الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخنوع و الفتونه وجهان لعملة واحدة

محمد حسين يونس

2021 / 6 / 16
المجتمع المدني


عم محمد البقال .. جرى للحاق بالباشا محمد المدير قبل أن يركب عربته .. ثم وقف أمامه مترجيا .. من فضل حضرتك .. تخف ضغطك .. و غضبك و لومك علي الأستاذ محمد الموظف تحت رئاستك .
عندما تساءل الباشا محمد .. عن سبب طلب عم محمد هذا رغم أن ليس لدية علاقة قربي مباشرة بالأستاذ محمد ..
رد علية (( حضرتك بتطلع عين الأستاذ محمد .. يسكت .. و يرجع يطلع قرفه في مراته ..التي تسكت و تطلع غلبها في الشغالة .. التي تسكت .. و تيجي تسود عيشتي ..و تنفس عن كبتها في الجزار و الفرارجي .. و بتاع الخضار ..و أنا .. ومش سايبة حد في حاله )).
قصة شهيرة .. لا أتذكر من الذى كتبها .. و لكنه بالتأكيد كان يعيش في جمهورية من جمهوريات الموز التي تحكمها إنكشارية عسكرية بغيضة بقوانين الطواريء و الخوف ..و تحول حياة الناس إلي خليط .. من الإذلال و الإستكانه المعجونة بالفتونة والعنف في الصراع علي .. الفتات .
ففي بلاد الموز ستجد أن الفتونه و فردة الصدر.. و إلقاء الرعب و بث الخوف .. يمتزج في كل المستويات بالتواضع .. و البراءة .. و الإبتسامة اللذجة المنحنية .. و التمني أن ترضي السلطات العليا عن صاحبها .
عندما تكون فردا من 60 الف شخص .. تم تهجيرهم قسرا.. من جزيرة الوراق بعد الإستيلاء علي أرض كان يعيش عليها جدودهم .. و لديهم عقود تمليك (إصلاح زراعي ) منذ ستينيات القرن الماضي ..
ثم تأتي القوات المسلحة بالقنابل المسيلة للدموع .. عندما ترفض المغادرة أو بيع أرضك .. لتخوض ضدك معركة ( 16 يوليو 2017 ) التي يقودها ضابط منتفش الريش كالطاووس .. فهل ستحمل مشاعر طيبة لهم و لمن أمرهم .
عندما يقولون لك لقد إنتقلت ملكية أرضك لهيئة المجتمعات العمرانية و الهيئة الهندسية .. بقوة القانون و أنها ستباع لمستثمر خليجي .. أو ستشارك بها الدولة لعمل مشروع سياحي إستثمارى .. ستكون فيه موظفا كومبارس أو تستبعد كلية
فماذا سيكون موقفك .. كلما شاهدت صورة السيد الفريق الذى أصبح وزيرا وإعتدى علي حقوقك ظلما ..
و كيف سيكون رد فعل إبنك .. عندما يرى كرامتك تهان بواسطة قوات بلدك .. و ماذا سيكون سلوك الجيران و هم يحضرون المأساة التي يقع فيها الظلم عليك .. و سكونك .. و سكوتك .. و إنصياعك خوفا .. في المقابل
هل سيكونون .. بشر أسوياء .. يسعدون برؤية الراية الخفاقة.. في سماء بلدهم .. ويهتفون تحيا مصر ثلاث مرات أم سيحملون.. بين الدهشة و الإشمئزاز.. شعور بالمهانة لا يمحي مثل ذلك الذى لا زال مهجرى النوبة في الستينيات يعانون منه .. رغم أن تهجير النوبة كان بسبب إقامة السد العالي بينما تهجير سكان جزيرة الوراق أو مثلث ماسبيرو .. بسبب البزنيس .
عندما تكون شخص من سكان الزمالك تعيش في شقة لاسرتك منذ زمن جدك .. الباشا .. ثم تستيقظ علي زلزال .. يهز منزلك فتتبين أن الحكومة .. تمد نفقا بجوار أساسات منزلك .. دون مراعاة لسلامة المنشئات .. حوله ..
ثم عندما تشتكي يخرج عليك وزير فتوة .. يقولك إذا مسكتش .. حنهد العمارة و نستولي عليها من أجل المنفعة العامة ..
فماذا سيكون شعورك .. خصوصا عندما يتكرر موقف الفتونه من سيادته .. فيهد المنازل ليمد شوارع ملهاش لازمة .. و يقيم كبارى لتمر ملاصقة لبلكونه أو شباك السكان .
ثم يفرض عليك بوقاحة منقطعة النظير ضرائب بسبب إرتفاع مزعوم لقيمة مسكنك نتج عن مد هذا الكوبرى اللعين ..و أن عليهم مشاركتك في الأرباح ..
أو يترك عمارتك لتحترق عن أخرها ثم يفجرها بالديناميت .. ماذا سيكون سلوكك .. و أنت مبتلع لسانك .. و ساكت .. غير .. تحول عدم الرضا لديك .. و الحزن المكبوت إلي عنف مستتر علي عم محمد البقال .
أكثر الأشخاص قسوة و عنفا .. في التعامل مع الأخرين هم الخدم العموميين .. هكذا يسمونهم في بلاد الواق الواق .. لانهم يقع عليهم الظلم كمواطنين في مجتمع فاسد .. و لديهم مجال للتنفيث عنه .. في المساكين الذين سيقعون بين براثنهم ..
و كلما كان الكرسي العام عال .. كلما زادت ضراوة صاحبه .. و الدفاع عن إمتيازاته .. بالإضرار بالأخرين .. كما يفعل سيادة الفريق المهندس الوزير ..الأكثر عنفا .. من البنت سعدية اللي نزولها لشراء حاجات البيت يتحول لنكد علي باعة السوق .
الجميع بنفس عن الظلم الواقع علية بسبب ديكتاتورية صاحب الأمر و النهي .. من أكبر وظيفة حتي نصل إلي الغفير الواقف أمام مراحيض و مبولة عمومية .. فهو يتصور أن دوره في الحياة أن يتحكم و يبتز و يسيطر علي مسار بول المنتفعين .. فيغالي .. في التضييق عليهم حتي يخرجوا بالمعلوم .
الشخص الذى يستمتع .. بهدم منازل ألاخرين أو تخريبها و تحويلها لأطلال( لا زالت قائمة تحكي القصة علي جانبي الطرق الجديدة المفتوحة عنوة في طول مصر و عرضها) .. من السادة اللواءات رؤساء الأحياء عندما يرى سقف يسقط أو عامود يدك يشعر برضا نفسي لانه يحول القهر الواقع علية .. إلي فعل عدواني ميرى ..متصورا أنه قد نجي بفعلته بقوة القانون
و لكن عندما ينتظره أمام باب منزله .. المتضررين و يفقعونه علقة موت .. عندها يقتنع .. أن الظلم .. و الإفترا .. سكة رايحة جاية .. و ليست .. طريق وحيد .

المصريون الذين تنهكهم الضرائب القسرية .. و الرسوم المبالغ فيها .. و القوانين التي تقنن السرقة .. و المشاريع التي لا يستفيدون منها .. و الديون المتلتلة التي تأكل فوائدها حصيلة الضرائب و الجمارك .. أصبحوا في حالة توتر شديد ضد كل ما هو حكومي أو سلطوى ..
و يكرهون كل الرموز التي تذكرهم بالظلم .. خصوصا تلك المباني شديدة الرفاهية التي تقيمها الدولة .. لصالح الحكام .. أو المهرجانات المكلفة التي لا يدعي لها الشعب ..و يصورها التلفزيون من أجل تحسين صورة الديكتاتور في الخارج . أو مواكب رجال السلطة الذاهبة و الغادية ..
و هم يحولون تلك الطاقة المتضررة إلي كره ومقت لكل ما هو ميرى .. ويقومون بالعدوان علي محصل الكهرباء و الغاز حتي و لو بالسب .. أو شرطي المرور البسيط .. أو المذيع المتحذلق الذى يكسب الملايين من دعارة الكلمة .. أو الجريدة اليومية الممتلئة بالأكاذيب و الإنجازات المدعاة
إنهم يبولون تحت الكبارى .. و يرمون قمامتهم علي جوانب الطرق الجديدة .. و يدمرون كراسي الأتوبيس او المترو أو القطار .. و يغشون في الإمتحانات ..و يسرقون بعضهم بعضا .. و يرتكبون جرائم لا تنتج إلا عن تحويل للكبت إلي سلوك عدواني
من يتابع طريقة قيادة التكاتك .. و الميكروباصات .. و الأتوبيسات .. يتصور أننا شعلب مجنون لا يلتزم بأى قواعد مرور أو أساليب قيادة مهما زاد الطغاة من قيمة المخالفات و الغرامات ..
و من يشاهد الأفراح الشعبية ( و غير الشعبية ) يتصور أن الناس فقدت عقلها .. من الضجة .. و المخدرات العلنية .. و البيرة أو الكحول .. و الراقصات العاريات بشكل مخجل .. ثم الأغاني شديدة الهبوط و الإسفاف .
ليست الأغاني فقط ... التي سقطت في بلاعة الجنس و العنف .. بل افلام السينما أيضا .. و المسرحيات و القصص و الروايات التي يتم فيها إسقاط ما يعانية المؤلف و المخرج و الممثل من ظلم و تهميش .. و عدوان من رجال الأمن و الرقابة .. علي العمل الذى يقومون به و ما ينتجون من فن ..
فتظهر علي الشاشة و في الأغنية ..العيشة المنيلة و الشغل اللي زى الزفت .. وعنف و دعارة و إنحلال غير مبرر..
و في الواقع يحول الإحتياج و الشعور بالدونية الشابات و الشباب إلي السلوك الداعر غير المتحفظ سواء في الطبقات المحتاجة ..أو الأخرى المترفة .
في يوم ما قادم .. عندما نصبح مجتمعا ديموقراطيا شفافا تحترم فيه حقوق الإنسان و لا تنتهك أدميتة سينظر الأحفاد الي هذه الحقبة السوداء التي تبدأ من يوليو 1952 .. علي أساس أنها تمثل زمن نكوص ..و أنها حولت مجتمعا عصريا .. دام من بداية القرن العشرين حتي منتصفة .. إلي مجتمع قبلي .. يلتف أفراد كل قبيلة حول بعضها بعضا طلبا للحماية .. و المنافع ..
قبيلة ضباط الجيش و هذة لها كل المنافع و الإمتيازات و تعظيم سلام .. و قبيلة أجهزة الأمن .. و أخرى للقضاة .. و رابعة للعاملين بالمقاولين العرب ..و خامسة لأبناء المنوفية .. و أخرى للأسكندرانية .. ولهؤلاء الملتفين حول شيخ الأزهر أوبابا الكنيسة .. و لا يستطيع الفرد في مصر التواجد أمنا .. إلا في ظل القبيلة .. و عنايتها له ..و ولاءه لها .
أما باقي الشعب بما في ذلك الأطباء و المهندسين و المحاسبين .. و العمال و الفلاحين .. فهى القوى المستنزفة .. التي يمكن العدوان عليها .. و تسخيرها لتحقيق أهداف الأسياد .
قد يعجب المراقب .. من أن أسر بعينها .. تتداول المناصب .. و هي تحرص دائما أن يكون من بينها وزير و ضابط و قاضي و شرطي .. لتضمن ألا يصاب أفرادها .. بما يحدث لابناء الرعاع و السوقة .من تنمر الأخرين و أن هذا منتشر بسبب الفتونة السائدة في الشارع المصرى .. و عدم الأمان إلا لاصحاب الحيثيات .
سيقول البعض أنني ابالغ .. عظيم .. أنظر لمواكب المسئولين المحاطة بقوات الأمن و الإحتياطات .. و قارنها .. بزمن النحاس باشا .. أو حتي عبد الناصر .. لتعرف أن المسئول هو المتأكد من خطورة سيره في الشارع دون حراس .
بعض الناس قالوا .. ((لن يستطيع أحد أن يمتطي ظهرك إلا إذا إتحنيت)) .. و لكن في جمهوريات الموز حيث لا قانون و لا عرف و لا قواعد سلوك و لا أخلاق تتنمر الفتونة الإنكشارية بالجميع و تجعل الكثيرون منهم ينحنون
أخيرا
عنما تشاهد رئيس جمهورية الموز و هو .. يحادث الرئيس الأمريكي المسيطر علي أقداره .. ستجد شخصا أخر يختلف عن ذلك الجالس علي كرسي العرش يعطي تعليماته وأوامرة و توجيهاته للوزراء .. و رئيسهم .. و لاعضاء البرلمان.. أو لقادة جحافل الإنكشارية .. و هم ساكنون منحني الرؤؤس إنها عملة ذات وجهين أحدهما الخضوع .. و الأخر الفتونه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ولو مش مصدقني
هانى شاكر ( 2021 / 6 / 17 - 00:54 )

ولو مش مصدقني
________

(( الفتونه و فردة الصدر.. و إلقاء الرعب و بث الخوف .. يمتزج في كل المستويات بالتواضع .. و البراءة .. و الإبتسامة اللذجة المنحنية .. و التمني أن ترضي السلطات العليا عن صاحبها . ))

ولو مش مصدقني .... بُص ع الشيخ محم حسين يعقوب وهو قاعد علي المنبر فارش ريشه يكفر ده و يحرق ده ، او في عرسه ( نمرة 27 ) علي فتاة قاصر ... و بعدين لما لَفِت الدنيا ياعيني وهو قاعد متواضع خالص في المحكمة

دى مصيبة سودة يا جدعان

...

اخر الافلام

.. اللاجئون السوريون -يواجهون- أردوغان! | #التاسعة


.. الاعتداءات على اللاجئين السوريين في قيصري بتركيا .. لماذا ال




.. الاعتداءات على اللاجئين السوريين في قيصري بتركيا .. لماذا ال


.. الحكم بالإعدام على الناشطة الإيرانية شريفة محمدي بتهمة الخيا




.. طفل يخترق الحكومة التركية ويسرب وثائق وجوازات سفر ملايين الس