الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيباتيا، بين تشارلز كينجزلي وعزازيل زيدان_ج2

فريدة رمزي شاكر

2021 / 6 / 14
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في المقال الأول تم توثيق مقتل هيباتيا من المصادر البيزنطية والمصرية،وللقارئ معرفة أي المصادر أصدق.. لنرى الآن الفرق بين ماكتبه المؤرخ كنجزلي وبين عزازيل زيدان. التي نقلها حرفياً عن رواية كنجزلي، بعد تغيير أسماء أبطالها.وصبغها بالصبغة الإسلامية!
_ كينجزلي في روايته، أنصف البابا كيرلس رغم تحامله على المسيحيين ، قائلاً )إنهم يبغضونها، وينسبون إليها جرائم رهيبة، ولقد كانوا يدبرون الهجوم على منزلها في الليلة الماضية لولا خوفهم من كيرلس، ولكن يبدو أن الشعب خشى من غضب الأنبا كيرلس الذي أصدر تحذيره لهم بالأمس ، أنه إن تجاسر أحد وقام بتعكير الصفو فسيكون نصيبه الحرمان والعقاب (.

_ أشار كنجزلي إلى أن هيباتيا قتلت (( كضحية سياسية وليست ضحية دينية )) ، نتيجة العنف السياسي السائد في ذلك التوقيت ، والصراع السياسي الدائر بالأسكندرية ، خصوصاً في ظل تواجد يهود كثيرين كانوا السبب الرئيسي في هذا الصراع الدموي.
_ هدف الرواية كما قال كنجزلي هو تأريخه للفترة المضطربة التي عاشتها المسيحية المبكرة وفي بلد كمصر لوثتها عادات الرومان الوثنية وأباطيلهم، و يشرح كنجزلي الأحداث التاريخية التي بنى روايته على أساسها، والصراع بين المعتقدات والفلسفات القديمة مع بعضها ،وصراعهم من جهة أخرى مع المسيحية المعترف بها حديثاً، حيث أن أغلب الشعب كان في ظلام دامس من الوثنية ، يرزح تحت عبوديتها .
في حين نرى زيدان يصور له عزازيله، بأن الوثنية هي سراج النور المضيئ الذي أطفأته المسيحية !
_ يصور كنجزلي الصراع الفكري بينآباء الكنيسة لمواجهة الصراع الفلسفي بفكرهم وبعلمهم المستمد من الكتاب المقدس ، لا على القتل والعنف كما صورهم زيدان ! فيقول كنجزلي: ( ولكن المسيحية في مصر، في هذه الفترة التي تعرضت لها قصتنا كانت في منتصف الطريق، فلم تكن قد هوت الضربة القاصمة بعد. كانت المعركة الفلسفية على أشدها بين فلاسفة اليونان والآباء المسيحيين الأولين. ووجد آباؤنا في العزلة التي تتيحها لهم حياة الرهبنة التوحيدية مزيدا من الوقت يسمح لهم بالدرس والتحصيل، والوقوف في وجه الفلسفات السائدة، والصمود أمام قوى الفلسفة اليونانية، والرمزية الفرعونية، وعلوم الفلك الكلدانية وثنائية البارثية، وروحانية البراهمة، وهكذا تركوا لنا ذخيرة لا تقدر بمال في الدفاع عن عقائد المسيحية، وهذه الذخيرة ذخيرة فكرية فلسفية تقدم دفاعًا راقيًا وساميًا مبنيًا على الدليل والحجة والبرهان الديني والعقلي والفلسفي ).
بينما زيدان في عزازيله ألقى على لسان البابا خطاباً تحريضياً حماسياً، يحرض فيه الشعب على قتل هيباتيا )بإسم المسيح ( بصيغة خيالية مريضة ولهجة إسلامية متعصبة، فجاءت الرواية مليئة بالأكاذيب والإفتراءات والمغالطات التاريخية، بأفكار شيطانية لاصلة لها بالواقع و بلا أسانيد من التاريخ !!
في المقابل نجده يتعاطف مع الهراطقة وخصوصاً هرطقة نسطور على أنها المسيحية الحقيقية ،بل تعاطفه أكثر مع الوثنية ،ممثلاً في موت أبو هيبا الوثني من قِبل المسيحيين الأشرار ومشاركة أمه المسيحية في قتله عند المعبد الوثني. كذلك موت أوكتافيا الوثنية وهي تحاول أن تحمي هيباتيا ، علاوة على إتهامه للبطاركة ورهبان الكنيسة بلهجة شديدة تصل حد الشتم ،معتبراً الرهبنة هرطقة... ولومه للمسيحيين على طردهم لليهود من الأسكندرية! بل وتصل أفكاره غير النزيهة والخالية من الشرف وأمانة حمل الكلمة، أن يصور له عزازيله أوكتافيا الوثنية الزانية، بأنها الشهيدة العفيفة التي ألقت بنفسها على هيباتيا لتنقذها فقتلت معها ! دهساً تحت الأقدام. أوكتافيا التي صورها زيدان وكأنها جنة الجنس لراهبه المأفون هيبا والمصاب بالسعار الجنسي، والذي لم يهدأ إلا عندما مزق ثوب الرهبنة ومزق الصليب عن عنقه وألقاه أرضاً.!
بينما صور كنجزلي بطل روايته الراهب فليمون و حياة التوبة والقداسة التي بدأت بها حياته و إنتهت إليها .
_ في حين صور زيدان بطريرك الكنيسة المصرية بأنه المحرض على القتل بإسم الدين وأن الرهبان قتلة بل وحوش ضارية! بل يمارس إسقاطه الإسلامي بصورة مستفزة لم نشاهدها سوى في عمليات القتل الداعشية " بإسم الله" فيقول : (بسم الإله الحي سنهدم بيت الأوثان، ونبنى بيتنا جديدا للرب... بعون السماء سوف نطهر أرض الرب من أعوان الشيطان... بسم الإله الحي سنهدم بيت الأوثان.)
فهل هناك أكثر من هذا تلفيق وإزدراء للمسيحية وتحريض واضح من الكاتب لشحن أصحاب النفوس الضعيفة ضد المسيحيين؟!

_ صور كنجزلي مقتل هيباتيا كنتيجة لما حدث من عنف وصراعاً سياسياً وفكرياً، ولم يبرئها من المشاركة فيما وصلت إليه . بينما صورها زيدان إمرأة أربعينية في صورة ملاك سماوي بريئ و بلا عيب ، لتشويق القراء وإستدرار مشاعرهم ولإبراز عنف المسيحيين ...والحقيقة أنها كانت إمرأة عجوز في الخامسة والستين من العمر " 415_ 350م.." .فيما يقول كنجزلي في لومها لنفسها : " أنا الملومة. وعلي وحدي يقع عبء كل شيء. لقد أهنت نفسي بسيري في ركاب السياسة، والذي يسير في ركاب التملق والدهاء لا يعلم أين يمضي".
إذاً كانت نهايتها مأساوية لأنها سارت في ركاب السياسة.
_ يصور لنا كنجزلي عفة راهبه فليمون في مشهد إفتتاحي وهو يدخل معبد فرعوني مهجور في الصحراء، يتردد في دخوله خوفاً مما سيراه في الهيكل الوثني ويدخل متردداً فيرى صور الآلهة الوثنية وصور راقصات منقوشة على جدران المعبد فيخرج منسحباً خوفاً على طهارة نفسه من غواية الفكر الشهواني.
_ بينما بطل زيدان الشهواني،المصاب بالسعار الجنسي، لايجد متعته وسلوته إلا في ممارسة النجاسة ودنس فكره، وجنته الجنسية المفقودة التي وجدها في ممارساته مع أوكتافيا ومارتا، وكان كل تركيزه كيف يمارس نفس نجاساته مع هيباتيا! لتصير نهايته التي يراها" إشراقة جديدة،" في التخلص من الرهبنة والمسيحية واللهث وراء رغباته الجنسية!!.
_ قصة مقتل هيباتيا تم تحويرها كثيرا عبر التاريخ_ كلٌ حسب أغراضه_ وإستخدمها كثيرين من اعداء المسيحية واعداء كنيسة المصرية أمثال زيدان و جيبون وجون تولاند، كسلاح و كحجة لتحقيق مصالحهم وأهدافهم غير الإنسانية في النيل من المسيحية والكنيسة المصرية ورجالاتها الأطهار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا