الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقتلاع غابات الظلام

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2021 / 6 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن الدعوة لإعدام كل حاملي الفكر الظلامي ومؤيديه وداعميه ومموليه والفاسدين ومستغلي النفوذ و السلطات وناهبي ثروات الأمة والمجتمع ومصادرة ثرواتهم في إطار سن قانون يسمى بقانون النور إنما هي دعوة محمودة وأصيلة لبناء متمع مستديم العزة والقوة والمنعة لا يلف ويدور حول نفسه ولا يبارح مساره نتيجة انشغاله الدائم بمحاربة شياطين وطيور الظلام التي تستمر بالتوافد والتوالد فيظل كمن يحارب طواحين الهواء فما فتئت الرياح تهب بدون انقطاع ومابرحت الطواحين تدور بلا انفصال .

إنه عندما يوجد مصدر معروف لتلوث مياه يشرب منها الناس فلا ننتظر أن يصابوا بالتسمم والسرطانات ونكتفي ساعتها بمعالجة النتائج التي ستستمر تباعآ حتى تعجز المنظومة الصحية عن القدرة على علاج هذا الكم الهائل من المرضى ساعتها وتسقط المنظومة والمجتمع مع ان الحل بسيط وهو غلق مصدر التلوث بكل بساطة .

قد يجادل البعض بأنه لابد من اتباع مقاربات أبسط وأكثر سلمية من قبيل التوعية والتثقيف الحر والمتنور وتوفير حياة اقتصادية واجتماعية سليمة وأكثر عدالة ، وهذا كلام سليم ولا غبار عليه ونشجعه ونؤيده ولابد من تنفيذه واتباعه في اطار نهج يستند الى يسار الوسط تارة والى يمين الوسط تارة أخرى عبر انتخابات حرة نزيهة .

ولكن في خضم معركة مع عدو ظلامي يستغل الدين ويتاجر به ليسحق عقول البسطاء تحت وطأة الخوف من الآخرة والخلود في النار ، والنتيجة مقاومة تصل الى حد الشراسة والقتل من قبل البسطاء والمغيبين ضد كل محاولات التنوير والإصلاح .

والغريب أنه يشاركهم في ذلك بقصد أو بدون قصد المغيبين من الحالمين ورومانسيي السياسة والعمل العام وللأسف يرفعون الشعارات المحمودة والأصيلة لحقوق الإنسان ولكنهم للأسف يستغلونها في غير مواضعها ، بل يصبحوا هم أنفسهم معاول هدم للمجتمع ، إن للبشر حقوقآ وللحيوانات حقوق وللنبات أيضآ حقوق ولكن منذ متى كان للشياطين والمستغلين والغشاشين أعداء كل ما سبق حقوق .!!!.

هم من سمحوا سواء بسلبية أو بدون وعي أو بدون فهم فاعل ومعمل نافع وفعل دافع لمبادئ حقوق الإنسان بانتشار الفكر الأسود وترعرعه وتوغله في عقول الغالبية مشكلآ هذه التربة الخصبة والحاضنة الأمينة والنهر الراوي والمِعين الذي لا ينضب لكافة أشكال الإرهاب والقتل والخراب والتدمير والتحرش والنظرة الدونية للمرأة (التي يتقولون محاربتهم لهكذا نظرة ) وحرمانها من العمل والتعلم والمساواة في الميراث وغير ذلك من الحقوق ودفنٍ للحريات.

بل انه من باب التقية سيصدر هذا الفكر الظلامي نماذج تركب موجة الاصلاح والتنوير لكنهم لن يقدموا سوى تطوير على مستوى الشكل ولغة الخطاب وتغيير ملابسهم الى شكل أكثر حداثة فيما يظل الجوهر والغثاء الظلامي على حاله ، وبالتالي فإنه لا يمكن بتاتآ تصور أي تقدم في ظل هذه الأجواء ، الوضع ببساطة مشابه لحكم الفقه و القانون على المحرضين على القتل .

فلإدراك هذا الخطر وصل الأمر بفقهاء المالكية إلى القول بأن من يحرِّض شخصاً على قتل المسلم (وطبعآ نحن كعلمانيين نوسعها لتشمل كل بني البشر على اختلاف دياناتهم) معصوم الدم والمال وكان حاضراً وقت القتل أن حكمه القتل قصاصاً سواء استخدم المحرِّض أسلوب الإجبار أم لا ، واتفقت بعض القوانين مع رؤية الفقه المالكي في وجوب قتل المحرض على القتل دون اشتراط لحضور المحرِّض وعلى هذا فإن القضاء لا يبالغ في عقوبة المحرِّض حين يحكم عليه بالقتل تعزيراً حين تكون الأدلة والقرائن ثابتة ويكون في قتله سلامة وطهارة للمجتمع من رجسه.

وتنص المادة 230 من قانون العقوبات على أن من قتل نفسًا عمدا مع سبق الإصرار يعاقب بالإعدام، كما تجرم المادة 40 فعل التحريض وتعتبر المحرض فاعلا أصليا في الجريمة ويستحق عقوبة الجاني .

وأنه بحسب ما قضت به محكمة النقض “لا يلزم لتوافر التحريض على الجريمة قانوناً أن يكون للمحرض سلطة على المحرض تجعله يخضع لأوامره بل يكفي أن يصدر من المحرض من الأفعال أو الأقوال ما يهيج شعور الفاعل فيدفعه للإجرام. “

وهو ما يستوجب العقاب بنص المادة 171 ، والتي تقضي بأن “كل من حرض واحداً أو أكثر بارتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علناً أو بفعل أو إيماء صدر منه علناً أو…. أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكاً في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا التحريض وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل أما إذا ترتب على التحريض مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على الشروع”.

تعلمنا تجربة حرب الثلاثين عامآ في أوروبا (وإن كانت تحولت بعد اندلاعها بعدة سنوات الى حرب مطامع سياسية )والتي انتهت بصلح ويستفاليا عام 1648م وقد فقدت ألمانيا وحدها فيه قرابة ثلث سكانها ، كيف أن تجار الدين لن يتسامحوا مع من يحاول القضاء عليهم حتى ولو أحرقوا الأرض بمن عليها .

آه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج