الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توفيق الحكيم الذات والموضوع

أبو الحسن سلام

2021 / 6 / 9
التربية والتعليم والبحث العلمي


تميزت الكتابة لدى توفيق الحكيم بطابع خاص حيث أنه كان يحب أن يمزج في كتاباته بين الواقعية والخيال الذي كان يتصف بالوضوح وكانت ألفاظه ومعانيه عبارة عن صورة جميلة واضحة المعالم ليست معقدة حيث أنه كان لا يعرف للإطالة عنوان. ونجد أنه قد قام بكتابة وتأليف العديد من الكتب والمسرحيات ومن أهم أعماله (الخروج من الجنة، رصاصة في القلب، سلطان الظلام، سر المنتحرة، عصفور من الشرق، يوميات نائب في الأرياف، …إلخ)، ومن هنا يعرض على حضراتكم موقع محتوى مجموعة من أروع الخواطر والكلمات للكاتب الأديب توفيق الحكيم. العزلة حاجة في نفسي مثلما الخبز والماء والهواء حاجة في جسدي ولا بد لي من ساعات أعتزل فيها الناس لأهضم ساعات صرفتها في مخالطتهم. الحاكم لا يريد من المفكر تفكيره الحر بل تفكيره الموالي. لا حياة في مصر لمن يعيش للفكر. لهذا الحد تعبث السياسة عندنا بالعدالة والنظام والاخلاق أعوذ بالله شيء مخيف. إن الأسئلة التي لا تجد الإجابة عنها تظل هائمة في النفس كالأرواح المعذبة. إذا إنحط مجتمع الى هذا الدرك الذي يجعل فيه للجماد (يقصد السيارات والمظاهر الخادعة المزيفة) سلطة الحكم على قيمه الانسان فلا خير لحياة البشر. الحضارة العظيمة لا تزيل الشر ولا تمحو الجريمة، ولكنها توجد الشر العظيم والجريمة العظيمة. الحقيقة التي تملأ قبضتك لا بد أن تكون حقيقة صغيرة. ما الغرور إلا وجه من وجوه الجهل. عدونا الآن ليسوا في السماء ولا في الأرض عدونا داخل أنفسنا عدونا هو تلك الحقيقة المدفونة. إن الإبتكار الفني هو أن تكون أنت أن تحقق نفسك هو أن تسمعنا صوتك أنت ونبرتك أنت. فالمبادئ ليست بذات قيمة في نظري بغير الأشخاص الذين يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها. إن عواطفنا لا يمكن أن تكون إلا جميلة نبيلة نحو من يوحي إلينا بشيء جميل نبيل. إن الحياة كالبهائم والأنعام خير منها العدم. إن في الدنيا أشخاص يجري في دمائهم الفن وهم لا يشعرون. إن إيمان المرأة هو الحب. ليس الشقاء هو البكاء وليست السعادة هي الضحك. إن الشخص ذا القيمة هو الذي يعرف القيم كما يعرف الصائغ درجات الذهب. جمال عبد الناصر وتوفيق الحكيم كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر معجب بمقالات توفيق الحكيم وكان يحبه حب جنوني وكان السبب في ذلك هو قيام كاتبنا بالتمهيد في كتاباته لظهور عبد الناصر على الساحة السياسية ووصفه بالبطل المغوار الذي ستنهض على يده البلاد، وكان كاتبنا كثير المدح لعبد الناصر ولأعماله. ولكن نجد مع مرور الوقت تحول توفيق الحكيم إلى عكس ما كان عليه فأخذت كتاباته طابع الإنتقاد لسياسة عبد الناصر وعلى الرغم من ذلك لم يكن الزعيم عبد الناصر يحمل الضغينة والكره بل بالعكس كان يتقبل منه ذلك بصدر رحب
.

أقرأ المزيد على موقع محتوى: https://www.muhtwa.com/50959/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A% D9%85/#i




" .. أنا الآن للفن وحده " هذا ما قاله توفيق الحكيم منذ سبعين عاما مضت .
تري.. هل عاش توفيق الحكيم للفن وحده – حسبما قال – ألم تشغله السياسة ؟ ألم يشغله الدين ؟
ألم تشغله قضايا المجتمع المصري في تحولاته الاقتصادية والسياسية ألم تنعكس قضايا الوطن آثارها الإيجابية والسلبية علي كتاباته المسرحية والفكرية ؟
هل يعني قوله هذا أنه كان من أنصار نزعة ( الفن من أجل الفن ) ؟
هل عاش للفن وحده – كما قال – أم أن مقولته تلك من باب المجاز ؟ّ!
لاشك في أن الإجابة الخالصة عن ذلك في مجمل مواقفه منذ اشتغاله بالحياة العامة مشتبكا بكتاباته المتشعبة في ما بين الكتابة للمسرح - باعتبارها الشغل الشاغل في التعبير عن موقفه من الوجود – و الكتابة الفكرية التي تترجم مقولته ، التي صدّرنا بها عتبة الدخول إلي عالم الإبداعي الحكيم .
يعرف الحكيم – مثلما نعرف - أن لا حياة لفن دون انفتاح علي منابع فكرية فلسفية واجتماعية ودينية وسياسية محمولة علي جناح الخيال ، وأن يعيش الأديب أو الفنان للفن وحده ، ليس يعني عزلته عما يحيط به من شواغل و تفاعلات إنسانية حياتية محلية أو عالمية . إن الأديب و الفنان كليهما يظل حاضرا في عصور تالية علي عصره ما استحضر فنه الإنسان الذي يسكننا .. ولأن فن الحكيم المسرحي يبعث فينا ما يوقظ وعينا بما يحيط بنا من آثار تقلبات الزمن عبر صور سمو الفكر الإنساني فينا و صور كبوات انحدار ذلك الفكر ؛ موشحة بمباهج التعبير ؛ لذا كان حضوره فينا بالفكر والفرجة . تلك الثنائية التي تدفقت عبر جماليات الحوار الدرامي في مسرحه .

الإطار الفكري للخطاب الدرامي في مسرحه :
- يقوم علي جدل الجديد للقديم .. المتغير والثابت.
- يقوم علي مساءلته للمستلهم التراثي .
- التوفيق بين استشراقات التراث وحداثة المعاصرة .
* الإطار الدرامي للحدث في مسرحه :
- يقوم علي التوفيق بين استشراقات التراث وحداثة المعاصرة .
* خاصية الأسلوب في مسرحه :
- مر مسرحه بثلاث مراحل فنية عي مرحلة مسرح المجتمع ، ومرحلة المسرح المنوّع ومرحة التجريب في الشكل . وفي المرحلتين تأرجح أسلوب الكتابة بين تقنيات (مسرح الأفكار والمسرح الذهني ومسرح الفكرة / الدعوة ) يميل إلي التنويع والتنقل بين الواقعية النقدية ( الأيدي الناعمة) الواقعية الفكرية ( السلطان الحائر) الواقعية السحرية ( رحلة إلي الغد ـ سوق الحمير ) ، - متغيرة في ما بين المسرحية الفكرية ( الملك أوديب – براكسا ومشكلة الحكم ) والمسرحية الذهنية ( شهرزاد) ومسرحية الفكرة : ( مجلس العدل ، الحمار يفكر ، الحمار يؤلف ) وفي المرحلة الثالثة – وإن شكلت نفريعة من مرحلة ما أطلق عليه الحكيم ( المسرح المنوّع ) إلاّ إنها اتسمت بميل إلي التجريب عبر تقنيات مدارس طليعية ؛ مثل- التعليمية الملحمية- في ( شمس النهار) والعبثية .. في نصوص( يا طالع الشجرة ، الطعام لكل فم ، مصير صرصار و لزوم ما لا يلزم) و السريالية: ( الدنيا رواية هزلية) التي استخدم في كتابتها تقنيات المينيمالية – الكتابة غير المكتملة –
ومع أن من الباحثين من يدمج مسرحية الأفكار مع مسرحية الدعوة/ الفكرة والمسرحية الذهنية ضمن مصطلح المسرح الفكري ؛


* الإطار الدرامي للشخصية في مسرحه :
- الشخصية الدرامية ذات منقسمة بين سمات تراثية وسمات معاصرة في آن .
* الإطار اللغوي للحوار في مسرحه :
- يميل إلي روح الجدل الفكري
_ التعبير عن جوهر إرادة الشخصية الدرامية ، لا جوهر شعورها .
_ الاعتماد علي جمالية الإيجاز البليغ .
- يعتمد علامات استبدال فكر الثبات والجمود بفكر التغيير .
* إطار التحول الدرامي في مسرحه :
- كل جديد فيه غرابة تبعث علي الدهشة ؛ وتثير للتساؤلات المنتجة للاختلاف واحتدام الصراع .
* الإطار الدرامي للصراع في مسرحه :
- يتحه إلي روح المقاومة أكثر من ميله لروح الصدام
- يتبني فكرة الوسطية التي يطلق الحكيم عليها ( التعادلية) – راجع كتابه-
- ينتهي بالمصالحة بين أطراف الحدث الدرامي ( السلطان الحائر، شمس النهار
* جماليات البني الدرامية في مسرحه :
- ترتكز علي توالد المعاني والإنتاج المعرفي .
- مراوغات المسكوت عنه في الاسقاط والترميز .
- تلجرافية جمل الجوار ورشاقة الألفاظ .
- التناص الأسلوبي والتقني الدرامي مع نصوص عالمية سابقة : ( المسرح اليوناني):
- الطعام لكل فم - ( المسرح الملحمي ) – شمس النهار- مجلس العدل - ، ( مسرح العبث) – يا طالع الشجرة -
- انحدار الفكرة الدرامية من نصوص سابقة في بعض نصوصه المسرحية ( الملك أوديب – بيجماليون ).
- مراوغات المساءلة في الإستلهامات من التراث العربي والعالمي .
- جمالية النبض الإيقاعي في التعبير الحواري اللفوي
- الاعتماد علي تعادلية لغوية بما أطلق علية هو نفسه ( اللغة الثالثة) القابلة للأداء اللفظي بالفصحي وباللهجة العامية المصرية أيضا .. عن طريق تخليص الحوار من الحروف الروابط : ( حروف الجر والجزم والنصب والتحقق وبعض حروف العطف )

* القضايا المثارة حول مقولاته وآرائه في المسرح :
* قضايا مثارة من الحكيم نفسه :
دأب الحكيم علي المراوغة في بعض تعامله مع المفاهيم المتداولة في المحال الفكري والثقافي والمسرحي خاصة ؛ ومن بين تلك المراوغات التي صدرت عنه مباشرة خلال لقاءات فكرية أو ثقافية بثت علي شاشات التلفاز أو بثت عبر المذياع أو وردت في حواراته المتعددة في جلسات نقاش أو حوار كتلك التي أجراها معه د. رشاد رشدي عبر سلسلة من اللقاءات الشهرية علي صفحات مجلة المسرح في إصدارات مسرح الحكيم في ستينيات القرن العشرين ومنها ما ذيّل به بعص إصدارات نصوصه :
- توصيفه لنص يا طالع الشجرة .. حيث نسب تلك المسرحية إلي اللامعقول ، مفرقا بين مفهوم العبث ، واللامعقول ، معتبرا أن ( العبث ، عبث في المضمون ، بينما العبث في اللامعقول ، هو عبث في الشكل ) وترتيبا علي ذلك التفريق يعتبر مسرحيته ( يا طالع الشحرة) إلي مفهوم اللامعقول .
وهنا أقول له : يا سيدنا.. كتّاب تيار مسرح العبث وباحثوه ، قالوا : ( العبث في الشكل وليس في المضمون ) . ومن ناحية ثانية فإن تقنيات كتابة مسرحيات ( يا طالع الشجرة الطعام لكل فم ، مصير صرصار، لزوم ما لا يلزم) توظف مفردات بناء درامي عبثي ، حيث استبدال ما يعرف بالحدث الدرامي في بنية النص المسرحي بما يعرف بالحالة الدرامية ، وتأسيس البنية الدرامية علي طلب المنطق في وسط عبثي ؛ وتناقض الفعل مع القول ، وتعادل لغة الصمت مع لغة الكلام ؛ والدهشة ( المؤدة) .
- مراوغته في نحت مصطلح ( التعادلية) باعتباره مصطلحا جديدا من فكره هو ؛ بينما الحقيقة تؤكد أن التعادلية هي الوسطية الإسلامية ؛ التي هي في الأصل مقولة أفلاطون المعروفة ( الفضيلة وسط بين رذيلتين ) وهي نفسها التي تتمثل في المحتوي الفلسفي الوجودي لثنائية : ( الحرية والالتزام) حيث لا تتجاوز حرية الأنا حرية الآخر .
- مراوغته في نحت مصطلح ( اللغة الثالثة) في الحوار المسرحي . والمعلوم أنه ليست هناك لغة ثانية ولغة ثالثة في كلامنا ، وإنما هي لغة واحدة فصيحة ولهجة عامية .
* قضايا مثارة حول مسرحه :
- نسب بعض الباحثين وعدد من النقاد إليه ريادة ما يعرف باللغة الثالثة في الحوار المسرحي، وهي تقنية كتابة لفة الحوار بأسلوب صحافي ، تسهل قراءته من عامة الناس .. ولكن الرجوع إلي تاريخ الكتابة المسرحية ؛ ينفي عنه صفة الريادة والسبق إلي هذا الموضوع ؛ فقد سبقه إلي مزاوجة لغة الحوار المسرحي العراقي ( ناعوم السحار) بمسرحية : ( لطيف وخوشابا) عام 1905 وسبقه فرح أنطون في مصر في مسرحيتيه ( مصر القديمة ) و ( مصر الجديدة ) وسبق أولئك جميعا ابن دنيال في مسرحياته الظلية المسماة ( بابات ابن دنيال) التي امتزج الحوار فيهما بين الفصحي والعامية .
من آراء توفيق الحكيم في الحثاة والفن:
عن تآثره بشكسبير يفول : بالطبع تأثرت به كما تأثر به كل من كتب ويكتب للمسرح .. بوعي أو بغير وعي منا . فهو من الشوامخ التي لابد أن تلقي أشعتها في لأعماقنا أردنا أو لم نرد.. غير أن تأثري بسوفوكليس أكثر وأظهر ..

- سبق أن ذكرتم أن شكسبير شاعر روائي أكثر منه شاعرا مسرحيا فما هو تعليل ذلك وف عن سؤال د. رشاد رشدي له عن رأي له في مسرح شكسبير : قال؛ رأيي هذا قلته عن شكسبير بالقياس إلي سوفوكليس ذلك أن البناء الفني عند شكسبير يكاد يماثل الرواية بتتابع مناظره العديدة المتنقلة من مكان إلي مكان ومن زمن إلي زمن كما تتابع فصول الرواية .. في حين أن البناء الفني عند سوفوكليس مثلا يقوم علي أساس مختلف .. وقد لخصت رأيي في قولي : *. ربما كان شكسبير أمتع وأعجب وأرحب من سوفوكليس .. ولكنه أقل منه قدرة علي التركيز الدرامي “

توفيق الحكيم الذات والموضوع :

من يريد البحث عن سيرة توفيق الحكيم فليقصد مباشرة عصفور من الشرق ففيه مادة السيرة الذاتية للحكيم في أثناء مقام دراسته في باريس السيرة الذاتية في صيغ مبطنة تتطلب تأويلا وتتعدي آثار حياة الحكيم نفسها و اعتقاداته فيها ، ففي بعض السير الذاتية الغربية تتعامل مع السرد الذاتي تعاملات لا بملئها فرد بلسان المتكلم الفردي بل " بحيل لغوية وأسلوبية آخري منها : " جعل الكلام عن الذات يتعين في سرد منزوع التعيين الشخصي فيكتب الروائي سيرته ولكن بضمير الغائب ، ومنها جعل الكاتب يتكلم عن نفسه ولكن بلسان القرين ".
( أحم-د فارس الشدياق ، الساق علي الساق ، ص 185

كتب ( عودة الروح ، يوميات نائب في الأرياف ، عصفور من الشرق " ... وما لبث أن تبناها علي آن فيها شيئا من سيرته الذاتية ؛ " وهي حيلة أسلوبين تبتعد عن النوعين المذكورين ، إذ تلصق بالشخصية المروية حفلة من حياته إسما ونسبا ".
لهذا ما جري اعتبار هذه الروا سبرة ذاتية ، إلا من قبيل معاينة ما تتضمنه مع وقائع معروفة عن الحكيم أو بناء لتأكيدات لاحقة له ،
تفيد أنه قصد منها كتابة القسم الأول أو المتوسط أو الأخير من حياته . ( ستاركي ص ١٠٩)

وفي عنوان هذا الأخير التفاتة إلي كتاب عصفر من الشرق الي ما ينبه
( يوميات نائب في الآرياف ،أو ( سجن العمر ) ص ٩
بين محسن ويودي وإيفان وباريس والسيدة زينب وغيرها علاقات تفصح في أحداثها ودلالاتها عن مشقة السر سواء أكان روائيا أم سيريا حميميا أم عموميا .



جمع في غير حديث من أحاديثه بين كونه راوية وجامع لبعض من سيرته الذاتية ، فهو يمزج بعضا من أدبه وسيرته الذاتية خاصة في عصفور من الشرق في صيغ مبطنة تتطلب تأويلا وتعتدي آثار حباته و اعتقاداته ، مع أن صياغته لا تنسب القول الي المتكلم . في السرد ، هناك تباين بين مبناه التأليفي وكيفية تعيين مواده والإحالة الي خارجه والتعامل معه علي أنه سبرة الحكيم في باريس ؛ة إذ أن للسرد في الإخبار والتعيين منطقا تأليفا ، يستجمع ويفرق ويقوم علي عرض رواية وذاك نفسه قائم في بنية روايته ( يوميات نائب في الأرياف) . وفي هاتين الروايتين فضلا علي رواية ( عودة الرةج) تتكشف مواقف الحكيم نفسه باعتباره ساكنا فيما يعرف بـــــ ( الشخصية القناع ) تلك التي يتستر الكاتب خلفها إذا يحملها ما يريد قوله متواريا . ومن مواقفه:

موقفه من الزواج : لزواج نقلة مفاجئة من التدليل إلى التذليل.
الألم نفسه مهما عظم يتضاءل كلما اشتركوا فيه جميعا، ويخفّ حمله كلما حملوه معا، بل إنّه أحياناً ينقلب عزاء مثلجاً للصدور. - توفيق الحكيم

ليس الكرم أن تنفق مال بلا حساب .. ولا تقل لي مثلا أن فلانا الغني أنفق على و لائم و عزائم و سهرات فيستحق إذن لقب (كريم) .. أو أنه أنفق على معارفه و أصدقائه الأغنياء أمثاله , فهو إذن صاحب مروءة.. المفروض في الرجل الكريم أنه ينفق من ماله في سبيل عمل إنساني يعود بالفائدة على أمته جميعاً. - توفيق الحكيم
أنك تفترض ان الناس جميعا قابلون ان يكونوا أحرارا, وننسى أن أغلب الناس لا يستطيعون ولا يريدون ان يكون لهم رأي .. انما يستسهلون ارتداء الأراء التي تصنع لهم صنعا.


كثير من الناس يعيشون طويلا في الماضي، والماضي منصة للقفز لا أريكة للاسترخاء. - توفيق الحكيم


مشكلة اﻹنسانية، بل مشكلة الحياة كلها هى وجود طائفتين: طائفة تصنع، وطائفة تستغل! *توفيق الحكيم.


مواقفه بين الشرق والغرب :

مواقفه بين الرجولة والأنوثة :

وعي الغرب ووعي الذات :

ماذا في شخصية محسن عصفور من الشرق من توفيق الحكيم
ماذا في علاقات محسن عصفور الشرق النسائية من ملاقات الحكيم النسائية ؟
ما الذي تعنيه كل من سنية وسوري وإيفا وساشا لمحسن ، و توفيق. ؟!
ماذا في شخصية نائب في الأرياف من توفيق الحكيم وكيل النيابة ؟!



* تداخل الأمكنة والأزمنة بين حياته وكتاباته :
هذا المسير ينطلق آو يقوم في عدد من تحقيقاته علي وجود تداخل بين مكانين أو بين نسرين من الأمكنة ، منها مايقا في نصر ومنها ما يقع في باريس : وهو ما يثبته الروائي منذ الصفحة الآولي في الرواية إذ نحد التداخل حاصلا بين ميزان " الكوميدي فرانسيس" و ميدان السيدة زينب "
ونتحقق في تتابع السرد من استمرار التباين والتداخل بين نسقي الأمكنة : بين الكنيسة مكان الصلاة المسيحي والمسجد مكان الصلاة الإسلامي

تقول عنه سوزي " اعتاد أن يأتي كل يوم إلي هذا الشباك فينتظر حتي ينبض الناس ويخلو المكان فيتقدم قائلا : " بونور مدموازيل ". !... ". فأرد اليه التحية فيقف يطيل إلي النظر صامتا ، ثم يتحرك قائلا : " أوروغواي مدموازيل ". ويمضي لشأنه ". ( عصفور من الشرق " ص ٤٦ )

وحين يقرر محسن ذات مساء وبعد إلحاحات من صديقه الفرنسي مبادرة أو مفاتحة سوزي بما يكن لها من مشاعر فإنه لا يقترب من شباكها بل يلحق بها ، كمن يطارد صبية وقع نظره عليها في الشارع طالبا بغرض المعاكسة بل يتبعها من شارع إلي مترو من دون أن ينجح باللحاق بها في المرة الأولي ولا في المرة الثانية في محا لك آثر محاولة ألي ينجح في العثور علي مكان بيتها وهو فندق في واقع الأمر . لكنه لا ينتظرها عند الخروج منه أو عند الدخول اليه بل يأتي بحبيبته ويسكن تماما فوقها في الغرفة التي تعلو غرفتها . إلا يقول عنها : " ءنتاجها راضٍ بالقليل ! يكفيه منها مجرد الشعور في كل حين إنها هي جارته "
( عصفور من السرق ،ص ٥٦)

إرادة الفعل .. يحسب حساب النتائج أولا

حتي يقوي الحكيم - الشاب - علي معاكسة ( سوزي) عاملة شباك تذاكر مسرح ( كوميدي فرانسيس) يجعل محسن في رواية ( عصفور من الشرق ) يستعيد. ( سنية / بنت جيران .. بنت الحارة) في رواية ( عودة الروح) خلال شخصية. ( سوزي) عاملة شباك تذاكر مسرح ( كوميدي فرانسيس ) في رواية : ( عصفور من الشرق ) قبل أن يقوي علي معاكستهما وطلب الغرام منها

* رواسب التقاليد الشرقية :
هوية المكان تسكنه : ذلك أن محسن في باريس يخلط بين المكا هنا والمكان في القاهرة فلا بتصرف فيه إلا ما بمقتضي ما أملته عليه عادات المكان الأول : فما براه في ميدان الكوميدي فرانسيس يستدعي صورة ميدان المسجد في حي السيدة زينب .

ومحسن في باريس لايقوي علي فعل ما يقوم به الحبيبان علي مقربة منه علي أن المكان مشترك وفردي له ولسوزي ذلك أن المكان الخارجي عمومي دون أن يكون قابلا لممارسات فردي خارجه

لم يَصْب بصدمة حضارية مشاهدة موقف غرامي خارج عن مألوفة الثقافي
" لم يقطع عليه تأمله غير حركة معانقة فتاة وفتي من خلفه يقبل أحدهما الآخر علانية كما اعتاد الباريسيون أن يحفلوا بعازل أو رقيب لذلك أزور محسن عنهما برأسه غير راضٍ بعرض العواطف في الشوارع والطرقات فتبادل وهي الآي ينبغي لها أن تحفظ في الصدور كما تحفظ اللآلئ في الأصداف ( عصفور ص ٤٨٤٩)

* ديناميك الفقير والنظرة الجدلية عند الحكيم :
ابتعاده عن الفكرة المثالية التي كانت تنظر إلي المبدع باعتباره متلقيا ملهما الغير علي العكس من ذلك يراه إنسانا متجذر الحضور في الواقع
" لا يستطيع أن يخرج شيئا من لا شئ .. فكل شئ يخرج من كل شئ "
وهذا يعني أن جريان الأبداع الأدبي في المسير الثقافي الإنساني سلسلة متصلة من التأثيرات المتلاحقة

" ليس الابتكار في الأدب والفن أن تطرق موضوعا لم يسبقك إليه سابق ، ولا أن تعثر علي فكرة لم تخطر علي بال غيرك ... إنما الابتكار الأدبي والفني ، هو أن تتناول الفكرة الآي قد تكون مألوفة للناس فتسحب فيها من أدبك وغنم ما يجعلها تتقبل خلقا حديدا يبهر العين ويُدهش العقل ... أو أن تعالج الموضوع يكاد يبلي بين أصابع السابقين ، فإذا هو يضئ بين يديك بروح من عندك "
( الحكيم ، فن الأدب ، ص١٢)


* مفهوم للفن والأدب :
الحوار : بنان توفيق الحكيم يعتبر الفن نظاما وأن مرادف النظام لديه هو الاقتصاد أي البيان بلا زيادة ولا نقصان " فقد أهتم كثيرا بالحوار المسرحي ، كما أعتمده أسلوبا لإخراج العمل الفني الجميل ، خصوصا أن عملية الإخراج هذه تخضع لمراعاة " قوة بناء" العمل الفني ، أي أن علي المسرحي أن يكون مهندسا أدبيا "
( توفيق الحكيم ، فن الأدب ص ٨٢)

إذا كان الحوار في نطر هيكل " أسني نمط للتعبير الدرامي" فإن مهمته كما يقول توفيق الحكيم : لا تنحصر " في سرد ماحدث لشخوص المسرح
وءنا في جعلهم يعيشون حوادثها أمامنا مباشرة دون وسيط أو ترجمان "

وهذا يعني عنده أن مهمة الحوار " لا تقف عند رسم الشخصيات وتلوين المواقف ، بل هو الذي يعول عليه أيضا في تكوين الشخصيات وفي خلق جو المسرحية "
( توفيق الحكيم ، نفسه ، ص ٨٢)

الحوار الدرامي عنده قالب أدبي يشبه الشعر ؛ لأنه ملكة تولد أكثر مما هو شئ يكتب ، واستعداد طبيعي يميل إليه أولئك الذين يميلون إلي الاقتضاب". ( ص٣٧ )
بعبارة أخري : " لا يجب أن يقوم الحوار علي الحسو والإطالة"
وهذا يعني أن الأسلوب المثالي للمسرح تنحصر وظيفته في إبراز تماسك العمل الدرامي ووحدته من خلال بلورة الأحداث ومواقف الشخوص "

" يختلف لونه وطبيعته وروحه وطريقته باختلاف طبيعة الفنان وطبيعة العمل الفني ". ( نفسه ص ١١٠١١٨)

* المنطلقات المسرحية النظرية في فكر الحكيم :

سبب اختاره للمسرح الذهبي أسلوبا وتوجها فكريا وحركاته للغربيين في إنتاج عمل يمزج بين الرواية والمسرح ( مسرواية : بنك القلق) اعتقاده الراسخ " بأن القوالب المسرحية والأشكال الفنية هي مجهودات مشتركة واجتهادات إنسانية متداخلة ، وإن لنية الفن شأنها شأن بنية كل جسم تحتاج في بنائها إلي كافة العناصر الداخلية أي ( المحلية ) والخارجية ( أي المستنبتة أو المستعارة )

اهتم رغم تأكيده علي استحالة التخلص من القالب المسرحي الغربي بمراجعة تراكمات الفرجة المصرية ، ومنها ما يقدمه علي الخصوص الحكواتيون والمقلدون والمداحين .
وبما أن هؤلاء كانوا يعتمدون الملاحم والسير مادة عملهم وتواصلها مع الجمهور " الذي كان يجد فيها أخصب المتع الفنية " ، فقد لمس فيهم أدواتين يستطع كل واحد منهم أن يقدم للمتفرجين روائع المسرح العالمي وأن يكسبها طابعا شعبيا رغم ءنتمائها إلي الثقافة العليا.
ولكن هذا الطرح النظري - كما حدده توفيق- تعترضه سعوبة كبيرة كما يقول : إيجاد المقلد الموهوب الذي لا يتقمص الشخصيات كما يفعل الممثل في المسرح ، وإنما يرسلها تحترأعيننا رسما واعيا مع احتفاظه بشخصيته الحقيقية شآنه شأن النحات الذي يباشر عمله أمام ناظريه "
( توفيق الحكيم ، مقدمة قالبنا المسرحي )


* الحكيم والفن التشكيلي :
رغم أن توفيق الحكيم لم يكن رساما فقد كان شغوفا بفن الرسم وبعواطفه ومجالاته منذ أن كان في باريس " يتردد كل يوم أحد علي متحف " الوفر" ويقضي في أروقته ست أو سبع ساعات يقف خلالها ، بمعدل ساعة أمام لوحة واحدة ". ( توفيق الحكيم ، زهرة العمر ص١١٦)

يرجع افتتانه بالفن عموما إلي تشبعه بالفنون القديمة ومنها علي الخصوص الفنون المصرية القديمة والإغريقية ، فإن إنشغاله بالفن التشكيلي كان وليد علاقته بشيخ يدعي السيد " هاب" الذي لقنه " مفاتن الفن وفتح بصره علي جمال النحت والعمارة والتصوير والآداب القديمة "
(. توفيق الحكيم ، زهرة العمر ، ص ص ٥٦٥٧)

ابتكر لنفسه مقاييس ياتيه خولت له تحقيق إستقلالية علي مستوي التأمل والتقدير والاستنتاج "

* قضية الألهام والخلق في الفن - عند الحكيم :

اهتم بالإلهام الفني لدي القدماء وعند العرب .. يري أن الخلق الفني لدي المثال المصري له بصيرة غريزية أو مدربة تجعله بنفذ إلي ما وراء الأشكال الظاهرة والإحاطة بقوانينها المستترة ومن ثم أنه لا يعنيه جمال الجسد ولا جمال الطبيعة من حيث هي شكل ظاهر ، وإنما تعنيه الفكرة والقوانين البطانية الآي أسيطر علي الأشكال ؛ لأنه يشعر بالهندسة غير المنظرة التي تربط كل شئ بكل شئ كما يشعر بالكل في الجزء والجزء بالكل "
( توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص ص ٥٤٦٩ )

هذا الشعور أولي علامات الوعي في الخلق والبناء وهذا ما جعل المقال المصري يصور روح الآشكال لا أجسامها كما جعل من الفن المصري " سرا مغلقا" إلي حدود أوائل القرن العشرين لأن الحضارة الآي ينتمي إليها هي حضارة مستقرة تقوم علي الزهد والتفكير فيما وراء الحياة ( القلب والروح ) ، كما تقوم الي السكون ، علي عكس الحضارة الإغريقية التي تُمارس العقل والمنطق الشئ الذي أدي إلي أن يكون فنها ماديا يقوم الي الحركة ( آي الحياة ، كما تشهد علي ذلك تماثيل الآدميين العارية الأجساد ) ، كما يقوم الي الروح وهذا حوله إلي فن " تجميل للطبيعة إلي مد إشعارها بنقصها "
اما بالنسبة للفن العربي ، فإنه يقوم الي لذة الحس والمادة ؛ لأنه نتاج السرعة ( اللذة) واللا استقرار ، ولآنه كذل، فقد كانت ركيزته ( الزخرفية) هي نتاج الحلم باللذة والترف ، ولو لا الزخرفة لضاع الفن المعماري العربي ؛ لأنها أجمل وأعجب فن خلده التاريخ "
( توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص ص ٥٤٦٥)

بين عنصري الاستقرار وعدم الاستقرار يتموضع البناء الفتي أو ينمي نهائيا ، حيث " أن الاستقرار هو أساس التآنل . والتآمل هو الذي يوحد الميثولوجيا والخيال الواسع والتفكير العميق والأحساس بالبناء " .

إنجاز العمل الكبير في مجال النحت والتصوير ( التشكيل ) يفرض الي من يزارله " آن يكون ذَا أحساس عميق بالتناسق العام ، وآن تكون ركيزته التأمل الطويل والوعي الداخلي للكل في الجزء والجزء في الكل . إن هذا الامتلاك ( الإحساس العميق والوعي الداخلي ) هو الذي يخلق الفن العظيم "

وهو ةما لا بتحقق إلا عبر اقتران الروح بالمادة والسكون بالحركة ، والاستقرار بالقلق ، والبناء بالزخرف "
وهذا ما لمسه الحكيم في فنون الحضارة اليونانية الآي تقوم. " علي صراع بين ديونسيوس رمز الروح والقوي الخفية الشائعة والنشوة ، وأبولونيوس رمز الفردية والشخصية المفروزة والوعي "
( توفيق الحكيم " شمس الفكر ص ٥٤٦٩ )

المطلع علي تنظيرات الحميم في التشكيل عموما يدرك مدي عنايته بخصوصيات هذا الفن وتذوقه بعقلية كلاسيكية وحديثة .
يقول في هذا : " أنا موزع بين الكلاسيك والمودرن الحديث لا أستطيع أن أقول مع الثائرين : فليسقط القديم ؛. لأن القديم أيضا حديد علي ، فأنا نع هؤلاء وأولئك "
( توفيق ، زهرة العمر ،ص ٣٣)

يري أن التشكيل " فن حسي لا ذهني ". عالمه الضوء والرمزية والتيقظ لألوان الطبيعة الذي يجعل الفنان " النابض بالحياة متيقظ الحاسة إلي حد الوحشية ، أو مايقظ الروح إلي حد الصوفية "
( توفيق الحكيم ، زهرة العمر ، ص. ١٣٦ - ١٣٩ )
لهذا لا يحب الاعتقاد بأن اليقظه الحسية آو الروحية في الفن " هي وقف الي عصر من العصور ، وإنما توجع آحبانا إلي طبيعة الفنان ومده وحالات نفسه المتغيرة أحيانا أخري " من هنا يؤمن الحكيم بأن. " مصادر الفن الحديث تستمد حقها ( مرجعيتها ) من الفنون الأولي مباشرة : الشئ الذي جعل تيمة الفن الحديث تنحصر " في محاولة إعادتنا ألي التجارة الفطرية البدائية القائمة علي البساطة إلي مد التركيز ، وعلي استلهام فن الزنوج الذي ترك آثارا واضحة في التصوير الحديث والموسيقي الحديثة والرقص الحديث "

(.توفيق الحميم ، زهرة العمر ، ص ٥٠)
العين ترصد الألوان العمل التشكيلي لم يعد في نظره سوي " نتاج كائن ( الفنان) يعيش في داخله جنبا إلي جنب حيوان وإله أكن أهم آداة يعتمدها هذا المائتي في عمله هي العين " لأن " ءنتماءها بالألوان في الحياة والطبيعة والفن شرط لازم في التصوير "
( توفيق زهرة العمر ص ١٣٧)



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بديع خيري



المسرح المصري، تتجدد اليوم مع سيرة أحد أشهر كتاب المسرح، بديع خيري، ابن حي المغربلين، الذي شارك في واحدة من أولى الحركات المسرحية في مصر، وأسس للتميز المصري لهذا الفن طوال أكثر من قرن من الزمان.

«بوابة الأهرام» تستعيد سيرة رائد المسرح المصري، تزامنا مع الذكرى الـ127 لميلاده، في مثل هذا اليوم 17 أغسطس، من عام 1893م.

ولد بديع عمر خيري بحي المغربلين في وسط القاهرة، وبدأ حياته مع التعليم في "الكتاب"، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، مما ساعد على صقل موهبته اللغوية.

وبدأ خيري كتابة الزجل في مرحلة مبكرة من حياته، قبل أن ينهي دراسته، وعندما أنهى دراسته تم تعيينه مدرسًا، إلا أن "خيري" كانت له انشغالات فنية أخرى، فبدأ في كتابة المونولوج، ثم أخذه عشق المسرح، فقرر في البدء بكتابة المسرحيات، وقدم أولى مسرحياته تحت عنوان "أما حتة ورطة".

كان عام 1918م، وقبل شهور من قيام ثورة 1919، هو العام الفارق في حياة بديع خيري، وربما في تاريخ المسرح المصري ككل، وذلك عندما التقى لأول مرة مع صديقه نجيب الريحاني، حيث كانت أول تجربة فنية جمعتهما في رواية "على كيفك".

ترى كثير من الدراسات التي أجريت على المسرح المصري أن بديع خيري هو أبرز كتاب المسرح المصري في القرن العشرين، كما أنه أول من كتب للسينما المصرية، كان خيري فنانًا متعدد المواهب منذ نعومة أظافره، فهو الزجال والكاتب المسرحي المرموق، والممثل والملحن، وبكل هذه المواهب شكل بديع خيري مع نجيب الريحاني أعظم ثنائي مسرحي في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وكان خيري بكل تأكيد هو السبب الرئيسي لسطوع ظاهرة نجيب الريحاني .

وعند التطرق لأسباب النبوغ المبكر لبديع خيري ، سنجدها تعود لمرحلة التأسيس، فقد نجح خيري بذكاء شديد في العناية بموهبته، بداية من حفظ القرآن في سن مبكرة، وصولًا للاهتمام بدراسته في إحدى المدارس الأميرية بحي المغربلين، كما أنه اختار مجالًا للعمل ساعد على زيادة معارفه، فعندما تخرج عام 1905م في معهد المعلمين، وعين مدرسًا للجغرافيا واللغة الإنجليزية، وساعده عمله ومعرفته باللغة على تفتيح مداركه لعشق الشعر وكتابته، ولذلك ليس غريبًا أن أول قصيدة لخيري قام بكتابتها في عمر الثالثة عشرة، وكانت باللغة العامية، وكتبها تحت اسم مستعار اختاره لنفسه هو "ابن النيل"، واستمر "خيري" في كتابة القصائد بعدها في صحف "الأفكار" و"المؤيد" و"الوطن" و"مصر".

لم يكن " بديع خيري " يتوقف عن التعلم ومحاولة تطوير نفسه، فقد انضم إلى جمعية التمثيل العصري، التي كانت تقام فيها الندوات والحلقات الدراسية حول المسرح الفرنسي، وفى عام 1912م تعرف بديع خيري على فنان الشعب سيد درويش، ثم بدأ في تأسيس فن الأوبريت الراقص في مصر، وكان أول عمل من هذا النوع الفني الجديد يحمل اسم "الجنيه المصري"، وفي عام 1917 قبل انشغاله بتجربته مع الريحاني، قام بتأسيس المسرح الأدبي، بالإضافة لتأليف بعض المسرحيات لفرقة عكاشة، ثم بدأ في الكتابة للسينما المصرية، فكان "بديع خيري" أول من كتب لها، سواء في عهد السينما الصامتة أو الناطقة، من خلال تأليفه للحوار والقصة والأغاني، وكان أول أفلامه الصامتة "المندوبان"، بينما كانت أبرز بداياته في السينما الناطقة في أفلام "العزيمة" و"انتصار الشباب".

حاول بديغ خيري تكوين فرقة مسرحية مع فنان الشعب "سيد درويش في عام 1922م، وخرجت للنور بمسرحية تحت عنوان "الطاحونة الحمراء" من تأليف بديع خيري ، لكن خيري اضطر إلى العودة لمواصلة تجربته مع رفيقه الريحاني، بعد عودته من رحلة غير موفقة إلى الشام، حيث قدما معًا أوبريت "الليالي الملاح" في مارس عام 1923م، وأوبريت "الشاطر حسن"، وبعد عودة الزعيم سعد زغلول وإفراج السلطات البريطانية عنه، قدم بديع خيري أوبريت "البرنسيس"، وفي عام 1924م عرضت فرقة الريحاني من تأليف بديع خيري أوبريت "أيام العز" و"الفلوس" و"مجلس الأنس" و"لو كنت ملك"، وفي أواخر العام نفسه كتب خيري مسرحيته التاريخية "محمد علي وفتح السودان"، وحصل بها على الجائزة الثانية من وزارة الأشغال.

سافر نجيب الريحاني وفرقته في جولة فنية إلى البرازيل عام 1924م، فقرر خيري التوجه إلى كتابة المسرحيات للفنان علي الكسار، حيث كتب له مسرحية "الغول"، وفي أواخر نفس العام، أعادت منيرة المهدية تكوين فرقتها من جديد، فكتب لها خيري أوبريت "الغندورة" الذي عرض في بدايات عام 1925م، نجح الأوبريت ولاقى استحسانًا من النقاد، فكتب لها خيري أوبريت "قمر الزمان"، ثم أوبريتات "حورية هانم" و"الحيلة".

في عام 1926م، واصل على الكسار الاستفادة من إبداعات "خيري" فقدم من تأليفه مسرحية "الوارث"، وفي تلك المرحلة كان بديع خيري يستعين في كتابة المسرح يات بتقنية خيال الظل، في صنع الحبكة الدرامية لمسرحياته، ورسم بعض مشاهدها، وظهر ذلك في مسرحيات "ليلة جنان" و"علشان بوسة"، كما وظف فن الأراجوز أيضًا في مسرحياته، والتي كتبها للسخرية من الشخصيات الأجنبية المحتلة داخل المجتمع المصري، وقد صدرت دراسة رائدة للباحث، وأستاذ المسرح في جامعة حلوان د.نبيل بهجت، تطرق فيها بالتحليل الكامل لتلك التقنيات التي استخدمها خيري، كما تطرق كتابه الموسوعي الصادر عن دار ميريت للنشر بالقاهرة، لحياة بديع خيري كاملة، كما قام بتوثيق الأعمال الكاملة ل بديع خيري في المسرح .

ورغم الصداقة الطويلة بين بديع خيري و نجيب الريحاني ، فإن هناك واقعة تاريخية طريفة جمعت بينهما، حيث ظل نجيب الريحاني لسنوات يعتقد أن صديقه بديع خيري مسيحي الديانة، حتى توفيت والدة بديع خيري ، وذهب نجيب الريحاني للعزاء، فوجد القرآن الكريم يتلى في سرادق العزاء، فسأل نجيب الريحاني بديع خيري مستفسرًا "هل أنت مسلم؟"، فرد عليه بديع خيري "نعم مسلم"، فقال الريحاني "كنت أظنك مسيحيًا.. لماذا لم تخبرني من قبل؟!، فأجاب بديع خيري "لأنك لم تسألني من قبل".

رحل الفنان بديع خيري عن دنيانا في فبراير عام 1966م، بعد أن ترك بصمة مع الرواد "الريحاني" و"على الكسار"، ساهمت في إعلاء اسم مصر في الساحة الثقافية والفنية العربية، على مدار عقود طويلة، وأنجب الفنان "بديع خيري"، الممثل عادل خيري، (بطل المسرحية الشهيرة إلا خمسة)، كما أنه جد للفنانة عطية عادل خيري، مخرجة الرسوم











































رأفنت لدويري

رأفت الدويرى( - 2018)

السيرة الذاتية

مؤلف ومخرج مسرحي مواليد قرية «الدوير» بـ»أسيوط» عام 1937، من أب فلاح بسيط، تعلم في المدرسة الأمريكاني ثم انتقل إلي القاهرة وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر «الدويرى» بنشأته وديانته. بدأ الدويري في القراءة وانكبَّ على الكتب الأدبية والمسرحية تحول «الدويرى» جامدا في خلق مسرحا مصريا ذو صبغة شعبية، ولعله نجح قي ذلك من خلال أعماله التي قدمها خلال الثمانينات. ومؤلفاته تنحسر في ست أعمال فقط، وهى: – «الواغش» أو «الكل في واحد» أو «ليه…ليه». عرضت عام1984 بمسرح الطليعة. – «ولادة متعسرة. عرضت بمسرح الطليعة عام 1982. – «قطة بسبع- ت- رواح». حصلت علي جائزة الدولة التشجيعية عام 1983. – «شكسبير في العتبة». عرضت بمسرح الطليعة 1986. – «بدائع الفهاوات في وقائع الأزمان». 1984. – «لاعب الثلاث ورقات». 1985

الموطن: مصر تاريخ الوفاة: 27 نوفمبر
2018

أشهر الأعمال


(حسب المشاهدات)


جويا والفاتنة


أماديوس

فيلموجرافيا

ﺇﺧﺮاﺝ (2)


جويا والفاتنة1997 - ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ(مخرج مسرحى )


أماديوس1994 - ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ



السير الذاتية:


مؤلف ومخرج مسرحي مواليد قرية «الدوير» بـ»أسيوط» عام 1937، من أب فلاح بسيط، تعلم في المدرسة الأمريكاني ثم انتقل إلي القاهرة وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر...اقرأ المزيد

المزيد

الموطن: مصرتاريخ الوفاة: 27 نوفمبر 2018


عمل مع


مسرح الطليعة عبدالفتاح فرج اللهحمزة الشيميمنى حسينإيهاب صبحيطارق إسماعيل



رأفت الدويري.. رائد تطويع المسرح للتراث

الثلاثاء 27/نوفمبر/2018 - 11:28 م

رأفت الدويري

حسن مختار

ولد الكاتب والمخرج المسرحي رأفت الدويري عام 1937 بقرية "الدوير" في أسيوط، من أب فلاح بسيط، بدأت رحلته التعليمية بالمدرسة الأمريكاني، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة لاستكمال دراسته وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر بنشأته وديانته، وبدأ في القراءة وانكب على الكتب الأدبية والمسرحية، وتحول سريعا في خلق مسرح مصري له صبغة شعبية، ولعله نجح في ذلك من خلال أعماله التي قدمها خلال الثمانينات، التي جعلته يحصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1983.

الدويري، والذي رحل عن عالمنا اليوم الثلاثاء، قال عنه عبد العزيز حمودة في مقدمة مسرحية "التلات ورقات": "إن رأفت الدويري اختار لنفسه طريقا واضحا منذ البداية لم يَحِد عنه، وهو طريق التراث المتوارث في حياتنا، فقد جمع بين احتفالية الطقوس الشعبية وبين حرفية فن المسرح، وأن أهم خصائص مسرحه هي قدرته على تقديم ضفيرة مركبة ومعقدة تتصف بالثراء والقدرة على الإيحاء المستمر والاشارة إلى علاقات جديدة بين جزيئات العمل الفني في كل مرة نقرأ فيها مسرحية له".

سعى "الدويري" في توظيف التراث في مسرحه، انطلاقا بمبدأين هما الوعي الجيد بأبعاد التراث، والآخر الوعي بأبعاد الواقع، فقد غاص في التراث ونهل من شعبه المختلفة وقدمه في صورة غير تقليدية أي صورة تجريبية على كافة المستويات، فأنتج صيغة مسرحية، تبدأ من التراث باعتباره موضوع البحث عن الهوية وتنتهي بالحاضر بتقنياته، وأفكاره المتقدمة التي تحمل هدفا تنويريا ذات توجه نقدي سياسي واجتماعي.

قرر "الدويري" أن يخلق لنفسه رؤيته الخاصة شخصيات مجسدة من صنعه تعيش أحداث وأزمات يقتصها من الواقع مصيغا إياها داخل البناء الدرامي الخاص به، ليعد أحد أهم كتاب فترة الثمانينيات في المسرح المصري، وذلك من خلال ثقافته المتنوعة وإطلاعه للعديد من التجارب المسرحية على مستوى العالم، التي جعلته يحرص على كل كتاباته في الحفاظ على النهج التراثي، ولعل تنوع إنتاجه المسرحي يغري أي باحث في دراسته ورصده لملامحه المسرحية.

كتب الدويري العديد من الأعمال المسرحية من بينها "الواغش، ليه ليه، قطة بسبع ترواح، شكسبير في العتبة، بدائع الفهاوات في وقائع الأزمان، لاعب الثلاث ورقات، الكل في واحد، وغيرها من الأعمال، وقد أخرج له المخرج اميل شوقي آخر أعماله المسرحية وهي "سلقط في ملقط" وقدمت على خشبة مسرح الطليعة، بالإضافة إلى مقالاته النقدية.
















"إن إعمال "رأفت الدويرى" تمثل فى مجموعها وحدة دينامية، مركبة، تتحرك وتنشط على محاور عدة واضحة ومترابطة، فنية، وفكرية، ولغوية، وشعورية، وعلى كل محور من هذه المحاور تنبثق جدليات صغرى متشابكة، تتحدد فى نهاية الأمر لتشكل الجدلية الكبرى الحاكمة التى فيها تتمثل الأصالة التراثية المحلية، إلى جانب التقدمية العالمية، وينحل التناقض بين هذين الحدين فى تركيب واحد يتمثل فى المفهوم التقدمى الثورى للتراث الشعبى الذى تطرحه المسرحيات فى النهاية، وهو مفهوم يتخطى الحدود الزمنية والجغرافية والحضارية الضيقة." ( )
وقد سعى "الدويرى" إلى توظيف التراث فى مسرحه انطلاقًا من مبدأين أساسيين:
1- الوعى بأبعاد هذا التراث.
2- الوعى بأبعاد الواقع.
أى إنه كان واعيًا لتراثه ولتاريخه فى الوقت ذاته، وهذا الوعى بالتراث والدور التاريخى هما – على حد قول الدكتور عز الدين اسماعيل – "القدمان اللتان يمشى بهما التراث، واللتان تقودان خطواته وتوقعاته ولا يمكن أن تتحقق مسيرة بقدم واحدة، قالوعى بالتراث دون وعى بالدور التاريخى من شأنه أن ينتهى بهذا التراث إلى الجمود؛ حيث تغيب كل الفعاليات اللازمة لاستمرار حيويته. والوعى بالدور التاريخى دون الوعى بالتراث، يمثل قطيعة أبستمولوجية ضد تاريخية الإنسان النفسية والعقلية." ( ) وانطلاقًا من هذين المبدأين، نجد أن التراث فى مسرح "الدويرى" قد تشكل على نحو جديد، أعاد له الحيوية بعد أن كاد يفقدها، وأعطى لأعماله مذاقًا خاصًا، وحقق –فضلًا عن البعد التراثى- البعد التاريخى، فأعاد تشكيل التراث فى إطار وعيه به وبلحظته الراهنة.

لقد غاص الدويرى فى التراث ونهل من شعبه المختلفة وقدمه فى صورة غير تقليدية صورة تجريبية على المستويات كافة فأنتج صيغة مسرحية تنطلق من التراث باعتباره موضوعًا للبحث عن هوية وتنتهى إلى الحاضر بتقنياته وأفكاره التقدمية وتحمل بين ثناياها هدفًا تنويريًا ذا توجه نقدى سياسيًا كان أم اجتماعيًا.
وكانت البداية التى دفعت "الدويرى" للخوض فى عالم الكتابة هى "معايشته مأساة نظام، يفصل بينه باعتباره فنانًا مبدعًا وبين مجتمعه ويجمد حركته فى صوغ واقعه، لقد عاش "الدويرى" مأساة نظام قضى على كل طموحاته وأحبط آماله، وضبب أمامه كل السبل إلى الغد القادم لا محالة، فوجد نفسه داخل ظرف حضارى خطر، عالم صاخب وقافز للأمام، وهو لا يملك أى موقف إيجابى تجاه الحاضر وأجبر على عدم امتلاكه، ولا أية رؤية مستقبلية تجاه المستقبل، فهو لا يملك حقيقة إلا الإبداع ومحاولة تحطيم الغرف المغلقة." لذا قرر أن يخلق بنفسه رؤيته الخاصة مجسدة فى شخصيات من صنعه تعيش أحداث وأزمات يقتنصها من الواقع مصيغًا إياها داخل معمار درامى خاص به وغير منفصل بالضرورة عما يعيشه، وزاوج فى رؤيته تلك بين التراث والتجريب مؤكدًا على أن التجريب لا يتحقق بصورة كاملة إلا إذا نشط على كل محاور التشكيل فى المسرحية من زمان ومكان وعناصر بشرية ومادية.
وقد تهيأت للدويرى كل الظروف المناسبة ليكون واحدًا من أهم كتاب فترة الثمانينات فى المسرح المصرى، وذلك من خلال ثقافته المتنوعة، واطلاعه على تجارب مسرحية كثيرة على مستوى العالم، كما أن حرصه فى كل كتاباته على الحفاظ على النهج التراثى والطقسى هو وليد اهتمامات الكاتب فى القراءة حول هذا الموضوع، وهو ما يؤكده بقوله: "لقد اكتشفت بعد قراءاتى العديدة أن المسرح الطقسى هو موجة عالمية والدليل على ذلك ما حدث مع "بيتر بروك" الذى عاد إلى المسرح الاحتفالى والطقسى."
ومعنى هذا أن قراءاته الكثيرة بالإنجليزية عن الدراما فى أصولها، إلى جانب الموروث الطفولى بالقرية المصرية فى جنوب الوادى، وما فيها من مظاهر شعبية كالموالد والزار وما إلى ذلك عمقت لديه الإحساس بالطقس والدراما الطقسية.
"ومن الطبيعى أن ينشغل كثيرًا بالانثروبولوجيا فيقرأ فيها كثيرًا ويولع بالأساطير والفلكلور الشعبى والملاحم الشعبية، ويعشق علم النفس والتنجيم والسحر والفلسفة." ولم يكتف "الدويرى" بإيجاد المعادل العلمى التطبيقى لآرائه من خلال أعماله المسرحية، فمال إلى التنظير الذى صاحب مقدمات معظم كتاباته، ولعل تنوع نتاجه المسرحى يغرى أى باحث بدراسته ورصد ملامح مسرحه.
وقد تعددت المصادر التى استلهم منها الدويرى أعماله المسرحية ما بين التراث الشعبى بحكاياته وشخوصه الراسخة فى وجداننا العربى والتراث الاسطورى بشعائره ورموزه الخصبة حيث غاص "الدويرى" فى التراث العربى والفرعونى بطقوسه المختلفة، وألبسه التجريبية بأن قدمه فى صورة جديدة معاصرة ليطرح من خلاله قضايا الوطن العربى فى واقعنا المعيش وسيتضمن هذا البحث اثنين من أهم تلك المصادر:
الأول: استلهامه لشخصية السندباد البحرى من قصص ألف ليلة وليلة، وتقديمه فى صورة عصرية من خلال نصوصه: "حالة غثيان" – "متعلق من عرقوبه" – "سندباد قضائى".
الثانى: استلهامه لأسطورة "إيزيس وأوزوريس" من التراث المصرى الفرعونى وتقديمها فى صساغد جديدة من خلال نصى: "قطة بسبع – ت – رواح"، "ولادة متعسرة".
وقد تضافرت مع هذين المصدرين التراثيين طقوس احتفالية متوارثة فى مناسبات الميلاد والطهور والزفاف والجنازة والاحتفالات الشعبية كالموالد والزار














توفيق الحكيم الذات والموضوع
د. أبو الحسن سلام
تميزت الكتابة لدى توفيق الحكيم بطابع خاص حيث أنه كان يحب أن يمزج في كتاباته بين الواقعية والخيال الذي كان يتصف بالوضوح وكانت ألفاظه ومعانيه عبارة عن صورة جميلة واضحة المعالم ليست معقدة حيث أنه كان لا يعرف للإطالة عنوان. ونجد أنه قد قام بكتابة وتأليف العديد من الكتب والمسرحيات ومن أهم أعماله (الخروج من الجنة، رصاصة في القلب، سلطان الظلام، سر المنتحرة، عصفور من الشرق، يوميات نائب في الأرياف، …إلخ)، ومن هنا يعرض على حضراتكم موقع محتوى مجموعة من أروع الخواطر والكلمات للكاتب الأديب توفيق الحكيم. العزلة حاجة في نفسي مثلما الخبز والماء والهواء حاجة في جسدي ولا بد لي من ساعات أعتزل فيها الناس لأهضم ساعات صرفتها في مخالطتهم. الحاكم لا يريد من المفكر تفكيره الحر بل تفكيره الموالي. لا حياة في مصر لمن يعيش للفكر. لهذا الحد تعبث السياسة عندنا بالعدالة والنظام والاخلاق أعوذ بالله شيء مخيف. إن الأسئلة التي لا تجد الإجابة عنها تظل هائمة في النفس كالأرواح المعذبة. إذا إنحط مجتمع الى هذا الدرك الذي يجعل فيه للجماد (يقصد السيارات والمظاهر الخادعة المزيفة) سلطة الحكم على قيمه الانسان فلا خير لحياة البشر. الحضارة العظيمة لا تزيل الشر ولا تمحو الجريمة، ولكنها توجد الشر العظيم والجريمة العظيمة. الحقيقة التي تملأ قبضتك لا بد أن تكون حقيقة صغيرة. ما الغرور إلا وجه من وجوه الجهل. عدونا الآن ليسوا في السماء ولا في الأرض عدونا داخل أنفسنا عدونا هو تلك الحقيقة المدفونة. إن الإبتكار الفني هو أن تكون أنت أن تحقق نفسك هو أن تسمعنا صوتك أنت ونبرتك أنت. فالمبادئ ليست بذات قيمة في نظري بغير الأشخاص الذين يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها. إن عواطفنا لا يمكن أن تكون إلا جميلة نبيلة نحو من يوحي إلينا بشيء جميل نبيل. إن الحياة كالبهائم والأنعام خير منها العدم. إن في الدنيا أشخاص يجري في دمائهم الفن وهم لا يشعرون. إن إيمان المرأة هو الحب. ليس الشقاء هو البكاء وليست السعادة هي الضحك. إن الشخص ذا القيمة هو الذي يعرف القيم كما يعرف الصائغ درجات الذهب. جمال عبد الناصر وتوفيق الحكيم كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر معجب بمقالات توفيق الحكيم وكان يحبه حب جنوني وكان السبب في ذلك هو قيام كاتبنا بالتمهيد في كتاباته لظهور عبد الناصر على الساحة السياسية ووصفه بالبطل المغوار الذي ستنهض على يده البلاد، وكان كاتبنا كثير المدح لعبد الناصر ولأعماله. ولكن نجد مع مرور الوقت تحول توفيق الحكيم إلى عكس ما كان عليه فأخذت كتاباته طابع الإنتقاد لسياسة عبد الناصر وعلى الرغم من ذلك لم يكن الزعيم عبد الناصر يحمل الضغينة والكره بل بالعكس كان يتقبل منه ذلك بصدر رحب
.

أقرأ المزيد على موقع محتوى: https://www.muhtwa.com/50959/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A% D9%85/#i




" .. أنا الآن للفن وحده " هذا ما قاله توفيق الحكيم منذ سبعين عاما مضت .
تري.. هل عاش توفيق الحكيم للفن وحده – حسبما قال – ألم تشغله السياسة ؟ ألم يشغله الدين ؟
ألم تشغله قضايا المجتمع المصري في تحولاته الاقتصادية والسياسية ألم تنعكس قضايا الوطن آثارها الإيجابية والسلبية علي كتاباته المسرحية والفكرية ؟
هل يعني قوله هذا أنه كان من أنصار نزعة ( الفن من أجل الفن ) ؟
هل عاش للفن وحده – كما قال – أم أن مقولته تلك من باب المجاز ؟ّ!
لاشك في أن الإجابة الخالصة عن ذلك في مجمل مواقفه منذ اشتغاله بالحياة العامة مشتبكا بكتاباته المتشعبة في ما بين الكتابة للمسرح - باعتبارها الشغل الشاغل في التعبير عن موقفه من الوجود – و الكتابة الفكرية التي تترجم مقولته ، التي صدّرنا بها عتبة الدخول إلي عالم الإبداعي الحكيم .
يعرف الحكيم – مثلما نعرف - أن لا حياة لفن دون انفتاح علي منابع فكرية فلسفية واجتماعية ودينية وسياسية محمولة علي جناح الخيال ، وأن يعيش الأديب أو الفنان للفن وحده ، ليس يعني عزلته عما يحيط به من شواغل و تفاعلات إنسانية حياتية محلية أو عالمية . إن الأديب و الفنان كليهما يظل حاضرا في عصور تالية علي عصره ما استحضر فنه الإنسان الذي يسكننا .. ولأن فن الحكيم المسرحي يبعث فينا ما يوقظ وعينا بما يحيط بنا من آثار تقلبات الزمن عبر صور سمو الفكر الإنساني فينا و صور كبوات انحدار ذلك الفكر ؛ موشحة بمباهج التعبير ؛ لذا كان حضوره فينا بالفكر والفرجة . تلك الثنائية التي تدفقت عبر جماليات الحوار الدرامي في مسرحه .

الإطار الفكري للخطاب الدرامي في مسرحه :
- يقوم علي جدل الجديد للقديم .. المتغير والثابت.
- يقوم علي مساءلته للمستلهم التراثي .
- التوفيق بين استشراقات التراث وحداثة المعاصرة .
* الإطار الدرامي للحدث في مسرحه :
- يقوم علي التوفيق بين استشراقات التراث وحداثة المعاصرة .
* خاصية الأسلوب في مسرحه :
- مر مسرحه بثلاث مراحل فنية عي مرحلة مسرح المجتمع ، ومرحلة المسرح المنوّع ومرحة التجريب في الشكل . وفي المرحلتين تأرجح أسلوب الكتابة بين تقنيات (مسرح الأفكار والمسرح الذهني ومسرح الفكرة / الدعوة ) يميل إلي التنويع والتنقل بين الواقعية النقدية ( الأيدي الناعمة) الواقعية الفكرية ( السلطان الحائر) الواقعية السحرية ( رحلة إلي الغد ـ سوق الحمير ) ، - متغيرة في ما بين المسرحية الفكرية ( الملك أوديب – براكسا ومشكلة الحكم ) والمسرحية الذهنية ( شهرزاد) ومسرحية الفكرة : ( مجلس العدل ، الحمار يفكر ، الحمار يؤلف ) وفي المرحلة الثالثة – وإن شكلت نفريعة من مرحلة ما أطلق عليه الحكيم ( المسرح المنوّع ) إلاّ إنها اتسمت بميل إلي التجريب عبر تقنيات مدارس طليعية ؛ مثل- التعليمية الملحمية- في ( شمس النهار) والعبثية .. في نصوص( يا طالع الشجرة ، الطعام لكل فم ، مصير صرصار و لزوم ما لا يلزم) و السريالية: ( الدنيا رواية هزلية) التي استخدم في كتابتها تقنيات المينيمالية – الكتابة غير المكتملة –
ومع أن من الباحثين من يدمج مسرحية الأفكار مع مسرحية الدعوة/ الفكرة والمسرحية الذهنية ضمن مصطلح المسرح الفكري ؛


* الإطار الدرامي للشخصية في مسرحه :
- الشخصية الدرامية ذات منقسمة بين سمات تراثية وسمات معاصرة في آن .
* الإطار اللغوي للحوار في مسرحه :
- يميل إلي روح الجدل الفكري
_ التعبير عن جوهر إرادة الشخصية الدرامية ، لا جوهر شعورها .
_ الاعتماد علي جمالية الإيجاز البليغ .
- يعتمد علامات استبدال فكر الثبات والجمود بفكر التغيير .
* إطار التحول الدرامي في مسرحه :
- كل جديد فيه غرابة تبعث علي الدهشة ؛ وتثير للتساؤلات المنتجة للاختلاف واحتدام الصراع .
* الإطار الدرامي للصراع في مسرحه :
- يتحه إلي روح المقاومة أكثر من ميله لروح الصدام
- يتبني فكرة الوسطية التي يطلق الحكيم عليها ( التعادلية) – راجع كتابه-
- ينتهي بالمصالحة بين أطراف الحدث الدرامي ( السلطان الحائر، شمس النهار
* جماليات البني الدرامية في مسرحه :
- ترتكز علي توالد المعاني والإنتاج المعرفي .
- مراوغات المسكوت عنه في الاسقاط والترميز .
- تلجرافية جمل الجوار ورشاقة الألفاظ .
- التناص الأسلوبي والتقني الدرامي مع نصوص عالمية سابقة : ( المسرح اليوناني):
- الطعام لكل فم - ( المسرح الملحمي ) – شمس النهار- مجلس العدل - ، ( مسرح العبث) – يا طالع الشجرة -
- انحدار الفكرة الدرامية من نصوص سابقة في بعض نصوصه المسرحية ( الملك أوديب – بيجماليون ).
- مراوغات المساءلة في الإستلهامات من التراث العربي والعالمي .
- جمالية النبض الإيقاعي في التعبير الحواري اللفوي
- الاعتماد علي تعادلية لغوية بما أطلق علية هو نفسه ( اللغة الثالثة) القابلة للأداء اللفظي بالفصحي وباللهجة العامية المصرية أيضا .. عن طريق تخليص الحوار من الحروف الروابط : ( حروف الجر والجزم والنصب والتحقق وبعض حروف العطف )

* القضايا المثارة حول مقولاته وآرائه في المسرح :
* قضايا مثارة من الحكيم نفسه :
دأب الحكيم علي المراوغة في بعض تعامله مع المفاهيم المتداولة في المحال الفكري والثقافي والمسرحي خاصة ؛ ومن بين تلك المراوغات التي صدرت عنه مباشرة خلال لقاءات فكرية أو ثقافية بثت علي شاشات التلفاز أو بثت عبر المذياع أو وردت في حواراته المتعددة في جلسات نقاش أو حوار كتلك التي أجراها معه د. رشاد رشدي عبر سلسلة من اللقاءات الشهرية علي صفحات مجلة المسرح في إصدارات مسرح الحكيم في ستينيات القرن العشرين ومنها ما ذيّل به بعص إصدارات نصوصه :
- توصيفه لنص يا طالع الشجرة .. حيث نسب تلك المسرحية إلي اللامعقول ، مفرقا بين مفهوم العبث ، واللامعقول ، معتبرا أن ( العبث ، عبث في المضمون ، بينما العبث في اللامعقول ، هو عبث في الشكل ) وترتيبا علي ذلك التفريق يعتبر مسرحيته ( يا طالع الشحرة) إلي مفهوم اللامعقول .
وهنا أقول له : يا سيدنا.. كتّاب تيار مسرح العبث وباحثوه ، قالوا : ( العبث في الشكل وليس في المضمون ) . ومن ناحية ثانية فإن تقنيات كتابة مسرحيات ( يا طالع الشجرة الطعام لكل فم ، مصير صرصار، لزوم ما لا يلزم) توظف مفردات بناء درامي عبثي ، حيث استبدال ما يعرف بالحدث الدرامي في بنية النص المسرحي بما يعرف بالحالة الدرامية ، وتأسيس البنية الدرامية علي طلب المنطق في وسط عبثي ؛ وتناقض الفعل مع القول ، وتعادل لغة الصمت مع لغة الكلام ؛ والدهشة ( المؤدة) .
- مراوغته في نحت مصطلح ( التعادلية) باعتباره مصطلحا جديدا من فكره هو ؛ بينما الحقيقة تؤكد أن التعادلية هي الوسطية الإسلامية ؛ التي هي في الأصل مقولة أفلاطون المعروفة ( الفضيلة وسط بين رذيلتين ) وهي نفسها التي تتمثل في المحتوي الفلسفي الوجودي لثنائية : ( الحرية والالتزام) حيث لا تتجاوز حرية الأنا حرية الآخر .
- مراوغته في نحت مصطلح ( اللغة الثالثة) في الحوار المسرحي . والمعلوم أنه ليست هناك لغة ثانية ولغة ثالثة في كلامنا ، وإنما هي لغة واحدة فصيحة ولهجة عامية .
* قضايا مثارة حول مسرحه :
- نسب بعض الباحثين وعدد من النقاد إليه ريادة ما يعرف باللغة الثالثة في الحوار المسرحي، وهي تقنية كتابة لفة الحوار بأسلوب صحافي ، تسهل قراءته من عامة الناس .. ولكن الرجوع إلي تاريخ الكتابة المسرحية ؛ ينفي عنه صفة الريادة والسبق إلي هذا الموضوع ؛ فقد سبقه إلي مزاوجة لغة الحوار المسرحي العراقي ( ناعوم السحار) بمسرحية : ( لطيف وخوشابا) عام 1905 وسبقه فرح أنطون في مصر في مسرحيتيه ( مصر القديمة ) و ( مصر الجديدة ) وسبق أولئك جميعا ابن دنيال في مسرحياته الظلية المسماة ( بابات ابن دنيال) التي امتزج الحوار فيهما بين الفصحي والعامية .
من آراء توفيق الحكيم في الحثاة والفن:
عن تآثره بشكسبير يفول : بالطبع تأثرت به كما تأثر به كل من كتب ويكتب للمسرح .. بوعي أو بغير وعي منا . فهو من الشوامخ التي لابد أن تلقي أشعتها في لأعماقنا أردنا أو لم نرد.. غير أن تأثري بسوفوكليس أكثر وأظهر ..

- سبق أن ذكرتم أن شكسبير شاعر روائي أكثر منه شاعرا مسرحيا فما هو تعليل ذلك وف عن سؤال د. رشاد رشدي له عن رأي له في مسرح شكسبير : قال؛ رأيي هذا قلته عن شكسبير بالقياس إلي سوفوكليس ذلك أن البناء الفني عند شكسبير يكاد يماثل الرواية بتتابع مناظره العديدة المتنقلة من مكان إلي مكان ومن زمن إلي زمن كما تتابع فصول الرواية .. في حين أن البناء الفني عند سوفوكليس مثلا يقوم علي أساس مختلف .. وقد لخصت رأيي في قولي : *. ربما كان شكسبير أمتع وأعجب وأرحب من سوفوكليس .. ولكنه أقل منه قدرة علي التركيز الدرامي “

توفيق الحكيم الذات والموضوع :

من يريد البحث عن سيرة توفيق الحكيم فليقصد مباشرة عصفور من الشرق ففيه مادة السيرة الذاتية للحكيم في أثناء مقام دراسته في باريس السيرة الذاتية في صيغ مبطنة تتطلب تأويلا وتتعدي آثار حياة الحكيم نفسها و اعتقاداته فيها ، ففي بعض السير الذاتية الغربية تتعامل مع السرد الذاتي تعاملات لا بملئها فرد بلسان المتكلم الفردي بل " بحيل لغوية وأسلوبية آخري منها : " جعل الكلام عن الذات يتعين في سرد منزوع التعيين الشخصي فيكتب الروائي سيرته ولكن بضمير الغائب ، ومنها جعل الكاتب يتكلم عن نفسه ولكن بلسان القرين ".
( أحم-د فارس الشدياق ، الساق علي الساق ، ص 185

كتب ( عودة الروح ، يوميات نائب في الأرياف ، عصفور من الشرق " ... وما لبث أن تبناها علي آن فيها شيئا من سيرته الذاتية ؛ " وهي حيلة أسلوبين تبتعد عن النوعين المذكورين ، إذ تلصق بالشخصية المروية حفلة من حياته إسما ونسبا ".
لهذا ما جري اعتبار هذه الروا سبرة ذاتية ، إلا من قبيل معاينة ما تتضمنه مع وقائع معروفة عن الحكيم أو بناء لتأكيدات لاحقة له ،
تفيد أنه قصد منها كتابة القسم الأول أو المتوسط أو الأخير من حياته . ( ستاركي ص ١٠٩)

وفي عنوان هذا الأخير التفاتة إلي كتاب عصفر من الشرق الي ما ينبه
( يوميات نائب في الآرياف ،أو ( سجن العمر ) ص ٩
بين محسن ويودي وإيفان وباريس والسيدة زينب وغيرها علاقات تفصح في أحداثها ودلالاتها عن مشقة السر سواء أكان روائيا أم سيريا حميميا أم عموميا .



جمع في غير حديث من أحاديثه بين كونه راوية وجامع لبعض من سيرته الذاتية ، فهو يمزج بعضا من أدبه وسيرته الذاتية خاصة في عصفور من الشرق في صيغ مبطنة تتطلب تأويلا وتعتدي آثار حباته و اعتقاداته ، مع أن صياغته لا تنسب القول الي المتكلم . في السرد ، هناك تباين بين مبناه التأليفي وكيفية تعيين مواده والإحالة الي خارجه والتعامل معه علي أنه سبرة الحكيم في باريس ؛ة إذ أن للسرد في الإخبار والتعيين منطقا تأليفا ، يستجمع ويفرق ويقوم علي عرض رواية وذاك نفسه قائم في بنية روايته ( يوميات نائب في الأرياف) . وفي هاتين الروايتين فضلا علي رواية ( عودة الرةج) تتكشف مواقف الحكيم نفسه باعتباره ساكنا فيما يعرف بـــــ ( الشخصية القناع ) تلك التي يتستر الكاتب خلفها إذا يحملها ما يريد قوله متواريا . ومن مواقفه:

موقفه من الزواج : لزواج نقلة مفاجئة من التدليل إلى التذليل.
الألم نفسه مهما عظم يتضاءل كلما اشتركوا فيه جميعا، ويخفّ حمله كلما حملوه معا، بل إنّه أحياناً ينقلب عزاء مثلجاً للصدور. - توفيق الحكيم

ليس الكرم أن تنفق مال بلا حساب .. ولا تقل لي مثلا أن فلانا الغني أنفق على و لائم و عزائم و سهرات فيستحق إذن لقب (كريم) .. أو أنه أنفق على معارفه و أصدقائه الأغنياء أمثاله , فهو إذن صاحب مروءة.. المفروض في الرجل الكريم أنه ينفق من ماله في سبيل عمل إنساني يعود بالفائدة على أمته جميعاً. - توفيق الحكيم
أنك تفترض ان الناس جميعا قابلون ان يكونوا أحرارا, وننسى أن أغلب الناس لا يستطيعون ولا يريدون ان يكون لهم رأي .. انما يستسهلون ارتداء الأراء التي تصنع لهم صنعا.


كثير من الناس يعيشون طويلا في الماضي، والماضي منصة للقفز لا أريكة للاسترخاء. - توفيق الحكيم


مشكلة اﻹنسانية، بل مشكلة الحياة كلها هى وجود طائفتين: طائفة تصنع، وطائفة تستغل! *توفيق الحكيم.


مواقفه بين الشرق والغرب :

مواقفه بين الرجولة والأنوثة :

وعي الغرب ووعي الذات :

ماذا في شخصية محسن عصفور من الشرق من توفيق الحكيم
ماذا في علاقات محسن عصفور الشرق النسائية من ملاقات الحكيم النسائية ؟
ما الذي تعنيه كل من سنية وسوري وإيفا وساشا لمحسن ، و توفيق. ؟!
ماذا في شخصية نائب في الأرياف من توفيق الحكيم وكيل النيابة ؟!



* تداخل الأمكنة والأزمنة بين حياته وكتاباته :
هذا المسير ينطلق آو يقوم في عدد من تحقيقاته علي وجود تداخل بين مكانين أو بين نسرين من الأمكنة ، منها مايقا في نصر ومنها ما يقع في باريس : وهو ما يثبته الروائي منذ الصفحة الآولي في الرواية إذ نحد التداخل حاصلا بين ميزان " الكوميدي فرانسيس" و ميدان السيدة زينب "
ونتحقق في تتابع السرد من استمرار التباين والتداخل بين نسقي الأمكنة : بين الكنيسة مكان الصلاة المسيحي والمسجد مكان الصلاة الإسلامي

تقول عنه سوزي " اعتاد أن يأتي كل يوم إلي هذا الشباك فينتظر حتي ينبض الناس ويخلو المكان فيتقدم قائلا : " بونور مدموازيل ". !... ". فأرد اليه التحية فيقف يطيل إلي النظر صامتا ، ثم يتحرك قائلا : " أوروغواي مدموازيل ". ويمضي لشأنه ". ( عصفور من الشرق " ص ٤٦ )

وحين يقرر محسن ذات مساء وبعد إلحاحات من صديقه الفرنسي مبادرة أو مفاتحة سوزي بما يكن لها من مشاعر فإنه لا يقترب من شباكها بل يلحق بها ، كمن يطارد صبية وقع نظره عليها في الشارع طالبا بغرض المعاكسة بل يتبعها من شارع إلي مترو من دون أن ينجح باللحاق بها في المرة الأولي ولا في المرة الثانية في محا لك آثر محاولة ألي ينجح في العثور علي مكان بيتها وهو فندق في واقع الأمر . لكنه لا ينتظرها عند الخروج منه أو عند الدخول اليه بل يأتي بحبيبته ويسكن تماما فوقها في الغرفة التي تعلو غرفتها . إلا يقول عنها : " ءنتاجها راضٍ بالقليل ! يكفيه منها مجرد الشعور في كل حين إنها هي جارته "
( عصفور من السرق ،ص ٥٦)

إرادة الفعل .. يحسب حساب النتائج أولا

حتي يقوي الحكيم - الشاب - علي معاكسة ( سوزي) عاملة شباك تذاكر مسرح ( كوميدي فرانسيس) يجعل محسن في رواية ( عصفور من الشرق ) يستعيد. ( سنية / بنت جيران .. بنت الحارة) في رواية ( عودة الروح) خلال شخصية. ( سوزي) عاملة شباك تذاكر مسرح ( كوميدي فرانسيس ) في رواية : ( عصفور من الشرق ) قبل أن يقوي علي معاكستهما وطلب الغرام منها

* رواسب التقاليد الشرقية :
هوية المكان تسكنه : ذلك أن محسن في باريس يخلط بين المكا هنا والمكان في القاهرة فلا بتصرف فيه إلا ما بمقتضي ما أملته عليه عادات المكان الأول : فما براه في ميدان الكوميدي فرانسيس يستدعي صورة ميدان المسجد في حي السيدة زينب .

ومحسن في باريس لايقوي علي فعل ما يقوم به الحبيبان علي مقربة منه علي أن المكان مشترك وفردي له ولسوزي ذلك أن المكان الخارجي عمومي دون أن يكون قابلا لممارسات فردي خارجه

لم يَصْب بصدمة حضارية مشاهدة موقف غرامي خارج عن مألوفة الثقافي
" لم يقطع عليه تأمله غير حركة معانقة فتاة وفتي من خلفه يقبل أحدهما الآخر علانية كما اعتاد الباريسيون أن يحفلوا بعازل أو رقيب لذلك أزور محسن عنهما برأسه غير راضٍ بعرض العواطف في الشوارع والطرقات فتبادل وهي الآي ينبغي لها أن تحفظ في الصدور كما تحفظ اللآلئ في الأصداف ( عصفور ص ٤٨٤٩)

* ديناميك الفقير والنظرة الجدلية عند الحكيم :
ابتعاده عن الفكرة المثالية التي كانت تنظر إلي المبدع باعتباره متلقيا ملهما الغير علي العكس من ذلك يراه إنسانا متجذر الحضور في الواقع
" لا يستطيع أن يخرج شيئا من لا شئ .. فكل شئ يخرج من كل شئ "
وهذا يعني أن جريان الأبداع الأدبي في المسير الثقافي الإنساني سلسلة متصلة من التأثيرات المتلاحقة

" ليس الابتكار في الأدب والفن أن تطرق موضوعا لم يسبقك إليه سابق ، ولا أن تعثر علي فكرة لم تخطر علي بال غيرك ... إنما الابتكار الأدبي والفني ، هو أن تتناول الفكرة الآي قد تكون مألوفة للناس فتسحب فيها من أدبك وغنم ما يجعلها تتقبل خلقا حديدا يبهر العين ويُدهش العقل ... أو أن تعالج الموضوع يكاد يبلي بين أصابع السابقين ، فإذا هو يضئ بين يديك بروح من عندك "
( الحكيم ، فن الأدب ، ص١٢)


* مفهوم للفن والأدب :
الحوار : بنان توفيق الحكيم يعتبر الفن نظاما وأن مرادف النظام لديه هو الاقتصاد أي البيان بلا زيادة ولا نقصان " فقد أهتم كثيرا بالحوار المسرحي ، كما أعتمده أسلوبا لإخراج العمل الفني الجميل ، خصوصا أن عملية الإخراج هذه تخضع لمراعاة " قوة بناء" العمل الفني ، أي أن علي المسرحي أن يكون مهندسا أدبيا "
( توفيق الحكيم ، فن الأدب ص ٨٢)

إذا كان الحوار في نطر هيكل " أسني نمط للتعبير الدرامي" فإن مهمته كما يقول توفيق الحكيم : لا تنحصر " في سرد ماحدث لشخوص المسرح
وءنا في جعلهم يعيشون حوادثها أمامنا مباشرة دون وسيط أو ترجمان "

وهذا يعني عنده أن مهمة الحوار " لا تقف عند رسم الشخصيات وتلوين المواقف ، بل هو الذي يعول عليه أيضا في تكوين الشخصيات وفي خلق جو المسرحية "
( توفيق الحكيم ، نفسه ، ص ٨٢)

الحوار الدرامي عنده قالب أدبي يشبه الشعر ؛ لأنه ملكة تولد أكثر مما هو شئ يكتب ، واستعداد طبيعي يميل إليه أولئك الذين يميلون إلي الاقتضاب". ( ص٣٧ )
بعبارة أخري : " لا يجب أن يقوم الحوار علي الحسو والإطالة"
وهذا يعني أن الأسلوب المثالي للمسرح تنحصر وظيفته في إبراز تماسك العمل الدرامي ووحدته من خلال بلورة الأحداث ومواقف الشخوص "

" يختلف لونه وطبيعته وروحه وطريقته باختلاف طبيعة الفنان وطبيعة العمل الفني ". ( نفسه ص ١١٠١١٨)

* المنطلقات المسرحية النظرية في فكر الحكيم :

سبب اختاره للمسرح الذهبي أسلوبا وتوجها فكريا وحركاته للغربيين في إنتاج عمل يمزج بين الرواية والمسرح ( مسرواية : بنك القلق) اعتقاده الراسخ " بأن القوالب المسرحية والأشكال الفنية هي مجهودات مشتركة واجتهادات إنسانية متداخلة ، وإن لنية الفن شأنها شأن بنية كل جسم تحتاج في بنائها إلي كافة العناصر الداخلية أي ( المحلية ) والخارجية ( أي المستنبتة أو المستعارة )

اهتم رغم تأكيده علي استحالة التخلص من القالب المسرحي الغربي بمراجعة تراكمات الفرجة المصرية ، ومنها ما يقدمه علي الخصوص الحكواتيون والمقلدون والمداحين .
وبما أن هؤلاء كانوا يعتمدون الملاحم والسير مادة عملهم وتواصلها مع الجمهور " الذي كان يجد فيها أخصب المتع الفنية " ، فقد لمس فيهم أدواتين يستطع كل واحد منهم أن يقدم للمتفرجين روائع المسرح العالمي وأن يكسبها طابعا شعبيا رغم ءنتمائها إلي الثقافة العليا.
ولكن هذا الطرح النظري - كما حدده توفيق- تعترضه سعوبة كبيرة كما يقول : إيجاد المقلد الموهوب الذي لا يتقمص الشخصيات كما يفعل الممثل في المسرح ، وإنما يرسلها تحترأعيننا رسما واعيا مع احتفاظه بشخصيته الحقيقية شآنه شأن النحات الذي يباشر عمله أمام ناظريه "
( توفيق الحكيم ، مقدمة قالبنا المسرحي )


* الحكيم والفن التشكيلي :
رغم أن توفيق الحكيم لم يكن رساما فقد كان شغوفا بفن الرسم وبعواطفه ومجالاته منذ أن كان في باريس " يتردد كل يوم أحد علي متحف " الوفر" ويقضي في أروقته ست أو سبع ساعات يقف خلالها ، بمعدل ساعة أمام لوحة واحدة ". ( توفيق الحكيم ، زهرة العمر ص١١٦)

يرجع افتتانه بالفن عموما إلي تشبعه بالفنون القديمة ومنها علي الخصوص الفنون المصرية القديمة والإغريقية ، فإن إنشغاله بالفن التشكيلي كان وليد علاقته بشيخ يدعي السيد " هاب" الذي لقنه " مفاتن الفن وفتح بصره علي جمال النحت والعمارة والتصوير والآداب القديمة "
(. توفيق الحكيم ، زهرة العمر ، ص ص ٥٦٥٧)

ابتكر لنفسه مقاييس ياتيه خولت له تحقيق إستقلالية علي مستوي التأمل والتقدير والاستنتاج "

* قضية الألهام والخلق في الفن - عند الحكيم :

اهتم بالإلهام الفني لدي القدماء وعند العرب .. يري أن الخلق الفني لدي المثال المصري له بصيرة غريزية أو مدربة تجعله بنفذ إلي ما وراء الأشكال الظاهرة والإحاطة بقوانينها المستترة ومن ثم أنه لا يعنيه جمال الجسد ولا جمال الطبيعة من حيث هي شكل ظاهر ، وإنما تعنيه الفكرة والقوانين البطانية الآي أسيطر علي الأشكال ؛ لأنه يشعر بالهندسة غير المنظرة التي تربط كل شئ بكل شئ كما يشعر بالكل في الجزء والجزء بالكل "
( توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص ص ٥٤٦٩ )

هذا الشعور أولي علامات الوعي في الخلق والبناء وهذا ما جعل المقال المصري يصور روح الآشكال لا أجسامها كما جعل من الفن المصري " سرا مغلقا" إلي حدود أوائل القرن العشرين لأن الحضارة الآي ينتمي إليها هي حضارة مستقرة تقوم علي الزهد والتفكير فيما وراء الحياة ( القلب والروح ) ، كما تقوم الي السكون ، علي عكس الحضارة الإغريقية التي تُمارس العقل والمنطق الشئ الذي أدي إلي أن يكون فنها ماديا يقوم الي الحركة ( آي الحياة ، كما تشهد علي ذلك تماثيل الآدميين العارية الأجساد ) ، كما يقوم الي الروح وهذا حوله إلي فن " تجميل للطبيعة إلي مد إشعارها بنقصها "
اما بالنسبة للفن العربي ، فإنه يقوم الي لذة الحس والمادة ؛ لأنه نتاج السرعة ( اللذة) واللا استقرار ، ولآنه كذل، فقد كانت ركيزته ( الزخرفية) هي نتاج الحلم باللذة والترف ، ولو لا الزخرفة لضاع الفن المعماري العربي ؛ لأنها أجمل وأعجب فن خلده التاريخ "
( توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص ص ٥٤٦٥)

بين عنصري الاستقرار وعدم الاستقرار يتموضع البناء الفتي أو ينمي نهائيا ، حيث " أن الاستقرار هو أساس التآنل . والتآمل هو الذي يوحد الميثولوجيا والخيال الواسع والتفكير العميق والأحساس بالبناء " .

إنجاز العمل الكبير في مجال النحت والتصوير ( التشكيل ) يفرض الي من يزارله " آن يكون ذَا أحساس عميق بالتناسق العام ، وآن تكون ركيزته التأمل الطويل والوعي الداخلي للكل في الجزء والجزء في الكل . إن هذا الامتلاك ( الإحساس العميق والوعي الداخلي ) هو الذي يخلق الفن العظيم "

وهو ةما لا بتحقق إلا عبر اقتران الروح بالمادة والسكون بالحركة ، والاستقرار بالقلق ، والبناء بالزخرف "
وهذا ما لمسه الحكيم في فنون الحضارة اليونانية الآي تقوم. " علي صراع بين ديونسيوس رمز الروح والقوي الخفية الشائعة والنشوة ، وأبولونيوس رمز الفردية والشخصية المفروزة والوعي "
( توفيق الحكيم " شمس الفكر ص ٥٤٦٩ )

المطلع علي تنظيرات الحميم في التشكيل عموما يدرك مدي عنايته بخصوصيات هذا الفن وتذوقه بعقلية كلاسيكية وحديثة .
يقول في هذا : " أنا موزع بين الكلاسيك والمودرن الحديث لا أستطيع أن أقول مع الثائرين : فليسقط القديم ؛. لأن القديم أيضا حديد علي ، فأنا نع هؤلاء وأولئك "
( توفيق ، زهرة العمر ،ص ٣٣)

يري أن التشكيل " فن حسي لا ذهني ". عالمه الضوء والرمزية والتيقظ لألوان الطبيعة الذي يجعل الفنان " النابض بالحياة متيقظ الحاسة إلي حد الوحشية ، أو مايقظ الروح إلي حد الصوفية "
( توفيق الحكيم ، زهرة العمر ، ص. ١٣٦ - ١٣٩ )
لهذا لا يحب الاعتقاد بأن اليقظه الحسية آو الروحية في الفن " هي وقف الي عصر من العصور ، وإنما توجع آحبانا إلي طبيعة الفنان ومده وحالات نفسه المتغيرة أحيانا أخري " من هنا يؤمن الحكيم بأن. " مصادر الفن الحديث تستمد حقها ( مرجعيتها ) من الفنون الأولي مباشرة : الشئ الذي جعل تيمة الفن الحديث تنحصر " في محاولة إعادتنا ألي التجارة الفطرية البدائية القائمة علي البساطة إلي مد التركيز ، وعلي استلهام فن الزنوج الذي ترك آثارا واضحة في التصوير الحديث والموسيقي الحديثة والرقص الحديث "

(.توفيق الحميم ، زهرة العمر ، ص ٥٠)
العين ترصد الألوان العمل التشكيلي لم يعد في نظره سوي " نتاج كائن ( الفنان) يعيش في داخله جنبا إلي جنب حيوان وإله أكن أهم آداة يعتمدها هذا المائتي في عمله هي العين " لأن " ءنتماءها بالألوان في الحياة والطبيعة والفن شرط لازم في التصوير "
( توفيق زهرة العمر ص ١٣٧)



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بديع خيري



المسرح المصري، تتجدد اليوم مع سيرة أحد أشهر كتاب المسرح، بديع خيري، ابن حي المغربلين، الذي شارك في واحدة من أولى الحركات المسرحية في مصر، وأسس للتميز المصري لهذا الفن طوال أكثر من قرن من الزمان.

«بوابة الأهرام» تستعيد سيرة رائد المسرح المصري، تزامنا مع الذكرى الـ127 لميلاده، في مثل هذا اليوم 17 أغسطس، من عام 1893م.

ولد بديع عمر خيري بحي المغربلين في وسط القاهرة، وبدأ حياته مع التعليم في "الكتاب"، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، مما ساعد على صقل موهبته اللغوية.

وبدأ خيري كتابة الزجل في مرحلة مبكرة من حياته، قبل أن ينهي دراسته، وعندما أنهى دراسته تم تعيينه مدرسًا، إلا أن "خيري" كانت له انشغالات فنية أخرى، فبدأ في كتابة المونولوج، ثم أخذه عشق المسرح، فقرر في البدء بكتابة المسرحيات، وقدم أولى مسرحياته تحت عنوان "أما حتة ورطة".

كان عام 1918م، وقبل شهور من قيام ثورة 1919، هو العام الفارق في حياة بديع خيري، وربما في تاريخ المسرح المصري ككل، وذلك عندما التقى لأول مرة مع صديقه نجيب الريحاني، حيث كانت أول تجربة فنية جمعتهما في رواية "على كيفك".

ترى كثير من الدراسات التي أجريت على المسرح المصري أن بديع خيري هو أبرز كتاب المسرح المصري في القرن العشرين، كما أنه أول من كتب للسينما المصرية، كان خيري فنانًا متعدد المواهب منذ نعومة أظافره، فهو الزجال والكاتب المسرحي المرموق، والممثل والملحن، وبكل هذه المواهب شكل بديع خيري مع نجيب الريحاني أعظم ثنائي مسرحي في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وكان خيري بكل تأكيد هو السبب الرئيسي لسطوع ظاهرة نجيب الريحاني .

وعند التطرق لأسباب النبوغ المبكر لبديع خيري ، سنجدها تعود لمرحلة التأسيس، فقد نجح خيري بذكاء شديد في العناية بموهبته، بداية من حفظ القرآن في سن مبكرة، وصولًا للاهتمام بدراسته في إحدى المدارس الأميرية بحي المغربلين، كما أنه اختار مجالًا للعمل ساعد على زيادة معارفه، فعندما تخرج عام 1905م في معهد المعلمين، وعين مدرسًا للجغرافيا واللغة الإنجليزية، وساعده عمله ومعرفته باللغة على تفتيح مداركه لعشق الشعر وكتابته، ولذلك ليس غريبًا أن أول قصيدة لخيري قام بكتابتها في عمر الثالثة عشرة، وكانت باللغة العامية، وكتبها تحت اسم مستعار اختاره لنفسه هو "ابن النيل"، واستمر "خيري" في كتابة القصائد بعدها في صحف "الأفكار" و"المؤيد" و"الوطن" و"مصر".

لم يكن " بديع خيري " يتوقف عن التعلم ومحاولة تطوير نفسه، فقد انضم إلى جمعية التمثيل العصري، التي كانت تقام فيها الندوات والحلقات الدراسية حول المسرح الفرنسي، وفى عام 1912م تعرف بديع خيري على فنان الشعب سيد درويش، ثم بدأ في تأسيس فن الأوبريت الراقص في مصر، وكان أول عمل من هذا النوع الفني الجديد يحمل اسم "الجنيه المصري"، وفي عام 1917 قبل انشغاله بتجربته مع الريحاني، قام بتأسيس المسرح الأدبي، بالإضافة لتأليف بعض المسرحيات لفرقة عكاشة، ثم بدأ في الكتابة للسينما المصرية، فكان "بديع خيري" أول من كتب لها، سواء في عهد السينما الصامتة أو الناطقة، من خلال تأليفه للحوار والقصة والأغاني، وكان أول أفلامه الصامتة "المندوبان"، بينما كانت أبرز بداياته في السينما الناطقة في أفلام "العزيمة" و"انتصار الشباب".

حاول بديغ خيري تكوين فرقة مسرحية مع فنان الشعب "سيد درويش في عام 1922م، وخرجت للنور بمسرحية تحت عنوان "الطاحونة الحمراء" من تأليف بديع خيري ، لكن خيري اضطر إلى العودة لمواصلة تجربته مع رفيقه الريحاني، بعد عودته من رحلة غير موفقة إلى الشام، حيث قدما معًا أوبريت "الليالي الملاح" في مارس عام 1923م، وأوبريت "الشاطر حسن"، وبعد عودة الزعيم سعد زغلول وإفراج السلطات البريطانية عنه، قدم بديع خيري أوبريت "البرنسيس"، وفي عام 1924م عرضت فرقة الريحاني من تأليف بديع خيري أوبريت "أيام العز" و"الفلوس" و"مجلس الأنس" و"لو كنت ملك"، وفي أواخر العام نفسه كتب خيري مسرحيته التاريخية "محمد علي وفتح السودان"، وحصل بها على الجائزة الثانية من وزارة الأشغال.

سافر نجيب الريحاني وفرقته في جولة فنية إلى البرازيل عام 1924م، فقرر خيري التوجه إلى كتابة المسرحيات للفنان علي الكسار، حيث كتب له مسرحية "الغول"، وفي أواخر نفس العام، أعادت منيرة المهدية تكوين فرقتها من جديد، فكتب لها خيري أوبريت "الغندورة" الذي عرض في بدايات عام 1925م، نجح الأوبريت ولاقى استحسانًا من النقاد، فكتب لها خيري أوبريت "قمر الزمان"، ثم أوبريتات "حورية هانم" و"الحيلة".

في عام 1926م، واصل على الكسار الاستفادة من إبداعات "خيري" فقدم من تأليفه مسرحية "الوارث"، وفي تلك المرحلة كان بديع خيري يستعين في كتابة المسرح يات بتقنية خيال الظل، في صنع الحبكة الدرامية لمسرحياته، ورسم بعض مشاهدها، وظهر ذلك في مسرحيات "ليلة جنان" و"علشان بوسة"، كما وظف فن الأراجوز أيضًا في مسرحياته، والتي كتبها للسخرية من الشخصيات الأجنبية المحتلة داخل المجتمع المصري، وقد صدرت دراسة رائدة للباحث، وأستاذ المسرح في جامعة حلوان د.نبيل بهجت، تطرق فيها بالتحليل الكامل لتلك التقنيات التي استخدمها خيري، كما تطرق كتابه الموسوعي الصادر عن دار ميريت للنشر بالقاهرة، لحياة بديع خيري كاملة، كما قام بتوثيق الأعمال الكاملة ل بديع خيري في المسرح .

ورغم الصداقة الطويلة بين بديع خيري و نجيب الريحاني ، فإن هناك واقعة تاريخية طريفة جمعت بينهما، حيث ظل نجيب الريحاني لسنوات يعتقد أن صديقه بديع خيري مسيحي الديانة، حتى توفيت والدة بديع خيري ، وذهب نجيب الريحاني للعزاء، فوجد القرآن الكريم يتلى في سرادق العزاء، فسأل نجيب الريحاني بديع خيري مستفسرًا "هل أنت مسلم؟"، فرد عليه بديع خيري "نعم مسلم"، فقال الريحاني "كنت أظنك مسيحيًا.. لماذا لم تخبرني من قبل؟!، فأجاب بديع خيري "لأنك لم تسألني من قبل".

رحل الفنان بديع خيري عن دنيانا في فبراير عام 1966م، بعد أن ترك بصمة مع الرواد "الريحاني" و"على الكسار"، ساهمت في إعلاء اسم مصر في الساحة الثقافية والفنية العربية، على مدار عقود طويلة، وأنجب الفنان "بديع خيري"، الممثل عادل خيري، (بطل المسرحية الشهيرة إلا خمسة)، كما أنه جد للفنانة عطية عادل خيري، مخرجة الرسوم











































رأفنت لدويري

رأفت الدويرى( - 2018)

السيرة الذاتية

مؤلف ومخرج مسرحي مواليد قرية «الدوير» بـ»أسيوط» عام 1937، من أب فلاح بسيط، تعلم في المدرسة الأمريكاني ثم انتقل إلي القاهرة وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر «الدويرى» بنشأته وديانته. بدأ الدويري في القراءة وانكبَّ على الكتب الأدبية والمسرحية تحول «الدويرى» جامدا في خلق مسرحا مصريا ذو صبغة شعبية، ولعله نجح قي ذلك من خلال أعماله التي قدمها خلال الثمانينات. ومؤلفاته تنحسر في ست أعمال فقط، وهى: – «الواغش» أو «الكل في واحد» أو «ليه…ليه». عرضت عام1984 بمسرح الطليعة. – «ولادة متعسرة. عرضت بمسرح الطليعة عام 1982. – «قطة بسبع- ت- رواح». حصلت علي جائزة الدولة التشجيعية عام 1983. – «شكسبير في العتبة». عرضت بمسرح الطليعة 1986. – «بدائع الفهاوات في وقائع الأزمان». 1984. – «لاعب الثلاث ورقات». 1985

الموطن: مصر تاريخ الوفاة: 27 نوفمبر
2018

أشهر الأعمال


(حسب المشاهدات)


جويا والفاتنة


أماديوس

فيلموجرافيا

ﺇﺧﺮاﺝ (2)


جويا والفاتنة1997 - ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ(مخرج مسرحى )


أماديوس1994 - ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ



السير الذاتية:


مؤلف ومخرج مسرحي مواليد قرية «الدوير» بـ»أسيوط» عام 1937، من أب فلاح بسيط، تعلم في المدرسة الأمريكاني ثم انتقل إلي القاهرة وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر...اقرأ المزيد

المزيد

الموطن: مصرتاريخ الوفاة: 27 نوفمبر 2018


عمل مع


مسرح الطليعة عبدالفتاح فرج اللهحمزة الشيميمنى حسينإيهاب صبحيطارق إسماعيل



رأفت الدويري.. رائد تطويع المسرح للتراث

الثلاثاء 27/نوفمبر/2018 - 11:28 م

رأفت الدويري

حسن مختار

ولد الكاتب والمخرج المسرحي رأفت الدويري عام 1937 بقرية "الدوير" في أسيوط، من أب فلاح بسيط، بدأت رحلته التعليمية بالمدرسة الأمريكاني، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة لاستكمال دراسته وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر بنشأته وديانته، وبدأ في القراءة وانكب على الكتب الأدبية والمسرحية، وتحول سريعا في خلق مسرح مصري له صبغة شعبية، ولعله نجح في ذلك من خلال أعماله التي قدمها خلال الثمانينات، التي جعلته يحصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1983.

الدويري، والذي رحل عن عالمنا اليوم الثلاثاء، قال عنه عبد العزيز حمودة في مقدمة مسرحية "التلات ورقات": "إن رأفت الدويري اختار لنفسه طريقا واضحا منذ البداية لم يَحِد عنه، وهو طريق التراث المتوارث في حياتنا، فقد جمع بين احتفالية الطقوس الشعبية وبين حرفية فن المسرح، وأن أهم خصائص مسرحه هي قدرته على تقديم ضفيرة مركبة ومعقدة تتصف بالثراء والقدرة على الإيحاء المستمر والاشارة إلى علاقات جديدة بين جزيئات العمل الفني في كل مرة نقرأ فيها مسرحية له".

سعى "الدويري" في توظيف التراث في مسرحه، انطلاقا بمبدأين هما الوعي الجيد بأبعاد التراث، والآخر الوعي بأبعاد الواقع، فقد غاص في التراث ونهل من شعبه المختلفة وقدمه في صورة غير تقليدية أي صورة تجريبية على كافة المستويات، فأنتج صيغة مسرحية، تبدأ من التراث باعتباره موضوع البحث عن الهوية وتنتهي بالحاضر بتقنياته، وأفكاره المتقدمة التي تحمل هدفا تنويريا ذات توجه نقدي سياسي واجتماعي.

قرر "الدويري" أن يخلق لنفسه رؤيته الخاصة شخصيات مجسدة من صنعه تعيش أحداث وأزمات يقتصها من الواقع مصيغا إياها داخل البناء الدرامي الخاص به، ليعد أحد أهم كتاب فترة الثمانينيات في المسرح المصري، وذلك من خلال ثقافته المتنوعة وإطلاعه للعديد من التجارب المسرحية على مستوى العالم، التي جعلته يحرص على كل كتاباته في الحفاظ على النهج التراثي، ولعل تنوع إنتاجه المسرحي يغري أي باحث في دراسته ورصده لملامحه المسرحية.

كتب الدويري العديد من الأعمال المسرحية من بينها "الواغش، ليه ليه، قطة بسبع ترواح، شكسبير في العتبة، بدائع الفهاوات في وقائع الأزمان، لاعب الثلاث ورقات، الكل في واحد، وغيرها من الأعمال، وقد أخرج له المخرج اميل شوقي آخر أعماله المسرحية وهي "سلقط في ملقط" وقدمت على خشبة مسرح الطليعة، بالإضافة إلى مقالاته النقدية.
















"إن إعمال "رأفت الدويرى" تمثل فى مجموعها وحدة دينامية، مركبة، تتحرك وتنشط على محاور عدة واضحة ومترابطة، فنية، وفكرية، ولغوية، وشعورية، وعلى كل محور من هذه المحاور تنبثق جدليات صغرى متشابكة، تتحدد فى نهاية الأمر لتشكل الجدلية الكبرى الحاكمة التى فيها تتمثل الأصالة التراثية المحلية، إلى جانب التقدمية العالمية، وينحل التناقض بين هذين الحدين فى تركيب واحد يتمثل فى المفهوم التقدمى الثورى للتراث الشعبى الذى تطرحه المسرحيات فى النهاية، وهو مفهوم يتخطى الحدود الزمنية والجغرافية والحضارية الضيقة." ( )
وقد سعى "الدويرى" إلى توظيف التراث فى مسرحه انطلاقًا من مبدأين أساسيين:
1- الوعى بأبعاد هذا التراث.
2- الوعى بأبعاد الواقع.
أى إنه كان واعيًا لتراثه ولتاريخه فى الوقت ذاته، وهذا الوعى بالتراث والدور التاريخى هما – على حد قول الدكتور عز الدين اسماعيل – "القدمان اللتان يمشى بهما التراث، واللتان تقودان خطواته وتوقعاته ولا يمكن أن تتحقق مسيرة بقدم واحدة، قالوعى بالتراث دون وعى بالدور التاريخى من شأنه أن ينتهى بهذا التراث إلى الجمود؛ حيث تغيب كل الفعاليات اللازمة لاستمرار حيويته. والوعى بالدور التاريخى دون الوعى بالتراث، يمثل قطيعة أبستمولوجية ضد تاريخية الإنسان النفسية والعقلية." ( ) وانطلاقًا من هذين المبدأين، نجد أن التراث فى مسرح "الدويرى" قد تشكل على نحو جديد، أعاد له الحيوية بعد أن كاد يفقدها، وأعطى لأعماله مذاقًا خاصًا، وحقق –فضلًا عن البعد التراثى- البعد التاريخى، فأعاد تشكيل التراث فى إطار وعيه به وبلحظته الراهنة.

لقد غاص الدويرى فى التراث ونهل من شعبه المختلفة وقدمه فى صورة غير تقليدية صورة تجريبية على المستويات كافة فأنتج صيغة مسرحية تنطلق من التراث باعتباره موضوعًا للبحث عن هوية وتنتهى إلى الحاضر بتقنياته وأفكاره التقدمية وتحمل بين ثناياها هدفًا تنويريًا ذا توجه نقدى سياسيًا كان أم اجتماعيًا.
وكانت البداية التى دفعت "الدويرى" للخوض فى عالم الكتابة هى "معايشته مأساة نظام، يفصل بينه باعتباره فنانًا مبدعًا وبين مجتمعه ويجمد حركته فى صوغ واقعه، لقد عاش "الدويرى" مأساة نظام قضى على كل طموحاته وأحبط آماله، وضبب أمامه كل السبل إلى الغد القادم لا محالة، فوجد نفسه داخل ظرف حضارى خطر، عالم صاخب وقافز للأمام، وهو لا يملك أى موقف إيجابى تجاه الحاضر وأجبر على عدم امتلاكه، ولا أية رؤية مستقبلية تجاه المستقبل، فهو لا يملك حقيقة إلا الإبداع ومحاولة تحطيم الغرف المغلقة." لذا قرر أن يخلق بنفسه رؤيته الخاصة مجسدة فى شخصيات من صنعه تعيش أحداث وأزمات يقتنصها من الواقع مصيغًا إياها داخل معمار درامى خاص به وغير منفصل بالضرورة عما يعيشه، وزاوج فى رؤيته تلك بين التراث والتجريب مؤكدًا على أن التجريب لا يتحقق بصورة كاملة إلا إذا نشط على كل محاور التشكيل فى المسرحية من زمان ومكان وعناصر بشرية ومادية.
وقد تهيأت للدويرى كل الظروف المناسبة ليكون واحدًا من أهم كتاب فترة الثمانينات فى المسرح المصرى، وذلك من خلال ثقافته المتنوعة، واطلاعه على تجارب مسرحية كثيرة على مستوى العالم، كما أن حرصه فى كل كتاباته على الحفاظ على النهج التراثى والطقسى هو وليد اهتمامات الكاتب فى القراءة حول هذا الموضوع، وهو ما يؤكده بقوله: "لقد اكتشفت بعد قراءاتى العديدة أن المسرح الطقسى هو موجة عالمية والدليل على ذلك ما حدث مع "بيتر بروك" الذى عاد إلى المسرح الاحتفالى والطقسى."
ومعنى هذا أن قراءاته الكثيرة بالإنجليزية عن الدراما فى أصولها، إلى جانب الموروث الطفولى بالقرية المصرية فى جنوب الوادى، وما فيها من مظاهر شعبية كالموالد والزار وما إلى ذلك عمقت لديه الإحساس بالطقس والدراما الطقسية.
"ومن الطبيعى أن ينشغل كثيرًا بالانثروبولوجيا فيقرأ فيها كثيرًا ويولع بالأساطير والفلكلور الشعبى والملاحم الشعبية، ويعشق علم النفس والتنجيم والسحر والفلسفة." ولم يكتف "الدويرى" بإيجاد المعادل العلمى التطبيقى لآرائه من خلال أعماله المسرحية، فمال إلى التنظير الذى صاحب مقدمات معظم كتاباته، ولعل تنوع نتاجه المسرحى يغرى أى باحث بدراسته ورصد ملامح مسرحه.
وقد تعددت المصادر التى استلهم منها الدويرى أعماله المسرحية ما بين التراث الشعبى بحكاياته وشخوصه الراسخة فى وجداننا العربى والتراث الاسطورى بشعائره ورموزه الخصبة حيث غاص "الدويرى" فى التراث العربى والفرعونى بطقوسه المختلفة، وألبسه التجريبية بأن قدمه فى صورة جديدة معاصرة ليطرح من خلاله قضايا الوطن العربى فى واقعنا المعيش وسيتضمن هذا البحث اثنين من أهم تلك المصادر:
الأول: استلهامه لشخصية السندباد البحرى من قصص ألف ليلة وليلة، وتقديمه فى صورة عصرية من خلال نصوصه: "حالة غثيان" – "متعلق من عرقوبه" – "سندباد قضائى".
الثانى: استلهامه لأسطورة "إيزيس وأوزوريس" من التراث المصرى الفرعونى وتقديمها فى صساغد جديدة من خلال نصى: "قطة بسبع – ت – رواح"، "ولادة متعسرة".
وقد تضافرت مع هذين المصدرين التراثيين طقوس احتفالية متوارثة فى مناسبات الميلاد والطهور والزفاف والجنازة والاحتفالات الشعبية كالموالد والزار




















توفيق الحكيم الذات والموضوع
د. أبو الحسن سلام
تميزت الكتابة لدى توفيق الحكيم بطابع خاص حيث أنه كان يحب أن يمزج في كتاباته بين الواقعية والخيال الذي كان يتصف بالوضوح وكانت ألفاظه ومعانيه عبارة عن صورة جميلة واضحة المعالم ليست معقدة حيث أنه كان لا يعرف للإطالة عنوان. ونجد أنه قد قام بكتابة وتأليف العديد من الكتب والمسرحيات ومن أهم أعماله (الخروج من الجنة، رصاصة في القلب، سلطان الظلام، سر المنتحرة، عصفور من الشرق، يوميات نائب في الأرياف، …إلخ)، ومن هنا يعرض على حضراتكم موقع محتوى مجموعة من أروع الخواطر والكلمات للكاتب الأديب توفيق الحكيم. العزلة حاجة في نفسي مثلما الخبز والماء والهواء حاجة في جسدي ولا بد لي من ساعات أعتزل فيها الناس لأهضم ساعات صرفتها في مخالطتهم. الحاكم لا يريد من المفكر تفكيره الحر بل تفكيره الموالي. لا حياة في مصر لمن يعيش للفكر. لهذا الحد تعبث السياسة عندنا بالعدالة والنظام والاخلاق أعوذ بالله شيء مخيف. إن الأسئلة التي لا تجد الإجابة عنها تظل هائمة في النفس كالأرواح المعذبة. إذا إنحط مجتمع الى هذا الدرك الذي يجعل فيه للجماد (يقصد السيارات والمظاهر الخادعة المزيفة) سلطة الحكم على قيمه الانسان فلا خير لحياة البشر. الحضارة العظيمة لا تزيل الشر ولا تمحو الجريمة، ولكنها توجد الشر العظيم والجريمة العظيمة. الحقيقة التي تملأ قبضتك لا بد أن تكون حقيقة صغيرة. ما الغرور إلا وجه من وجوه الجهل. عدونا الآن ليسوا في السماء ولا في الأرض عدونا داخل أنفسنا عدونا هو تلك الحقيقة المدفونة. إن الإبتكار الفني هو أن تكون أنت أن تحقق نفسك هو أن تسمعنا صوتك أنت ونبرتك أنت. فالمبادئ ليست بذات قيمة في نظري بغير الأشخاص الذين يطبقونها بإخلاص ويؤمنون بها ويحرصون عليها. إن عواطفنا لا يمكن أن تكون إلا جميلة نبيلة نحو من يوحي إلينا بشيء جميل نبيل. إن الحياة كالبهائم والأنعام خير منها العدم. إن في الدنيا أشخاص يجري في دمائهم الفن وهم لا يشعرون. إن إيمان المرأة هو الحب. ليس الشقاء هو البكاء وليست السعادة هي الضحك. إن الشخص ذا القيمة هو الذي يعرف القيم كما يعرف الصائغ درجات الذهب. جمال عبد الناصر وتوفيق الحكيم كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر معجب بمقالات توفيق الحكيم وكان يحبه حب جنوني وكان السبب في ذلك هو قيام كاتبنا بالتمهيد في كتاباته لظهور عبد الناصر على الساحة السياسية ووصفه بالبطل المغوار الذي ستنهض على يده البلاد، وكان كاتبنا كثير المدح لعبد الناصر ولأعماله. ولكن نجد مع مرور الوقت تحول توفيق الحكيم إلى عكس ما كان عليه فأخذت كتاباته طابع الإنتقاد لسياسة عبد الناصر وعلى الرغم من ذلك لم يكن الزعيم عبد الناصر يحمل الضغينة والكره بل بالعكس كان يتقبل منه ذلك بصدر رحب
.

أقرأ المزيد على موقع محتوى: https://www.muhtwa.com/50959/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A% D9%85/#i




" .. أنا الآن للفن وحده " هذا ما قاله توفيق الحكيم منذ سبعين عاما مضت .
تري.. هل عاش توفيق الحكيم للفن وحده – حسبما قال – ألم تشغله السياسة ؟ ألم يشغله الدين ؟
ألم تشغله قضايا المجتمع المصري في تحولاته الاقتصادية والسياسية ألم تنعكس قضايا الوطن آثارها الإيجابية والسلبية علي كتاباته المسرحية والفكرية ؟
هل يعني قوله هذا أنه كان من أنصار نزعة ( الفن من أجل الفن ) ؟
هل عاش للفن وحده – كما قال – أم أن مقولته تلك من باب المجاز ؟ّ!
لاشك في أن الإجابة الخالصة عن ذلك في مجمل مواقفه منذ اشتغاله بالحياة العامة مشتبكا بكتاباته المتشعبة في ما بين الكتابة للمسرح - باعتبارها الشغل الشاغل في التعبير عن موقفه من الوجود – و الكتابة الفكرية التي تترجم مقولته ، التي صدّرنا بها عتبة الدخول إلي عالم الإبداعي الحكيم .
يعرف الحكيم – مثلما نعرف - أن لا حياة لفن دون انفتاح علي منابع فكرية فلسفية واجتماعية ودينية وسياسية محمولة علي جناح الخيال ، وأن يعيش الأديب أو الفنان للفن وحده ، ليس يعني عزلته عما يحيط به من شواغل و تفاعلات إنسانية حياتية محلية أو عالمية . إن الأديب و الفنان كليهما يظل حاضرا في عصور تالية علي عصره ما استحضر فنه الإنسان الذي يسكننا .. ولأن فن الحكيم المسرحي يبعث فينا ما يوقظ وعينا بما يحيط بنا من آثار تقلبات الزمن عبر صور سمو الفكر الإنساني فينا و صور كبوات انحدار ذلك الفكر ؛ موشحة بمباهج التعبير ؛ لذا كان حضوره فينا بالفكر والفرجة . تلك الثنائية التي تدفقت عبر جماليات الحوار الدرامي في مسرحه .

الإطار الفكري للخطاب الدرامي في مسرحه :
- يقوم علي جدل الجديد للقديم .. المتغير والثابت.
- يقوم علي مساءلته للمستلهم التراثي .
- التوفيق بين استشراقات التراث وحداثة المعاصرة .
* الإطار الدرامي للحدث في مسرحه :
- يقوم علي التوفيق بين استشراقات التراث وحداثة المعاصرة .
* خاصية الأسلوب في مسرحه :
- مر مسرحه بثلاث مراحل فنية عي مرحلة مسرح المجتمع ، ومرحلة المسرح المنوّع ومرحة التجريب في الشكل . وفي المرحلتين تأرجح أسلوب الكتابة بين تقنيات (مسرح الأفكار والمسرح الذهني ومسرح الفكرة / الدعوة ) يميل إلي التنويع والتنقل بين الواقعية النقدية ( الأيدي الناعمة) الواقعية الفكرية ( السلطان الحائر) الواقعية السحرية ( رحلة إلي الغد ـ سوق الحمير ) ، - متغيرة في ما بين المسرحية الفكرية ( الملك أوديب – براكسا ومشكلة الحكم ) والمسرحية الذهنية ( شهرزاد) ومسرحية الفكرة : ( مجلس العدل ، الحمار يفكر ، الحمار يؤلف ) وفي المرحلة الثالثة – وإن شكلت نفريعة من مرحلة ما أطلق عليه الحكيم ( المسرح المنوّع ) إلاّ إنها اتسمت بميل إلي التجريب عبر تقنيات مدارس طليعية ؛ مثل- التعليمية الملحمية- في ( شمس النهار) والعبثية .. في نصوص( يا طالع الشجرة ، الطعام لكل فم ، مصير صرصار و لزوم ما لا يلزم) و السريالية: ( الدنيا رواية هزلية) التي استخدم في كتابتها تقنيات المينيمالية – الكتابة غير المكتملة –
ومع أن من الباحثين من يدمج مسرحية الأفكار مع مسرحية الدعوة/ الفكرة والمسرحية الذهنية ضمن مصطلح المسرح الفكري ؛


* الإطار الدرامي للشخصية في مسرحه :
- الشخصية الدرامية ذات منقسمة بين سمات تراثية وسمات معاصرة في آن .
* الإطار اللغوي للحوار في مسرحه :
- يميل إلي روح الجدل الفكري
_ التعبير عن جوهر إرادة الشخصية الدرامية ، لا جوهر شعورها .
_ الاعتماد علي جمالية الإيجاز البليغ .
- يعتمد علامات استبدال فكر الثبات والجمود بفكر التغيير .
* إطار التحول الدرامي في مسرحه :
- كل جديد فيه غرابة تبعث علي الدهشة ؛ وتثير للتساؤلات المنتجة للاختلاف واحتدام الصراع .
* الإطار الدرامي للصراع في مسرحه :
- يتحه إلي روح المقاومة أكثر من ميله لروح الصدام
- يتبني فكرة الوسطية التي يطلق الحكيم عليها ( التعادلية) – راجع كتابه-
- ينتهي بالمصالحة بين أطراف الحدث الدرامي ( السلطان الحائر، شمس النهار
* جماليات البني الدرامية في مسرحه :
- ترتكز علي توالد المعاني والإنتاج المعرفي .
- مراوغات المسكوت عنه في الاسقاط والترميز .
- تلجرافية جمل الجوار ورشاقة الألفاظ .
- التناص الأسلوبي والتقني الدرامي مع نصوص عالمية سابقة : ( المسرح اليوناني):
- الطعام لكل فم - ( المسرح الملحمي ) – شمس النهار- مجلس العدل - ، ( مسرح العبث) – يا طالع الشجرة -
- انحدار الفكرة الدرامية من نصوص سابقة في بعض نصوصه المسرحية ( الملك أوديب – بيجماليون ).
- مراوغات المساءلة في الإستلهامات من التراث العربي والعالمي .
- جمالية النبض الإيقاعي في التعبير الحواري اللفوي
- الاعتماد علي تعادلية لغوية بما أطلق علية هو نفسه ( اللغة الثالثة) القابلة للأداء اللفظي بالفصحي وباللهجة العامية المصرية أيضا .. عن طريق تخليص الحوار من الحروف الروابط : ( حروف الجر والجزم والنصب والتحقق وبعض حروف العطف )

* القضايا المثارة حول مقولاته وآرائه في المسرح :
* قضايا مثارة من الحكيم نفسه :
دأب الحكيم علي المراوغة في بعض تعامله مع المفاهيم المتداولة في المحال الفكري والثقافي والمسرحي خاصة ؛ ومن بين تلك المراوغات التي صدرت عنه مباشرة خلال لقاءات فكرية أو ثقافية بثت علي شاشات التلفاز أو بثت عبر المذياع أو وردت في حواراته المتعددة في جلسات نقاش أو حوار كتلك التي أجراها معه د. رشاد رشدي عبر سلسلة من اللقاءات الشهرية علي صفحات مجلة المسرح في إصدارات مسرح الحكيم في ستينيات القرن العشرين ومنها ما ذيّل به بعص إصدارات نصوصه :
- توصيفه لنص يا طالع الشجرة .. حيث نسب تلك المسرحية إلي اللامعقول ، مفرقا بين مفهوم العبث ، واللامعقول ، معتبرا أن ( العبث ، عبث في المضمون ، بينما العبث في اللامعقول ، هو عبث في الشكل ) وترتيبا علي ذلك التفريق يعتبر مسرحيته ( يا طالع الشحرة) إلي مفهوم اللامعقول .
وهنا أقول له : يا سيدنا.. كتّاب تيار مسرح العبث وباحثوه ، قالوا : ( العبث في الشكل وليس في المضمون ) . ومن ناحية ثانية فإن تقنيات كتابة مسرحيات ( يا طالع الشجرة الطعام لكل فم ، مصير صرصار، لزوم ما لا يلزم) توظف مفردات بناء درامي عبثي ، حيث استبدال ما يعرف بالحدث الدرامي في بنية النص المسرحي بما يعرف بالحالة الدرامية ، وتأسيس البنية الدرامية علي طلب المنطق في وسط عبثي ؛ وتناقض الفعل مع القول ، وتعادل لغة الصمت مع لغة الكلام ؛ والدهشة ( المؤدة) .
- مراوغته في نحت مصطلح ( التعادلية) باعتباره مصطلحا جديدا من فكره هو ؛ بينما الحقيقة تؤكد أن التعادلية هي الوسطية الإسلامية ؛ التي هي في الأصل مقولة أفلاطون المعروفة ( الفضيلة وسط بين رذيلتين ) وهي نفسها التي تتمثل في المحتوي الفلسفي الوجودي لثنائية : ( الحرية والالتزام) حيث لا تتجاوز حرية الأنا حرية الآخر .
- مراوغته في نحت مصطلح ( اللغة الثالثة) في الحوار المسرحي . والمعلوم أنه ليست هناك لغة ثانية ولغة ثالثة في كلامنا ، وإنما هي لغة واحدة فصيحة ولهجة عامية .
* قضايا مثارة حول مسرحه :
- نسب بعض الباحثين وعدد من النقاد إليه ريادة ما يعرف باللغة الثالثة في الحوار المسرحي، وهي تقنية كتابة لفة الحوار بأسلوب صحافي ، تسهل قراءته من عامة الناس .. ولكن الرجوع إلي تاريخ الكتابة المسرحية ؛ ينفي عنه صفة الريادة والسبق إلي هذا الموضوع ؛ فقد سبقه إلي مزاوجة لغة الحوار المسرحي العراقي ( ناعوم السحار) بمسرحية : ( لطيف وخوشابا) عام 1905 وسبقه فرح أنطون في مصر في مسرحيتيه ( مصر القديمة ) و ( مصر الجديدة ) وسبق أولئك جميعا ابن دنيال في مسرحياته الظلية المسماة ( بابات ابن دنيال) التي امتزج الحوار فيهما بين الفصحي والعامية .
من آراء توفيق الحكيم في الحثاة والفن:
عن تآثره بشكسبير يفول : بالطبع تأثرت به كما تأثر به كل من كتب ويكتب للمسرح .. بوعي أو بغير وعي منا . فهو من الشوامخ التي لابد أن تلقي أشعتها في لأعماقنا أردنا أو لم نرد.. غير أن تأثري بسوفوكليس أكثر وأظهر ..

- سبق أن ذكرتم أن شكسبير شاعر روائي أكثر منه شاعرا مسرحيا فما هو تعليل ذلك وف عن سؤال د. رشاد رشدي له عن رأي له في مسرح شكسبير : قال؛ رأيي هذا قلته عن شكسبير بالقياس إلي سوفوكليس ذلك أن البناء الفني عند شكسبير يكاد يماثل الرواية بتتابع مناظره العديدة المتنقلة من مكان إلي مكان ومن زمن إلي زمن كما تتابع فصول الرواية .. في حين أن البناء الفني عند سوفوكليس مثلا يقوم علي أساس مختلف .. وقد لخصت رأيي في قولي : *. ربما كان شكسبير أمتع وأعجب وأرحب من سوفوكليس .. ولكنه أقل منه قدرة علي التركيز الدرامي “

توفيق الحكيم الذات والموضوع :

من يريد البحث عن سيرة توفيق الحكيم فليقصد مباشرة عصفور من الشرق ففيه مادة السيرة الذاتية للحكيم في أثناء مقام دراسته في باريس السيرة الذاتية في صيغ مبطنة تتطلب تأويلا وتتعدي آثار حياة الحكيم نفسها و اعتقاداته فيها ، ففي بعض السير الذاتية الغربية تتعامل مع السرد الذاتي تعاملات لا بملئها فرد بلسان المتكلم الفردي بل " بحيل لغوية وأسلوبية آخري منها : " جعل الكلام عن الذات يتعين في سرد منزوع التعيين الشخصي فيكتب الروائي سيرته ولكن بضمير الغائب ، ومنها جعل الكاتب يتكلم عن نفسه ولكن بلسان القرين ".
( أحم-د فارس الشدياق ، الساق علي الساق ، ص 185

كتب ( عودة الروح ، يوميات نائب في الأرياف ، عصفور من الشرق " ... وما لبث أن تبناها علي آن فيها شيئا من سيرته الذاتية ؛ " وهي حيلة أسلوبين تبتعد عن النوعين المذكورين ، إذ تلصق بالشخصية المروية حفلة من حياته إسما ونسبا ".
لهذا ما جري اعتبار هذه الروا سبرة ذاتية ، إلا من قبيل معاينة ما تتضمنه مع وقائع معروفة عن الحكيم أو بناء لتأكيدات لاحقة له ،
تفيد أنه قصد منها كتابة القسم الأول أو المتوسط أو الأخير من حياته . ( ستاركي ص ١٠٩)

وفي عنوان هذا الأخير التفاتة إلي كتاب عصفر من الشرق الي ما ينبه
( يوميات نائب في الآرياف ،أو ( سجن العمر ) ص ٩
بين محسن ويودي وإيفان وباريس والسيدة زينب وغيرها علاقات تفصح في أحداثها ودلالاتها عن مشقة السر سواء أكان روائيا أم سيريا حميميا أم عموميا .



جمع في غير حديث من أحاديثه بين كونه راوية وجامع لبعض من سيرته الذاتية ، فهو يمزج بعضا من أدبه وسيرته الذاتية خاصة في عصفور من الشرق في صيغ مبطنة تتطلب تأويلا وتعتدي آثار حباته و اعتقاداته ، مع أن صياغته لا تنسب القول الي المتكلم . في السرد ، هناك تباين بين مبناه التأليفي وكيفية تعيين مواده والإحالة الي خارجه والتعامل معه علي أنه سبرة الحكيم في باريس ؛ة إذ أن للسرد في الإخبار والتعيين منطقا تأليفا ، يستجمع ويفرق ويقوم علي عرض رواية وذاك نفسه قائم في بنية روايته ( يوميات نائب في الأرياف) . وفي هاتين الروايتين فضلا علي رواية ( عودة الرةج) تتكشف مواقف الحكيم نفسه باعتباره ساكنا فيما يعرف بـــــ ( الشخصية القناع ) تلك التي يتستر الكاتب خلفها إذا يحملها ما يريد قوله متواريا . ومن مواقفه:

موقفه من الزواج : لزواج نقلة مفاجئة من التدليل إلى التذليل.
الألم نفسه مهما عظم يتضاءل كلما اشتركوا فيه جميعا، ويخفّ حمله كلما حملوه معا، بل إنّه أحياناً ينقلب عزاء مثلجاً للصدور. - توفيق الحكيم

ليس الكرم أن تنفق مال بلا حساب .. ولا تقل لي مثلا أن فلانا الغني أنفق على و لائم و عزائم و سهرات فيستحق إذن لقب (كريم) .. أو أنه أنفق على معارفه و أصدقائه الأغنياء أمثاله , فهو إذن صاحب مروءة.. المفروض في الرجل الكريم أنه ينفق من ماله في سبيل عمل إنساني يعود بالفائدة على أمته جميعاً. - توفيق الحكيم
أنك تفترض ان الناس جميعا قابلون ان يكونوا أحرارا, وننسى أن أغلب الناس لا يستطيعون ولا يريدون ان يكون لهم رأي .. انما يستسهلون ارتداء الأراء التي تصنع لهم صنعا.


كثير من الناس يعيشون طويلا في الماضي، والماضي منصة للقفز لا أريكة للاسترخاء. - توفيق الحكيم


مشكلة اﻹنسانية، بل مشكلة الحياة كلها هى وجود طائفتين: طائفة تصنع، وطائفة تستغل! *توفيق الحكيم.


مواقفه بين الشرق والغرب :

مواقفه بين الرجولة والأنوثة :

وعي الغرب ووعي الذات :

ماذا في شخصية محسن عصفور من الشرق من توفيق الحكيم
ماذا في علاقات محسن عصفور الشرق النسائية من ملاقات الحكيم النسائية ؟
ما الذي تعنيه كل من سنية وسوري وإيفا وساشا لمحسن ، و توفيق. ؟!
ماذا في شخصية نائب في الأرياف من توفيق الحكيم وكيل النيابة ؟!



* تداخل الأمكنة والأزمنة بين حياته وكتاباته :
هذا المسير ينطلق آو يقوم في عدد من تحقيقاته علي وجود تداخل بين مكانين أو بين نسرين من الأمكنة ، منها مايقا في نصر ومنها ما يقع في باريس : وهو ما يثبته الروائي منذ الصفحة الآولي في الرواية إذ نحد التداخل حاصلا بين ميزان " الكوميدي فرانسيس" و ميدان السيدة زينب "
ونتحقق في تتابع السرد من استمرار التباين والتداخل بين نسقي الأمكنة : بين الكنيسة مكان الصلاة المسيحي والمسجد مكان الصلاة الإسلامي

تقول عنه سوزي " اعتاد أن يأتي كل يوم إلي هذا الشباك فينتظر حتي ينبض الناس ويخلو المكان فيتقدم قائلا : " بونور مدموازيل ". !... ". فأرد اليه التحية فيقف يطيل إلي النظر صامتا ، ثم يتحرك قائلا : " أوروغواي مدموازيل ". ويمضي لشأنه ". ( عصفور من الشرق " ص ٤٦ )

وحين يقرر محسن ذات مساء وبعد إلحاحات من صديقه الفرنسي مبادرة أو مفاتحة سوزي بما يكن لها من مشاعر فإنه لا يقترب من شباكها بل يلحق بها ، كمن يطارد صبية وقع نظره عليها في الشارع طالبا بغرض المعاكسة بل يتبعها من شارع إلي مترو من دون أن ينجح باللحاق بها في المرة الأولي ولا في المرة الثانية في محا لك آثر محاولة ألي ينجح في العثور علي مكان بيتها وهو فندق في واقع الأمر . لكنه لا ينتظرها عند الخروج منه أو عند الدخول اليه بل يأتي بحبيبته ويسكن تماما فوقها في الغرفة التي تعلو غرفتها . إلا يقول عنها : " ءنتاجها راضٍ بالقليل ! يكفيه منها مجرد الشعور في كل حين إنها هي جارته "
( عصفور من السرق ،ص ٥٦)

إرادة الفعل .. يحسب حساب النتائج أولا

حتي يقوي الحكيم - الشاب - علي معاكسة ( سوزي) عاملة شباك تذاكر مسرح ( كوميدي فرانسيس) يجعل محسن في رواية ( عصفور من الشرق ) يستعيد. ( سنية / بنت جيران .. بنت الحارة) في رواية ( عودة الروح) خلال شخصية. ( سوزي) عاملة شباك تذاكر مسرح ( كوميدي فرانسيس ) في رواية : ( عصفور من الشرق ) قبل أن يقوي علي معاكستهما وطلب الغرام منها

* رواسب التقاليد الشرقية :
هوية المكان تسكنه : ذلك أن محسن في باريس يخلط بين المكا هنا والمكان في القاهرة فلا بتصرف فيه إلا ما بمقتضي ما أملته عليه عادات المكان الأول : فما براه في ميدان الكوميدي فرانسيس يستدعي صورة ميدان المسجد في حي السيدة زينب .

ومحسن في باريس لايقوي علي فعل ما يقوم به الحبيبان علي مقربة منه علي أن المكان مشترك وفردي له ولسوزي ذلك أن المكان الخارجي عمومي دون أن يكون قابلا لممارسات فردي خارجه

لم يَصْب بصدمة حضارية مشاهدة موقف غرامي خارج عن مألوفة الثقافي
" لم يقطع عليه تأمله غير حركة معانقة فتاة وفتي من خلفه يقبل أحدهما الآخر علانية كما اعتاد الباريسيون أن يحفلوا بعازل أو رقيب لذلك أزور محسن عنهما برأسه غير راضٍ بعرض العواطف في الشوارع والطرقات فتبادل وهي الآي ينبغي لها أن تحفظ في الصدور كما تحفظ اللآلئ في الأصداف ( عصفور ص ٤٨٤٩)

* ديناميك الفقير والنظرة الجدلية عند الحكيم :
ابتعاده عن الفكرة المثالية التي كانت تنظر إلي المبدع باعتباره متلقيا ملهما الغير علي العكس من ذلك يراه إنسانا متجذر الحضور في الواقع
" لا يستطيع أن يخرج شيئا من لا شئ .. فكل شئ يخرج من كل شئ "
وهذا يعني أن جريان الأبداع الأدبي في المسير الثقافي الإنساني سلسلة متصلة من التأثيرات المتلاحقة

" ليس الابتكار في الأدب والفن أن تطرق موضوعا لم يسبقك إليه سابق ، ولا أن تعثر علي فكرة لم تخطر علي بال غيرك ... إنما الابتكار الأدبي والفني ، هو أن تتناول الفكرة الآي قد تكون مألوفة للناس فتسحب فيها من أدبك وغنم ما يجعلها تتقبل خلقا حديدا يبهر العين ويُدهش العقل ... أو أن تعالج الموضوع يكاد يبلي بين أصابع السابقين ، فإذا هو يضئ بين يديك بروح من عندك "
( الحكيم ، فن الأدب ، ص١٢)


* مفهوم للفن والأدب :
الحوار : بنان توفيق الحكيم يعتبر الفن نظاما وأن مرادف النظام لديه هو الاقتصاد أي البيان بلا زيادة ولا نقصان " فقد أهتم كثيرا بالحوار المسرحي ، كما أعتمده أسلوبا لإخراج العمل الفني الجميل ، خصوصا أن عملية الإخراج هذه تخضع لمراعاة " قوة بناء" العمل الفني ، أي أن علي المسرحي أن يكون مهندسا أدبيا "
( توفيق الحكيم ، فن الأدب ص ٨٢)

إذا كان الحوار في نطر هيكل " أسني نمط للتعبير الدرامي" فإن مهمته كما يقول توفيق الحكيم : لا تنحصر " في سرد ماحدث لشخوص المسرح
وءنا في جعلهم يعيشون حوادثها أمامنا مباشرة دون وسيط أو ترجمان "

وهذا يعني عنده أن مهمة الحوار " لا تقف عند رسم الشخصيات وتلوين المواقف ، بل هو الذي يعول عليه أيضا في تكوين الشخصيات وفي خلق جو المسرحية "
( توفيق الحكيم ، نفسه ، ص ٨٢)

الحوار الدرامي عنده قالب أدبي يشبه الشعر ؛ لأنه ملكة تولد أكثر مما هو شئ يكتب ، واستعداد طبيعي يميل إليه أولئك الذين يميلون إلي الاقتضاب". ( ص٣٧ )
بعبارة أخري : " لا يجب أن يقوم الحوار علي الحسو والإطالة"
وهذا يعني أن الأسلوب المثالي للمسرح تنحصر وظيفته في إبراز تماسك العمل الدرامي ووحدته من خلال بلورة الأحداث ومواقف الشخوص "

" يختلف لونه وطبيعته وروحه وطريقته باختلاف طبيعة الفنان وطبيعة العمل الفني ". ( نفسه ص ١١٠١١٨)

* المنطلقات المسرحية النظرية في فكر الحكيم :

سبب اختاره للمسرح الذهبي أسلوبا وتوجها فكريا وحركاته للغربيين في إنتاج عمل يمزج بين الرواية والمسرح ( مسرواية : بنك القلق) اعتقاده الراسخ " بأن القوالب المسرحية والأشكال الفنية هي مجهودات مشتركة واجتهادات إنسانية متداخلة ، وإن لنية الفن شأنها شأن بنية كل جسم تحتاج في بنائها إلي كافة العناصر الداخلية أي ( المحلية ) والخارجية ( أي المستنبتة أو المستعارة )

اهتم رغم تأكيده علي استحالة التخلص من القالب المسرحي الغربي بمراجعة تراكمات الفرجة المصرية ، ومنها ما يقدمه علي الخصوص الحكواتيون والمقلدون والمداحين .
وبما أن هؤلاء كانوا يعتمدون الملاحم والسير مادة عملهم وتواصلها مع الجمهور " الذي كان يجد فيها أخصب المتع الفنية " ، فقد لمس فيهم أدواتين يستطع كل واحد منهم أن يقدم للمتفرجين روائع المسرح العالمي وأن يكسبها طابعا شعبيا رغم ءنتمائها إلي الثقافة العليا.
ولكن هذا الطرح النظري - كما حدده توفيق- تعترضه سعوبة كبيرة كما يقول : إيجاد المقلد الموهوب الذي لا يتقمص الشخصيات كما يفعل الممثل في المسرح ، وإنما يرسلها تحترأعيننا رسما واعيا مع احتفاظه بشخصيته الحقيقية شآنه شأن النحات الذي يباشر عمله أمام ناظريه "
( توفيق الحكيم ، مقدمة قالبنا المسرحي )


* الحكيم والفن التشكيلي :
رغم أن توفيق الحكيم لم يكن رساما فقد كان شغوفا بفن الرسم وبعواطفه ومجالاته منذ أن كان في باريس " يتردد كل يوم أحد علي متحف " الوفر" ويقضي في أروقته ست أو سبع ساعات يقف خلالها ، بمعدل ساعة أمام لوحة واحدة ". ( توفيق الحكيم ، زهرة العمر ص١١٦)

يرجع افتتانه بالفن عموما إلي تشبعه بالفنون القديمة ومنها علي الخصوص الفنون المصرية القديمة والإغريقية ، فإن إنشغاله بالفن التشكيلي كان وليد علاقته بشيخ يدعي السيد " هاب" الذي لقنه " مفاتن الفن وفتح بصره علي جمال النحت والعمارة والتصوير والآداب القديمة "
(. توفيق الحكيم ، زهرة العمر ، ص ص ٥٦٥٧)

ابتكر لنفسه مقاييس ياتيه خولت له تحقيق إستقلالية علي مستوي التأمل والتقدير والاستنتاج "

* قضية الألهام والخلق في الفن - عند الحكيم :

اهتم بالإلهام الفني لدي القدماء وعند العرب .. يري أن الخلق الفني لدي المثال المصري له بصيرة غريزية أو مدربة تجعله بنفذ إلي ما وراء الأشكال الظاهرة والإحاطة بقوانينها المستترة ومن ثم أنه لا يعنيه جمال الجسد ولا جمال الطبيعة من حيث هي شكل ظاهر ، وإنما تعنيه الفكرة والقوانين البطانية الآي أسيطر علي الأشكال ؛ لأنه يشعر بالهندسة غير المنظرة التي تربط كل شئ بكل شئ كما يشعر بالكل في الجزء والجزء بالكل "
( توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص ص ٥٤٦٩ )

هذا الشعور أولي علامات الوعي في الخلق والبناء وهذا ما جعل المقال المصري يصور روح الآشكال لا أجسامها كما جعل من الفن المصري " سرا مغلقا" إلي حدود أوائل القرن العشرين لأن الحضارة الآي ينتمي إليها هي حضارة مستقرة تقوم علي الزهد والتفكير فيما وراء الحياة ( القلب والروح ) ، كما تقوم الي السكون ، علي عكس الحضارة الإغريقية التي تُمارس العقل والمنطق الشئ الذي أدي إلي أن يكون فنها ماديا يقوم الي الحركة ( آي الحياة ، كما تشهد علي ذلك تماثيل الآدميين العارية الأجساد ) ، كما يقوم الي الروح وهذا حوله إلي فن " تجميل للطبيعة إلي مد إشعارها بنقصها "
اما بالنسبة للفن العربي ، فإنه يقوم الي لذة الحس والمادة ؛ لأنه نتاج السرعة ( اللذة) واللا استقرار ، ولآنه كذل، فقد كانت ركيزته ( الزخرفية) هي نتاج الحلم باللذة والترف ، ولو لا الزخرفة لضاع الفن المعماري العربي ؛ لأنها أجمل وأعجب فن خلده التاريخ "
( توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص ص ٥٤٦٥)

بين عنصري الاستقرار وعدم الاستقرار يتموضع البناء الفتي أو ينمي نهائيا ، حيث " أن الاستقرار هو أساس التآنل . والتآمل هو الذي يوحد الميثولوجيا والخيال الواسع والتفكير العميق والأحساس بالبناء " .

إنجاز العمل الكبير في مجال النحت والتصوير ( التشكيل ) يفرض الي من يزارله " آن يكون ذَا أحساس عميق بالتناسق العام ، وآن تكون ركيزته التأمل الطويل والوعي الداخلي للكل في الجزء والجزء في الكل . إن هذا الامتلاك ( الإحساس العميق والوعي الداخلي ) هو الذي يخلق الفن العظيم "

وهو ةما لا بتحقق إلا عبر اقتران الروح بالمادة والسكون بالحركة ، والاستقرار بالقلق ، والبناء بالزخرف "
وهذا ما لمسه الحكيم في فنون الحضارة اليونانية الآي تقوم. " علي صراع بين ديونسيوس رمز الروح والقوي الخفية الشائعة والنشوة ، وأبولونيوس رمز الفردية والشخصية المفروزة والوعي "
( توفيق الحكيم " شمس الفكر ص ٥٤٦٩ )

المطلع علي تنظيرات الحميم في التشكيل عموما يدرك مدي عنايته بخصوصيات هذا الفن وتذوقه بعقلية كلاسيكية وحديثة .
يقول في هذا : " أنا موزع بين الكلاسيك والمودرن الحديث لا أستطيع أن أقول مع الثائرين : فليسقط القديم ؛. لأن القديم أيضا حديد علي ، فأنا نع هؤلاء وأولئك "
( توفيق ، زهرة العمر ،ص ٣٣)

يري أن التشكيل " فن حسي لا ذهني ". عالمه الضوء والرمزية والتيقظ لألوان الطبيعة الذي يجعل الفنان " النابض بالحياة متيقظ الحاسة إلي حد الوحشية ، أو مايقظ الروح إلي حد الصوفية "
( توفيق الحكيم ، زهرة العمر ، ص. ١٣٦ - ١٣٩ )
لهذا لا يحب الاعتقاد بأن اليقظه الحسية آو الروحية في الفن " هي وقف الي عصر من العصور ، وإنما توجع آحبانا إلي طبيعة الفنان ومده وحالات نفسه المتغيرة أحيانا أخري " من هنا يؤمن الحكيم بأن. " مصادر الفن الحديث تستمد حقها ( مرجعيتها ) من الفنون الأولي مباشرة : الشئ الذي جعل تيمة الفن الحديث تنحصر " في محاولة إعادتنا ألي التجارة الفطرية البدائية القائمة علي البساطة إلي مد التركيز ، وعلي استلهام فن الزنوج الذي ترك آثارا واضحة في التصوير الحديث والموسيقي الحديثة والرقص الحديث "

(.توفيق الحميم ، زهرة العمر ، ص ٥٠)
العين ترصد الألوان العمل التشكيلي لم يعد في نظره سوي " نتاج كائن ( الفنان) يعيش في داخله جنبا إلي جنب حيوان وإله أكن أهم آداة يعتمدها هذا المائتي في عمله هي العين " لأن " ءنتماءها بالألوان في الحياة والطبيعة والفن شرط لازم في التصوير "
( توفيق زهرة العمر ص ١٣٧)



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بديع خيري



المسرح المصري، تتجدد اليوم مع سيرة أحد أشهر كتاب المسرح، بديع خيري، ابن حي المغربلين، الذي شارك في واحدة من أولى الحركات المسرحية في مصر، وأسس للتميز المصري لهذا الفن طوال أكثر من قرن من الزمان.

«بوابة الأهرام» تستعيد سيرة رائد المسرح المصري، تزامنا مع الذكرى الـ127 لميلاده، في مثل هذا اليوم 17 أغسطس، من عام 1893م.

ولد بديع عمر خيري بحي المغربلين في وسط القاهرة، وبدأ حياته مع التعليم في "الكتاب"، حيث حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، مما ساعد على صقل موهبته اللغوية.

وبدأ خيري كتابة الزجل في مرحلة مبكرة من حياته، قبل أن ينهي دراسته، وعندما أنهى دراسته تم تعيينه مدرسًا، إلا أن "خيري" كانت له انشغالات فنية أخرى، فبدأ في كتابة المونولوج، ثم أخذه عشق المسرح، فقرر في البدء بكتابة المسرحيات، وقدم أولى مسرحياته تحت عنوان "أما حتة ورطة".

كان عام 1918م، وقبل شهور من قيام ثورة 1919، هو العام الفارق في حياة بديع خيري، وربما في تاريخ المسرح المصري ككل، وذلك عندما التقى لأول مرة مع صديقه نجيب الريحاني، حيث كانت أول تجربة فنية جمعتهما في رواية "على كيفك".

ترى كثير من الدراسات التي أجريت على المسرح المصري أن بديع خيري هو أبرز كتاب المسرح المصري في القرن العشرين، كما أنه أول من كتب للسينما المصرية، كان خيري فنانًا متعدد المواهب منذ نعومة أظافره، فهو الزجال والكاتب المسرحي المرموق، والممثل والملحن، وبكل هذه المواهب شكل بديع خيري مع نجيب الريحاني أعظم ثنائي مسرحي في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، وكان خيري بكل تأكيد هو السبب الرئيسي لسطوع ظاهرة نجيب الريحاني .

وعند التطرق لأسباب النبوغ المبكر لبديع خيري ، سنجدها تعود لمرحلة التأسيس، فقد نجح خيري بذكاء شديد في العناية بموهبته، بداية من حفظ القرآن في سن مبكرة، وصولًا للاهتمام بدراسته في إحدى المدارس الأميرية بحي المغربلين، كما أنه اختار مجالًا للعمل ساعد على زيادة معارفه، فعندما تخرج عام 1905م في معهد المعلمين، وعين مدرسًا للجغرافيا واللغة الإنجليزية، وساعده عمله ومعرفته باللغة على تفتيح مداركه لعشق الشعر وكتابته، ولذلك ليس غريبًا أن أول قصيدة لخيري قام بكتابتها في عمر الثالثة عشرة، وكانت باللغة العامية، وكتبها تحت اسم مستعار اختاره لنفسه هو "ابن النيل"، واستمر "خيري" في كتابة القصائد بعدها في صحف "الأفكار" و"المؤيد" و"الوطن" و"مصر".

لم يكن " بديع خيري " يتوقف عن التعلم ومحاولة تطوير نفسه، فقد انضم إلى جمعية التمثيل العصري، التي كانت تقام فيها الندوات والحلقات الدراسية حول المسرح الفرنسي، وفى عام 1912م تعرف بديع خيري على فنان الشعب سيد درويش، ثم بدأ في تأسيس فن الأوبريت الراقص في مصر، وكان أول عمل من هذا النوع الفني الجديد يحمل اسم "الجنيه المصري"، وفي عام 1917 قبل انشغاله بتجربته مع الريحاني، قام بتأسيس المسرح الأدبي، بالإضافة لتأليف بعض المسرحيات لفرقة عكاشة، ثم بدأ في الكتابة للسينما المصرية، فكان "بديع خيري" أول من كتب لها، سواء في عهد السينما الصامتة أو الناطقة، من خلال تأليفه للحوار والقصة والأغاني، وكان أول أفلامه الصامتة "المندوبان"، بينما كانت أبرز بداياته في السينما الناطقة في أفلام "العزيمة" و"انتصار الشباب".

حاول بديغ خيري تكوين فرقة مسرحية مع فنان الشعب "سيد درويش في عام 1922م، وخرجت للنور بمسرحية تحت عنوان "الطاحونة الحمراء" من تأليف بديع خيري ، لكن خيري اضطر إلى العودة لمواصلة تجربته مع رفيقه الريحاني، بعد عودته من رحلة غير موفقة إلى الشام، حيث قدما معًا أوبريت "الليالي الملاح" في مارس عام 1923م، وأوبريت "الشاطر حسن"، وبعد عودة الزعيم سعد زغلول وإفراج السلطات البريطانية عنه، قدم بديع خيري أوبريت "البرنسيس"، وفي عام 1924م عرضت فرقة الريحاني من تأليف بديع خيري أوبريت "أيام العز" و"الفلوس" و"مجلس الأنس" و"لو كنت ملك"، وفي أواخر العام نفسه كتب خيري مسرحيته التاريخية "محمد علي وفتح السودان"، وحصل بها على الجائزة الثانية من وزارة الأشغال.

سافر نجيب الريحاني وفرقته في جولة فنية إلى البرازيل عام 1924م، فقرر خيري التوجه إلى كتابة المسرحيات للفنان علي الكسار، حيث كتب له مسرحية "الغول"، وفي أواخر نفس العام، أعادت منيرة المهدية تكوين فرقتها من جديد، فكتب لها خيري أوبريت "الغندورة" الذي عرض في بدايات عام 1925م، نجح الأوبريت ولاقى استحسانًا من النقاد، فكتب لها خيري أوبريت "قمر الزمان"، ثم أوبريتات "حورية هانم" و"الحيلة".

في عام 1926م، واصل على الكسار الاستفادة من إبداعات "خيري" فقدم من تأليفه مسرحية "الوارث"، وفي تلك المرحلة كان بديع خيري يستعين في كتابة المسرح يات بتقنية خيال الظل، في صنع الحبكة الدرامية لمسرحياته، ورسم بعض مشاهدها، وظهر ذلك في مسرحيات "ليلة جنان" و"علشان بوسة"، كما وظف فن الأراجوز أيضًا في مسرحياته، والتي كتبها للسخرية من الشخصيات الأجنبية المحتلة داخل المجتمع المصري، وقد صدرت دراسة رائدة للباحث، وأستاذ المسرح في جامعة حلوان د.نبيل بهجت، تطرق فيها بالتحليل الكامل لتلك التقنيات التي استخدمها خيري، كما تطرق كتابه الموسوعي الصادر عن دار ميريت للنشر بالقاهرة، لحياة بديع خيري كاملة، كما قام بتوثيق الأعمال الكاملة ل بديع خيري في المسرح .

ورغم الصداقة الطويلة بين بديع خيري و نجيب الريحاني ، فإن هناك واقعة تاريخية طريفة جمعت بينهما، حيث ظل نجيب الريحاني لسنوات يعتقد أن صديقه بديع خيري مسيحي الديانة، حتى توفيت والدة بديع خيري ، وذهب نجيب الريحاني للعزاء، فوجد القرآن الكريم يتلى في سرادق العزاء، فسأل نجيب الريحاني بديع خيري مستفسرًا "هل أنت مسلم؟"، فرد عليه بديع خيري "نعم مسلم"، فقال الريحاني "كنت أظنك مسيحيًا.. لماذا لم تخبرني من قبل؟!، فأجاب بديع خيري "لأنك لم تسألني من قبل".

رحل الفنان بديع خيري عن دنيانا في فبراير عام 1966م، بعد أن ترك بصمة مع الرواد "الريحاني" و"على الكسار"، ساهمت في إعلاء اسم مصر في الساحة الثقافية والفنية العربية، على مدار عقود طويلة، وأنجب الفنان "بديع خيري"، الممثل عادل خيري، (بطل المسرحية الشهيرة إلا خمسة)، كما أنه جد للفنانة عطية عادل خيري، مخرجة الرسوم











































رأفنت لدويري

رأفت الدويرى( - 2018)

السيرة الذاتية

مؤلف ومخرج مسرحي مواليد قرية «الدوير» بـ»أسيوط» عام 1937، من أب فلاح بسيط، تعلم في المدرسة الأمريكاني ثم انتقل إلي القاهرة وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر «الدويرى» بنشأته وديانته. بدأ الدويري في القراءة وانكبَّ على الكتب الأدبية والمسرحية تحول «الدويرى» جامدا في خلق مسرحا مصريا ذو صبغة شعبية، ولعله نجح قي ذلك من خلال أعماله التي قدمها خلال الثمانينات. ومؤلفاته تنحسر في ست أعمال فقط، وهى: – «الواغش» أو «الكل في واحد» أو «ليه…ليه». عرضت عام1984 بمسرح الطليعة. – «ولادة متعسرة. عرضت بمسرح الطليعة عام 1982. – «قطة بسبع- ت- رواح». حصلت علي جائزة الدولة التشجيعية عام 1983. – «شكسبير في العتبة». عرضت بمسرح الطليعة 1986. – «بدائع الفهاوات في وقائع الأزمان». 1984. – «لاعب الثلاث ورقات». 1985

الموطن: مصر تاريخ الوفاة: 27 نوفمبر
2018

أشهر الأعمال


(حسب المشاهدات)


جويا والفاتنة


أماديوس

فيلموجرافيا

ﺇﺧﺮاﺝ (2)


جويا والفاتنة1997 - ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ(مخرج مسرحى )


أماديوس1994 - ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ



السير الذاتية:


مؤلف ومخرج مسرحي مواليد قرية «الدوير» بـ»أسيوط» عام 1937، من أب فلاح بسيط، تعلم في المدرسة الأمريكاني ثم انتقل إلي القاهرة وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر...اقرأ المزيد

المزيد

الموطن: مصرتاريخ الوفاة: 27 نوفمبر 2018


عمل مع


مسرح الطليعة عبدالفتاح فرج اللهحمزة الشيميمنى حسينإيهاب صبحيطارق إسماعيل



رأفت الدويري.. رائد تطويع المسرح للتراث

الثلاثاء 27/نوفمبر/2018 - 11:28 م

رأفت الدويري

حسن مختار

ولد الكاتب والمخرج المسرحي رأفت الدويري عام 1937 بقرية "الدوير" في أسيوط، من أب فلاح بسيط، بدأت رحلته التعليمية بالمدرسة الأمريكاني، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة لاستكمال دراسته وتخرج في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وقد تأثر بنشأته وديانته، وبدأ في القراءة وانكب على الكتب الأدبية والمسرحية، وتحول سريعا في خلق مسرح مصري له صبغة شعبية، ولعله نجح في ذلك من خلال أعماله التي قدمها خلال الثمانينات، التي جعلته يحصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1983.

الدويري، والذي رحل عن عالمنا اليوم الثلاثاء، قال عنه عبد العزيز حمودة في مقدمة مسرحية "التلات ورقات": "إن رأفت الدويري اختار لنفسه طريقا واضحا منذ البداية لم يَحِد عنه، وهو طريق التراث المتوارث في حياتنا، فقد جمع بين احتفالية الطقوس الشعبية وبين حرفية فن المسرح، وأن أهم خصائص مسرحه هي قدرته على تقديم ضفيرة مركبة ومعقدة تتصف بالثراء والقدرة على الإيحاء المستمر والاشارة إلى علاقات جديدة بين جزيئات العمل الفني في كل مرة نقرأ فيها مسرحية له".

سعى "الدويري" في توظيف التراث في مسرحه، انطلاقا بمبدأين هما الوعي الجيد بأبعاد التراث، والآخر الوعي بأبعاد الواقع، فقد غاص في التراث ونهل من شعبه المختلفة وقدمه في صورة غير تقليدية أي صورة تجريبية على كافة المستويات، فأنتج صيغة مسرحية، تبدأ من التراث باعتباره موضوع البحث عن الهوية وتنتهي بالحاضر بتقنياته، وأفكاره المتقدمة التي تحمل هدفا تنويريا ذات توجه نقدي سياسي واجتماعي.

قرر "الدويري" أن يخلق لنفسه رؤيته الخاصة شخصيات مجسدة من صنعه تعيش أحداث وأزمات يقتصها من الواقع مصيغا إياها داخل البناء الدرامي الخاص به، ليعد أحد أهم كتاب فترة الثمانينيات في المسرح المصري، وذلك من خلال ثقافته المتنوعة وإطلاعه للعديد من التجارب المسرحية على مستوى العالم، التي جعلته يحرص على كل كتاباته في الحفاظ على النهج التراثي، ولعل تنوع إنتاجه المسرحي يغري أي باحث في دراسته ورصده لملامحه المسرحية.

كتب الدويري العديد من الأعمال المسرحية من بينها "الواغش، ليه ليه، قطة بسبع ترواح، شكسبير في العتبة، بدائع الفهاوات في وقائع الأزمان، لاعب الثلاث ورقات، الكل في واحد، وغيرها من الأعمال، وقد أخرج له المخرج اميل شوقي آخر أعماله المسرحية وهي "سلقط في ملقط" وقدمت على خشبة مسرح الطليعة، بالإضافة إلى مقالاته النقدية.
















"إن إعمال "رأفت الدويرى" تمثل فى مجموعها وحدة دينامية، مركبة، تتحرك وتنشط على محاور عدة واضحة ومترابطة، فنية، وفكرية، ولغوية، وشعورية، وعلى كل محور من هذه المحاور تنبثق جدليات صغرى متشابكة، تتحدد فى نهاية الأمر لتشكل الجدلية الكبرى الحاكمة التى فيها تتمثل الأصالة التراثية المحلية، إلى جانب التقدمية العالمية، وينحل التناقض بين هذين الحدين فى تركيب واحد يتمثل فى المفهوم التقدمى الثورى للتراث الشعبى الذى تطرحه المسرحيات فى النهاية، وهو مفهوم يتخطى الحدود الزمنية والجغرافية والحضارية الضيقة." ( )
وقد سعى "الدويرى" إلى توظيف التراث فى مسرحه انطلاقًا من مبدأين أساسيين:
1- الوعى بأبعاد هذا التراث.
2- الوعى بأبعاد الواقع.
أى إنه كان واعيًا لتراثه ولتاريخه فى الوقت ذاته، وهذا الوعى بالتراث والدور التاريخى هما – على حد قول الدكتور عز الدين اسماعيل – "القدمان اللتان يمشى بهما التراث، واللتان تقودان خطواته وتوقعاته ولا يمكن أن تتحقق مسيرة بقدم واحدة، قالوعى بالتراث دون وعى بالدور التاريخى من شأنه أن ينتهى بهذا التراث إلى الجمود؛ حيث تغيب كل الفعاليات اللازمة لاستمرار حيويته. والوعى بالدور التاريخى دون الوعى بالتراث، يمثل قطيعة أبستمولوجية ضد تاريخية الإنسان النفسية والعقلية." ( ) وانطلاقًا من هذين المبدأين، نجد أن التراث فى مسرح "الدويرى" قد تشكل على نحو جديد، أعاد له الحيوية بعد أن كاد يفقدها، وأعطى لأعماله مذاقًا خاصًا، وحقق –فضلًا عن البعد التراثى- البعد التاريخى، فأعاد تشكيل التراث فى إطار وعيه به وبلحظته الراهنة.

لقد غاص الدويرى فى التراث ونهل من شعبه المختلفة وقدمه فى صورة غير تقليدية صورة تجريبية على المستويات كافة فأنتج صيغة مسرحية تنطلق من التراث باعتباره موضوعًا للبحث عن هوية وتنتهى إلى الحاضر بتقنياته وأفكاره التقدمية وتحمل بين ثناياها هدفًا تنويريًا ذا توجه نقدى سياسيًا كان أم اجتماعيًا.
وكانت البداية التى دفعت "الدويرى" للخوض فى عالم الكتابة هى "معايشته مأساة نظام، يفصل بينه باعتباره فنانًا مبدعًا وبين مجتمعه ويجمد حركته فى صوغ واقعه، لقد عاش "الدويرى" مأساة نظام قضى على كل طموحاته وأحبط آماله، وضبب أمامه كل السبل إلى الغد القادم لا محالة، فوجد نفسه داخل ظرف حضارى خطر، عالم صاخب وقافز للأمام، وهو لا يملك أى موقف إيجابى تجاه الحاضر وأجبر على عدم امتلاكه، ولا أية رؤية مستقبلية تجاه المستقبل، فهو لا يملك حقيقة إلا الإبداع ومحاولة تحطيم الغرف المغلقة." لذا قرر أن يخلق بنفسه رؤيته الخاصة مجسدة فى شخصيات من صنعه تعيش أحداث وأزمات يقتنصها من الواقع مصيغًا إياها داخل معمار درامى خاص به وغير منفصل بالضرورة عما يعيشه، وزاوج فى رؤيته تلك بين التراث والتجريب مؤكدًا على أن التجريب لا يتحقق بصورة كاملة إلا إذا نشط على كل محاور التشكيل فى المسرحية من زمان ومكان وعناصر بشرية ومادية.
وقد تهيأت للدويرى كل الظروف المناسبة ليكون واحدًا من أهم كتاب فترة الثمانينات فى المسرح المصرى، وذلك من خلال ثقافته المتنوعة، واطلاعه على تجارب مسرحية كثيرة على مستوى العالم، كما أن حرصه فى كل كتاباته على الحفاظ على النهج التراثى والطقسى هو وليد اهتمامات الكاتب فى القراءة حول هذا الموضوع، وهو ما يؤكده بقوله: "لقد اكتشفت بعد قراءاتى العديدة أن المسرح الطقسى هو موجة عالمية والدليل على ذلك ما حدث مع "بيتر بروك" الذى عاد إلى المسرح الاحتفالى والطقسى."
ومعنى هذا أن قراءاته الكثيرة بالإنجليزية عن الدراما فى أصولها، إلى جانب الموروث الطفولى بالقرية المصرية فى جنوب الوادى، وما فيها من مظاهر شعبية كالموالد والزار وما إلى ذلك عمقت لديه الإحساس بالطقس والدراما الطقسية.
"ومن الطبيعى أن ينشغل كثيرًا بالانثروبولوجيا فيقرأ فيها كثيرًا ويولع بالأساطير والفلكلور الشعبى والملاحم الشعبية، ويعشق علم النفس والتنجيم والسحر والفلسفة." ولم يكتف "الدويرى" بإيجاد المعادل العلمى التطبيقى لآرائه من خلال أعماله المسرحية، فمال إلى التنظير الذى صاحب مقدمات معظم كتاباته، ولعل تنوع نتاجه المسرحى يغرى أى باحث بدراسته ورصد ملامح مسرحه.
وقد تعددت المصادر التى استلهم منها الدويرى أعماله المسرحية ما بين التراث الشعبى بحكاياته وشخوصه الراسخة فى وجداننا العربى والتراث الاسطورى بشعائره ورموزه الخصبة حيث غاص "الدويرى" فى التراث العربى والفرعونى بطقوسه المختلفة، وألبسه التجريبية بأن قدمه فى صورة جديدة معاصرة ليطرح من خلاله قضايا الوطن العربى فى واقعنا المعيش وسيتضمن هذا البحث اثنين من أهم تلك المصادر:
الأول: استلهامه لشخصية السندباد البحرى من قصص ألف ليلة وليلة، وتقديمه فى صورة عصرية من خلال نصوصه: "حالة غثيان" – "متعلق من عرقوبه" – "سندباد قضائى".
الثانى: استلهامه لأسطورة "إيزيس وأوزوريس" من التراث المصرى الفرعونى وتقديمها فى صساغد جديدة من خلال نصى: "قطة بسبع – ت – رواح"، "ولادة متعسرة".
وقد تضافرت مع هذين المصدرين التراثيين طقوس احتفالية متوارثة فى مناسبات الميلاد والطهور والزفاف والجنازة والاحتفالات الشعبية كالموالد والزار




























مقاصد التأليف

د. صلاح جاد سلام
فقد قَالَ بعضُ الْعلماءُ:
ينبغِي أَن لا يخلُوَ التَّصنيفُ من أَحد المعاني الثّمانية ؛ الّتي تُصنِّف لها العلماءُ ، وكان ابن حزم الأندلسى ( ت 456 هـ = 1063م ) هو أول من ذكرها في ( نقط العروس )،
قالوا : مقاصد التأليف ثمانية ،،، وهي:
أوّلاً: « اختراعُ معـدوم» أَي : لم تُسبَق إليه - فيما تعلم وتعتقد .
ثانياً: « جَمِـعُ مُفتَـرقٍ » أي : مسأَلة مُشتّتة وَأَدلَّتُها في بطون الكُتب تَجمعها في كتاب واحد.
ثالثاً: « تكميـلُ ناقـصٍ » أَي : أنَّ الموضوع لم يكتمل فيه جانب من الجوانب فتُكمِلُه أَنتَ .
رابعاً: « تفصيـلُ مجمـلٍ» أي : أَنَّك تفصِّل المسأَلةَ شيئاً فشيئاً حتّى يذهبَ تراكم المعاني ، ويتضّح المراد .
خامساً:«تهـذيبُ مطـوَّلٍ» أي : أَنّك تلجأُ إلى الاختصار دون الإخلاَل .
سادساً:«ترتيـبُ مُخلَّـطٍ»أي : أَنّك تقدِّمُ وتؤَخّر في ترتيب المادّة أوِ الموضوع.
سابعاً: «تعيـينُ مبهـمٍ » أي : أنّك تعيّن وجود موضع خفيّ في مسأَلة أو نقطة أو نكتة لتظهرها ، وتجلّي أمرها .
ثامناً : « تبيـينُ خطـأ » أي : أَنّك تصوّب خطأَ الغَير إذا أَيقنتَ صواب ما أَنت عليه.
ونظم بعضهم فى هذا الصّدد ،، فقال : لابُدَّ للتّصنِيفِ مِن مَقاصِد *** بدونِها يَخلو مِن الفَوائد
فاختَـرِع رَتِّبْ وهَذِّب كَمِّلِ *** جَمِّعَن عَيِّن وبَيِّن فَصِّـلِ
وها نحن بلا شك ــ فى مصنفنا هذا [ فى رحاب ( الشعر ديوان العرب وينبوع الأدب ) ] ــ ندور فى فلك بعض هذه المقاصد من التصنيف .
وأما عن تعريف الشعر فيغلب عليه تعريف عام ، هو أنه كلام فصيح موزون مُقَفَّى ،،
وبعيدا عن الدخول فى مجالاته المتعددة المتنوعة ، أوتطوره ، أو الإحتفاظ بأصله ، أو الإستحداث لأشكال أخرى ، تنسب إليه ،،، فإن هذا أيضا خارج قصدنا من هذا المصنّف ،،
ونحن هنا نتجول بحرية فى رياض ماتعة وبساتين واسعة وثمار يانعة ، نقطف من هنا طاقة ، ونتزود من هناك باقة ...
نحن هنا فى رياض الشعر والشعراء ، نخطو من روض إلى روض ، نعبّ من فيض ، وننهل من غيض ، فنقتنى بعض ثمره وقطافه ، وقليلاً من نشره وألطافه ، نتعرف على بعضهم بإيجاز غير مخل ، أو بإسهاب غير ممل ، ونلتقط بعض الأبيات التى جرت مجرى الأمثال والحكم ، ونقرأ عن بعض طرائف الشعراء ، وسرعة البديهة والإرتجال عند بعضهم ، وعن سقطات بعضهم ،،،، الخ
وصدق من قال :
ما أرانا نقول إلا مُعارا *** أو مُعادا من لفظنا مكرورا
على أن من بعض الفوائد التى تتضمنها جولتنا ، الوقوف على تأريخ لأحداث وقعت ، ومعرفة المعاصرة بين شخصيات تاريخية ، فضلا عن تنشيط قاموسنا اللغوي ، للعارف والمستزيد . .
وإذ كان الخطيب البغدادي ( ت 463 هـ = 1072 م ) رحمة الله عليه يقول :
من صنَّف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس ،،،،
فإنى أعتذر إليك أيها الناظر في هذا الكتاب من خَلَل قد ترَاه ، أو لفظ لا ترضاه ،،
فإذا ظفرت بفائدة فادع بالثواب والمغفرة ، أو بزلة قلم فافتح لها باب التجاوز والمعذرة ، فلا بد من عيب ،
وبلسان الحال أكرر قول الشاعر العملاق أحمد فارس الشدياق ( ت 1304 هـ = 1887م ) : فإن كان فيه بعض شيئ يعيبــه *** فكل كتاب خط لم يخل من عيب
وأردد قول سديد الدين أبى الثناء ابن رقيقة ( ت 635 هــ ـــ 1237 م ) :
يا ناظــرا فيما قصــدت لجمعه *** أعـذر فـإن أخا الفضيــــلة يعـــذر
علما بأن المرء لو بلغ المـدى *** فى العمر لاقى الموت وهو مقصر
وأيضا قول القاضى العلامة الأديب الشاعر أَحمَد بن المَأمون البلغيثي ( ت 1348 هـ = 1929 م ) ، ابن نقيب الأشراف العلويين فى فاس :
يا ناظـــراً فيمــا عمدتُ لِجمعِـــهِ *** عُذراً فإنَّ أخا الفضائلِ يَعذرُ
عِلمــاً بأنَّ المـرءَ لو بَلـغَ المــدى *** في العُمرِ لاقى الموتَ وهو مُقصِّرُ
فإذا ظفِـــرتَ بِزلَّةٍ فافتَــــح لهـــا *** بابَ التَّجاوُزِ فالتجاوزُ أجدرُ
ومنَ المحالِ بأن تَرى أحداً حَوى *** كُنهَ الكمالِ وذا هو المتعذِّرُ
والنقصُ في نفسِ الطبيعةِ كامــنٌ *** فبنو الطبيعة نقصُهم لا يُنكر
ثم ،،،،،
مادعوة ٌ أنفعُ ياصاحبـي *** من دعوةِ الغائبِ للغـائبِ
ناشدتُكَ الرحمن ياقارئـًا *** أنْ تسألَ الغفــرانَ للكاتـبِ







مقاصد التأليف

د. صلاح جاد سلام
فقد قَالَ بعضُ الْعلماءُ:
ينبغِي أَن لا يخلُوَ التَّصنيفُ من أَحد المعاني الثّمانية ؛ الّتي تُصنِّف لها العلماءُ ، وكان ابن حزم الأندلسى ( ت 456 هـ = 1063م ) هو أول من ذكرها في ( نقط العروس )،
قالوا : مقاصد التأليف ثمانية ،،، وهي:
أوّلاً: « اختراعُ معـدوم» أَي : لم تُسبَق إليه - فيما تعلم وتعتقد .
ثانياً: « جَمِـعُ مُفتَـرقٍ » أي : مسأَلة مُشتّتة وَأَدلَّتُها في بطون الكُتب تَجمعها في كتاب واحد.
ثالثاً: « تكميـلُ ناقـصٍ » أَي : أنَّ الموضوع لم يكتمل فيه جانب من الجوانب فتُكمِلُه أَنتَ .
رابعاً: « تفصيـلُ مجمـلٍ» أي : أَنَّك تفصِّل المسأَلةَ شيئاً فشيئاً حتّى يذهبَ تراكم المعاني ، ويتضّح المراد .
خامساً:«تهـذيبُ مطـوَّلٍ» أي : أَنّك تلجأُ إلى الاختصار دون الإخلاَل .
سادساً:«ترتيـبُ مُخلَّـطٍ»أي : أَنّك تقدِّمُ وتؤَخّر في ترتيب المادّة أوِ الموضوع.
سابعاً: «تعيـينُ مبهـمٍ » أي : أنّك تعيّن وجود موضع خفيّ في مسأَلة أو نقطة أو نكتة لتظهرها ، وتجلّي أمرها .
ثامناً : « تبيـينُ خطـأ » أي : أَنّك تصوّب خطأَ الغَير إذا أَيقنتَ صواب ما أَنت عليه.
ونظم بعضهم فى هذا الصّدد ،، فقال : لابُدَّ للتّصنِيفِ مِن مَقاصِد *** بدونِها يَخلو مِن الفَوائد
فاختَـرِع رَتِّبْ وهَذِّب كَمِّلِ *** جَمِّعَن عَيِّن وبَيِّن فَصِّـلِ
وها نحن بلا شك ــ فى مصنفنا هذا [ فى رحاب ( الشعر ديوان العرب وينبوع الأدب ) ] ــ ندور فى فلك بعض هذه المقاصد من التصنيف .
وأما عن تعريف الشعر فيغلب عليه تعريف عام ، هو أنه كلام فصيح موزون مُقَفَّى ،،
وبعيدا عن الدخول فى مجالاته المتعددة المتنوعة ، أوتطوره ، أو الإحتفاظ بأصله ، أو الإستحداث لأشكال أخرى ، تنسب إليه ،،، فإن هذا أيضا خارج قصدنا من هذا المصنّف ،،
ونحن هنا نتجول بحرية فى رياض ماتعة وبساتين واسعة وثمار يانعة ، نقطف من هنا طاقة ، ونتزود من هناك باقة ...
نحن هنا فى رياض الشعر والشعراء ، نخطو من روض إلى روض ، نعبّ من فيض ، وننهل من غيض ، فنقتنى بعض ثمره وقطافه ، وقليلاً من نشره وألطافه ، نتعرف على بعضهم بإيجاز غير مخل ، أو بإسهاب غير ممل ، ونلتقط بعض الأبيات التى جرت مجرى الأمثال والحكم ، ونقرأ عن بعض طرائف الشعراء ، وسرعة البديهة والإرتجال عند بعضهم ، وعن سقطات بعضهم ،،،، الخ
وصدق من قال :
ما أرانا نقول إلا مُعارا *** أو مُعادا من لفظنا مكرورا
على أن من بعض الفوائد التى تتضمنها جولتنا ، الوقوف على تأريخ لأحداث وقعت ، ومعرفة المعاصرة بين شخصيات تاريخية ، فضلا عن تنشيط قاموسنا اللغوي ، للعارف والمستزيد . .
وإذ كان الخطيب البغدادي ( ت 463 هـ = 1072 م ) رحمة الله عليه يقول :
من صنَّف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس ،،،،
فإنى أعتذر إليك أيها الناظر في هذا الكتاب من خَلَل قد ترَاه ، أو لفظ لا ترضاه ،،
فإذا ظفرت بفائدة فادع بالثواب والمغفرة ، أو بزلة قلم فافتح لها باب التجاوز والمعذرة ، فلا بد من عيب ،
وبلسان الحال أكرر قول الشاعر العملاق أحمد فارس الشدياق ( ت 1304 هـ = 1887م ) : فإن كان فيه بعض شيئ يعيبــه *** فكل كتاب خط لم يخل من عيب
وأردد قول سديد الدين أبى الثناء ابن رقيقة ( ت 635 هــ ـــ 1237 م ) :
يا ناظــرا فيما قصــدت لجمعه *** أعـذر فـإن أخا الفضيــــلة يعـــذر
علما بأن المرء لو بلغ المـدى *** فى العمر لاقى الموت وهو مقصر
وأيضا قول القاضى العلامة الأديب الشاعر أَحمَد بن المَأمون البلغيثي ( ت 1348 هـ = 1929 م ) ، ابن نقيب الأشراف العلويين فى فاس :
يا ناظـــراً فيمــا عمدتُ لِجمعِـــهِ *** عُذراً فإنَّ أخا الفضائلِ يَعذرُ
عِلمــاً بأنَّ المـرءَ لو بَلـغَ المــدى *** في العُمرِ لاقى الموتَ وهو مُقصِّرُ
فإذا ظفِـــرتَ بِزلَّةٍ فافتَــــح لهـــا *** بابَ التَّجاوُزِ فالتجاوزُ أجدرُ
ومنَ المحالِ بأن تَرى أحداً حَوى *** كُنهَ الكمالِ وذا هو المتعذِّرُ
والنقصُ في نفسِ الطبيعةِ كامــنٌ *** فبنو الطبيعة نقصُهم لا يُنكر
ثم ،،،،،
مادعوة ٌ أنفعُ ياصاحبـي *** من دعوةِ الغائبِ للغـائبِ
ناشدتُكَ الرحمن ياقارئـًا *** أنْ تسألَ الغفــرانَ للكاتـبِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -