الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنظمة تعليم أم أنظمة تحجيم عقلي.

اسكندر أمبروز

2021 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"بدلاً من تطوير قدرات الطفل الخاصة على التمييز ، وتعليمه الحكم والتفكير بنفسه ، يستخدم المعلم كل طاقاته لملء رأسه بأفكار الآخرين الجاهزة"
آرثر شوبنهاور.

نعلم جميعاً اليوم في الأوساط العلمانية والتنويرية مدى قصر الأنظمة التعليمية في الدول المسماة بالدول الاسلامية , حيث تحتل جامعاتها أرخص وأدنى المراتب عالمياً , إضافة الى كون أنظمة تعليمها الابتدائي والثانوي محطات في رحلة التحجيم والبرمجة والتقييد العقلي للأطفال حتى سن البلوغ لا أكثر.

وهذا طبعاً إضافة الى كون تلك المدارس والمناهج , أدوات لغسيل مخ شامل كامل لملايين الأطفال في هذه الدول , بدئاً من تغذية عقولهم بالبروباغاندا الفارغة الداعمة للدكتاتور العربي , الى شحنهم بشكل لا يصدق بكمّ هائل من الخرافات الدينية والبهيمية الاسلامية.

فلو عدنا الآن لمقولة الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور , سنلاحظ تطابقاً يصل لحد التنبؤ مع حال التعليم والعلم في دول بول البعير , ولتأكيد نقاطه عن التعليم اليكم بعض المقاطع من مقالات له عن هذا الموضوع...

"يقال إن العقل البشري قد تم تشكيله بحيث تنشأ الأفكار العامة عن طريق التجريد من ملاحظات معينة."

"فكما يحدث في حالة الرجل الذي يجب أن يعتمد فقط على خبرته الخاصة فيما يتعلمه - ليس لديه معلم ولا كتاب - مثل هذا الرجل يعرف جيداً أن ملاحظاته الخاصة تنتمي تمثلها أفكاره الشخصية. حيث تتطور لديه معرفة كاملة بفضل خبرته , وبالتالي , فهو يتعامل مع كل ما يأتي في طريقه من وجهة نظر صحيحة. و يسمى هذا الأسلوب الطبيعي للتعليم."

"وعلى النقيض من ذلك , فإن الطريقة المصطنعة والتي هي سماع ما يقوله الآخرون , والتعلم والقراءة الفارغة منذ الطفولة , وبالتالي جعل رأسك مليئًا بالأفكار العامة قبل أن يكون لديك أي نوع من التعارف الموسع مع العالم كما هو , وكما قد تراه بنفسك.

سيتم إخبارك أن الملاحظات الخاصة التي تذهب إلى تقديم هذه الأفكار العامة ستأتي إليك لاحقًا في سياق التجربة , لكن حتى يحين ذلك الوقت , فإنك تطبق أفكارك العامة بشكل خاطئ , وتحكم على الرجال والأشياء من وجهة نظر خاطئة , وتراهم من منظور خاطئ , وتعاملهم بطريقة خاطئة. لذا فإن التعليم بهذه الصورة يفسد العقل والتفكير ".

وهذا يفسر لنا في كثير من الأحيان , بعد مسار طويل من التعلم والقراءة , ندخل إلى العالم في شبابنا , جزئياً بجهل لا يستهان به بالأشياء , وجزئياً بمفاهيم خاطئة عنها , حتى يتذوق سلوكنا في لحظة ما القلق العصبي , وفي لحظة أخرى من الثقة الزائفة والخاطئة.

والسبب في ذلك ببساطة هو أن رأسنا مليء بالأفكار العامة التي نحاول الآن أن نلجأ إليها لبعض الاستخدامات , ولكننا نادراً ما نطبقها بشكل صحيح.

هذه الأمور هي نتيجة التصرف والتعليم في معارضة مباشرة للتطور الطبيعي للعقل من خلال الحصول على الأفكار العامة أولاً , والملاحظات الخاصة أخيرًا , مثلها كمثل وضع العربة أمام الحصان.

بدلاً من تطوير ملكات التمييز الخاصة بالطفل , وتعليمه الحكم والتفكير النقدي والتفكير بنفسه , يستخدم المعلم كل طاقاته لملء رأس الطفل بالأفكار الجاهزة لأشخاص آخرين.

فوجهات النظر الخاطئة هذه في الحياة , التي تنبثق من التطبيق الخاطئ للأفكار العامة في التعليم الفاشل ، يجب تصحيحها بعد ذلك لدى الأشخاص من خلال سنوات طويلة من الخبرة , ونادراً ما يتم تصحيحها بالكامل. وهذا هو السبب في أن عدداً قليلاً جداً من الرجال المتعلمين يمتلكون الفطرة السليمة والتفكير النقدي والنظرة العقلانية ، كما هو الحال غالباً في الأشخاص الذين لم يتلقوا أي تعليم على الإطلاق "

فمن خلال هذا الكلام والومضات الفكرية لشوبنهاور يمكننا رصد أو تحليل سبب الفشل الجماعي الذي يخيّم على دول وشعوب منطقتنا !!

فهذا الرجل كان يتحدّث في كلامه عن أنظمة التعليم في أوربا !! في زمن اكتمال التنوير الأوربي ومراحله الأخيرة , فما بالكم بدولنا وأنظمة التجهيل التي تفتك بها , إضافة الى المصيبة والطاعون المسمى بالدين والذي يتعارض تماماً مع رؤية شوبنهاور السليمة والمنطقية.

حيث تعمل الأديان كما نعلم على مبدأ التلقين منذ الطفولة , وإغلاق وكتم أي شيء له علاقة بالتفكير المستقل والحرية الفكرية لدى الأطفال والبالغين على حد سواء , ناهيكم عن الإرهاب الفكري والبدني المقترن بذلك الأسلوب الحقير في تحجيم العقول والبشر , فلا عجب أن نرى جامعاتنا في أسفل السافلين عالمياً , ولا عجب أن نرى "المتعلمين" في الدول هذه متخبطين مسلّمين لعقولهم وتفكيرهم لأفكار الآخرين الخاطئة التي شُحنو بها منذ الطفولة , ولخرافات دينية تأكل عقلهم وفكرهم كالطاعون والسرطان.

وهذا وكالعادة يعود أصله لثقافة الدين والنقل قبل العقل التي تشبّع بها الكبير والصغير , في دول بأمسّ الحاجة للتفكير خارج الصندوق وبطريقة سليمة ونقدية تتبع العلم التجريبي والنظر الى الواقع والتعلّم من خلال التجربة , الطرق التي بنت أعظم حضارات شهدها التاريخ البشري منذ بداياته , وشعوباً صارت تتحدّث عن العيش على المرّيخ , وتسخير طاقة الشمس بشكل كامل...الخ.

في مقابل شعوب وأُمم لا تزال رافضة حتى للمساواة بين المرأة والرجل , معتبرة قيادة المرأة للسيارة وسفرها لوحدها إنجازاً...

الفساد الديني أعمق مما كنّا نتخيّل , فنخره وخرقه وتخديره للعقول شكّل ثقافة تعيد إنتاج هذا التخدير بشكل مستمر , ويتسائلون لماذا هم في قاع الأمم والشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر