الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرملة بين اضراس التخاريف ومخالب العادات الأجتماعية.

اشواق سلمان حسين
(Ashwaq Salman)

2021 / 6 / 26
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


اعلمي يا فلانة ان زوجك المتوفى سيتحرك في قبره وقت الغروب كل يوم ليشهد عُدتك عليه فإما ان يلعنك وإما ان يبارك فيك وان الملائكة تلعنك او تباركك معه , فأن كنت تودين ملاقاة زوجك في الآخرة مرفوعة الرأس وهو راضٍ عنك فألتزمي عدتك , وإلا فأعلمي ان حبلاً من نار سيمتد حول رقبتك ليوم الدين .
اعلمي انك في شهور عدتك عليك ان:
_لاتبارحي بيتك ولا تخرجي منه الا لضرورة قصوى على ان ترتدي الخمار عند خروجك وان يكون معك مرافق يتحدث عنك دون ان تنطقي بحرف خارج البيت.
_عدم الرد او الأتصال على اي شخص غريب على الهاتف لأن صوتك عورة فلا تظهريه.
_لا تستعملي الأبريق في الحمام لأنه مذكر بل استعملي الخرطوم ,( المضحك ان الخرطوم مذكر في اللغة العربية الفصحى ولكنه في اللهجة العراقية "صوندة " فيصبح حلال لانه صار مؤنث).
_مشاهدة التلفاز ليست حرام ولكنها مكروهة نظراً لأنك ستشاهدين الرجال حتى وان لم يشاهدوك وعليه تحسبأ لعدم الوقوع في الفتنة والحرام عليك سماع التلفاز دون النظر اليه.
_الصعود لسطح الدار لنشر الملابس مكروه جدا حتى وان كنتِ ترتدين الحجاب لذا يفضل نشرها داخل البيت او ان يقوم احدهم بنشرها عنك.
كانت التعليمات اعلاه هي جزء مقتضب ومختصر جدا من حديث احدى العالمات البارزات في شؤون اللطم وضرب الخدود ومجالس العزاء النسوية ، الملاية الفاضلة (ام فلان) حفظها الله ورعاها وابقاها ذخراً وعزاً لجميع النسوة اللاطمات ، ولمن لا يعرف معنى (الملاية ) في اللهجة العراقية ، فهي امرأة تقوم بأحياء مراسم العزاء النسوية بقراءة نوائح تستثير بها حزن اهل الفقيد وبكاءهم .
وكان هذا الحديث القيم بعد الانتهاء من مراسم وطقوس اللطم وشق الجيوب وضرب الخدود من النسوة اللواتي كان من بينهن من لا يعرفن الميت ولا رأينه ولا حتى مرة واحدة في حياتهن لكنها فرصة لأبراز مواهبهن العالية في هذا المجال ولأن من المعيب ان لا تجامل اهل الفقيد بهكذا طقوس والا سيلحقهن العار ولن ينجَون من السِنة النسوة الحاضرات.
تخيلوا حجم الكارثة التي تعيشها مجتمعاتنا ونحن في القرن الحادي والعشرين ولازالت التخاريف تسيرنا بل وتسيطر على امور حياتنا حتى اخذت تلك الثلة الجاهلة المخرفة تتحكم بسلوكياتنا وتصدر القوانين لما يجب ولا يجب علينا فعله في ظروف معينة.
امرأة في الستين او السبعين او حتى الثمانين من عمرها واكثرعليها ان تلتزم بكل النقاط اعلاه لان زوجها توفى عنها , وكأن سنوات شبابها وعمرها التي بذلتها معه لم تكن كافية ولا هي محسوبة لها بنظر زوجها حتى تلتزم بعدتها من النوع المذكور كي يلاقيها وهو راضٍ عنها دون ان يلعنها .

لكن اليست العدة هي لبيان براءة رحم المرأة من الحمل ؟ فأي حمل هذا تنتظره امرأة عجوز ؟
اضيفوا الى هذا أن الكثير من شيوخ الدين في الأسلام يفتون بأن عدة الوفاة فريضة شرعية على كلِ زوجة مات عنها زوجها، عجوزاً كانت أم غير عجوز، مدخولاً بها أو غير مدخول بها ، فليتهم يوضحون لنا ما هي الحكمة لكل ذلك ولماذا تلتزم بالعدة حتى غير المدخول بها ؟
الامر كما هو واضح جدا هو ليس لبيان براءة الرحم من الحمل ، والا فإن العلم والتقنيات العلمية الحديثة قادرة على اكتشاف الجنين وهو بحجم الذرة الصغيرة ، ولو كان اللأمر كذلك ايضاً فلماذا تفرض العدة حتى على المرأة الحامل ؟
انما الامر مجرد طقوس يفرضونها على المرأة فقط لتعظيم مكانة الرجل عند زوجته حتى بعد وفاته وكأن كل ما يحظى به الرجل من قوانين ذكورية وهو على قيد الحياة والتي تفرض على المرأة طاعته والامتثال لأوامره غير كافية ، لا بل عليه ان يستنفد طاعتها حتى عند انتقاله الى الرفيق الأعلى.
يبدو ان الطقوس والعادات تضع المرأة ضحيتها الأولى دائما في اغلب بقاع الأرض منذ عهدٍ بعيد ومع مختلف الحضارات القديمة ، فعلى سبيل المثال نجد الطقس المسمى ( ساتي ) وهو طقس ديني كانت تمارسه فئة من الهندوسيين حتى تم منعه سنة 1829 لكن ومع منعه تم تسجيل حوادث وقعت حتى في الثمانينات من القرن الحالي ، ويتمثل هذا الطقس بأن تقوم المتوفى عنها زوجها بحرق نفسها مع جثة زوجها ان لم يكن طوعاً فكُرهاً ، وإلا فلن تثبت وفاءها وولاءها لزوجها.
اما في (غانا ) فلا تعاني المرأة هناك من الفقر وحده بل ان عليها تقديم الولاء والوفاء لزوجها المتوفى عنها بطقوس بشعة لا تختلف عن سابقتها في الهند مع اختلاف انها لا تحرق مع زوجها بل عليها تناول حساء يحتوي على اجزاء من جثة الميت كالأظافر وغيرها ، وان تمنع من تناول اطعمة اخرى وعليها بالحساء فقط طيلة حياتها.
هذا وهناك الكثير الكثير من الطقوس المخرفة على شاكلة المثالين السابقين تقع ضحيتها المرأة وذنبها الوحيد هو ان زوجها قد مات عنها.
إن احترام المرأة لزوجها لن تفرضه طقوس او قوانين ، فهي ان احبته احترمته والتزمت بحزنها الشديد عليه دون الحاجة لتلك التخاريف التي تفرض احترام مكانته عندها فرضاً.
وهنا اتساءل لماذا لا يفرض على الرجل طقوس ترفع من مكانة زوجته المتوفاة بأن يلبس السواد لسنوات او ان لا ينظر او يتحدث لأي امرأة على الأقل لمدة العدة نفسها وهي (اربعة شهور وعشرة ايام) المفروضة على المرأة في الأسلام مثلا؟
بالطبع لن تفرض تلك القوانين او الطقوس على الرجل لسبب بسيط جدا وهو:
(لأنه رجل) فله الحياة وله الآخرة ...
له زوجته في الدنيا وله الحور العين في اللآخرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادات لأسرى محررين تعكس سوء الأوضاع في السجون والمعتقلات ال


.. الإعلامية دانيا جمال




.. الناشطة المدنية ورئيسة مجلس إدارة منظمة هيروديت للتنمية المس


.. رئيسة منظمة مراس للتنمية بسمة الورفلي




.. لوحة الرحلة الأخيرة