الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبضُ على المُتهمِ الخامس، مُتلبساً

شذى كامل خليل
كاتبة

(Shaza Kamel Khalil)

2021 / 6 / 29
كتابات ساخرة


( نصّ مسرحيّ )


ـ يدخلُ المساعدُ إلى مبنى الشّرطة ومعهُ أربعةُ متهمين.

قائدُ الشّرطةِ : هاتِ المتهمَ الأولَ.
المساعدُ: حاضر سيدي.
( يدخلُ المساعدُ إلى غرفةِ قائدِ الشرطةِ ومعهُ المتهمَ الأولَ وهو رجلُ في الأربعينيات من عمرهِ)
قائدُ الشّرطة : ما تهمةُ هذا الرّجل؟
المساعد: قبضنا عليهِ متلبساً في حلمهِ.
قائدُ الشّرطة: وبماذا كان يحلمُ هذا المواطن؟
المساعد: حلمَ بالكهرباء المتواصلة على مدارِ أربع وعشرين ساعة.
قائدُ الشرطة ( بغضبٍ شديدٍ ) : حلمَ هذا الأحمق بالكهرباءِ كلّ هذا الوقت؟
المساعدُ: نعم يا سيدي.
قائدُ الشرطة: وكم استهلكَ من كهرباءِ الوطن؟
المساعدُ : لقد كانَ يشاهدُ التلفاز ومنزلهُ مضاءٌ بالكامل، كما وأن ثلاجتهُ بدت تعملُ بشكلٍ جيدٍ.
قائدُ الشّرطة : هل اطلعَ أحدٌ سواكَ على هذه المصيبة؟
المساعدُ: مطلقاً يا سيدي.
قائدُ الشّرطة : إذاً خذ هذا الحيوان بأقصى سرعةٍ إلى السجن المؤبد وليبق معزولاً عن بقية السّجناء.
المساعدُ: ماذا سنقولُ لعامةِ الشعب؟
قائدُ الشرطة: سنقولُ لهم أنه متهمٌ بتضييعِ المال العام ويشكلُ خطراً على المجتمع، وسنغرّمه بمبلغٍ يوازي ما استهلكهُ من كهرباء خلال الحلم.
المساعدُ: لا بد أن يدفع الغرامة، نعم سيدي.
ـ2
( يدخلُ المساعدُ من جديدٍ إلى غرفةِ قائد الشرطة ومعهُ المتهم الثاني وهو عجوزٌ في الستينيات من عمرهِ)
قائدُ الشرطة: ماذا فعلَ هذا الشيخُ الوقورُ؟
المساعدُ : لقد حلمَ أيضاً.
قائدُ الشرطة: وبماذا حلمَ؟
المساعدُ: حلمَ أنه يتربعُ على كمية هائلة من مادة السكر.
قائدُ الشرطة: ما الكمية التي نتحدثُ عنها تقريباً؟
المساعدُ : حوالي طن من السكر يا سيدي.
قائدُ الشرطة ( بغضبٍ شديدٍ ): كميةٌ هائلة، المواطنُ في الخارجِ لا يجد كيلو غراماً واحداً وهذا يستولي على طنٍ بالكاملِ؟
المساعدُ : نعم يا سيدي.
قائدُ الشرطة: هل اطلعَ أحدٌ سواك على هذه الخيانة الوطنية؟
المساعدُ : مطلقاً يا سيدي.
قائدُ الشرطة: هذا جيد. خذ هذا الخائنَ العجوزَ إلى مستشفى الأمراضِ العقلية.
المساعدُ : وماذا نقولُ للأطباءِ حولَ حالتهِ؟
قائدُ الشرطة: فلنقل أنه يُشكلُ خطراً على نفسهِ، فكمية السّكر الهائلة التي حلم فيها، قد تسبب الكوارث لصحتهِ.
المساعدُ : هذا صحيحٌ يا سيدي، وهل سنغرّمهُ أيضاً؟
قائدُ الشرطة : لا بدَ أن يدفع ثمن السكرِ الذي رآهُ واستولى عليه لنفسهِ.
المساعدُ: نعم يا سيدي.
ـ3
( يدخلُ المساعدُ مرةً ثالثةُ إلى غرفة قائد الشرطة ومعهُ المتهم الثالث وهي امرأةٌ في الثلاثينيات)
قائدُ الشرطة : وما ذنبُ هذهِ المرأةُ الجميلة؟
المساعدُ : لقد حلمت هي الأخرى.
قائدُ الشرطة : بماذا حلمت؟
المساعدُ : حلمت أن زوجها يقوم عنها بالأعمال المنزلية وأنها في نزهة مع صديقاتها خارج المنزل.
قائدُ الشرطة ( وهو يتحسسُ أردافَ المرأةِ التي تصدّهُ بقوة ) : هل ضبطت مُتلبسة؟
المساعدُ : نعم يا سيدي وكانت في قمةِ سعادتها.
قائدُ الشرطة : أتقولُ أن هذهِ الحقيرة تركت زوجها في المطبخِ لتخرجَ من المنزل؟
المساعدُ : هذا ما رأيناهُ بأمّ العين يا سيدي.
قائدُ الشّرطة : وهل اطلع أحدٌ سواكَ على هذه الجرأةِ القذرة؟
المساعدُ: لم يطلع أحدٌ سواي.
قائدُ الشرطة: ممتاز.. ممتاز جداً . إذاً خذها فوراً إلى مؤسسة تلتهم النساء العاملات.
المساعدُ : لدينا العديد من تلك المؤسسات، أي واحدةٍ تقصدُ يا سيدي.
قائدُ الشرطة : أية مؤسسة تفي بالغرض، فمؤسساتنا جميعها متشابهة. ولتدفع غرامةً لزوجها جراء اقترافها جريمةً بحقه.
المساعدُ : نعم يا سيدي.
ـ 4
( يدخلُ المساعد للمرة الرابعة إلى غرفة قائد الشرطة ومعهُ المتهم الرابع وهو طفلٌ في الحادية عشرة من عمره)
قائدُ الشرطة: هذا طفلٌ وديعٌ حقاً، ما تهمته؟
المساعد: لقد حلم بكلّ وقاحة.
قائدُ الشرطة : ما كان حلمهُ؟
المساعدُ : حَلم أنه تفوقَ على أبناء وزراء البلد في الامتحان.
قائد الشرطة : هذا الوقح!
المساعدُ : وضبطناهُ متلبساً مع الشهادةِ التي تثبتُ ذلكَ.
قائد الشرطة : هل اطلع أحدٌ سواكَ على هذا الحلم أيها المساعدُ؟
المساعدُ : مطلقاً يا سيدي.
قائدُ الشرطة : ممتاز.. ممتاز جداً. خذه إلى أسوأ دار رعاية متخصصة بسلبِ الطفل حقوقه.
المساعد: ونغرمهُ؟
قائد الشرطة : لا .. يكفي أن يقدم اعتذاراً صادقاً لكل ابن من أبناء وزراء هذا البلد.
المساعدُ : حسناً يا سيدي.
ـ 5
( بعدَ أن يقومَ المساعدُ بكل ما طُلبَ منهُ يعودُ إلى مبنى الشرطة حيثُ يستدعيه قائدُ الشرطة إلى غرفتهِ ويغلقُ الباب وراءهُ )
قائدُ الشّرطة : هل نفذتَ ما طُلبَ منك أيها المساعدُ؟
المساعد: نفذت جميعَ ما طلبتهُ يا سيدي.
قائدُ الشرطة : وهل تشعرُ بالذنبِ مما اقترفناهُ هذا اليوم؟
( يترددُ المساعدُ قليلاً فيقاطعُ قائدُ الشرطة تفكيرهُ قائلاً له : )
قائدُ الشرطة : لا ضيرَ من الشعور بالذنب بين وقتٍ وآخر. المساعد: نعم سيدي. لا ضيرَ في ذلكَ .
قائدُ الشرطة : إذاً لقد شعرتَ بالقليلِ من تأنيبِ الضّمير؟
المساعدُ : شعرتُ بتأنيب الضميرِ ولكني أسكتهُ في الحال.
قائدُ الشرطة : وهل يمكنكَ إسكاتهُ على الدوام أيها المساعدُ ؟
المساعد : أفعلُ ما بوسعي سيدي القائد.
قائد الشرطة : لدي طريقةٌ جيدة لإسكاتهِ مدى الحياة، هل تعدني بتنفيذها؟
المساعد : كما تريدُ سيدي.
قائدُ الشرطة : سأخرجُ بعدَ قليل وستبقى في الغرفةِ كي ترتاح.
المساعدُ : في غرفةِ مكتبكَ الخاص سيدي؟!
قائدُ الشرطة : نعم فأنا أثق بك كثيراً، في الواقع سأتركُ مسدسي على طاولةِ المكتب، وأتركك مع ضميركَ كي تتحدثان.
المساعدُ : أتحدث مع ضميري؟
قائدُ الشرطة : ألم أقل لدي طريقةٌ جيدةٌ لإسكاته؟
المساعدُ : بلى.. قلتَ ذلكَ.
قائدُ الشرطة : لن أعاقبكَ إن وجدتَ ضميركَ مذنباً وقتلتهُ.
المساعدُ: وكيفَ أقتلهُ؟
قائدُ الشرطة : أطلق عليه رصاصةً.
المساعدُ : وهل يمكنُ قتلُ الضمير برصاصة؟
قائدُ الشرطة: طبعاً يمكنكَ ذلك ولن أحملّك مسؤوليةَ القتلِ مطلقاً.
المساعدُ: هل قتلُ الضمير يعني أن أقتل نفسي؟
قائدُ الشرطة : أعتقدُ ذلكَ .
المساعدُ : حسناً سيدي. هل سيتم تغريمي على شيءٍ ما؟
قائد الشرطة : لن تُغرّم شخصياً على أي شيءٍ لأنكَ ستكون ميتاً بطبيعة الحال، لكن قد نغرّم الوطنَ على عدم معالجةِ وضعكَ.
المساعدُ : حسناً سيدي. لا بد أن يُغرّم الوطن.. لا بد أن نقتلُ أحداً كي لا ندفع ثمن أخطائهِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة مهرجان البحر الأحمر..السينما المصرية تخطف الأضواء.. تك


.. الفنان جمال سليمان للعربية: قد أترشح لمنصب رئيس الجمهورية ال




.. رسالة مهرجان البحر الأحمر مع علي الكشوطي .السينما المصرية تخ


.. بنديكت كومبرباتش من مهرجان البحر الأحمر: كنت ولدا وحيداً وعا




.. -التاريخ يسجل بأن إرادة الشعوب لا تقهر-.. الفنان ياسر العظمة