الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخوان الصفا وخُلان الوفا

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 6 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تعتبر هذه الجماعة نموذجا للتسامح الديني والموسوعية العلمية، ويتفرد نَظمُهم بكونه ذو روافد معرفية ثرية؛ آشورية، هندية، مصرية، فارسية، هيلينية... أدت إلى إشكالية الأصل والمنابع الأولى له، ورسائلهم هي بمثابة موسوعة فلسفية وروحية مثلت أعظم تمازج بين هذه الأصول، تأثروا بالمثالية، والفكر الغنوصي في عودة الروح. يُفعِلون ما سَطره الأولون من معارف، ويُنجِزونُ عبره صرحهم التصوري، قربوا بين الفلسفة والدين، وهو ما شكّل أعظم ملامح التحضر، في حينها، منذ القرن الثالث حتى القرن الخامس، وظلت الفلسفة الإسلامية تسعى إليه هدفاً، وكافحوا ضدّ النزعة السلفية المحافظة، التي كانت تعد الفلسفة ضلالاً.
وقد تألفت هذه الجماعة في القرن الرابع الهجري 334 ـ 447 هـ/967 ـ 1049م (القرن العاشر للميلاد) وكان موطنها البصرة، ولها فرع في بغداد، ولم يُعرف من أشخاصها سوى خمسة يتغشاهم الغموض والشك، ولا يسفر اليقين عن حقيقة أمرهم بما يطمئن إليه الخاطر وينشرح له الصدر لما كانوا عليه من التستر والاكتتام... وقيل إن أحدهم هو أبو سليمان محمد بن معشر البستي المعروف بالمقدسي، والآخر أبو الحسن علي بن هارون الزنجاني، ثم أبو أحمد المهرجاني (النهرجوري)، فأبو الحسن العوفي، فزيد بن رفاعة.
وقد رأوا أنّ أصل الأديان واحد، وجوهرها واحد، وهذه خطوة متقدمة في زمانهم، ورأوا أنها يمكن أن تلتقي وتتحاور، ورأوا أن الإسلام يمكن أن يكون قائدا لهذا التلاقي، وأن الإسلام يجب أن يؤدي هذا الدور. وقد كان إخوان الصفا من أديان مختلفة، ومذاهب إسلامية عديدة... فقد بحثوا في الجوانب المشتركة للأديان، وليس في الجوانب المختلفة، لأنهم أكدوا الجانب المشترك الواحد فيها
وقد ذكروا أن علومهم مأخوذة من أربعة كتب: أحدها الكتب المصنفة على ألسنة الحكماء والفلاسفة، من الرياضيات والطبيعيات؛ والآخر الكتب المنزلة التي جاءت بها الأنبياء، مثلُ التوراة والإنجيل والفُرقان وغيرها من صحف الأنبياء المأخوذة معانيها بالوحي من الملائكة، وما فيها من الأسرار الخفية؛ والثالثُ الكتب الطبيعية، وهي صُور أشكال الموجودات بما هي عليه الآن من تركيب الأفلاك، وأقسام البروج، وحركات الكواكب ومقادير أجرامِها، وتصاريف الزمان، واستحالة الأركان، وفنون الكائنات من المعادن والحيوان والنبات، وأصناف المصنوعات على أيدي البشر
وتؤلِفُ رسائل إخوان الصفا نَظماً يَنفُد إلى قوة من قوى النفس الإنسانية، تُخاطبُ رمزاً وتعييناً جزءا منها، بحسب فَهم المتلقي، فهي تُحفزُه وتجذبُه وتَشدُه وتَدعوه للتأمل والتروي، من أجل إدراك نفسه عبر نسق مترابط ومتعالقُ معرفيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير