغنوصية   يُطلق عليها  -  بالتقمص  -   ،   وتكون تارة  على شكل جمعي أو فردي   ،  وهو بمثابة  التوالي  أو التتابع  جيلاً فجيلا   ،  أو قل هي ذاكرة  يحتفظ بها كل جيل  في صفته وهيئته  الفردية  أو الجمعية  ،   وعما كان  حاضراً  في الماضي من أحداث وذكريات من أحزان  ومن أفراح    . 
إن إخضاع  الروح  لعملية تمحيص الذنوب  ،  يتم  من خلال  مجموعة الأعمال الصالحة  ،  وهذه  الأعمال  تتفاوت في  الدرجات   و  الفهم تبعاً  لطبيعة  الجسد الحامل لهذه الروح   ،  وفي ذلك تواصل دورتها وعملها  في الخير لكي تبلغ أعلى المراتب في سُلم الصعود والكمال ،  وفي المقابل تنحدر الروح الكافرة  في سُلم الهبوط  لتبلغ أسوء  درجات  المقام  فتستحق الخلود في النار ، هكذا تفسر الكلامية العلوية معنى التناسخ على نحو بسيط  .  
وفي هذا  الجو  يواجهنا  السؤال  التالي :  وهل   إن  زيادة  نسبة  الحسنات والعمل الصالح كفيلة  بدخول المرء  الجنة  أم  لا   ؟     ،   تجيب  الفلسفة العلوية  على ذلك  بالقول  :  إن هذا ليس شرطاً لازماً   ،   فدخول الجنة  لازمه  إن يحصل   المرء  على  الإيمان الكامل والخالص لوجه  الله   والبعيد  من كل شائبه    ،   وفي ذلك  تتجلى  عدالة الله    ، فالعدل الإلهي  لا يكون مع زيادة الحسنات وحسب  كما إن دخول الجنة لا يكون مقروناً  بها   ،   ولكن   ماذا عن قول الله   تعالى : -  إن الحسنات يذهبن السيئات -  هود 114  ،   تبرر الفلسفة  العلوية  ذلك وتقول من هنا تأتي الحاجة  إلى معنى التناسخ ودورته  في الحياة  ،   والتي تجعل من غلبة الحسنات هي السائدة وتزول معها  السيئات  وعلى أي نحو  ،  إذن هذا هو الشرط الموضوعي اللازم  لدخول الجنة   ،  فالمؤمن   لا يدخل  الجنة وفي قلبه ذرة   من  كفر   ،  ولا يدخل الكافر النار وفي قلبه ذرة  من  إيمان     ،    ولكن ما معنى ذلك  ؟   ،   تفسر  الكلامية العلوية  ذلك فتقول   :   إن مفهوم الذرة المشار إليها  هاهنا  (  يستحيل  التخلص  منها )    ،    ودليل الإستحالة  يكون  في معنى   و على أساس نسبيتها   ويضربون مثلاً  في ذلك   فيقولون   :  -  لو   ان  شخصاً  كافرا  قام   بعمل صالح   فهو بذلك يكون  قد أكتسب ذرة من فعل  الخير  الذي هو  عمل  صالح      ،   ونفس الشيء يُقال  بالنسبة للشخص الكافر   -     ،    بمعنى  أدق :  إن نزع أو محو هذه الذرة من العمل   سواء من جهة الخير أو الشر تبقى  عملية  نسبية  في فهمنا لها  ،  ولكن إمكانية ذلك  واردة  حين يتعلق الأمر بقدرة الروح على دورها في عملية التناسخ   تلك  ،  فيقولون   : -    حين يصل الأمر إلى بقاء ذرة واحدة من الشر في إنسان ما  ،  مقابل ذرة واحدة من الخير في إنسان  آخر  ،   فإن كل ذرة تعذّب مَن يملكها لأنها لا تنتمي إلى جوهره  ، وهذا ما يجعل كل واحد منهما يرغب في التخلص منها بملء إرادته  ،  فتقتضي الحكمة والعدالة الإلهية أن يأخذ المؤمن ذرة الإيمان التي يملكها الكافر ، ويأخذ الكافر ذرة الكفر التي يملكها المؤمن ، فيصعد الأول إلى الجنة  ، ويهبط الثاني إلى  النار  -  !!!!!  . 
ونأتي هنا  للسؤال  المعرفي  وهو :  كيف يرى العلوي  الروح  الطيبة  ومتى تحل في الجسد الآدمي ؟  ،  والجواب عندهم  ينقسم إلى نوعين  الأول  يقول   : -  إن الروح  الطيبة محلها  عالم الملكوت والجنة    (   عين الحياة   )   ،  وهي لا  تنزل لحظة ولادة  المولود  ولكن تبقى هناك معلقة تسعة أشهر  ألاَّ  أن الوعاء والجسد المناسب لها فتهبط وتحل فيه    !!   ،  ولذلك يعللون بكاء المولود لحظة الولادة  بحزن الروح  لنزولها من عالم الملكوت والجنة إلى العالم الترابي  -  . 
والثاني يقول  :  -  إن الروح سواء  أكانت  مؤمنة  أو كافرة  فإنها لحظة مفارقتها لجسد  ما بالموت  تسكن أو تحل  في جسد آخر وُلد في نفس اللحظة  ،  ومن  أجل   يعتقد  العلويّون  بالأخوة الإنسانية أو الآدمية  ، بإعتبار الروح واحدة وهي تحل حيثما أراد لها الله  (  بالتقمص )  ،  والمعيار المعتمد عندهم هو بالعمل  تحقيقاً لقول الله تعالى  : - [  وقل أعملوا  فسيرى الله عملكم .... وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ] -  التوبة 105   . 
وبالنظر لأهمية الفكرة التي طرحت هنا  ، لا بد من القول : إن ماذهبت إليه الفلسفة العلوية في هذا ، منحازة وغنوصية وليست واقعية من جهة فهم  نصوص الكتاب ودلالاتها  ،  ثم إن إن هناك عوز معرفي وعلمي حول تفسير معنى الروح وأزليتها  ،   وبحسب المنطق العلمي  المعاصر تكون الروح مرافقة  للجنين في بطن أمه ،   وقد اختلف العلماء في ذلك بين قائل انها تتشكل  معه  بعد مضي أربعين يوماً  ،،  وأخرين قالوا بعد أربعة أشهر وعشرة أيام  ،  والهندسة الجينية   الحديثة  تعتبر الجنين في بطن أمه  كائن بشري تام  ،   ويمتلك كل المقومات والمشاعر والعواطف والأحاسيس والرغبات  الكائن الحي خارج بطن الأم  ، والذي يحركه انما هي الروح التي قد حلت به ،  وبالتالي يكون المعنى  الذي تقول به  العلوية  وبحلول الروح بعد الولادة أمراً غير مفهوم بالنسبة لنا  وبالنسبة للعلم  ونصوص الكتاب المجيد  . 
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر