الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن ذاكرة الأمة المصرية كيف نحفظها لأجيالنا القادمة ( 2 / 2 )

بشير صقر

2021 / 7 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تنويه :

نشرنا في الحلقة السابقة علي موقع الحوار المتمدن بالعدد 6958 بتاريخ 14 يوليو 2021 ( علي الرابط https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725021 ) تحت نفس العنوان موجزا لإحدي الوثائق الهامة في تاريخ مصر والنضال الفلاحي تتعلق بـ " تقرير الرقابة الإدارية في 3 مايو 1966 المقدم للجنة العليا لتصفية بقايا الإقطاع " في أعقاب اغتيال الشهيد صلاح حسين في 30 إبريل 1966. وتتركز أهمية الوثيقة في إلقاء ضوء ساطع – كان فيما سبقه خافتا وباهتا – علي المناخ الذي خلقته عائلة الفقي - إحدي أشرس عائلات كبار ملاك الأرض الزراعية في مصر- بقرية كمشيش وما جاورها من قري تخضع لنفوذها وسطوتها.. وكذلك علي الوسائل والأدوات التي كانت تفرض بها نفوذها وكذا القيم والمبادئ التي حكمتها في هذا السبيل والأهداف التي سعت لتحقيقها .

وحسب تلك الوثيقة كانت عائلة الفقي - أو بمعني أدق الفرع الأغني من عائلة الفقي – ضمن 9 عائلات صنفها التقرير بالعائلات الإقطاعية الأشرس من إجمالي 336 عائلة لكبار ملاك الأراضي في عموم مصر.

وحيث تتبع التقرير المذكور في إيجاز نشأة تلك العائلة منذ عام 1881 وإبان الثورة العرابية.

وفيما بعد كيف أن أسرتي أحمد عبد الله السيد الفقي عمدة كمشيش عام 1952 وشقيقه السيد عبد الله السيد الفقي اللتين خضعتا لقانون الإصلاح الزراعي كانت ملكيتهما مع أولادهما أكثر من 1400 فدان وقت صدور قانون الإصلاح ؛ بينما لم ترثا من والدهما أكثر من 116 فدانا .. لكل أسرة منهما 58 فدانا وقد اقتسم الأخوان هذه الأطيان بعقود قسمة رسمية مؤرخة عام 1947 من محكمة تلا ، وهو ما يطرح السؤال التالي : وكيف حصلت الأسرتان علي الفارق = 1400 – 116 = 1284 فدانا في بحر 5 سنوات..؟ وهي الفترة من عام 1947 وحتي 1952 .

ونشير إلي أن مثل تلك الوثائق يجب أن تحتفظ بها دار المحفوظات المصرية ؛ وهيئة الوثائق التابعة لوزارة الثقافة ؛ والجمعية التاريخية ؛ وكذا كل المؤرخين المهمومين بتاريخ مصر؛ بل وكل المثقفين الملتزمين بالنضالات الفلاحية.

لقد ساهم اغتيال صلاح حسين وبالتالي مداهمة قصوروخزائن الأسرتين التي أعقبتها في كل من كمشيش والقاهرة والإسكندرية من جانب الدولة ؛ وصدور هذا التقرير في فضح طبقة كبار ملاك الأرض الزراعية علي الملأ بل وفضح من تواطأوا من أعضاء مجلس قيادة ضباط يوليو 52 في تسريب خبر صدور قانون الإصلاح الزراعي الأول 178 في 9 سبتمبر 1952 لأسر كبار الملاك وفي مساعدتهم علي تهريب جانب كبير مما يحوزونه من الأراضي الزراعية التى كان أغلبها بالاغتصاب ووضع اليد وتهجير الفلاحين عنوة من قراهم وباستبدال أراضيهم الخصبة بأراض أخري هزيلة الخصوبة .. إلخ.

ولأن الشعب الذي يجهل ماضيه يتعثر في مستقبله ؛ ولأن حياة الشعوب – كأى بناية - لكي تكون قوية ومتماسكة لا بد أن يكون لها سياق واحد .. يرتكز فيه طابقها الأحدث علي الأقدم وهكذا. فإن غياب مثل تلك الوثائق يعني اختفاء حقبة من التاريخ عن ذاكرة الأجيال الحالية والقادمة مما ينتقص من سياق المعرفة الذي يتطلب تواصل تلك الحقب التاريخية في تعاقبها الطبيعي دون خلل أو نقصان.

وفي الحلقة الثانية من موضوعنا [ عن ذاكرة الأمة المصرية كيف نحفظها لأجيالنا القادمة ] نعرض وثيقة أخري بالغة الأهمية في مجالنا النوعي ( النضال الفلاحي ) تختص بعريضة دعوى الرائد رياض إبراهيم - رئيس قسم التحريات بالمباحث الجنائية العسكرية التابعة لسلاح الشرطة العسكرية بالجيش المصري- والمقدمة لمحكمة النقض بجلسة 29 / 5 / 1978 ضد الحكم الصادر ضده بالأشغال الشاقة 15 عاما من محكمة الجنايات في القضية رقم 1272 / 1976 مدينة نصر [ 146 / 1976 كلى شرق- 13 / سنة 1976- تعذيب ] .

وفيها تناقش الوثيقة المعروضة مسببات الحكم وتشرع في تفنيد كثير منها ، وتكشف جانبا من آلية العمل القضائي خصوصا في مجلس القضاء الأعلي والكيفية التي تتناول بها المحاكم ( غير النقض والدستورية ) دفوع الطاعن في الحكم وتلبية طلباته من عدمها ، ومدي الالتزام باللوائح المعمول بها في المحاكم بشأن نظام تلقي شهادة الشهود ، ومدي التقيد بنصوص وروح القانون من عدمه في مثل تلك المحاكمات.

كما تطرقت إلي دفع يتصل بتشكيل المحكمة بشأن صلة القرابة بين بعض أطراف القضية من أسر بكمشيش وبين عضو اليمين بدائرة محكمة الجنايات.. التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
علاوة علي تناولها لدورالبرلمان ( مجلس الأمة ) في مثل هذه الأمور وما توصلت إليه المناقشات البرلمانية علي مدي يومين متصلين بشأن المقترحات المفترض التعامل بها مع واقعة الاغتيال التي تكررت خلال شهر واحد في محافظتين مختلفتين.

كذلك تناولت الوثيقة دورالمراتبية في ممارسة العمل العسكري والتفريق بين مصدرى الأوامر وبين منفذيها ، ومدي خضوع مؤسسة مثل السجن الحربي لقواعد محددة في تشغيلها.. وإيراد بعض الأمثلة مثل حالة سامي شرف سكرتير الرئيس عبد الناصر ، وحالة بوللي خادم الملك فاروق .

كما تناولت الإطار السياسي والدستوري والقانوني الذي كان يحكم تلك الفترة الزمنية (وهى الميثاق ؛ ودستور 1964 ، قوانين الطورارئ أرقام 182 / 1958 ، 119 / 1964 ، 50 / 1965 ، وقانون الأحكام العسكرية رقم 25 / 1966). هذا ونختتم عرض الوثيقة بتعقيب قصير عليها .

نتمني أن يلقي عرضنا للوثيقتين رضي القراء .. وأن يوالونا بتعقيباتهم علي الحوار المتمدن أو علي صفحتنا علي الفيس بوك ( البشير الصقر ).

مع خالص التقدير ،، المحرر

موجز لوثيقة دفاع الرائد رياض إبراهيم ( 12صفحة )
فى الدعوى المنظورة أمام محكمة النقض بشأن الحكم الصادر ضده
من محكمة جنايات القاهرة رقم 1272 / 1976 مدينة نصر
[ 146 / 1976 كلى شرق- 13 سنة 1976 تعذيب ]
بجلسة 29 / 5 / 1978

الوثيقة تقع في 71 صفحة .. وموجزها في 12 صفحة

ضــــــــد كل من :

•النيابة العامة.

•المدعين بالحق المدنى ومنهم ورثة صلاح أحمد الفقى وآخرين وعددهم 99 فردا معظمهم من كمشيش .. وبعضهم من مناطق أخرى.

تولى الدفاع عن الطاعن المستشار محمد رشدي حمادي ؛ رئيس سابق لمحكمة الجنايات ومحكمة أمن الدولة العليا ، ورئيس سابق للدائرة المدنية استئناف عالي .

وعنوانه 47 شارع قصر النيل بالقاهرة.

•الحكم المطعون فيه :

*صدر فى 29 / 5 / 1978 بالأشغال الشاقة 15 سنة للرائد رياض أحمد إبراهيم ، وعشر سنوات لكل من محمد رجب بكر ؛ وصفوت خليل الروبي، أما سعيد محمد بدوى ونجم الدين حلمي مشهور ورشاد عبد اللطيف نصر وسراج الدين محمد على وحسن السيد عثمان وحلمي محمد الصاوي وتقى الدين سليمان شرف الدين ( سمبو ) والروبي أمين جمعة وزغلول مجاهد عبد الحليم وعلي عبد الله علي ( الأسود ) ومحمد موافي شاهين فبالأشغال الشاقة 5 سنوات ،كما عوقب كل من جلال عمر الديب ورشاد غالى برسوم ومحمد السيد خاطر بالسجن ثلاثة سنوات.

*وبراءة كل من مصطفى السيد محمد ( السنت) ورشاد بسيوني ومحمد علي طه جودة .

*ورفض جميع الدعاوى المدنية المرفوعة ضد المغفور له جمال عبد الناصر والمرفوعة ضد السيد وزير الداخلية بصفته.

*وإحالة الدعوى المدنية المرفوعة من عبد الحميد أبو لبن للمحكمة المدنية المختصة.

وإلزام المتهمين متضامنين وبالتضامن مع وزير الحربية بصفته بأن يدفعوا لورثة صلاح أحمد الفقي مائة ألف جنيه ، ولورثة كل من عبد الله السيد الفقي وعزيز أحمد الفقي وحسام أحمد الفقي وفاروق أحمد الفقي وكمال عبد الحميد الفقي مبلغ خمسين ألف جنيه ،ولكل من محمود عزت شرف الدين غازى وورثة المرحوم عبد الستار طاهر المصري مبلغ ثلاثين ألف جنيه ، ولكل من كمال محمد عرفة عمارة وورثة المرحوم محمد عرفة عمارة ومحمود محمد الأصفر ورفعت رمضان عبد الله عشرين ألف جنيه. ولكل من حامد حافظ داود وعبد العزيز عبد الرحمن درة وعبد الحميد السيد الهلالي ومحمد السيد حلاوة بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه .

*ولكل من نجيب إبراهيم دميان وأمين إبراهيم خالد ويوسف حسين نشأت والسيد محمد عمارة وسالم إبراهيم علم الدين وعبد الله مصطفي عيسي وعبد الرازق محمد أبو العينين عمارة وكامل عبد الحميد حجاج وعبد الحكيم عبد الرءوف قنديل وعبد الواحد محمد عمارة وعبد القادر سالم الشاذلي وزكي حسين عبد الفتاح سوليا وزكى علام خلاف ( محمد) وأحمد إبراهيم بلوز وعبد الحافظ عبد الصمد نجم وعبد الخبير عبد الصمد نجم وعبد العزيز أحمد سليم ومهني خميس العربي وعبد النبي خميس العربي وشحاتة عبد الحميد الفقي وسيد احمد بدوي سيد احمد وعبد العزيز قطب أبو عوف وعبد العزيز محمد فك وسليمان شحاتة القرعة وعبد الخير شحاتة العبد ويوسف عبد الحميد عمران وشريف عبد الله شريف والسيد السيد نوارج ومحمد عبد الرازق العربي وعبد المطلب عبد الجابر الغرياني وعبد الحميد أحمد رمضان والسيد عبد الله رمضان الفقي وورثة بسيوني بسيوني الفقي ورمضان أحمد عبد الله ومحمود محمد عبسي وعبد الفتاح عبد الله شريف وإسماعيل إبراهيم خاطر والسيد عبد الوهاب الهادي وأنور مرسي بيان وعبد المجيد مرسي بيان وأبو الفتوح مرسي بيان وصبحي إبراهيم عبد المسيح وعبد الله مفتاح العربي ومحمود خطاب عيسي ومحمد الخضر الفخراني وزكريا السيد عبد الله وعبد الجليل شحاتة كريم ومحمد أحمد السخاوي وإبراهيم عبد الرءوف الشيخ وسعد عبد المجيد نصار وعبد العزيز أحمد الهادي وموسي موسي عبد الصمد وصلاح عبد الحليم حسين وعبد الستار السيد أبو حجازي بمبلغ عشرة آلاف جنيه.

*ولأحمد حسن العزب بمبلغ خمسة آلاف جنيه.

*ولكل من عثمان حسين العوني وعطية منصور حشاد والسيد إبراهيم صالح بمبلغ 51جنيها علي سبيل التعويض المدني المؤقت.

*ولكل من عبد الرحمن رزق وورثة عبد القادر حافظ الوكيل بقرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت مع إلزام المتهمين المحكوم عليهم بالمصروفات المدنية المناسبة وعشرين جنيها أتعاب المحاماة لكلٍ.
•الطعن : وبتاريخ 5 يونيو 1978 قرر الرائد رياض إبراهيم الطعن بالنقض على الحكم بسجن طرة تقيد تحت رقم 26 .

وقائع الدعوى:

تتكون وقائع الدعوى من أحد عشر بنداً وهي كالتالي:

أولا : إجراءات المحاكمة :

تحدد لنظر الدعوي جلسة أول مايو 1977 أمام محكمة جنايات القاهرة الدائرة السادسة بمقر محكمة جنوب القاهرة ( ميدان أحمد ماهر )، وتأجلت لجلسة 4 / 6 / 1977 لضم الأوراق والملفات التى طالب دفاع المتهمين بضمها وإخطار شهود النفي؛ ثم جرى نقلها إلى الدائرة التاسعة بمحكمة امبابة جلسة 16 أكتوبر 1977 .

هذا ولغرابة نقل الدعوي من دائرة 6 بمحكمة السيدة زينب إلى دائرة 9 بامبابة تبين فيما بعد أن رئيس الدائرة كان له قريب من الإخوان المسلمين ادعى تعذيبه بالمعتقل ، كذلك تبين أن عضو اليمين بذات الدائرة قريب لعدد من المدعين بالحق المدني من عائلات الفقي وشريف بكمشيش .

وحيث لم يجرِ ضم الملفات التي طلب الدفاع ضمها في الجلسة السابقة فقد صمم الدفاع علي طلباته السابقة ، وتأجلت الدعوي لجلسة 16 يناير 1978 بعد أن سجل محامي الحكومة عدم نسخ ملف الدعوي حتي الآن ؛ علاوة علي عدم انتداب المحكمة لمحامين عن بقية المتهمين.

وكانت أهم الملفات التى أصر الدفاع علي ضمها هي ملف القضية 22 / 1967 ( قضية اغتيال صلاح حسين)، وملف الجناية 78 لسنة 1977 كلي شرق القاهرة ، وملف اللجنة الخماسية لمجلس القضاء الأعلي . هذا وطالب أيضا بسماع أقوال شهود معينين حددهم بالاسم ، ودفعٌ بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لسابق الفصل فيهما في الدعوى ( 22 / 1967 ) بالنسبة لعدد من المدعين بالحق المدني وعلي رأسهم صلاح أحمد الفقي ومحمود خاطر والسيد عبد الوهاب الهادي ومحمود غازي وعبد العزيز درة وعددهم 15 فردا . كما دفع ببطلان الإجراءات أثناء سماع المحكمة للشهود الذين اختلط من أدلي بأقواله منهم بمن لم يدل بها ؛ وعدم عزل كل منهما عن الآخر حتى الانتهاء من سماع جميع الشهود.

ثانيا : دفاع المتهمين بالتعذيب:

هناك معطيات أساسية عام 1966 يجب أن تنتقل المحكمة بذهنها إليها .. لأنها تحدد الإطار الذى دارت فيه الأحداث وهو :

أن مصر كانت تُحْكمُ بالميثاق ودستور 1964 وقوانين الطوارئ أرقام 182 لسنة 1958 ، 119 / 1964 ، 50 / 1965 ، علاوة علي القانون 25 لسنة 1966 الخاص بالأحكام العسكرية .. هي التي أباحت لرئيس الجمهورية إصدار قرارات الاعتقال بأوامر شفهية وهو ما يعني أن هناك إطار قانوني يحكم تصرفات الدولة آنذاك..

وقد دأبت المحكمة الدستورية العليا في كل أحكامها بعد وفاة جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر علي تقرير شرعية القوانين الثورية جميعها التي صدرت في تلك الحقبة . وكانت أسباب ذلك كامنة في تعرّض الوطن وأمنه للخطر. علما بأن القانون 50 لسنة 1969 الذي صدر بمرسوم رئاسي هو قانون دستوري يحدد الحد الأقصي للملكية بـخمسين فدانا للفرد.

هذا وأفاد الدفاع أن السبب الحقيقي المباشر في أحداث كمشيش أنه في تاريخ سابق ( 6 إبريل 1966 ) قامت عائلة التلاوي الإقطاعية باغتيال الدسوقى أحمد علي .. أمين وحدة الاتحاد الاشتراكي بقرية بني سلطان بالمنيا ؛ وبعدها بأسابيع تم اغتيال صلاح حسين في كمشيش في 30 إبريل 1966 .
وتزخر مضبطة مجلس الأمة في جلستي مناقشة أحداث كمشيش بتصريحات أعضاء المجلس بل ورئيس الوزراء بأن هناك تخطيطا للقضاء علي النظام من جانب القوى الرجعية ، ولذا يلزم القضاء علي النفوذ العائلي للإقطاع في الريف.

تحدث عن ذلك أمين الفلاحين وأحمد يونس وفكري الجزار ووزير الإصلاح الزراعي وحافظ بدوي الذى أضاف حادث اغتيال ثالث لأحد نشطاء الفلاحين بالفيوم. كما تحدث في ذات السياق السابق كل من خالد محيي الدين وسيد مرعي وحسن عباس زكي وأحمد القصبي وصبرى القاضي وكريمة العروسي ، بل وطالب البعض بإجراء مذ بحة للإقطاع مماثلة مذبحة القلعة .

وأضاف علوي حافظ بأن المعركة الدائرة الآن في مصر تدور بين قوي تؤمن بالسلام والحرية والإنسان .. وقوي أخري رجعية تؤمن بالنفوذ والحديد والنار والسلب والنهب وبملكية الطبقة الإقطاعية للناس. وما علينا إلا أن نصفي ذلك النفوذ تصفية جذرية عميقة.

وتاريخ الإقطاع في مصر بدأ منذ الاحتلال البريطاني ؛ حيث خذلت الخيانة في معركة القصاصين جيش عرابي؛ الذي دوّن بخط يده وثيقة الاتهام ضد الإقطاع .وأضاف: لقد كوفئ السيد الفقي بثمانية آلاف فدان نتيجة خيانته لعرابي بينما كوفئ أحمد عبد الغفار بالحصول على 12 ألف فدان.

وأكد أن عائلة الفقي بكمشيش كانوا شهودا ضد الفلاحين في محاكمة دنشواي ودعموا الإنجليز وسار علي نهج علوي حافظ النواب أبو اليزيد يوسف ومحمود موسي السيد ورشاد الشبرابخومي. وبذلك يكون مجلس الأمة هو الذى وضع دستور اللجنة العليا لتصفية الإقطاع ووصم عائلة الفقي بالخيانة الوطنية وطالب " بأخذهم أخذ عزيز مقتدر ". ولذا فإن من سخرية القول أن نتصور أن الرائد رياض إبراهيم هو من اعتقلهم وعذبهم أو أمر بذلك ؛ لأن المسئولية عن أى فعل وقع ضدهم إنما كانت نفاذا لإرادة الأمة وسلطانها.

•تقرير رسمي عن قضية الإقطاع بكمشيش :

تضمن التقرير سجلا جنائيا لعدد من أفراد العائلة الإقطاعية علي رأسهم صلاح أحمد الفقي تنوعت فيه الجرائم التي ارتكبها هو ورجاله الخارجون على القانون والمسجلين منها:

اتهام بالقتل ، والشروع في القتل ، إيواء الأعراب الخطرين ،الحريق العمد ، تشكيل عصابات إجرامية ، وسرقة المواشي ، وحيازة أسلحة غير مرخصة ، وتقليع المزروعات وتسميم المواشي .

هذا وتضمن التقرير حصرا بأنواع المسجلين ومنهم :[ محمود عزت شرف الدين غازي ، عبد الجليل شحاتة العربي، ، عبد اللطيف مفتاح العربي ، مسلم مختار العربي ، أحمد إبراهيم بلوز ، مهني خميس سعيد ،محمد عبد الرازق العربي ، بسيوني بسيوني الفقي( شيخ خفراء كمشيش) ، ومحمود محمد عيسي ، محمود إبراهيم خاطر ؛ ( قاتل الشهيد صلاح حسين ) ، وأنور مرسى بيان ، عبد العزيز العربي ( عزوز) ،، عبد الحافظ عبد الصمد نجم ، السيد يس نجم ، شبل إبراهيم نجم ، ، أحمد أحمد جبريل نجم ، عبد العزيز قطب نجم ، السيد محمد نجم ] .

كذلك تتبع الدفاع الخطوات التي اتخذت لتكليف الرائد رياض إبراهيم بمهمة جمع التحريات الخاصة باغتيال صلاح حسين والتي قام بها مدير الشرطة العسكرية والمباحث العسكرية التي انتهت بتشكيل مجموعة مكونة من 4 عسكريين ، وأخرى مدنية من أربعة وتم ذلك بعد القبض على المتهمين بالاغتيال واتخذت النيابة العامة بشأنهم قرارا بحبسهم أربعة أيام علي ذمة التحقيق. وخلال هذه الفترة صدرت قرارات باعتقالهم بعيدا عن الرائد رياض .

وقد قابل الرائد رياض السيد إبراهيم بغدادي محافظ المنوفية بعد اتصال تليفوني قام به شمس بدران مع المحافظ بهذا الشأن . وأن الأخير التقي بالرائد رياض وذكر له أن الحادث له أبعاد سياسية وطلب منه الاستعانة بالنائب مصطفى عزب ، وأمين التثقيف لافى الاتحاد الاشتراكي بالمنوفية رضوان بيومي.. نظرا لثقته بهما.

هذا وقد كتب المحافظ - في كتاب ( كمشيش قلعة ضد الإقطاع ) الذى أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات – كتب مقدمة تؤكد يقينه من أن الإقطاع وراء اغتيال صلاح حسين؛ وكتب خطابا بذلك للرائد رياض سلمه للنائب مصطفي العزب ولعضو الاتحاد الاشتراكي رضوان بيومي.

ولم يدخل الرائد رياض مبنى النيابة العامة بالمنوفية إلا مع مدير أمن المنوفية ، وبعد أن كان النائب العام ( محمد عبد السلام ) قد غادر مبنى النيابة العامة بشبين الكوم بعد أن اطمأن لسير العمل في الموضوع . وقد قدم مدير الأمن تقريرا بشأن أبعاد الحادث ودوافعه لحسين عبد الناصر زميل شقيق صلاح حسين إبان تعزية أهل الفقيد.

أعيد المتهمون من محبسهم لقرية كمشيش مساء 3/5/1966 تحت حراسة مشددة من الداخلية بعد حضور الرائد رياض ، وعمت المظاهرات القرية واشتعلت بعض الحرائق وكاد الأهالى يفتكون بالمتهمين فور عودتهم للقرية .

هذا واتصل المشير بالرائد رياض مطالبا بضرورة الحصول على سلاح الجريمة وأية مستندات تتصل بالتهرب من تطبيق قانون الإصلاح الزراعي ، وقد تم تركيب تليفون مباشر بين القاهرة وكمشيش في 4/5/1966 لتيسير عملية الاتصال.

وقد اعترف القاتل بمكان سلاح الجريمة للرائد رياض أمام النائب مصطفي عزب وأقر في التحقيق بأن ذلك تم دون إكراه.، كما ذكر مدير الأمن للرائد رياض بقيام الداخلية بإعداد حصر بأسماء المزمع اعتقالهم من العائلة الإقطاعية خلال فترة الحبس الاحتياطي ( الـ 4 أيام ) حيث تم ترحيلهم يوم 5/5/1966 للسجن الحربى .

وكان شمس بدران قد ذهب إلى تلا يوم 4/5/66 واتصل من مكتب رئيس المدينة بالمباحث العسكرية مطالبا بعمل تحريات بكل المتعاونين مع العائلة ا-فقطاعية ونكلوا بالفلاحين.

كما اعترف صلاح الفقي أيضا بأن أحدا لم يكرهه على الاعتراف بارتكاب جريمة وإنما بقصد الاستهزاء والسخرية منه.

ثالثا: الآلية التي حكمت تدخل الدولة والأجهزة التي نفذت القبض وجمع المعلومات والتحقيق.

قامت أجهزة الشرطة بالمنوفية بالقبض على المتهمين، وأعدت قوائم بأنصار العائلة الإقطاعية تمهيدا لاعتقالهم.

بعد تحقيقات النيابة العامة والأمر بحبس المتهمين احتياطيا 4 أيام علي ذمة التحقيق وإصدار الجهات السيادية العليا أوامر الاعتقال ، تدخلت المباحث الجنائية العسكرية ، واعترف صلاح الفقى بعدم إكراهه على الاعتراف بأية جريمة ، وأرشد القاتل محمود خاطر بنفسه عن مكان سلاح الجريمة وأفاد في التحقيقات بعد إكراهه على ذلك.

حضر النائب العام لمقر نيابة شبين الكوم واطمأن لسلامة سير التحقيقات ؛ كما حضر شمس بدران لتلا ؛ علاوة على وصول كل من قائد الشرطة العسكرية وقائد المباحث الجنائية العسكرية لكمشيش وكلاهما أعي رتبة من من الرائد رياض ؛ واتصل بهما شمس بدران من تلا .. وقبلها اتصل بمحافظ المنوفية الذى كتب مقدمة كتاب ( كمشيش قلعة ضد الإقطاع )تؤكد أن الحادث له أبعاد سياسية ، وأن العائلة الإقطاعية ضالعة في الحادث وأخبر بذلك كلا من النائب مصطفى عزب وعضو الاتحاد الاشتراكي رضوان بيومي.كما أخطر الرائد رياض بذلك بخطاب أوصله له النائب وعضو الاتحاد الاشتراكي.

ويهمنا أن نشير لدور مدير الأمن الذى كتب تقريرا سلّمه لحسين عبد الناصر.

من جانب آخر عقد مجلس الشعب اجتماعا استغرق يومين عرض فيه تقديرات أعضائه ؛ إضافة إلى تقدير رئيس الوزراء في الأحداث ، وقام الإعلام بنشر الأحدث التي لابست رد فعل أهالي القرية علي عملية الاغتيال .

وتحدث فيما بعد عبد الناصر والمشير عامر بشأن الموضوع وتناول حديثهما الأبعاد السياسية لعملية الاغتيال وضرورة اتخاذ موقف حاسم ضد القتلة والمحرضين.

وإزاء ما نسب فيما بعد ( 1976 ) للرائد رياض إبراهيم من تحميله مسئولية التحقيقات والقبض علي المتهمين وما قيل عن تعذيبهم يهمنا إبراز الآلية التي تدخلت بها الدولة في الأحداث بدءا من قيام أجهزة الشرطة بالقبض ؛ والنيابة العامة بالتحقيق والحبس الاحتياطي قيد التحقيق ؛والقيادة السياسية بإصدار أوامر الاعتقال ونقل المتهمين للسجن الحربي. وما واكب ذلك من تشكيل مجموعتين إحداهما عسكرية لجمع المعلومات والتحريات والتعرف علي أبعاد الحادث الحقيقية والثانية مدنية تبحث في المستندات المتوقع العثور عليها بشأن التهرب من قانون الإصلاح الزراعي وممارسة أساليب السلب والنهب ضد الفلاحين وقيام جهاز الرقابة الإدارية بكتابة تقرير فني عن الجانب الأخير؛ والذي امتد إلي التوصل إلى الكيفية التي اتخذتها العائلة الإقطاعية في الاستيلاء علي الأراضي وإكراه الفلاحين والتضييق عليهم وحصارهم وحرق منازلهم ومحاصيلهم وسرقة وتسميم مواشيهم وتقليع مزروعاتهم ؛ فضلا عن الأسلحة التي استخدمت في عمليات الترويع والقهر والقتل لمن يقاومونهم من الأهالي وما رافق ذلك من تلفيق للتهم وإيواء للخارجين علي القانون المستخدَمين في عمليات القتل والترويع.

ويأتي بعد كل ذلك تدخل المباحث العسكرية في أعقاب القتل والقبض وإصدار أوامر الاعتقال والذي لم يكن مبادرة منها بقدر ما كان استكمالا دور جهازي الشرطة والنيابة العامة ؛ والذى توصل إلي العثور علي سلاح الجريمة والإرشاد عن مكانه دون إكراه ؛ وإلي الكشف عن مخازن الأسلحة وخزائن المستندات الموثقة لعمليات التزوير وتهريب الأرض من تطبيق قانون الإصلاح الزراعي .. والأهم الكشف عن أساليب وأدوات الترويع والمطاردة والقهر ضد الفلاحين.

كانت المباحث العسكرية هي آخر المتدخلين في الأحداث وهي التي فكت رموز وطلاسم الأحداث وحصلت علي أهم النتائج.

والمباحث الجنائية العسكرية هي جزء من جهاز الشرطة العسكرية ؛ ويتبوأ الرائد رياض رئاسة شُعبة التحريات وجمع المعلومات بالمباحث العسكرية . باختصار ليس هو الأعلي رتبة في كليهما ولا هو مُصْدِر ُ الأوامر ويعلوه في المراتبية أكثر من مستوي ، ومن هنا فإن البحث عن دوره يتطلب البدء برؤسائه في الجهازين وفى القيادة التي تديرهما وعن حقيقة الأوامر الصادرة له وكيفية تنفيذه لها .وهو في سلم الترتيب يقع في منتصفه وليس علي رأسه .. هو منفذ الأوامر وليس مُصدرها.

رابعا : وثائق وملفات وخطابات ومذكرات رسمية وتقارير طبية وسجلات سجون بعضها قُدّم َ للمحكمة .. والآخر تجاهلته رغم مطالبات الدفاع..!

•هذا وقد تقدمت هيئة الدفاع عن المتهمين للمحكمة بعدد من الطلبات أبرزها ضم ملف القضية ( 22 / 1967 قضية اغتيال صلاح حسين ) ، والجناية 78 لسنة 1977 كلي شرق القاهرة ، وملف اللجنة الخماسية لمجلس القضاء الأعلي ؛ إضافة لتقديمها لوثيقة هامة من القضاء العسكري رقم 7995 مؤرخة 2/8/1975 موجهة من النائب العام تفيد بأن السجن الحربي وإن كان في ظاهره مؤسسة عسكرية إلا أنه لم يكن كذلك في كل الأحوال بل كان خاضعا لمشيئة السلطة السياسية.

•وهناك تقارير طبية لـ 22 من المتهمين في القضية 22/ 1967 تم حفظها بعد عرضها علي النائب العام في 5/3/1968 ؛ قد مثلت تلك التقارير استجابة للطلبات التي قدمها المدعون بالحق المدني وكانوا متهمين في القضية 22/ 1967 الخاصة باغتيال صلاح حسين.

•إضافة إلى بلاغات تعذيب أخري قدمها المشار إليهم عام 1970 والتي دفع الرائد رياض إبراهيم بعدم جواز نظر الدعوى لسابق الفصل فيها في القضية 22/ 1967.

•ومذكرة مرسلة من القضاء العسكرى للنائب العام بتاريخ 22/10/1966 تفيد تكليف المشير عامر للمباحث الجنائية العسكرية ( بإجراء التحريات ، وضبط المتهمين ، والسلاح المستخدم ).وهو ما أسفر عن التوصل للجناة والسلاح.

•إضافة إلى معاينة للسجن الحربي مدون بها القرارات الصادرة بشأن القضية وأسماء النزلاء وتاريخ استقبالهم.

وأسماء الموظفين والجنود العاملين بالسجن.. لم يكن من بينهم الرائد رياض إبراهيم.

•فضلا عن دفتر سجن إبي زعبل والكشوف الطبية الموقعة علي نزلائه والتي لا تتضمن إثبات أو تسجيل إصابات أو آثار تعذيب.

•وكذلك محاضر تحقيقات وتصرفات اللجنة العليا لتصفية الإقطاع التي تشكلت من 22 عضوا برئاسة المشير عامر في 12/5/1966 إضافة إلي 16 عسكريا كمستمعين ؛ واستقت معلوماتها من 3 مصادر هي وزارة الداخلية والاتحاد الاشتراكي والمحافظين. هذا ويتضمن ملف لجنة تصفية الإقطاع مايلي:

*عدد الأسر الإقطاعية في مصر 336 عائلة منها 9 عائلات فقط استخدمت الإجرام بعدد إجمالي ( 1082 ) فردا وتملك 2.75 مليون فدانا ؛ بينما هناك 25 مليون فلاح يملكون 3.25 مليون فدان من مساحة كلية للأرض تبلغ 5 مليون فدان.

* بعض الأسر الإقطاعية ارتكبت 92 جناية حفظت كلها لعدم كفاية الأدلة منها جرائم قتل وشروع في قتل وهتك عرض ، وسرقة مواشي وحرق محصولات زراعية ، بخلاف التهرب من تطبيق قانون الإصلاح الزراعي، وتأجير أرض بأزيد من الإيجار الرسمي، وجرائم تزوير كمبيالات وإيصالات علي بياض واحتكار مواد تموينية ، واستيلاء علي الجمعيات الزراعية وجرائم شراء ذمم موظفين وتقديم رشاوي وتسميم مواشي ..إلخ. وقد ارتكبت عائلة الفقي كل هذه الأنواع من الجرائم تضمنها تقرير الرقابة الإدارية المؤرخ 3 مايو 1966 والمدعوم بالمستندات.

*هذا وتضمن ملف القضية خطاب رسمي بتاريخ 14/2/1978 من السجن الحربي موجه لمحكمة استئناف القاهرة يؤكد أن تاريخ استخدام الكلاب البوليسية المدربة كان 3/2/1968 أي بعد دخول المدعين بالحق المدني السجن الحربي بأكثر من عام ونصف ؛ وهو ما يعني عدم صحة ادعاءاتهم ويدعم ذلك دفاتر سجني أبي زعبل والحربي بشأن التقارير الطبية.

* وفي جلسة 16/2/1978 دفع دفاع الرائد رياض إبراهيم بضرورة تنحي عضو اليمين حيث أنه يمت بصلة قرابة لعائلات الفقي وشريف ومنهم متهمين في الجناية ( 22/ 1967 – اغتيال صلاح حسين ).

*وفي الجناية 78 لسنة 1977 كلي شرق القاهرة قام أكثر من عشرين من المجني عليهم في جناية التعذيب بتقديم شكاوي ضد 4 من المستشارين الذين حققوا معهم يتهمونهم بالتعذيب هم والرائد رياض إبراهيم الذي عذبهم – حسب أقوالهم – في وجودهم. وقد صدر قرار النائب العام بألا وجه لإقامة الدعوي ضد المستشارين الأربعة .. فقام مستشار آخر بتحويله لمحكمة الجنايات مما دعا اللجنة الخماسية لمجلس القضاء الأعلي للتحقيق في الأمر وانتهي بألا وجه لإقامة الدعوي ضدهم ؛ ورغم ذلك لم تلتفت المحكمة لإصرار الرائد رياض علي ضم ملف اللجنة الخماسية للقضية . ( جريد الأهرام 13/9/1977 ).

•مخالفات قانونية من جانب هيئة المحكمة لبعض مواد قانون العقوبات.

وقد تطرقت هيئة الدفاع عن الرائد رياض وزملائه إلى فكرة هامة في نظرية العقوبة مفادها [ أن العقوبة علي الجريمة لا تشرع عبثا ؛ , وإنما لما يعود منها من فائدة في ردع الجاني وكونها عبرة للغير ]. " أما الجريمة التي تحمل الضرورة علي ارتكابها فلا فائدة من معاقبة مرتكبها علي ذلك لسبب بسيط هو أنه لم يُقْدم علي ارتكابها رغبة فيها وبدوافع خبيثة بل إنه يكون نادما علي ذلك وليس في نواياه من الشر ما يدعو لردعه ، ولا فائدة بالتالي من عقابه ليكون أمثولة وعبرة للغير . إذن فهو معذور في نظر الناس ، ولم يفعل إلا ما يفعله أي متهم أحاطت به نفس الظروف والملابسات ." ( صـ 406 ، 407 – المسئولية الجنائية - د. مصطفي القللي ).

ولعل واقعة حلاق الملك فاروق ( المدعو بوللى )الذى أخفي في القصر الملكي كميات من المخدرات – 3 مخازن- بعد قيام الثورة والذى دفع عن نفسه التهمة بأنها إرادة الملك ولا إرادة مع ولي الأمر ؛ وهو ما أخذت به محكمة الثورة في محاكمة مراكز القوي وقضت ببراءة سامي شرف من تهمة اختلاس 25 جنيه استرليني من خزانة الدولة . وهذه الفكرة تتعلق بنظرية اسمها ( الحامل والفاعل ) التي تؤثم في الأمثلة السابقة (الحامل ) الذى أمر .. وتبرئ ( الفاعل) أي الذى نفذ الجريمة.

*مخالفة المادة 26/1 من قانون العقوبات:

حيث سبق لمحكمة أمن الدولة العليا التي نظرت الدعوي ( 22/1967 )أن بتت في مسألة التعذيب.

*مخالفة المادة 280 ، 282/2 من قانون العقوبات:

حيث يدعى المجني عليهم بقيام الرائد رياض إبراهيم بالقبض عليهم وتعذيبهم ، بينما الحقيقة أن القبض صادر من النيابة العامة ونفذته أجهزة الشرطة يوم 3/5/1966 وصدرت أوامر اعتقال خلال مدة الحبس الاحتياطي علي ذمة التحقيق ( الأربعة أيام ) أي يوم 5/5/1966 من جهات عليا ترأس الرائد رياض إبراهيم.

*إضافة إلي أن الرائد رياض إبراهيم لم يقم بالتحقيق بل بجمع المعلومات.. وكل ما أداره مع المجني عليهم من أسئلة لا تخرج عن كونها أداة لجمع المعلومات ولا تعد من الناحية القانونية تحقيقا. وحيث أن القبض بوجه حق صادر من الهيئات المخولة قانونا بذلك ولم يصدر من الرائد رياض فهو يخالف المادة 282/2 عقوبات.

*مخالفة المواد 40 ، 41 ، 43 من قانون العقوبات :

بعض المتهمين في قضية التعذيب من المباحث العسكرية ويخضعون لإمرة الرائد رياض ؛ بينما باقى المتهمين من المجندين أى مكلفون ( بخدمة عمومية) وليسوا موظفين أو مستخدمين ، وكل فئة من هؤلاء المتهمين جميعا تخضع لقيادات مستقلة .. فكيف تم الاتفاق علي ارتكاب جرائم ..؟
بينما الاتفاق يتطلب إرادة حرة وهم ليسوا كذلك.. لأنهم خاضعون لإدارات مختلفة.

•مثالب وعيوب الحكم المطعون فيه وأدلة ذلك :

*أغفل الحكم الرد علي طلب المدعين بالحق المدني بتعويض من ورثة المشير عامر؛ ومن السيدة شاهندة مقلد.. سواء بالقبول أو الرفض.

*اعتماد المحكمة علي مناظرتها للمجني عليهم بشأن الإصابات التى بهم جراء التعذيب لا يجوز ؛ بل يجب العوة إلى التقارير الطبية والتأكيد على مطابقتها لما أوردته النيابة العامة ، وهو نفس المأخذ على التهمة الخاصة باستخدام الكهرباء في التعذيب والتي لم تلجأ بشأنها المحكمة لمختصين استنادا إلى أدلة قولية دون التحقق من وقوعها فنيا، لأنه لا يصح للمحكمة أن تُحِلّ نفسها محل الخبير في المسائل الفنية.

*عدم ضم القضايا والملفات التى طالب بها الدفاع ومن ثم لا يمكن الأخذ بأسباب لا تتواجد مصادرها بملف القضية رغم إصرار الدفاع علي وجودها ورفض هيئة المحكمة لذلك.

* دفع محامي الحكومة ببطلان إجراءات المحاكمة فيما يتعلق بسماع شهود إثبات التعذيب ؛ حيث جري سماعهم وهم مجتمعين في قاعة المحكمة واتصال الشهود الذين أدلوا بأقوالهم بغيرهم ممن لم يدلوا بأقوالهم. علاوة علي عدم توكيل محامين لعدد من المتهمين لمدة سبعة شهور.

*بلغ عدد المتهمين في القضية 22/ 1967 ( اغتيال صلاح حسين ) 107 أما الشهود فبلغوا عشرين شاهدا، قبضت المباحث العامة ( أمن الدولة )علي 72 متهما منهم بينما قبضت المباحث الجنائية العسكرية علي 35 متهما ، مع العلم بأن المباحث العسكرية جهة غير إدارة السجن الحربي والأخير لا يُدخِل أحدا السجن دون أمر من قائده ، بينما من حق المباحث العامة القبض وإدخال السجن الحربي ، ولرئيس الجمهورية الحق في القبض والاعتقال بأوامر شفهية. ومن ثم لا يستطيع الرائد رياض القبض والاعتقال خصوصا وأنه ليس ممن وردت أسماؤهم ضمن موظفي السجن الحربى أو المنتدبين للعمل به.

* الحكم أسقط صلة القربي بين عضو اليمين بهذه المحكمة وبين عائلتي الفقي وشريف بكمشيش والمتواجد عدد من أفرادهما ضمن المدعين بالحق المدني.

•واختتمت هيئة الدفاع مذكرتها بأن الأسباب التي ساقتها المحكمة في الدعوي 1272 /1976 (جنايات مدينة نصر – تعذيب) تتسم بخطأ في الاستدلال وقصور في البيان ، وبطلان في الإجراءات ، ومخالفة للقانون ، كما انطوي حكمها على قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون والتأويل ، والتمست من محكمة النقض الحكم بقبول هذا الطعن شكلا ؛ وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى لمحكمة الجنايات بهيئة أخرى للحكم في موضوع الدعوي من جديد.

•خاتمة وتعقيب من المحرر :

يهمنا بادئ ذى بدء التأكيد على أن قضية اغتيال صلاح حسين تعرضت لاجتياحين ،أحدهما وأولهما هو أوضاع نظام الحكم فى فترة ما قبل نكسة يونيو 1967 .. الذى كان مازال يصارع فيه عددا من القوي الرجعية المعادية لحق الشعب في الحرية والحياة الكريمة وتلبية المطالب الأساسية دون الاعتماد على قوى الشعب الحية ومنها علي سبيل المثال الحركة الناشطة في صفوف فلاحي قرية كمشيش وتغليب المنطق الإداري والأمني فى مواجهة تلك القوي الرجعية.. وهو ما أهدر إيجابيات تلك القوي الشعبية الحية وأفضي إلي نتائج وخيمة بالنسبة للشعب ونظام الحكم علي السواء.

ولا أدل علي ذلك من أن عام 1966 شهد ثلاثة شهداء من تلك القوى لشعبية الحية فى المنيا حيث اغتيل الدسوقي أحمد علي فى 6 إبريل ، والمنوفية حيث اغتيال صلاح حسين في 30 إبريل ، وفي الفيوم فى وقت سابق حيث اغتيل شخص ثالث – كما أفاد بذلك النائب حافظ بدوى- ولا يمكن فصم تلك الاغتيالات عن المناخ المسيطر علي كثير من أجهزة الدولة التى تعرف تفصيلا نشاط القوي الرجعية فى البلاد وتغمض عينها عنها ؛ بل تتواطؤ على كثير منها.

ولا نبالغ إن قلنا بل ودعم بعضها ، لأنه لا يمكن تفسير المطاردة المستمرة لصلاح حسين - بالاعتقال كعضو فى جماعة الإخوان المسلمين وإيداعه السجن الحربي فى عام 53/ 1954 أو تحديد إقامته مرة في الإسكندرية وأخرى في شبين الكوم لتقييد حركته السياسية فى دعم كفاح فلاحي قريته أو عزله سياسيا وحرمانه من النشاط السياسي- لا يمكن تفسير ذلك إلا بأنه دعم مباشر للقوى الرجعية التى ساهمت أجهزة الدولة في تهربها من تطبيق قانون الإصلاح الزراعي لمدة 8 سنوات ، بل ومساعدة العائلة الإقطاعية – موضوعيا - علي ذلك التهرب.

أما الاجتياح الثاني فكان من الجهة المعاكسة ؛ وتجلي في أعقاب نكسة 67 التي فتحت الطريق واسعا للقوى الرجعية للنشاط وسمحت لها بالخروج من جحورها؛ وتأجج ذلك بعد تولي السادات مقاليد الحكم حيث صالت تلك القوي في الساحة وجالت دون عوائق.، وظهر ذلك جليا في الدعويين 1272/ 1976 مدينة نصر، 78 / لسنة 1977 كلى شرق القاهرة .

ولا يمكن تناول القضيتين – كمؤشر للأوضاع الراهنة في ذلك الزمن – وخصوصا قضية الرائد رياض إبراهيم إلا في علاقتهما بالمناخ الذى كان سائدا فى الفترتين اللتين سبقت وأعقبت نكسة 67.

حيث كان المناخ قبيل النكسة معتمدا بالأساس على الدور الإدارى/ الأمني للدولة بكل تراثه الاستبدادي الذي يحجر علي نشاط القوي والطبقات الشعبية ويحرمها من النشاط المستقل الذى يشكل الضمانة الرئيسية للحفاظ على ما تحقق من مكتسبات على الصعيدين الاجتماعى والوطنى. وكان التردد في تقليم أظافر ومخالب القوي الرجعية مترافقا مع ذلك الدور الإداري الأمني مع القوي والطبقات الشعبية.

وبعد النكسة غادرت قوى الرجعية جحورها وبأفول عام 1971 انطلقت من عقالها بانفراد السادات بالحكم. وبدأت مسيرة الارتداد عن السياسات السابقة فى المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتمسك بها في المجال الإداري والأمني.

لقد كان في إمكان القوي الحية في المجتمع – فيما لو أمسكت زمامها بيدها – أن تحول دون تهريب أراضي الإقطاع من قانون الإصلاح الزراعي وتحرم القوي المعادية للتقدم من أسلحتها وتحاصرها وتخنق حركتها ؛ علاوة علي مواجهة جملة الأفكار والثقافات والسياسات التي تبثها وتتبناها قوي الرجعية وخصوصا أفكار العودة للوراء نحو تخوم القرون الوسطي.

وفي هذا المقام نذكر أن مقدمات وسياق اغتيال صلاح حسين كشفا بشكل غير مسبوق عما كان يمارسه الإقطاع في الريف ؛ وفضحا أدواته وأساليبه وأهدافه ، وأبرزا من ناحية أخري كيف هادنته الدولة ؛ وكيف عصفت مهادنته بكل مكاسب الفلاحين فيما بعد . كما كشفتا كيف كانت كثير من أجهزة الدولة تعاونه وتدعمه وتتواطأ علي ممارساته وتُعمّي عليها ، ولعلنا لا نغالي حين نؤكد أن استفادة بقايا الإقطاع وورثته من اغتيال صلاح حسين كانت محدودة ومقتصرة على الجانب الثأري ، لكن الفائدة الحقيقية والحصاد الإيجابي كان للنظام الحاكم الذى ما أن رحل عبد الناصر حتي كشف عن وجهه وأسفر عن أهدافه بعد أن انحاز لمعسكر الغرب وتصالح مع العدو الصهيوني وعاد لأحضان الرجعيات العربية ليصير عضوا في زمرتها بمرور الزمن متبنيا لسياستها وتوجهاتها.


لكن لأن الشعوب دائما هي الباقية .. بينما الطغاة راحلون .. صار لزاما علينا أن نقرأ التاريخ جيدا ونتعلم منه ونجدد شبابنا ونستعيد روحنا وإقدامنا ونتعظ من كبواتنا ونتأكد أننا لن نهادن عدونا مرة أخري .. سواء كان خارج حدودنا أو قابعا بين صفوفنا أو مختفيا تحت جلود البعض منا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة ترصد مخرجات اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي


.. غالانت: إسرائيل تتعامل مع عدد من البدائل كي يتمكن سكان الشما




.. صوتوا ضده واتهموه بالتجسس.. مشرعون أميركيون يحتفظون بحسابات


.. حصانة الرؤساء السابقين أمام المحكمة العليا الأميركية وترقب ك




.. انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض