الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحداثالوجيا و ما بعد الحداثالوجيا

حسن عجمي

2021 / 6 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الحداثالوجيا مركَّبة من "الحداثة" و "لوجيا" بمعنى عِلم وبذلك الحداثالوجيا عِلم الحداثة الذي يدرس الحداثة علمياً من خلال تحليلها على أنها معادلة رياضية قابلة للاختبار. أما ما بعد الحداثالوجيا فهو عِلم ما بعد الحداثة الذي يدرس ما بعد الحداثة علمياً بفضل تعريفها على أنها معادلة رياضية بينما السوبر حداثالوجيا فهو عِلم السوبر حداثة الذي يدرس السوبر حداثة علمياً من خلال تحليلها على أنها معادلة رياضية أيضاً تنافس كلاً من الحداثالوجيا و ما بعد الحداثالوجيا.

تعتبر الحداثالوجيا أنَّ الحداثة معادلة رياضية فلسفية و علمية في آن مفادها التالي: الحداثة = مُحدَّدية الكون × إمكانية المعرفة بينما تصرّ ما بعد الحداثالوجيا على أنَّ ما بعد الحداثة معادلة رياضية فلسفية و علمية أخرى مفادها أنَّ ما بعد الحداثة = لامُحدَّدية الكون × عدم إمكانية المعرفة. أما السوبر حداثالوجيا فتؤكِّد على أنَّ السوبر حداثة معادلة فلسفية علمية ثالثة مغايرة مفادها أنَّ السوبر حداثة = لامُحدَّدية الكون × إمكانية المعرفة. هذه المعادلات قابلة للاختبار ما يجعلها علمية. فمثلاً ، إذا وُجِد خطاب حداثوي يصوّر الكون على أنه غير مُحدَّد فينفي بذلك إمكانية الحصول على المعرفة (أي معرفة الكون) فحينئذٍ معادلة الحداثالوجيا كاذبة وبذلك من الممكن اختبارها ما يجعلها علمية. المنهج ذاته يصدق على ما بعد الحداثالوجيا و السوبر حداثالوجيا فإن وُجِد مثلاً خطاب ما بعد حداثوي يصوّر الكون على أنه مُحدَّد وبذلك معرفة الكون ممكنة فحينئذٍ معادلة ما بعد الحداثالوجيا كاذبة ما يدلّ على أنها قابلة للاختبار فعلمية.

تمتلك هذه المعادلات قدرات تفسيرية و تعبيرية ناجحة ما يؤدي إلى مقبوليتها. فمثلاً ، بما أنَّ الحداثة = مُحدَّدية الكون × إمكانية الحصول على المعرفة ، إذن مُحدَّدية الكون = الحداثة ÷ إمكانية الحصول على المعرفة ، و إمكانية الحصول على المعرفة = الحداثة ÷ مُحدَّدية الكون. و بذلك إذا إزدادت إمكانية المعرفة تناقصت مُحدَّدية الكون و إن إزدادت مُحدَّدية الكون تناقصت إمكانية المعرفة. من هنا ، العلاقة بين مُحدَّدية الكون و إمكانية المعرفة علاقة عكسية بحيث تتناقص إحداهما بإزدياد الأخرى. وبذلك تفسِّر معادلة الحداثالوجيا لماذا توجد هذه العلاقة العكسية لأنها تتضمنها ما يجعلها تكتسب هذه القدرة التفسيرية الناجحة. و هذه العلاقة العكسية علاقة صادقة مطابقة للواقع ما يشير إلى نجاح معادلة الحداثالوجيا التي تتضمن هذه العلاقة العكسية الصادقة. فإن كانت الحداثالوجيا تتضمن نتائج كاذبة لكانت الحداثالوجيا كاذبة. و لكنها تتضمن نتائج صادقة كالعلاقة العكسية السابقة و لذلك معادلة الحداثالوجيا معادلة ناجحة.

أما البرهان على صدق هذه العلاقة العكسية فهو التالي : إذا كان الكون مُحدَّداً رغم أنه من الممكن للعقل أن يصفه و يفسِّره من خلال نظريات ونماذج علمية و رياضية متنوّعة و مختلفة فحينئذٍ تتضاءل إمكانية معرفة الكون لأنه حينها لن ندرك أية نظرية علمية و رياضية هي الصادقة المطابقة للكون دون سواها بسبب وجود نظريات علمية و رياضية عديدة و مختلفة من المتاح لنا قبولها جمعاء بفضل نجاحاتها في وصف الكون و تفسيره. من هنا ، بإزدياد مُحدَّدية الكون تتناقص إمكانية معرفته. من المنطلق نفسه ، إذا إزدادت إمكانية معرفة الكون تتناقص مُحدَّدية الكون لأنَّ تزايد إمكانية معرفة الكون يستلزم تناقص مُحدَّدية الكون و إلا سجننا الكون بمحدَّديته فحتَّم صدق نظرية علمية و رياضية واحدة دون سواها ما يجعلنا غير قادرين على إدراك أية نظرية علمية و رياضية هي الصادقة من دون النظريات الأخرى و ذلك من جراء وجود نظريات علمية و رياضية متنوّعة و مختلفة ناجحة جمعاء في وصف الكون و تفسيره. كل هذا يرينا أنَّ العلاقة العكسية بين مُحدَّدية الكون و إمكانية المعرفة علاقة صادقة ما يبرهن على نجاح معادلة الحداثالوجيا المتضمنة لتلك العلاقة العكسية.

بكلامٍ آخر ، إن كان الكون مُحدَّداً فلن نتمكّن من معرفته لأنَّ الكون المُحدَّد يحتِّم صدق نموذج علمي و رياضي واحد مُحدَّد و لكننا نملك نماذج علمية و رياضية مختلفة و متعارضة تمتلك جمعاء أدلة قوية على صدقها ما يؤدي إلى عدم تمكّننا من الحكم على أي نموذج هو الصادق دون النماذج العلمية و الرياضية الأخرى فينفي بذلك إمكانية معرفة النموذج الصادق المُحدَّد الذي تحتِّم صدقه مُحدَّدية الكون. من هنا، لا بدّ من أن يكون الكون غير مُحدَّد لكي ننجح في معرفته تماماً كما تؤكِّد السوبر حداثالوجيا التي توحِّد بين لامُحدَّدية الكون و إمكانية معرفته على نقيض من الحداثالوجيا و ما بعد الحداثالوجيا. هكذا تتفوّق السوبر حداثالوجيا على الحداثالوجيا و ما بعد الحداثالوجيا.

إذا كان الكون مُحدَّداً فحينئذٍ من المتوقع أن توجد نظرية علمية و رياضية واحدة فقط ناجحة في تفسير الكون و وصفه. لكن توجد نظريات علمية مختلفة و متعارضة و مكتوبة بمعادلات رياضية مختلفة ناجحة في وصف الكون و تفسيره كنظرية النسبية لأينشتاين القائلة بأنَّ قوانين الطبيعة حتمية و نظرية ميكانيكا الكمّ القائلة بأنَّ قوانين الطبيعة احتمالية. من هنا ، الكون غير مُحدَّد و من جراء لامُحدَّديته ننجح في وصفه و تفسيره من خلال نظريات علمية رياضية متنوّعة و مختلفة ما يمكّننا من الحصول على المعارف بفضل تلك النظريات العلمية و الرياضية. هكذا لامُحدَّدية الكون تمكّننا من معرفته وبذلك رغم لامُحدَّدية الكون من الممكن معرفته تماماً كما تقول السوبر حداثالوجيا. وبذلك السوبر حداثالوجيا صادقة ما يبرهن على تفوّقها على الحداثالوجيا القائلة بأنَّ الكون مُحدَّد و لذا من الممكن معرفته و الما بعد حداثالوجيا القائلة بأنَّ الكون غير مُحدَّد و لذا من غير الممكن معرفته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام