الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مفهوم المجتمع المدني وتطوره (ج3)

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2021 / 7 / 4
المجتمع المدني


ماركس والليبرالية وجرامشي ومفهوم المجتمع المدني
»لقد تجاوز ماركس نقدياً النظرية الأقوى يومها التي ردت المجتمع المدني الى »ميل الإنسان الطبيعي الى المقايضة والمبادلة والتجارة على حد قول »آدم سميث«، وبذلك أصبح مفهوم علاقات الإنتاج (الرأسمالية) تأكيدا للمنشأ التاريخي »للمجتمع المدني«، الى جانب الدور الحاسم لقوى الإنتاج في تحديد طبيعته وخصائصه المميزة، يتجلى ذلك في قيام ماركس، بإعادة زرع رأس المال ذاته في بنية علاقات الإنتاج الاجتماعية-التاريخية، بحيث لا تتميز به إلا تشكيلة اقتصادية تاريخية معينة ومحددة لا أكثر -المجتمع البرجوازي أو التشكيلة الرأسمالية- وبذلك تتكشف -عند ماركس- حقيقة رأس المال كمركز لبنية من علاقات الإنتاج الرأسمالية، التي يرى بحق، أنها تشكل في الوقت ذاته علاقات إنتاج استغلالية أيضا، كما يبين -من ناحية ثانية- أن »الذات الاقتصادية« البرجوازية قد بنيت تاريخياً وصُنعت مرحلياً، ولم تكن دوماً موجودة أو مهيمنة(*)(24).
في ضوء ما تقدم، فإن الديمقراطية الليبرالية البرجوازية (أو ديمقراطية المجتمع المدني الرأسمالي) تتسم بالطابع الشكلي والأحادي، الذي يقتصر ويتوقف عند الجانب السياسي وتعدديته المحكومة بسقف النظام الرأسمالي وقوانينه، وهي بالتالي تفتقر في مضمونها -وبصورة شبه كلية- لأية مقومات أو أسس فعالة لتطوير البعد الاقتصادي والاجتماعي بما يحقق العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص، وهو أمر ندرك أنه غير ممكن التحقيق في ظل نظام الدولة الرأسمالية عموما، وأنظمة الرأسمالية التابعة والمشوهة، كما في بلادنا وبلدان العالم الثالث خصوصا، فالتفاوت الكبير في الدخل والثروة، بين القلة الحاكمة من جهة والجماهير الشعبية من جهة ثانية، يحول دون انتقال الديمقراطية من شكلها السياسي الى أي شكل اقتصادي أو اجتماعي متقدم، ذلك أنه في ظل ضعف أو غياب القوى والأحزاب الثورية-الديمقراطية، الناجم عن ضعف علاقتها العضوية المنظمة بالجماهير الفقيرة، الأداة الرئيسة وصاحبة المصلحة الأولى في إنجاز عملية التغيير، فإن استمرار هيمنة وسيطرة الحلف الطبقي الحاكم يشكل القاعدة الأساس أو السقف النهائي الذي تتوقف عنده الديمقراطية السياسية في النظام اللبرالي عموما وفي بلداننا العربية، بصورة خاصة.
فالشرط الأول للديمقراطية الليبرالية، وجود الطبقة أو التحالف الطبقي المهيمن الذي يفرض ديكتاتوريته -المكشوفة أو المستترة حسب الظرف- من ناحية، وجماهير أو طبقات شعبية مسحوقة لا تملك (هي وأحزابها وفصائلها) سوى حق الكلام والتنديد أو إصدار البيان السياسي الذي لا يتضمن -في كثير من الحالات- بصورة مباشرة تشهيرا سياسيا واضحا بممارسات رموز ذلك التحالف التي فاقت في بشاعتها كل وصف، وهو أمر لا يدعو للغرابة لأن الدولة البرجوازية (أو الدول التابعة، ذات الأنظمة الليبرالية، المحكومة بعلاقات رأسمالية طفيلية ومشوهة) تسود فيها -استناداً لماركس- »ديمقراطية البرجوازية وديكتاتوريتها ضد الطبقة العاملة، فهي ديمقراطية من حيث علاقتها بالفرد المجرد الذي يمكن أن يتمتع بحقوق سياسية، ولكنها -من ناحية أخرى- ديكتاتورية في علاقتها بالإنسان المنتمي الى الطبقة المحرومة من الملكية، فالديمقراطية في هذه الحال تقتصر على ممثلي الاحتكارات في السلطة، في مقابل أن الديكتاتورية يتم فرضها على الطبقة العاملة (والجماهير الفقيرة) لحرمانها من أي مشاركة في السلطة الفعلية، على الرغم من كل الشعارات البراقة، حول الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تتاجر بها عمليا لتضليل الجماهير وبعض الواهمين من المثقفين ذوي الأصول أو النزعة البرجوازية، الذين يبنون مواقفهم وفق رغباتهم ومصالحهم الخاصة، فنرى كيف يروجون لفكرة تبادل السلطة سلمياً«(25)، علما بأن البرجوازية -حتى في ظل العملية الانتخابية والبرلمان- لا يمكن أن تسلِّم السلطة بإرادتها للجماهير إلا في حالة إدراكها لعجزها عن المواجهة أولاً، ولقوة ضغط الجماهير وطليعتها الاشتراكية الديمقراطية الثورية المنظمة ثانياً.
لقد عبَّر ماركس عن جوهر الدولة الليبرالية البرجوازية بوضوح، في كتابه »العائلة المقدسة(1845)، حينما قال: إذا كانت الركيزة الأساسية للدولة القديمة هي العبودية، فإن ركيزة الدولة الحديثة هي المجتمع المدني«(26) وهي ركيزة تقوم أساساً على المنافسة والملكية الخاصة وحرية الفرد، وفي هذا السياق فإن »عبارة »حقوق الإنسان« ليست سوى حقوق عضو المجتمع البرجوازي ذاته، فالإنسان لا يُنظر إليه في ظل هذه الحقوق الثابتة ككائن بشري اجتماعي، بل على العكس تماما، يُنظَر إليه باعتباره فرداً منعزلاً، منشغلاً بمصلحته الخاصة، وبهذا تبدو الحياة السياسية وكأنها مجرد وسيلة غايتها المجتمع المدني«(27).
إن ما يميز ماركس، أنه استخدم مصطلح المجتمع المدني بطريقتين -كما يقول د.نايف سلوم-: الأولى وردت في »المسألة اليهودية« على الشكل التالي: إن الدولة السياسية هي حسب جوهرها، حياة الإنسان النوعية-العامة بمعارضة حياته المادية (الخاصة). كل افتراضات هذه الحياة الأنانية تواصل بقاءها في المجتمع المدني خارج دائرة الدولة، ولكن كخصائص للمجتمع البرجوازي. وحيثما وصلت الدولة السياسية الى تفتحها الحقيقي، يعِشْ الإنسان، ليس فقط في الفكر، والوعي، بل في الواقع، وفي الحياة، وجوداً مزدوجاً، سماوياً وأرضياً، الوجود في الجماعة السياسية أو الاشتراك السياسي، حيث يعتبر نفسه كائناً عاماً، والوجود في المجتمع المدني، حيث يشتغل كإنسان خاص (في إطار علاقات وقوى الإنتاج الرأسمالية)، يرى في البشر الآخرين محض وسائل، يخفض ذاته الى مرتبة وسيلة محضة، ويصير لعبة بيد قوى غريبة. الدولة السياسية هي إزاء المجتمع المدني روحانية بقدر ما السماء روحانية إزاء الأرض«(28).
»أما في »الأيديولوجيا الألمانية« فإن ماركس يماثل بين المجتمع المدني وعلاقات الإنتاج التي تشمل العلاقات الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية، فالمجتمع المدني -حسب ماركس- هو جماع العلاقات التجارية والصناعية لمرحلة تاريخية محددة، لكن لم يتم وعيه كصياغة نظرية، إلا في القرن الثامن عشر، عندما تخلصت الدولة من الامتياز الديني والعائلي«(29)، فالشرط الماركسي لنشوء الرأسمالية -كما يقول د.عزمي بشارة- هو استباقها بقيام المجتمع المدني، بمفهوم مجتمع المدنية التجاري الذي يمتد بالتدريج ليحوِّل ملكية الأرض والزراعة الى ملكيات تجارية أيضاً(30).
وفي كتابه »رأس المال« يستغني ماركس عن مصطلح المجتمع المدني كبنية تحتية ويتبقى على مفهوم علاقات الإنتاج الاقتصادية الاجتماعية، كمسرح تاريخي، على اعتبار أن التاريخ أساسا، هو الانتقال من شكل سائد للملكية الخاصة الى شكل آخر جديد، الى أن نصل الى التشكيلة الرأسمالية، والصناعية، وصعود البرجوازية الحديثة، حيث بات الصراع بين الملكية الخاصة، وبين الملكية الجماعية (مع بداية الإرهاصات الثورية منتصف القرن التاسع عشر، ثورات 1848 الديمقراطية) أمراً راهناً، على أساس التحضير النظري لمجابهة السلطة البرجوازية، وتحطيم سلطتها ومعها مجتمعها المغترب -مجتمعها المدني، هكذا ينظر ماركس الى المجتمع المدني كوجود قائم غير واع لذاته، ولهذا السبب، يرى أن الطبقة البرجوازية السائدة، تنظم سيطرتها في دولة، أي تقيم دكتاتوريتها عبر الإكراه (أجهزة القمع، القضاء، الشرطة، وأجهزة الأمن.. الخ) من جهة، وعبر الهيمنة بواسطة أجهزتها الأيديولوجية والتربوية والاقتصادية والنقابية من جهة أخرى، واستنادا لهذا التحليل، فإن ماركس نظر الى الحقل الأيديولوجي على أنه واسطة تزييف لحقيقة البنية الاقتصادية ولواقع ملكية ثروة المجتمع، حيث تحاول الطبقة السائدة إقناع الطبقات الهامشية أو الفرعية، بمعقولية الوضع القائم، من هنا تبدأ حركة النقد عند ماركس بنقد الأيديولوجية السائدة، نقد البنية الاجتماعية الاقتصادية على شكل نقد الاقتصاد السياسي، ونقد الدولة والسياسة كدكتاتورية برجوازية من كونها سيطرة وهيمنة«(31).
ولكن رغم كل ما تقدم، فإن ماركس لم يغفل أبدا أهمية الانعتاق السياسي الذي حققته الثورة البرجوازية في عصر النهضة، بل إنه نظر الى عملية الانعتاق السياسي، باعتبارها نقطةَ انعطاف مذهلة في التطور التاريخي، وتقدماً عظيماً في إطار النظام الاجتماعي القائم، وبوصول البرجوازية الى هذه النقطة -بعد تحطيم النظام الإقطاعي وإلغائه- بدأت بتطوير نمط إنتاجها الرأسمالي، ورفعت شعارها الخاص، شعار »المساواة« في الحقوق الخاصة للملكية الفردية في إطار المنافسة بين قوى البرجوازية في السوق الرأسمالي.
»إن هذه »المساواة« تمخض عنها اليوم، المزيد والمزيد من الفرز الطبقي، وتحويل العالم الى مجتمع الخمس الثري وأربعة الأخماسِ من الفقراء، لقد تجلت أسمى أخلاقيات المجتمع المدني المعاصر في »بورصة الأوراق المالية« وفي »الاندماجات العملاقة للشركات المتعددة الجنسية« وفي »منظمة التجارة الدولية«، وبالتالي فإن التحرر الإنساني المنشود لا يمكن الوصول إليه إلا باستتباع الثورة السياسية بثورة أخرى اجتماعية تأتي لتغلب نمط الملكية الخاص وتُحوِّل علاقات الإنتاج الى علاقات تقوم على أساس الملكية الجماعية أو العامة، وإن شرط القيام بالثورة الاجتماعية كما يرى ماركس، يتطلب منا إعادة دمج هذين المتحدين من جديد المتحد المدني/المتحد السياسي، ليصبحا المتحد الاشتراكي/المتحد السياسي.
ويتابع ماركس محذراً؛ إنه إذا لم تقم الثورة الاجتماعية فسينتهي الأمر بمأساة سياسية، إنه يضع بين أيدينا طريقين، قد تنتهجهما البشرية، فإما ثورة اجتماعية تلي الثورة السياسية، وإما الاكتفاء بمرحلة الانعتاق السياسي وترسيخ المجتمع المدني البرجوازي«(32) لصالح قوى الرأسمالية نحو مزيد من الهيمنة والتوسع والتحكم بمقدرات البشرية وتعميق المأساة السياسية لجميع الشعوب الفقيرة والمضطهدة في هذا الكوكب، وفي مواجهة هذه الهيمنة، يحدد ماركس بوضوح، كيفية تحقيق هذا الهدف بقوله: »فقط عندما يدرك الإنسان وينظم قواه الخاصة كقوة اجتماعية فسوف تنفصل القوة الاجتماعية في شكل قوة سياسية، وهنا فقط يكتمل الانعتاق الإنساني«(33)، ولهذا السبب »وقف ماركس بجانب كومونة باريس لأنها تعيد السلطة السياسية للمجتمع. فقد أظهرت الكومونة من خلال تحطيم سلطة الدولة البرجوازية، كيف استطاعت الطبقة العاملة تطوير أشكال وجودها السياسي، الأمر الذي يعادل شكلا جديدا للوجود الاجتماعي يضطلع فيه أعضاء المجتمع أنفسهم بوظائف الدولة المعتادة«(34).
وبتحقق المجتمع الاشتراكي، تنتفي العلاقات الرأسمالية وينتفي معها مجتمع الصراع الطبقي أو المجتمع المدني البرجوازي، وقد عبر لينين (1870-1922) في »فكرته الرئيسة حول الديمقراطية، التي تمثلت في ربطه العضوي بين الاقتصاد والسياسة ونشر الديمقراطية العامة في المجتمع والدولة والحزب، وإجراء المتغيرات السياسية الواسعة التي تضمن إقامة الديمقراطية الاشتراكية، ففي مؤلفه »الدولة والثورة« يرى لينين أن ديكتاتورية البروليتاريا يجب أن تكون دولة ديمقراطية بطريقة جديدة، (لأجل العمال والجماهير الشعبية الفقيرة وغير المالكين بصورة عامة)، وديكتاتورية بطريقة جديدة ضد البرجوازية وديمقراطيتها السياسية النخبوية الشكلية، ذلك لأن الحديث عن المساواة التامة الشاملة، وعن الديمقراطية »الخالصة« في المجتمع الرأسمالي، (أو في المجتمع المدني البرجوازي)، تحت مظلة الليبرالية، ليس سوى تمويه برجوازي لهذا الواقع الذي لا يمكن نكرانه، وهو أن المساواة بين المُسَتَغَلِّين والمُستَغِلِّين أو بين من يملك ومن لا يملك مستحيلة(35)، ليس في المستوى الاجتماعي -الاقتصادي فحسب، بل في المستوى السياسي بالدرجة الأولى، ذلك أن الأيديولوجيا الليبرالية تعتمد على وظيفتها العملية الاجتماعية أكثر من اعتمادها على وظيفتها النظرية، إنها إطار ضروري للحياة الاجتماعية من زاوية أصحاب الثروات، مالكي الثروة ووسائل الإنتاج، »لقد قدمت الليبرالية صورة عامة للمجتمع بوصفه كلا يتألف من ذوات فردية حرة، صورة لإطار شامل، يضم قطعا وأجزاء ودوائر مختلفة ومترابطة في آن واحد، وهذا الإطار الأيديولوجي هو الناظم الرئيس للنظام الرأسمالي، الذي أُحِلَّ لأول مرة، على أرض الواقع الفعلي، العقد القانوني بين أفراده، محل المكانة الاجتماعية الموروثة (تحت عنوان المجتمع المدني والديمقراطية السياسية)، وفي هذا النظام، أصبح جمع الثروة لذاتها هو المحرك الأساسي للنشاط الإنساني باسم الحرية الفردية وحرية السوق والمنافسة«(36).
ونتيجة لكل ذلك نجحت القوى الليبرالية -بوسائل متعددة- في خديعة الوعي الجماهيري الذي انطلت عليه حالة التطابق الشائعة -والتي يروج لها بعض المثقفين في بلادنا- بين الليبرالية والديمقراطية، مع أن ذلك التطابق المزعوم يرفضه التتبع التاريخي لنشأةِ مفهوم الليبرالية وتطورِها، ففي سياق تطورها التاريخي »ظلت الليبرالية ترتكز على أسس معادية للديمقراطية طوال نشأتها، ولم تكن هناك رابطة جوهرية تجمعها، ولن نجد ليبراليا واحدا دافع أيام النشأة المفترضة عن حق أغلبية الشعب في التصويت أو الترشيح للمجالس التنفيذية المنتخبة، ويرجع ذلك الى أن الأيديولوجيا الليبرالية، وضعت التزامها الأصيل، رهنا بحق الفرد في ملكية حرة لا تعيقها العوائق، فالليبرالية في جوهرها ظاهرة رأسمالية تنتمي الى حرية الملكية والبيع والشراء ومنطقها الحتمي يؤدي إلى التفاوت الصارخ في الملكية والدخل لا إلى المساواة، فلو تحققت درجة من المساواة لما كان للمنافسة وتراكم رأس المال أي حافز يستحثهما. ذلك أن »الليبرالية« منذ البداية كانت تحارب في جبهتين: لقد مثلت مصالح البرجوازية التجارية والصناعية في صراعها ضد الحكم المطلق ومؤسساته التقليدية، كما حاولت الحد من أي مطالب ديمقراطية واسعة النطاق بعيدة المدى من جانب راديكالية البورجوازية الصغيرة والجماهير الشعبية«(37). »لكن الناس -كما يقول لينين بحق- كانوا دائماً وسيبقون دائماً ضحايا للتضليل والتضليل الذاتي في السياسة، الى أن يتعلموا أن يجدوا وراء كل جملة أو تصريح أو وعد إن كان أخلاقياً أو دينياً أو سياسياً، مصالح هذه أو تلك من الطبقات«(38).
على أي حال، فإن انعدامَ المساواةِ، ظاهرةٌ موضوعيةٌ، وسمةٌ أساسيةٌ من سماتِ المجتمع المدني الليبرالي البرجوازي، فهو -في جوهره- مجتمع الصراع الطبقي والصراع السياسي في آن معا، ولكن دور الصراع السياسي يكمن في توجيه المصالحِ الاقتصادية وتطويرها وتكريسها من ناحية، وإحكام السيطرة على الأجهزة عموما، وعلى توجيهِ بنيةِ السلطةِ الأيديولوجيةِ خاصةً، لضمان إدامة سيطرة الطبقة السائدة بغض النظر عن الديمقراطية السياسية الشكلية السائدة فيه.
وبقيام الثورة الاشتراكية في روسيا عام 1917 وتأسيس الاتحاد السوفيتي ومنظومة البلدان الاشتراكية، تكرس مفهوم المجتمع المدني وتطبيقاته في إطار بلدان المعسكر الرأسمالي كمقولة أساسية من البنية الفوقية للمجتمعات الرأسمالية، تمحورت في الدفاع عن الليبرالية وحرية السوق وحرية المنافسة والديمقراطية السياسية الشكلية في تلك المجتمعات من ناحية، واستخدمت فيه كوسيلة أيديولوجية في الهجوم على الماركسية-اللينينية ومنظومة البلدان الاشتراكية عبر شعارات »الحرية« و»الديمقراطية« و»حقوق الإنسان« انطلاقاً من المصالح الرأسمالية وفي خدمتها، سواء في مرحلة الحرب الباردة وما سبقها، أم في مرحلة العولمة الرأسمالية الراهنة.
وهذا ما تنبه إليه الفيلسوف والمناضل الأممي أنطونيو غرامشي (1891-1937) الذي »استعار مصطلح المجتمع المدني والمجتمع السياسي من منظومة الفكر البرجوازي، وتحديدا من كتابات هيجل، وقام بتحويل هذين المفهومين الهيجليين تماما مثلما فعل كل من ماركس وانجلز مع مفاهيم هيجيلية أخرى، وكانت نتيجة هذا التحويل، أن أصبح تعبير المجتمع المدني مقطوع الصلة بدلالاته السابقة، فبعد ما كان يشير الى دائرة التنافس الاقتصادي بين الأفراد، أصبح جزءاً من البنية الفوقية يشير به »غرامشي« الى المؤسسات الطبقية والاجتماعية التي تختص بالوظائف الأيديولوجية.
لقد تأسس مشروع جرامشي النقدي على محاربة تأويلات معينة للماركسية تنكر أي دور فعال للبنية الفوقية، وتتعامل مع الوعي الاجتماعي بوصفه مجرد انعكاس سلبي للقاعدة الاقتصادية، وبالتالي فقد عالج جرامشي موضوعات البنية الفوقية بوصفها تعبيراً عن إرادة جماعية وطبقية، فالسيادة الطبقية التي تمارسها الطبقات الحاكمة في الغرب الرأسمالي لا تقوم على قمع الأجساد فقط، بل على أسر العقول أيضا، من خلال إشاعة أنماط معينة من الثقافة والقيم، وعلى هذا الأساس، يمكن فهم اهتمام جرامشي بقضايا الثقافة والمثقفين ودور الحزب (الذي يطلق عليه صفة المثقف الجمعي)، كما يمكن فهم رؤيته للعمل السياسي وتأثيره في البنية الفوقية، حيث يقول، أن هدف العمل السياسي هو إخراج الجماهير من حالة الركود والاستنقاع التي تعيشها، ولن يكون ذلك ممكناً ما لم يتم رفع هذه الكتلة الجماهيرية الى مستوى البنية الفوقية كميدان للفعل الجماعي والإدارة الخلاقة، أي ارتقاء وعي البشر من وعي البنية التحتية الى وعي البنية الفوقية، وهذا يعني أيضاً الانتقال من الموضوعي الى الذاتي أو من »الضرورة« الى »الحرية««(39).
والطريق الى ذلك هو تفعيل البعد المعرفي-الثقافي داخل الحزب بهدف إيجاد وبلورة العلاقة العضوية بين شعارات الحزب السياسية وأيديولوجيته الماركسية من ناحية وبين قواعد الحزب وكوادره وجماهيرِه، لتكوين مثقفين عضويين من أصول كادحة فقيرة أو بروليتارية، للوصول الى الوحدة بين القوى المادية والأيديولوجيا الكفيلة وحدَها بخلق ما يسميه جرامشي بـ»الكتلة التاريخية«، وهنا تكمن الأهمية القصوى لعملية التثقيف وأدواتها »للانتقال بوعي العمال (والكادحين) من حالة الوعي بالبنية التحتية (الوعي الاقتصادي العفوي) الى حالة وعي البنية الفوقية (الوعي السياسي والمعرفي والأخلاقي)«(40).
وعبر هذا الطريق وحده يمكن الانتقال بالصراع الطبقي من القاعدة الاقتصادية أو البنية التحتية، الى مجال الصراع السياسي والحزبي الأيديولوجي. ولا يتوقف جرامشي عند هذا الحد، بل »ينتقل الى الجزم في أن الطبقة العاملة تستطيع أن تصل الى السلطة فقط بعد أن يحقق فكرها هيمنة ثقافية لأفكار العدالة الاجتماعية«(41).
ولكن كيف يمكن تحقيق هيمنة ثقافية لأفكار العدالة الاجتماعية الجديدة على المجتمع، دون سيطرة اقتصادية أو سياسية عليه بواسطة رأس المال أو بواسطة الدولة؟ ويجيب عزمي بشارة على سؤاله بقوله »هنا تبرز أهمية مفهوم المجتمع المدني عند جرامشي، المرتبط ارتباطاً مباشراً بمفهوم الهيمنة مقابل مفهوم السيطرة. هنالك حيز اجتماعي تطور في ظل الرأسمالية هو ساحة الهيمنة الثقافية على المجتمع، وهذا الحيز ليس حيز الاقتصاد، بل هو جزء من المبنى الفوقي، ولكنه ليس ضمن حيز الدولة، فالمجتمع المدني هنا، هو بالمفاهيم الماركسية، حسب جرامشي، مبنى فوقي، وهو المبنى الفوقي الذي لا تتم فيه مجرد انعكاسات للصراع الاقتصادي، بل إنه المجال الحاسم نحو تأجيج الصراع الاقتصادي وحسمه عبر الحزب الاشتراكي تحديداً، القادر على الهيمنة الثقافية، وعلى التحول من ثقافة النخبة الى ثقافة الجماهير«(42) وصولا الى الهيمنة الأيديولوجية الكفيلة وحدها -كما يقول جرامشي- بإزالة الفرق بين الدولة والمجتمع، وبالمقابل، حينما تضعف الأيديولوجيا الثورية عن التحول الى ثقافة الهيمنة، يزداد استبداد الدولة وعنفها.
وبنهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، غاب أو توارى مفهوم المجتمع المدني طوال مرحلة الحرب الباردة، التي امتدت حتى انهيار منظومة البلدان الاشتراكية ومنظومة التحرر القومي من جهة، والانحسار أو التراجع المريع -ولكن المؤقت- للبنية الأيديولوجية لقوى الاشتراكية والتحرر القومي من جهة ثانية، وفي سياق هذا التحول المادي الهائل الذي انتشر تأثيره في كافة أرجاء كوكبنا بعد أن تحررت الرأسمالية العالمية من كل قيود التوسع اللامحدود، وبتأثير التطور النوعي الهائل في مجال الاتصالات وثورة المعلومات والتقدم التكنولوجي، وقيام التكتلات الاقتصادية العالمية العملاقة، كان لا بد من تجديد نظم السيطرة السياسية والاقتصادية والمعرفية في إطار المركز الرأسمالي الغربي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية كنظام مسيطر أحاديِّ المنحى يسمى اليوم نظامَ العولمة، الذي تكرس -في اللحظة التاريخية المعاصرة- بفضل هذا المناخ المهزوم والمنكسر في بلدان العالم الثالث أو الأطراف، وأصبح جاهزا للاستقبال والامتثال للمعطيات الليبرالية الجديدة وآلياتها السياسية والاقتصادية والمجتمعية تحت عناوين: تحرير التجارة العالمية، إعادة الهيكلة، والتكييف والخصخصة، والانفتاح، وتعميق التبعية والخضوع والتخلف، تحت ستار زائف من الشكل الديمقراطي الليبرالي، هدفه المزيد من إحكام السيطرة على بلدان العالم عموما، والعالم الثالث على وجه الخصوص، للأخذ بالشروط الجديدة التي تمثل »أول مشروع أممي، تقوم به الرأسمالية العالمية في تاريخها لإعادة دمج بلدان العالم الثالث في الاقتصاد الرأسمالي من موقع ضعيف، بما يحقق مزيدا من إضعاف جهاز الدولة، وحرمانها من الفائض الاقتصادي، وهما الدعامتان الرئيستان اللتان تعتمد عليهما الليبرالية الجديدة«(43).
وبنشوء هذا الفراغ السياسي، الاقتصادي، الأيديولوجي، أصبحت الطريق ممهدة أمام المخططات التوسعية للرأسمالية، صوب المزيد من السيطرة على مقدرات العالم بأسره، ويتجلى هذا الأمر بوضوح في منطقتنا العربية، وبالذات على مشروعنا الوطني الفلسطيني من أجل التحرر والاستقلال، عبر هذا التحالف العضوي بين الإمبريالية الأمريكية المعولمة والحركة الصهيونية.
ففي ظل هذه الأوضاع المتدهورة -في النظام العربي ونظام السلطة الفلسطينية- الناتجة عن عمق أزمة التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي، المستفحلة في بلادنا، والتي أدت -الى جانب ضعف العامل الذاتي النقيض أو البديل الوطني الديموقراطي الشعبي- الى مزيد من الإلحاق والتبعية، وتدمير الهوية الوطنية والقومية وتفكيكها، كان لابد لاستراتيجية العولمة والحركة الصهيونية في بلادنا أن تنجح -في اللحظة الراهنة- في إخضاع منطقتنا لمقتضيات مشروع الهيمنة الأمريكي -الصهيوني المعولم- الذي ازداد توحشاً بعد أحداث »سبتمبر 2001، وهي مقتضيات استراتيجية تسعى الى تحقيق هدفين اثنين متكاملين هما: تعميق السيطرة الاقتصادية على مقدراتنا العربية من ناحية وتدمير قدرة الدول والشعوب العربية على المقاومة بكل أشكالها النضالية والسياسية من ناحية ثانية، متذرعة بأحدث المبررات الزائفة تحت مظلة »مقاومة الإرهاب« وجوهره، مقاومة وتركيع كل إمكانية أو حركة تستهدف استنهاض عوامل القوة والتحرر الوطني والقومي الديمقراطي، والعدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية، والوحدة العربية، بمثل ما تستهدف تكريس تبعية شعوب هذه الأمة وتخلفها من ناحية، وإعادة تكيفها بما يضمن إلحاقها بصورة شبه مطلقة، تحت إدارة نظام السيطرة الأمريكي-الصهيوني، الذي يسعى -بصورة يائسة لا مستقبل لها- تجديد الدور الوظيفي للعدو الصهيوني ودولته بما يتوافق مع مستجدات المصالح الاستراتيجية الأمريكية الراهنة، بحيث تصبح إسرائيل »دولة مركزية، أو دولة إمبريالية صغرى« في المنطقة العربية والإقليم الشرق أوسطي، يحيطها مجموعات من »دول الأطراف« العربية المتكيفة، التابعة، المتخلفة، مسلوبة الإرادة، بما يضمن ويسهل »عملية التطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي والاندماج الإسرائيلي« في المنطقة العربية، تمهيدا للقضاء على منظومة الأمن القومي العربي كله من جهة، وبما يعزز السيطرة العدوانية الإسرائيلية على مجمل الأراضي الفلسطينية والجولان السورية المحتلة والتحكم في مستقبلها من جهة ثانية.
في هذا المناخ المهزوم والمأزوم في بلداننا العربية، كما في بلدان العالم الثالث عموما، انساق الكثيرون، من أوساط القوى والأحزاب السياسية والمثقفين، بهذه الدرجة أو تلك من الحماس والوعي أو بهذا الحجم أو ذاك من المصالح الخاصة من ناحية، أو العمى وعدم الوضوح الأيديولوجي من ناحية ثانية نحو شعار »المجتمع المدني« في إطار الليبرالية الجديدة الوافدة الى بلادنا بصورة طارئة وفجة، بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، وانحسار المشروع القومي العربي، وبروز الهيمنة القطبية الأحادية الأمريكية في نظام العولمة الراهن وأيديولوجيته الرئيسة المهيمنة: الليبرالية الجديدة، التي وصفها »الزعيم الليبرالي الجديد »ملتون فريدمان« في كتابه »الرأسمالية والحرية« بقوله: بما أن جني الأرباح هو جوهر الديمقراطية، فإن أي حكومة تنتهج سياسات معادية للسوق هي حكومة معادية للديمقراطية، فالديمقراطية مسموح بها ما دامت سيطرة رجال الأعمال بعيدة عن المناقشة أو التغيير.
هكذا يصبح النظام الليبرالي الجديد -كما يقول المفكر الأمريكي »نعوم تشومسكي«- هو النموذج السياسي والاقتصادي الذي يعرّف به عصرنا لكي يتم تحقيق أقصى الأرباح«(44).
وفي هذا السياق، فإن من المفيد والضروري، إثارة الحوار العميق والموضوعي مع أولئك الذين انبهروا بالمظهر الخارجي لشعار المجتمع المدني الليبرالي، وأن نتوجه إليهم بعيداً عن أصحاب المصالح من دعاة الليبرالية أو »مثقفيها« في إطار المنظمات غير الحكومية وغيرها، المنتشرة على مساحة الوطن العربي، والتي يزيد تعدادها عن (75 ألف مؤسسة أو منظمة غير حكومية)، لنؤكد ونوضح عبر هذا الحوار، أبعاد ومكونات هذا المشروع الليبرالي الأممي المعولم، والتي يحددها د. رمزي زكي في ثلاثة أبعاد رئيسة هي: البعد الاقتصادي، والبعد الأيديولوجي، والبعد السياسي، ففي تعريفه لهذه الأبعاد يقول »إن البعد الاقتصادي يستند على السلفية الاقتصادية، أو المدرسة الليبرالية الجديدة (النيو كلاسيكية) التي ترى أن الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعي، هي أفضل النظم وقمة التطور ونهاية التاريخ. أما البعد الأيديولوجي فيستند إلى الفلسفة الفردية النفعية، التي تؤكد على الحقوق الفردية في مجال الملكية والاستثمار والتجارة والعمل، وأخيرا البعد السياسي -لهذا المشروع الليبرالي المعولم- الذي يستند إلى الديمقراطية الليبرالية بمعناها الغربي«(45)، وهذه الأبعاد هي التي يرتكز، عليها وينطلق من مضمونها الجوهري وعلاقاتها وآلياتها الداخلية، مفهوم المجتمع المدني في حركته المعرفية والسياسية عبر شخوص وأطر متنوعة أهمها المنظمات غير الحكومية في بلادنا، التي تسهم -بوعي أو بغير وعي- في تحقيق الهدف الكامن خلف هذه الشعارات، وهو هدف يتلخص -كما يقول سامر الأيوبي- في »قنونة العلاقات الاقتصادية السائدة في بلادنا (وهي علاقات رأسمالية يغلب عليها الطابع الطفيلي) وإعطاءها الشكل المشروع، الحقوقي، وهو عمليا الشكل الحقوقي الذي تمارس به الاحتكارات الأمريكية والأوروبية نشاطها الاقتصادي في دولها، هذا هو جوهر ما يريده الداعون للمجتمع المدني والليبرالية، وما يترافق مع هذا الطرح من حريات ديمقراطية مقاسه بدقة لكل فرد (وفق ما يملك) وفي حدود أن لا يشكل خطراً يمس المصالح العامة للطبقات المُستغِلة المصونة والمقدسة وفقاً للقانون والأنظمة«(46).
إن رفضنا لمنطق الليبرالية الجديدة وآلياتها وديمقراطيتها السياسية الشكلية، ينبع من قناعتنا وإدراكنا بصورة موضوعية، بأن ذلك المنطق بكل محدداته الاقتصادية والسياسية والفكرية، لن يؤدي في بلادنا سوى الى مزيد من تهميش الجماهير الشعبية وفقدانها لتحررها الذاتي والسياسي على المستويين الوطني والقومي، والى مزيد من المعاناة والحرمان في صفوفهم بما يدفع الى الاعتراف الإكراهي بمشروعية اللامساواة، وغياب مفاهيمِ العدالةِ الاجتماعية وآلياتها وتكافؤ الفرص والحريات الحقيقية من ناحية، والى فرض حالة من الإحباط واليأس وخنق روح الصمود ومقاومة العدو الصهيوني والإمبريالية الرأسمالية المعولمة، وتدمير المشروع الوطني، وإعاقة النهوض القومي من ناحية ثانية.
لذلك فإن الدعوة الى التمسك بأسسِ الديمقراطيةِ السياسية والاجتماعية ومبادئِها، التي تتكرس في خدمة قضايا التحرر الوطني والتقدم الاجتماعي، ولا تقتصر آلياتها على التعددية السياسية وحق التعبير والحريات الفردية فحسب، بل تمتد بعمق ووضوح نحو تحقيق الاستقلال الوطني وحماية سيادة الوطن، والتقدم الاقتصادي، والعدالة الاجتماعية، والنهوض القومي-الاشتراكي.
يتبع..
(*) وهنا تتجلى بوضوح مقولة أن المجتمع المدني هو وليد المجتمع البرجوازي، وهو أيضا أحد شكليه الأساسيين في إطار ثنائية: الدولة-المجتمع المدني، وليس له أي وجود سابق على التشكيلة الرأسمالية كما يزعم البعض من مثقفينا.
(24) المصدر السابق - ص137/138.
(25) د.إبراهيم زغير -مجلة الطليعة-العدد 40-دمشق-آذار 2001-ص.
(26) سلوى السيد-مصدر سبق ذكره-ص22.
(27) المصدر السابق - ص23.
(28) د.نايف سلوم -مجلة النهج- عدد62- دمشق- ربيع 2001- ص246.
(29) د.نايف سلوم-المصدر السابق-ص247.
(30) د.عزمي بشارة -مساهمة في نقد المجتمع المدني- مصدر سبق ذكره- ص147.
(31) المصدر السابق - ص248.
(32) سيسار-عدد 93-نوفمبر 1997-ص60.
(34) المصدر السابق - ص62.
(35) إبراهيم زغير-مصدر سبق ذكره- ص38.
(36) إبراهيم فتحي- الماركسية وأزمة المنهج- دار الحضارة الجديدة - بيروت- 1992-ص45.
(37) المصدر السابق- ص46.
(38) سامر الأيوبي -مجلة الطليعة- العدد 40- دمشق- ص67.
(39) يسري مصطفى - مجلة اليسار- القاهرة- عدد فبراير 1996 -ص67/71.
(40) يسري مصطفى - مجلة اليسار- عدد سبتمبر 1996 -ص55.
(41) زكي- الليبرالية المستبدة- دار سينا للنشر -القاهرة- 1993 - ص79.
(44) نعوم تشومسكي -الليبرالية الجديدة والنظام العولمي - دار التنوير - رام الله - 2000 - ص12.
(45) د.رمزي زكي - الليبرالية المستبدة - دار سينا للنشر - القاهرة- 1993 - ص79.
(46) سامر الأيوبي - مصدر سبق ذكره- ص68.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية


.. الأمم المتحدة تحذر من التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور




.. تكدس خيام النازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة


.. ما حدود تغير موقف الدول المانحة بعد تقرير حول الأونروا ؟ •




.. نتنياهو: أحكام المحكمة الجنائية الدولية لن تؤثر على تصرفات إ