الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوهم والاعتقاد: بارانويا الكهنوت

فكري آل هير
كاتب وباحث من اليمن

(Fekri Al Heer)

2021 / 7 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تشابكت للحظات مجموعة من الأفكار والخواطر متثاقلة فيما بينها على نحو كثيف ومعقد في ذهني، ونظراً لشدة ما أرهقني فشل محاولاتي في الإمساك بواحدة منها، قررت أن ألتقط عناوينها كيفما كان، وهيت لكم الحصيلة:
[أمة متخلفة، الله، العلم، الفلسفة، الغرب، المعرفة الباطنية، الأصولية، الكهنوت، النسوية، الديمقراطية، الثورة]..!!- هكذا في رأس الصفحة.
..
تأملت قليلاً في العناوين، وتساءلت عفواً: ما العلاقة التي ربطت بين هذه الأمور وجعلتها تحضر في ذهني في آن واحد معاً؟!
..
أثناء تأملي، تذكرت عبارة لأحد الحكماء قرأتها ذات مرة وأكتبها لكم حرفياً: "إن لم تجد الله في نفسك فلن تجده أبداً"..!!- ثم تذكرت مقولة أخرى مفادها أن: تواضع الإنسان وورعه ينبئان عن علمه بشكل طردي.
..
وعندما أدركت أني فعلاً أكتب هذا السطر، كنت بالفعل أتساءل مرة أخرى:
لماذا يصر رجال الدين على أن يجعلوا من أنفسهم مجرد قوالب جامدة، ولماذا هم مصممون دائماً على تغليب النزعات الأصولية المتطرفة، وعلى جعل الدين مجرد عادات اتباع وتقاليد انقياد؟- لماذا ينقلون الدين الى الناس بطريقة: ﴿هذا ما وجدنا عليه آباءنا﴾ وهم يعلمون كم أن هذا مثير للسخرية الإلهية منهم ومن أتباعهم وما يدعون؟!- ولماذا يقبلون أن يكون الدين نقيضاً للعقل وعدواً له متصادماً معه؟!
..
اندفعت صوب مكتبتي باحثاً عن كتاب له مكانة قديرة في نفسي لأتحقق مما قرأته فيه ذات يوم قبل سنوات طويلة، أوجزه لكم:
يظل رجل الدين يتماهى مع الدين واهماً ومتوهماً بأن علوم الدين تجعله مطابقاً للدين نفسه، حتى يرى نفسه في مرحلة ما بأنه قد صار ممثلاً للدين، وأنه في مرحلة تالية قد بلغ مقام العلماء ورثة الأنبياء، وأن مسؤوليته بحكم هذا التمثيل تقضي بتحويل الناس الى شاكلته، وتحريضهم على كل ما في الضد لما هو عليه.
وفي مرحلة متقدمة، وبفعل كثرة لجوء الناس لهذا الذي نسميه (رجل دين)، واحاطتهم إياه بألقاب التوصيف وخلع التشريف، فإنه يشعر بالقداسة سرعان ما يخلعها على نفسه، ويبدأ في التصرف والعمل من مقام النبي نفسه..!!
..
وهكذا يستمر رجل الدين في ترقية إحساسه بنفسه وهماً يصيره اعتقاداً، الى أن يدعي الألوهية بطريقة أو بأخرى، أو بأن الله قد حل فيه، وأن كل ما يصدر منه هو من عند الله، وفي هذا المستوى يتحول فكر وسلوك رجال الدين الى نموذج سلطوي قمعي يرفض كل جديد وكل مختلف، ويهدم أهم وأول أسس ارتقاء الحياة الإنسانية: الحرية، العدالة، المساواة.
هل هذه بارانويا: جنون الارتياب والتوهم؟!
هكذا سألت نفسي.. وأنا على يقين بأن سؤال تشخيص مثل هذا، لن يكون جوابه إلا: الإيجاب تردفه قطعاً.
..
إنها أوهام رجال الدين بأنهم شخصيات دينية مهمة، يترقون فيما بينهم بفعل أوهامهم وادعاءهم العلم فيضعون أنفسهم في مراتب العلماء والأنبياء، بل والى تلك المرتبة التي تجعلهم يعتقدون بأنهم ممثلين لله ووكلاء له؛ فإن لم يكن الأمر ظاهراً فيهم بهذا التوصيف حقاً، فإن هذه تظل حقيقتهم الماثلة: حقيقة أصحاب العمائم واللحى، الواقفون على منابر التلقين والموعظة، الملوثة أياديهم بالصلوات الكاذبة ودماء البشر.
المتلقين المقلدين المتبعين الأقرب الى الببغاوات، لا هم علماء ولا هم يعلمون:
إنها بارانويا الكهنوت وجنون الاعتقاد المحض..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ