الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعدام راهب: قراءة في تقرير مجلس حقوق الإنسان

صفوت سابا

2021 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نشر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بجنيف التابع للأمم المتحدة في يوم 27 مايو 2021 تقريرًا إعلامياً بخصوص تنفيذ عقوبة الإعدام على المتهم بقتل الأنبا أبيفانيوس (رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون).


التقرير لم يتعرض إلى فيما إذا كان المتهم الذي تم إعدامه بريئاً أم لا، لكنه يسجل مآخذ عديدة على العدالة الاجرائية لكلٍ من التحقيق والمحاكمة في هذه القضية، كما أنه ينتقد موقف الكنيسة بسبب تبرؤها من المتهمين الرهبان وتجريدهم قبل أن تثبت إدانتهم في القضية.


ترجع أهمية هذا التقرير إلى أنه يسجل للتاريخ القلق الذي ينتاب الكثير من الهيئات والأفراد بخصوص محاكمة المتهمين في هذه القضية والحكم عليهما. بالإضافة فكاتبو التقرير يُنَوَّهون إلى المخاوف بشأن اضطهاد المسيحين الأقباط في مصر في رسالتهم إلى الحكومة المصرية والمؤرخة 6 ديسمبر 2019. وبالرغم من أن محققي مجلس حقوق الإنسان قد تلقوا رداً من الحكومة المصرية على رسالتهم لكن هذا الرد لم يعالج تلك المخاوف أو يؤكد التزامات مصر القانونية والدولية تجاه اضطهاد الاقباط فيها.


التقرير مبني على قرارات مجلس حقوق الإنسان منها القرار 42/22 الخاص بالاحتجاز التعسفي؛ والقرار 44/5 المَعْنِي بالإعدام غير القانوني أو الذي قد تم على عجلة دون فحص أو التعسفي؛ وقرار مجلس الأمن 8/43 الخاص بالأقليات؛ والقرار 40/10 الخاص بحرية الدين أو المعتقد؛ والقرار (43/20) الخاص بالتعذيب وغيره من جرائم المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.


الملفت للانتباه أن التقرير يصف اعتراف المتهم الذي تم إعدامه في هذه القضية بأنه "اعتراف قسري مزعوم"، وأن المتهم قد "اعتقل تعسفاً" مما يثير الشك حول شرعية اعترافه وينفي حقوقية أدلة إدانته، ويقلص من قيمة الفيديو المنتشر الذي يدلي فيه باعترافه.


يشكك التقرير في العدالة الاجرائية للمحاكمة من خلال التوثيق لـ "مزاعم تعذيب وإساءة معاملة" المتهمين في القضية. وقد تجلى ذلك في المعاملات القاسية واللا إنسانية والْمُهِينَة لكل من وائل سعد تواضروس ميخائيل (الأب إشعياء) وفرج منصور فرج صليب (الأب فلتاؤس).


كما أن التقرير يؤكد على "انتهاك الإجراءات القانونية الواجبة والتخلي عن معايير الحماية الدولية المطلوبة لشرعية عقوبة الإعدام". ومن أمثلة هذا استجواب ستة من الرهبان والقبض عليهم قبل أن يصدر أمراً بذلك. فقد تم احتجاز، استجواب المتهمين لمدة 96 ساعة دون حضور محام معهم مما أدى إلى تدهور صحة الأب فلتاؤس العقلية خلال هذه الفترة وإقدامه على الانتحار. فقد تم تهديد المتهمين بالتعذيب أثناء التحقيق، ورفض المسؤولون السماح للمتهم (الأب إشعياء) باستخدام الحمام أثناء التحقيق مما أجبره على تلطخ نفسه بفضلاته. وتم إعدام المتهم الأول "في سرية" بالغة، حيث اتصلت السلطات بأخوه "هاني" كي يتسلم جثة أخيه الذي تم إعدامه في الساعة الثامنة من صباح ذلك اليوم. كما تم احتجاز المتهم وائل سعد تواضروس ميخائيل "بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 27 يوما، وتعرضه لسوء المعاملة". وفي الوقت الذي كان المتهم محتجزاً سراً، ادَّعَت السجلات الحكومية الرسمية إطلاق سراحه من الحجز في 6 أغسطس 2018. وفي خلال فترة احتجازه تعرض المتهم للضرب والصعق بالكهرباء حتى "اعترف مكرهاً" بتورطه مع المتهم الآخر في موت الأسقف. وكجزء من هذا الاعتراف المنتزع بالإكراه، تم إجبار المتهم لإعادة تمثيل الجريمة، وقد تم تسجيل هذه التمثيلية في فيديو كان العمود الفقري في مستندات الحكم عليه بالإعدام.


وقد أفاد تقارير محققي مجلس حقوق الإنسان أن حكم الِإعدام لم يستند على شهود عيان أو لقطات من كاميرات المراقبة في المحكمة أو غيرها من الأدلة، بل فيديو الاعتراف القسري الذي تم تصويره تحت التهديد. والعجيب أن المسئولين الذين قاموا بالتحقيق لم يخفوا تهديداتهم للمتهم، تلك التي كانت واضحة طوال الفيديو والتي يمكن سماعها بسهوله. وقد أيدت محكمة النقض الحكم بالإعدام على المتهم الأول وخفضت الحكم على المتهم الثاني إلى السجن المؤبد في جلسة 1 يوليه 2020 التي استمرت 15 دقيقة.


من ضمن المخاوف التي آثارتها المراسلات التي سبقت إصدار هذا التقرير - بين مجلس حقوق الإنسان والحكومة المصرية - أن تجريد المتهمَّين (الأب إشعياء والأب فلتاؤس) في 5 أغسطس 2018 بعد أسبوع من قتل الأنبا أبيفانيوس قد رفع عنهما الحماية والتمثيل القانوني المتوفره لرهبان الكنيسة القبطية. وقد أعطي هذا لقوات الأمن الضوء الأخضر لاعتقالهما بعد ساعات من التجريد مع أربعة رهبان آخرين. والجدير بالذكر أن وقف الراهبين قد تم بشكل فوري بناءً على توصيات لجنة شؤون الرهبان في المجمع المقدس.


من المُؤسِف أن تكون هذا المخالفات قد تمت على مرأى ومسمع من رهبان دير أبو مقار والكنيسة القبطية بشعبها وباباها ومجمعها المقدس. ومن المُحْزن أن تكون هيئة عالمية كمجلس حقوق الإنسان أكثر إحساساً بالعدل والرحمة نحو الرهبان من الكنيسة نفسها، أمهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت