الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتأسلمين 31- عمر السيدة خديجة عند زواجها من الرسول

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2021 / 7 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


موضوع زيجات الرسول من اكثر المواضيع التي يتم تناولها عند ذكر حياة الرسول محمد ابن عبد الله فقد امعن وفصل ( المتأسلمون ) الكثير من القصص التي تناولت زيجات الرسول حتى اظهروا الرسول بانه لا شغل له سوى الزواج وسبي النساء وكان من بين تلك القصص التي نشروها قصة زواج الرسول من عجوز في الأربعين من عمرها وهنا المقصود بها السيدة ( خديجة بنت خويلد ) اول زوجات الرسول واحبهن اليه وام جميع ابناءه عدا ( إبراهيم ) . فقد حاول (المتأسلمون) زرع فكرة ان الرسول محمد ابن عبد الله (الفقير) و (راعي الغنم ) تزوج (عجوز ) (حمراء الشدقين ) غنية . لذلك سوف نرجع الى مصادر من يسمون انفسهم (اهل السنة والجماعة ) لنعرف هل حقا كانت (خديجة بنت خويلد ) كما وصفوها (عجوز حمراء الشدقين ) .
اذا رجعنا الى كتب (اهل السنة والجماعة ) نرى ان اول من اطلق على السيدة (خديجة بنت خويلد ) وصف (عجوز حمراء الشدقين ) هي (عائشة بنت ابي بكر) حيث يروي البخاري في الحديث رقم 3821 " اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاعَ لذلكَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ هَالَةَ. قالَتْ: فَغِرْتُ، فَقُلتُ: ما تَذْكُرُ مِن عَجُوزٍ مِن عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ في الدَّهْرِ، قدْ أبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا منها " وهذا هو نفس الحديث الذي رواه مسلم بالرقم 2437 . لكن يجب ان نلاحظ هنا ان كلا من البخاري ومسلم قد تعمدا اغفال الجزء الاخر من الحادثة والتي ذكرها احمد ابن حنبل الذي يروي في مسنده عن عائشة قالت " كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت فغِرْتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء ". ويبدو ان حادثة شتم عائشة للسيدة خديجة بعد وفاتها تكررت اكثر من مرة فنرى ان الطبراني في معجمه الكبير يروي عن عائشة قالت "دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فجعل يأكل من الطعام ويضع بين يديها، فقلت: يا رسول الله لا تغمر يديك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذه كانت تأتينا أيام خديجة، وإن حسن العهد – أو حفظ العهد من الإيمان ولما ذكر خديجة أخذنى ما يأخذ النساء من الغيرة فقلت: يا رسول الله قد أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال «ما ذنبى أن رزقها الله منى الولد ولم يرزقك». قلت: والذى بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير".
في البداية نتناول نقطة الجمال فهل كانت السيدة خديجة بنت خويلد (عجوز حمراء الشدقين ) ؟ فنرى ان ابن سعد في كتابه الطبقات الكبير (الطبقات الكبرى) المعروف باسم (طبقات ابن سعد) تاليف (محمد بن سعد بن منيع الزهري) تحقيق (علي محمد عمر) منشورات مكتبة الخانجي ، 2001 الجزء الأول الصفحة 109 يقول " أخبرنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي أخبرنا موسى بن شيبة عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك عن أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت منية قالت كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي امرأة حازمة جلدة شريفة مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير وهي يومئذ أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك قد طلبوها وبذلوا لها الأموال فأرسلتني دسيسا إلى محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام فقلت يا محمد ما يمنعك أن تزوج فقال ما بيدي ما أتزوج به قلت فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب قال فمن هي قلت خديجة قال وكيف لي بذلك قالت قلت علي قال فأنا أفعل فذهبت فأخبرتها فأرسلت إليه أن أئت لساعة كذا وكذا وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها" . اذن فخديجة كانت موصوفة (بالجمال والمال والشرف والكفاءة ) .
بالنسبة لعمر السيدة خديجة بنت الخويلد عندما تزوجها الرسول فالكتب تذكر عدة روايات حيث يروي ابن سعد في الطبقات الكبرى عن محمد بن عمر الواقدي عن الزهري وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب أنهما قالا: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة وخديجة ابنة أربعين سنة . وقال ابن عبد البر المتوفى سنة 463 في الاستيعاب: كانت إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة، فأقامت معه صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين سنة، وتوفيت وهي بنت أربع وستين سنة وستة أشهر. وقال ابن الأثيرفي كتابه أسْد الغابة: كان عمرها حينئذ أربعين سنة. وقال النووي في كتابه تهذيب الأسماء واللغات "تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها يومئذ خمس وأربعون سنة، وقيل ثمانٍ وعشرون، وقيل أربعون، وفى تاريخ دمشق أنها توفيت في رمضان سنة عشر من النبوة وهي بنت خمس وستين سنة". وقال ابن حجر في كتاب الإصابة: وعن حكيم بن حزام أنها كانت أسنَّ من النبي صلى اللَّه عليه وسلّم بخمس عشرة سنة . وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق المفضل الغلابي عن الواقدي أنه قال: أجمع أصحابنا أن أول امرأة تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد وهي يومئذ بنت أربع وأربعين سنة.
وروى الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا ، منشورات دار الكتب العلمية ، 2002 الجزء الثالث الحديث رقم 4837 الصفحة 200 "عن محمد بن إسحاق أن أبا طالب وخديجة بنت خويلد هلكا في عام واحد، وذلك قبل مهاجَر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين، وكان لها يوم تزوجها ثمانٍ وعشرون سنة ". كذلك يروي في نفس المصدر الحديث رقم 4838 الصفحة 201 " توفيت خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - وهي ابنة خمس وستين سنة". قال الحاكم: "هذا قول شاذ، فإن الذي عندي أنها لم تبلغ ستين سنة" . وروى البيهقي في كتاب " دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة" تأليف ( أبو بكر ، احمد بن الحسين بن علي البيهقي ) ، تحقيق (عبد المعطي قلعجي) ، منشورات دار الكتب العلمية - دار الريان للتراث ، 1988 ،الجزء الثاني الصفحة 70 " قرأت بخط أبي بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: ثم بلغت خديجة خمسا وستين سنة، ويقال خمسين سنة، وهو أصح". أي ان عمرها عند زواجها من الرسول كان 25 سنة بحسب البيهقي . ويروي ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية ) تأليف (ابو الفداء عماد الدين ، إسماعيل بن عمر بن كثير ) ، منشورات مكتبة المعارف بيروت ، 1990 الجزء الثاني الصفحة 295 "وكان عمرها إذ ذاك خمسا ً وثلاثين وقيل خمسا ً وعشرين سنة" . ويروي الدولابي في كتابه (الذرية الطاهرة النبوية) تاليف (محمد بن أحمد بن حماد الدولابي أبو بشر) ، تحقيق (سعد المبارك الحسن) منشورات الدار السلفية – الكويت ، 1986 "تزوج خديجة على اثنتي عشرة اوقية ذهب, وهي يومئذ ابنة ثمان وعشرين سنة" . روى ابن عساكر عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حُنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وهي يومئذ ابنة ثلاثين سنة. ـ روى ابن سعد عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال: كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ثمان وعشرين سنة. بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص السير والمعجزات والشمائل تاليف يحي بن أبي بكر محمد بن يحي العامري الحرضي اليماني تحقيق أنور بن أبي الشيخي أبو حمزة الداغستاني منشورات دار المنهاج سنة النشر: 1430 – 2009 . الجزء 1 الصفحة 66 ( وتزوجها صلى الله عليه واله وسلم وله من العمرخمس وعشرون سنة وهي يومئذ ابنة ثمان وعشرون سنة . وهذا الذي ذكره كذلك ابن سعد في الطبقات الكبير (الطبقات الكبرى) (طبقات ابن سعد) تأليف محمد بن سعد بن منيع الزهري ، تحقيق علي محمد عمر، منشورات مكتبة الخانجي ، 1421 – 2001 . وكذلك أشار الى ذلك البلاذري في الصفحة 108 من الجزء الأول من كتاب جمل من أنساب الأشراف ، أحمد بن يحي بن جابر البلاذري ، تحقيق سهيل زكار - رياض زركلي ، 1417 – 1997 . كما يروي ابن منظور عن ابن عباس في كتابه مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، محمد بن مكرم الشهير بابن منظور تحقيق ،مجموعة من المحققين ، 1404 – 1984 . ان الرسول تزوج السيدة خديجة وهي بعمر28 سنة .
اذن بعد هذا التضارب الذي لاحظنا في كتب المتأسلمين حول عمر السيدة خديجة بنت خويلد مابين من قال عمرها يوم تزوجت الرسول 45 سنة ومن قال 25 سنة . فلننظر الى اقوالهم في عين العقل . هل من المعقول ان يتزوج شاب في سن الخامسة والعشرين من اغنى بيوت مكه واعلاها مكانة من (عجوز حمراء الشدقين ) كما وصفتها عائشة بنت ابي بكر ويكون لها عاشقا حتى بعد وفاتها بسنوات طويلة بل يقول عندما يذكرها كما يروي الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين الجزء 3 الحديث رقم 4840 الصفحة 201 " حدثني بكير بن أحمد الحداد الصوفي بمكة ، حدثنا سهل بن سليمان النيلي بواسط ، ثنا منصور بن المهاجر ، ثنا محمد بن الحجاج ، ثنا سفيان بن حسين ، عن الزهري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " الحمد لله الذي أطعمني الخمير ، وألبسني الحرير ، وزوجني خديجة ، وكنت لها عاشقا " . . كذلك من المستبعد ان تتزوج امراءة بعمر الأربعين سنة وتبقى دون انجاب لمدة خمس سنوات ثم تنجب في سن الخمسين ستة من الأبناء والبنات حيث ان اصغر بنات الرسول من السيدة خديجة هي السيدة فاطمة الزهراء ولدت في العام الأول من بعد البعثة اي عندما كان عمر الرسول 41 سنة فهل يعقل ان تنجب سيدة في سن السادسة والخمسين ؟ . كذلك وفاة القاسم بن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنه لما توفي بعد البعثة صغيرا أي ان السيدة خديجة تكون ولدته وعمرها خمس وخمسون سنة وهذا أمر بعيد جداً . ان هذه القرائن ترجح القول ان عمر السيدة خديجة بنت خويلد كان عمرها يوم تزوجها الرسول كان (25) سنة .
اذن ما سبب التأكيد على انها تزوجت وعمرها 40 سنة او 45 سنة ؟ السبب ذكرته عائشة بنت ابي بكر في اكثر من مناسبة الا وهو ( الغيرة ) من المراءة الموصوفة بالجمال والعفة والشرف والمرأة التي احبها الرسول ولم يتزوج عليها حتى وفاتها وبقي يعشقها حتى وهي بين الأموات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جمعيّة الأوتار المتشابكة تنظّم حفلا موسيقيا بحضور لينا شامام


.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد




.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف


.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!




.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا