الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


م 6 / ف 11 الحياة في ظل تطبيق الشريعة السنية : فظائع تيمورلنك عام 803 (1 )

أحمد صبحى منصور

2021 / 5 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قراءة في تاريخ السلوك للمقريزى / المقريزى شاهدا على العصر
تطبيق الشريعة السُّنّية فيما فعله تيمورلنك في حلب وغيرها عام 803
لمحة تاريخية عن تطبيق الشريعة السُّنّية في تقاتل أتباعها في داخل ( دار السلام ) (1 )
مقدمة
1 ـ بدأ تطبيق الشريعة السنية بالفتوحات التي ارتكبها الخلفاء الفاسقون ضد الفرس والروم ، ونشأ فيما بعد تقسيم العالم الى معسكرين ( دار السلام ودار الحرب ) ، فالمعتدون هم ( دار السلام والاسلام ) والمُعتدى عليهم هم دار الحرب والكفر في أوربا والغرب ( من الروم البيزنطيين في شرق أوربا الى الأسبان والبرتغاليين في غربها ).
2 ـ ومفترض إذن أن تكون ( دار السلام ) متحدة متفقة لا شقاق ولا نزاع فيها ، ولكن فتوحات الخلفاء الفاسقين أدّت مبكرا الى حروب أهلية بين العرب ، يطلقون عليها تخفيفا مصطلح ( الفتنة الكبرى ) بين ( على وعائشة ) ثم بين (على ومعاوية ) ثم حرب على مع الخوارج . ثم كانت الفتنة الكبرى الثانية في النزاع بين عبد الله بن الزبير وخصومه الأمويين ثم الخوارج والأسرة الهاشمية . وبهذا بدأت عمليا وفعليا شريعة جديدة هي الاقتتال داخل ( دار السلام ). شرحنا هذا بالتفصيل في كتبنا عن ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) ( مذبحة كربلاء ) و ( الفتنة الكبرى الثانية) ، ثم الجزء الأول من كتاب ( مسلسل الدماء في تاريخ الخلفاء ) وتوقفنا فيه عند نهاية العصر العباسى الأول . وهناك في برنامجنا على قناتنا على اليوتوب ( أهل القرآن ) مئات الحلقات في برنامج ( لحظات قرآنية ) متصلة بهذا ، منها حلقات عن الصلاة الإسلامية والصلاة الشيطانية ، والإهلاك . ونرجو أن يتاح لنا الوقت والجهد لمتابعة مسلسل الدماء في العصر العباسى الثانى ، ثم في العصر المملوكى.
3 ـ في العصر المملوكى جدّت متغيرات عالمية بعد سقوط بغداد على يد المغول وتأسيس الدولة المملوكية البحرية ( شجرة الدر ، عزالدين أيبك ، قطز ثم بيبرس البندقدارى ) ثم البرجية ( السلطان برقوق ) . في هذا العصر تحكمّت ـ وبقوة ـ شريعة تقسيم العالم الى ( دار الحرب ودار السلام ) واحتدم الاقتتال بين المماليك والصليبيين ، وفى نفس الوقت اشتعلت الحروب داخل معسكر ( دار السلام / المحمديين ). كان المغول قد ضموا العراق وشرقه وزحفوا نحو مصر ، فهزمهم السلطان قطز في موقعة ( عين جالوت )، وتابع السلطان الظاهر بيبرس الهجوم عليهم في العراق . وقتها دخل المغول في الإسلام بالمفهوم السائد ( أي الدين السُّنّى / الصوفى ) ، وشرحنا هذا في كتابنا عن أثر التصوف في الحياة الدينية في مصر المملوكية، أي أصبحوا ضمن ( دار السلام ) ولم يمنع هذا من تقاتلهم مع المماليك وغيرهم في نفس المعسكر ؛ فالسلطان الظاهر بيبرس الذى وطّد الدولة المملوكية كان يحارب المغول والصليبيين في نفس الوقت ، وأرهق الفريقين معا . وسار خليفته السلطان قلاوون في نفس الطريق ، ثم نجح إبنه السلطان خليل في القضاء على (عكا ) آخر معقل صليبى ، وإجتثّ الوجود الصليبى تماما في الشام . ولكن استمرت الحرب البحرية بينهما في دولة المماليك البحرية ثم المماليك البرجية ، وشهد عصر صاحبنا السلطان البُرجى ( الأشرف برسباى ) غزو واحتلال قبرص التي كانت مركزا صليبيا للهجوم البحرى على الدولة المملوكية .
4 ـ الى جانب المواجهات البحرية بين المماليك البرجية والصليبيين تتابعت مناوشات بين المماليك ومن يتاخمهم في العراق من حكام المغول في الشرق . وما لبث أن حدث تطور هائل مع بداية القرن التاسع الهجرى ؛ هو ظهور تيمورلنك يجدّد مسيرة جنكيزخان وهولاكو ، فاجتاح الشرق ووصل الى العراق ثم الشام التابع للمماليك ، وهزم السلطان (فرج بن برقوق ) الذى فرّ هاربا بجيشه الى مصر ، وانفتح الطريق أمام تيمورلنك ليواصل انتصاراته ، إلّا أنه آثر الانسحاب مخلفا وراءه في الشام بحارا من الدماء وأهرامات من الأشلاء .
5 ـ كالعادة ، نحن لا نكتب أبحاثنا التاريخية للتسلية ، ولكنه الإصلاح ، وفضح أكابر المجرمين في عصرنا البائس الذى لا يزال يقدّس الغابرين من أكابر المجرمين من الخلفاء ورجال الدين ، ويواصل أكابر المجرمين فيه الاجرام والصّدّ عن سبيل الله جل وعلا يبفونها عوجا. ونحن ندفع الثمن ، ونحن سعيدون بهذا راجين الأجر والثواب من الرحمن جل وعلا الذى لا يُضيع أجر من أحسن عملا . نحن نُنبّه ــ لمجرد التذكير ــ أن الحروب في بلاد المحمديين لا تزال محتدمة اليوم في الشرق الأوسط . لا يجرأون على شنّ حرب ضد الغرب ، بل ضد بعضهم ؛ فهم يتنافسون في شراء السلاح والعتاد من الغرب والشرق ليقتل بعضهم بعضا ، وفضائحهم تحتل عناوين الأخبار في العالم .! .
6 ـ ونتوقف في لمحة عن إقتتال المحمديين السنيين في العصر المملوكى ، ممّا سجله مؤرخنا المقريزى عن تيمورلنك ، وقد كان المقريزى شاهدا على عصره وقتها .
7 ـ ونضع الملاحظات الآتية :
7 / 1 : نشأ وعاش تيمورلنك وقومه في نفس المنطقة التي أنجبت أئمة الدين السُنى ، من البخارى ومسلم وابن حنبل والنسائى والترمذى وابن ماجة ..الخ . اى كانوا متشبعين بهذه الديانة ، وبها ارتكبوا المذابح داخل ( دار السلام ) أي بين المحمديين ، فهم لم يجاوروا أوربا الصليبية ولم يتعاملوا معها .
7 / 2 : كان تيمورلنك متدينا سُنيا يعتمد على شيوخ الدين السُنّى ، حتى الذين ينتمون منهم الى نفس البلاد التي يستبيحها ذبحا وفقا لدينه السُّنّى . يكفى أنه وهو يحاصر دمشق كان في داخل دمشق وقتها قاضى القضاة المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون . وقد اجتمع بتيمورلنك، وأكرمه تيمورلنك ، وأذن له بالمسير الى مصر مكرّما ، ومن أجله عفا تيمورلنك عن بعض أكابر المجرمين من رجال الدين وغيرهم . يقول المقريزى :
7 / 2 / 1 :( وكان قاضي القضاة ولى الدين عبد الرحمن بن خلدون المالكي بداخل مدينة دمشق. فلما علم بتوجه السلطان تدلى من سور المدينة، وسار إلى تمرلنك فأكرمه وأجله، وأنزله عنده، ثم أذن له في المسير إلى مصر، فسار إليها )
7 / 2 / 2 : ( شهر شعبان، أوله الخميس: فيه قدم قاضي القضاة ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون من دمشق، وقد أذن له تمرلنك في التوجه إلى مصر، وكتب له بذلك كتاباً عليه خطه، وصورته تيمور كركان، وأطلق معه جماعة بشفاعته فيهم، منهم القاضي صدر الدين أحمد بن قاضي القضاة جمال الدين محمود القيصري، ناظر الجيش، وكان قد خرج مع السلطان من جملة موقعي الدست . ).
7 / 3 : وبعد جلاء تيمورلنك عن دمشق صحب معه أبرز شيوخها السنيين .
7 / 4 : في وقت الأزمات بين أكابر المجرمين السلاطين المحمديين السنيين ـ من المشرق الى المغرب في الاندلس وشمال أفريقيا ــ كانت للفقهاء السنيين حرية التنقل شرقا وغربا في ( دار السلام المشتعلة بالحروب فيما بينها )، وأينما ساروا يحظون بالمناصب والاحترام . أي كان أكابر المجرمين من السلاطين السنيين يتعاركون فيما بينهم تطبيقا للمعلوم عندم من دينهم السُّنّى بالضرورة ، وطبقا لشريعتهم تلك كانوا يحترمون أكابر المجرمين من الفقهاء السنيين .
8 ـ وندخل في تفصيلات من تاريخ المقريزى الذى كان شاهدا على عصره لنعطى نماذج من مذابح تيمورلنك في ( معسكر دار السلام ضدّ إخوانه في الدين ؛ المحمديين السنيين )
أولا :
في توسعه قبل دخوله أملاك الدولة المملوكية :
1 ـ دمّر ( قراباغ ) بين ارمينيا وأذربيجان ، ثم تفليس بالقوقاز ، وأسر مقاتلى سيواس وكانوا ثلاثة آلاف فدفنهم أحياء ، ثم وضع السيف في سكانها .
2 ـ مع العثمانيين : نهب مدينة سبسطية ( سيواس الآن ) ثم هزم السلطان العثمانى بايزيد واسره في موقعة أنقره ، وانتحر بايزيد .
4 ـ بغداد : كان يحكمها المغول ، أباد تيمورلنك جنودهم ، ثم اقتحم بغداد وقتل 100 ألف من سكانها ، وألزم جميع جنوده أن يأتيه كل واحد منهم برأسين من رءوس البغداديين . هذا عدا من لقى حتفه هربا وغرقا في دجلة .
ثانيا :
في (حلب ) المملوكية
زحفت جيوش تيمورلنك نحوها في محرم 803 ، وانهزم الجيش المملوكى المدافع عنها وهرب محتميا بقلعة حلب . يقول المقريزى في تاريخه عما فعله تيمورلنك في حلب، ويسميه ( تمر) :
1 ـ ( ولم يمض غير ساعة حتى ولّت العساكر ( المملوكية ) تريد المدينة، وركب أصحاب تمر ( تيمورلنك ) أقفيتهم، فهلك تحت حوافر الخيل من الناس عدد لا يدخل تحت حصر، فإن أهل حلب خرجوا حتى النساء والصبيان، وازدحم الناس مع ذلك في دخولهم من أبواب المدينة، وداس بعضهم بعضاً، حتى صارت الرمم ( الجثث ) طول قامة، والناس تمشي من فوقها . وتعلق نواب المماليك بقلعة حلب، ودخل معهم كثير من الناس، وكانوا قبل ذلك قد نقلوا إلى القلعة سائر أموال الناس بحلب.)
2 ـ ( واقتحمت عساكر تمرلنك المدينة وأشعلوا بها النيران، وجالوا بها ينهبون ويأسرون ويقتلون. واجتمع بالجامع وبقية المساجد نساء البلد، فمال أصحاب تمر عليهن، وربطوهن بالحبال، ووضعوا السيف في الأطفال فقتلوهم بأجمعهم، وأتت النار على عامة المدينة فأحرقتها. )
3 ـ ( وصارت ( الفتيات ) الأبكار تفتض ( بكارتهن ) من غير تستر ولا احتشام، بل يأخذ الواحد الواحدة ويعلوها في المسجد والجامع، بحضرة الجم الغفير من أصحابه، ومن أهل حلب، فيراها أبوها وأخوها ولا يقدر أن يدفع عنها، لشغله بنفسه . )
4 ـ ( وفحش القتل، وامتلأ الجامع والطرقات برمم القتلى، واستمر هذا الخطب من صحوة نهار السبت إلى أثناء يوم الثلاثاء. )
5 ـ ( والقلعة قد نُقّب عليها من عدة أماكن، وردم خندقها، ولم يبق إلا أن تؤخذ ، فطلب النواب ( المماليك ) الأمان، ونزل ( الأمير المملوكى ) دمرداش إلى تمرلنك، فخلع عليه ودفع إليه أماناً، وخلعاً للنواب، وبعث معه عدة وافرة إلى النواب، فأخرجوهم. ممن معهم، وجعلوا كل اثنين في قيد وأحضروا إليه، فقرعهم ووبخهم، ودفع كل واحد منهم إلى من يحتفظ به. ) . أي إعتقل قادة المماليك بعد أن سلّموا أنفسهم له .
6 ـ ( وسيقت إليه نساء حلب سبايا. وأحضرت إليه الأموال، ففرقها على أمرائه. ).
7 ـ (واستمر بحلب شهراً. والنهب في القرى لا يبطل، مع قطع الأشجار، وهدم البيوت . ).
8 ـ ( وجافت ( أي انتشرت رمم الجثث في ) حلب وظواهرها من القتلى، بحيث صارت الأرض منهم فراشاً، لا يجد أحد مكاناً يمشي عليه إلا وتحت رجليه رمة قتيل. وعمل من الروس منابر عدة، مرتفعة في السماء نحو عشرة أذرع، في دور عشرين ذراعاً، حرز ما فيها من رءوس بني آدم، فكان زيادة على عشرين ألف رأس. وجعلت الوجوه بارزة يراها من يمر بها .) ، أي قطع رءوس القتلى وصنع منها أهرامات .!!
9 ـ ( ثم رحل تمر عنها، وهي خاوية على عروشها، خالية من ساكنها وأنيسها، قد تعطلت من الأذان، وإقامة الصلوات. وأصبحت مظلمة بالحريق، موحشة، قفراء مغبرة، لا يأويها إلا الرخم. ) ( الرخم نوع من النسور ).
10 ـ ويقول المقريزى عن حال دمشق حين وصلتها أنباء حلب :
قبل دخوله دمشق اضطربت أحوالها ، واختلفوا فيما بينهم ، أي انهزموا قبل أن يأتيهم تيمورلنك . وواصل تيمورلنك زحفه ، وهرب السلطان المملوكى واضطرت دمشق الى الاستسلام ، ولما دخلها أشعل فيها النيران ثلاثة أيام حتى أتت على ما فيها ، وبعد أن أقام فيها ثمانين يوما رحل عنها ، وأخذ معه فقهاءها وأمهر صُنّاعها الى عاصمته في سمرقند ، ثم اتجه الى طرابلس وبعلبك فدمرهما ، وفى طريق عودته مرّ على حلب فأحرقها مرة ثانية وهدم ابراجها وقلعتها ، ثم دمّر ماردين . ولم تسلم منه سوى مدينة حمص . هذه شريعتهم ، المعلومة عندهم من دينهم السُنّى ــ بالضرورة .
نتوقف مع ما فعله تيمورلنك في دمشق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن