الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل تعيّ المرأةُ قيمتها ؟
شذى كامل خليل
كاتبة
(Shaza Kamel Khalil)
2021 / 6 / 11
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
بلى.. إنهم ينادون من أجل حريّةِ المرأة لكنها حريةٌ شكليّة، وغالباً ما يتمُ إبراز أفكارٍ جديدةٍ من شأنها تقييدَ حريتها الاقتصادية والاجتماعية والسّياسية . في قصةٍ شعبية قديمة، قالَ أحدهم: حملتُ عصا طويلةً وأنا على ظهرِ حماري، وربطت في نهاية العصا حبلاً تعلّقَت بنهايتهِ جزرة، ولأن حماري كان جائعاً فإنه ظل يحاولُ تتبعَ الجزرة كي يأكلها، حتى وصلتُ على ظهرهِ؛ إلى المكان الذي أرجوهُ، رغم ذلكَ لم أطعمه، إذ بدا أنهُ من الجيد تلقينهُ درساً في الطاعة.
للوهلةِ الأولى قد يظنُ الكثيرون أني أبالغ إن قلتُ أن نظرةَ المجتمعَ الذّكوري للمرأة تشبه نظرةَ صاحب الحمار لحمارهِ، لكنها الحقيقة في طبيعة الحال شاء من شاء وأبى من أبى.
لا يمكنُ للمجتمعِ الذّكوري مهما بلغت درجةُ ثقافتهِ أن يعطي المرأة ما لا طاقة له به. اتساءلُ هنا : لماذا لا يملكُ طاقةً في منحها ما تريدهُ أو ما يجب أن يمنحها إياه كما يفعلُ مع الرجل؟
حسناً.. إن اقتسامهُ الحقوقَ معها يعني خسارتهُ بعضاً من امتيازاته وهذا غير مقبول في الوسطِ السّائد ضمنَ جميعِ المجتمعات العربية التي تربي الرّجال وفق منطق السيد ومما يمكنُ ملاحظتهُ عن كثب عبرَ التّاريخ؛ أن تولي أحدهم منصباً ذا شأن يؤدي به بشكلٍ لا إرادي للتمسكٍ بذلك المنصب، هناك نوعٌ من الإدمان يرافقُ حاملي السّلطة، يفعلُ فيه الكائنُ الإنساني ما يلزم للإبقاءِ عليه ولو اضطر للقتل.
كيف تتم محاربةُ المرأة؟
في المحورِ الأول : تتمُ محاربتها من خلال تعييب أعضَائها التناسلية، وتعزيز إحساسِ القرفِ من تلك المواضعِ فهي صاحبة عضوٍ لا يقارن بقضيبِ الرجل، ومن هنا تنشأُ بذورُ النّرجسية المرضية القائمة على تحديدِ قيمةِ كائن إنساني من خلال الحجم.
تندرجُ في هذا المحورِ العديدُ من الممارساتِ التّربوية المغلوطة خاصة أثناء تنشئة البناتِ الصّغيرات حيث يتمُ منعهن من الجلوسِ بحرية مخافةَ إظهارِ العضو للأخرين، أو منعها من ارتداءِ التنانيرِ مخافةَ أن يظهر شيءٌ للخارج، عمليةُ صهر عقلِ المرأة الأم والمربية ضمنَ هذا القالبِ هي عمليةٌ مدروسة، فهي عوضاً عن التركيزِ على عقلِ ابنتها أثناء عمليةِ التلقين والتربية تقومُ بالتّركيز على مكامنِ الخطورة في أنوثتها وبالتالي تولدُ عندَ الفتاة؛ نظرةٌ قاصرة تجاه جسدها، لا بل ستكرههُ طيلة حياتها، وستدورُ الدائرةُ على جميع الأجيال اللاحقة من الفتيات الصغيرات.
أما في المحورِ الثاني فيتم إقصاءُ دورِ المرأة أو تهميشِ دورها من خلال الدين، وهنا أنقلُ ما وردَ في بعض التشريعات لأصحاب دين ذوي شأن كبير في الوسط الاجتماعي والسياسي والديني والحياتيّ أيضاً، تشريعاتٌ يتم فيها إخصاء الفتاة منذ الطفولة بتحويلها من كائنٍ ينمو ويكبرُ ويحلم ويحققُ ما يريد إلى كائنٍ تتغذى عليه فتاوي كثيرة يرادُ من خلالها حصرَ مهمةِ الطفلة بإدارةِ الجنسِ لصالح الرجل وبتحويلها من فتاةٍ في طور النمو إلى وسيلةِ استمتاع، وذلكَ من خلال تحديد سن زواج الفتاة في سن التاسعة والتّشجيع عليه حتى لو رفَضت، تظهرُ مثلَ هذه الفتاوي في كتبٍ كثيرة مثلَ صحيح البخاري والكافي وكتاب تهذيب الأحكام للصادق.
دعمت الفلسفةُ القديمةُ النظرةَ الدّونية للمرأة، وإن كنا قد دَرجنا على متابعةِ فلاسفة مثل أرسطو وأفلاطون باعتبارهم تنويريّين في زمنٍ سابق وبأن ثمةَ مساحةٌ معقولةٌ تمكّننا من فهمِ الحياة واتباع أساليب مدروسةٍ للتعايش ضِمن أية حالة تعترينا إلا أنهم كانوا تنويريين متوجهين بأفكارهم للرّجال حصراً؛ فالمرأة بالنسبة إليهم ليست أكثر من بقرة أو كلب كما وصَفها نيتشه، أو تشبهُ شجرة مسمومةً من يأكلُ منها من الطيور سيقع لا محالة كما قالَ سقراط، أما أفلاطون فكان يلعن نفسهُ لأنه جاء من امرأة. بيد أن جاك جان روسو كان ميالاً لتبني رأي الدين بما يخصها وأقرّ أنها للمتعة فقط.
أما الفيلسوف التنويري إيمانويل كانط فقد سخر من عقلها البسيط الذي لا يرقى ليكونَ شبيهاً بعقل رجل.
في المجتمع الإيطالي عام 1960م عدّت الشابة المراهقة فرنكا فيولا رمزاً للتقدم الثقافي برفضها الزّواج من مغتصبها متحديةً العادات والتقاليد آنذاك والتي تقتضي حُكماً بإلغاء العقوبة عن المغتصب في حالِ الزواج من الضحية ولأن فرنكا لم تقبل بالمساومةِ فقد عُدت امرأة فاحشة باعتبارها قد خسرت عذريتها دون زواج!
رغمَ ذلك فإنها دأبت على اقتطاع حقها بالكامل من خلالِ المحاكم وتقبّلت فكرة التشهير بشرفها في مقابلِ الاقتصاص من المجرم.
هل تعتبر فرنكا ناقصة عقل؟
في المجتمعِ الأمريكي عام 1955م سادت قوانين جيم كرو التي تهتمُ بالفصل العنصري بين السّود والبيض ففي الحافلاتِ على سبيل المثال؛ يجلسُ البيض في المقدمة وأما السّود فيجلسونَ في المقاعدِ الخلفية وفي حالِ امتلأت الحافلة واحتاج الرجل الأبيض مقعداً، سيكونُ على أحد الرجال السود التنحي وصادفَ جلوس المرأة روزا باركس في مقعدها المخصصِ للسود، وكانت حافلتها قد اكتظت بالبيض فطلبَ سائقُ الحافة أن تنهضَ عن مقعدها لأجل واحدٍ من ذوي البشرة البيضاء لكن روزا رفضت، لتحاكمَ فيما بعد وتدفع غرامة عشرين دولار تقريباً، ما سبب هيجاناً في الشارع الأمريكي وتوقفَ السّود عن استخدامِ الحافلات مسببين كوارثَ ماليةٍ فادحةٍ للشركات التي تتحكم بتسييرها، ما اضطرَ المسؤولين إلى تعديل قوانين كرو والتخلصِ منها ثم إعلان المساواة بين السود والبيض عام 1956م
أيضاً هل تعتبر روزا امرأة ناقصة؟
تسألُ نوال السّعداوي سؤالها المهم في كتاب المرأة والجنس: هل من الممكن أن يكون الشرفُ صفةً تشريحية يولدُ الإنسان أو لا يولدُ؟ وإن كان غشاءُ البكارة هو دليل شرفها فما هو دليلُ شرف الرجل؟
لماذا حاربَ المجتمع الذكوري نوال السعداوي؟ ألم يكن السببُ في أنها استخلصت عيوبَ هذا المجتمع ونشرتها أمام العالمِ دون أن تفكرَ في عواقب هذا الأمر. إذ أن مجتمعاً متكتماً وضحلاً وجاهلاً مثلَ المجتمعات العربية الذكورية لا يمكن لها أن تتقبلَ امرأة بمثلِ هذه القوة وستجدهم يشتمونها فحسب فالذكوريين الذين لا يجدونَ طريقة جيدة للنقد والنقاشِ سوفَ يشتمونَ ببساطة.
هل الشتيمةُ معيارٌ ثقافي حقيقي لدى شريحة مهمة من الناس في الوسط المجتمعي؟
على المرأة أن تتفهم مقدرتها الفعلية، أن تحبَ جسدها ككل وليس كأجزاء يحددها التشريعُ الاجتماعي القائم على التفضيلات، أن تتجردَ من مفهوم الصّورة التجميلية السائدة على وسائلِ التواصل الاجتماعي والتي قامَ بتغذيتها الرّجل الذكوريّ بنفسه إمعانا في تضييقِ الخناقِ عليها كمحاولة مستمرة في إيجاد ثغرات معينة في الحاجة العاطفية لديها والتي يمكن محاربتها من خلالها.
لا يمكنُ توقع الحرية من الرّجال، الطيران لا يحدث من خلالِ نفخ البالونات أو تركيب أجنحة اصطناعية، الطيرانُ يحدث في اللحظةِ التي تُلقي فيها المرأة القيود حولَ جسدها وعقلها وروحها، في اللحظةِ التي تتحول فيه ساحاتُ التواصل الاجتماعي الحديثة من مراكزِ عرض إلى مراكز توعية، ومن فكرة المثالية واستخدام الفلترات إلى فكرة تقبّل النقص وتجاوزه وتوظيفه في تحديد شغفنا وتغذيته.
المرأة عالمٌ متسعٌ، من المؤلمِ تحديدهُ أو إلغاءه، إنها على خلافِ الرجال، ليست كائناً مهووساً بالسيطرة والقتل والحروب، ولأنها ذات طبيعة عاطفية فإن عملية إدخال السعادة على المجتمع تبدأ من عندها، يمكن ملاحظة أمر مهم في التجارب الحياتية فكل منزل سعيد هو منزلٌ تكون فيه المرأة مرتاحة إلى فكرتها حول نفسها، أو قد حصلت بطريقة ما على استقلالها الرّوحي الذي لا يتعارض مع الحياة العامة التي تفترض حدوداً معينة أو يقتضي الالتزام بعادات ما.
وأقولُ من بابِ الثقة : لن تتوقف الحروبَ إن لم نتوقف عن محاربة المرأة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أية حماية اجتماعية وكرامة للنساء المغربيات؟!
.. نساء الرقة تستنكرن استهداف ثلاث ناشطات من منبج
.. الناشطة الحقوقية نجاة عرعاري
.. حقوقيات تونسيات الحرية هي الأصل والاعتقال استثناء لكن العكس
.. المحامية والحقوقية نزيهة ذويب