الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستخفاف و رفاهية الحزن

محمد قاسم علي
كاتب و رسام

(“syd A. Dilbat”)

2021 / 7 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن الحريق اندلع بسبب وصول شرارة مصدرها أسلاك كهربائية معطوبة إلى خزانات الأكسجين، وهو ما تسبب في انفجارها، نفس السيناريو الذي حدث في مستشفى أبن الخطيب في بغداد يحدث في الناصرية بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر.
يبدو أن الأجرام في حق الكرامة و أحترام الإنسان لازال مستمراً دون توقف، نتعامل مع الناس على أساس أنهم أرقام دون مراعاة لأي مشاعر يمتلكها الناس أو ذويهم أو المجتمع، لأن الضمير قد مات في الأمة المقهورة، "الأمم المقهورة تسوء أخلاقها" أبن خلدون
مركز عزل مصابي كورونا بمستشفى الحسين في ذي قار، عوضاً عن أن يكون مكاناً للمرضى لحين إمتثالهم الى الشفاء، تحول الى مكان للهلاك بسبب الأحزاب السياسية الفاسدة المقيتة. ليضاف هذا اليوم يوماً أسوداً من تاريخ العراق كالأيام العصبيات التي سبقته و مع الأسف س تخلفه إن إستمرت الأمور على هذا المنوال.

الشئ الوحيد الذي إستطعت أن اُحمله إدانة كبيرة هي تلك المأساة و الفاجعة التي تحملها الألحان عند الحديث و تضارب الأوتار. أستطيع شجبها أشد ما يكون من الشجب و لعنها أشد اللعنات قسوة لأنها كانت و لا تزال تحارب الحياة و تقوض الروح البشرية في ظل إستمرارها لا نهضة تُرجى و لا تقدم يمكن أن يلوح بالأفق. من هم المقصرين في ظل تواجد تركيبة سكانية تعيش على ثقافة التقصير؟! بعد الحادث الذي أودى بحياة 92 شخصًا ، بإندلاع حريق كبير في مُستشفى الحسين في مدينة الناصرية، ردود الأفعال الشعبية و الحكومية كانت مثل تلك الإسطوانة القديمة التي على طول الطريق تدين بشكل مخجل، دون مراعاة عمق الكلام و ما ينطوي حوله من تفسيرات، لا نظرة بعيدة التي من مسؤليتها خلق الحياة ، لا تدميرها. فتعالت صيحات مخزية من قبيل شنو ذنب هاي العالم او الله اكبر على الحكومة هذه الثقافة هي السبب الرئيسي في الإستهتار المستمر.
أحب أن أكتب المقالة بشكل مباشر لأنها تمثل خنجراً في قلوب الأوغاد.
شنو ذنب هاي العالم كما قال أحدهم ، من التحليل العميق لهذه العبارة توصلت للآتي: أولاً هذا القول لا يحمل تعاطفًا على الإطلاق أو حتا إستنكاراً و إنما هي كلمات تُفصح بشكل غير مباشر عن معتوه يكمن في جسد الشخصية العراقية بشكل عام، إن سقطت السماء فإنه دائماً هنالك شخص طويل قادراً على حملها، أما أنا فلدي يد قصيرة لا تجدي بالمشاركة.
دعونا نرجع قليلاً الى الوراء
ياله من أمر مُخزِ، عهد الإهانة و الإذلال و التنمر على الشخصية العراقية لازال يواصل مُستمراً دون نهاية تلوح بالأفق. الإستخفاف و الإستهتار لكرامة المواطن العراقي بلغت ذروتها، لا نترجى من حكومة الميليشيات الشئ الكثير ، الشئ الوحيد الذي يمكن أن نعول عليه هو تغيير الفلسفة بشكل جذري، فلسفة الحزن و تعذيب الذات (رفاهية الحزن) يجب أن تنتهي. بعد مصرع 92 شخصًا في مستشفى الحسين في مدينة الناصرية ، عليك أن تفهم أن هذا إنذار أخير ، أتمنى شخصيًا أن تُخلف هذه الفاجعة عاصفة تقضي على الشراذم من المنحطون و الدونيون ، الذين يعتلون سدة الحُكم في العراق ، الذين يمسكون بزمام الأمور.
لكن قبل ذلك فالنضع في الحسبان ، التغيرات التي يجب أن نجريها على أنفسنا، من خلال نبذ موروثات الحزن و نشر الأمل و الجمال.
" لا يليق بالأرواح العظيمة أن تنشر ما يعتريها من الحزن و الألم، يليق بها فقط أن تنشر الأمل و الجمال"
الفيلسوف نيتشه
أكاد أعرف مصدر المشكلة ، المشاكل التي تجري بالعراق، هي نتيجة الشر المهيمن الذي يتجسد بالضعف المستمر المتوارث جيلاً بعد جيل بلا إنقطاع.
إن الشجن بالغناء ، و المواساة التي نسمعها منذ أن كنا صغارًا وَلَدت لدينا هزيمة كارثية ، علينا قدر الأمكان و بأسرع وقت التخلص منها. إن اللحن الذي تشربنا به في طفولتنا كان كارثيا بإمتياز. لم يكن لحنًا للحياة بل هو لحن للرذيلة التي تمقت و تدين الحياة بشدة.
هذا شئ متوارث منذ زمن بعيد و ما خَلفه من صبغة تضفي عليه الشرعية و تُثبته راسخاً دون زحزحة، كان منعطفاً تاريخياً، إن تحريم رجال الدين الإسلاميين الغناء و الرسم منذ القرون الوسطى الى الآن بقرار يتأرجح بين التحريم القطعي و الجواز بشروط ، كان بلا أدنى شك طامة كُبرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو