الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعي التاريخ

أياد الزهيري

2021 / 7 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


أعتقد نحن أكثر شعوب الأرض التي لم تتعض من التاريخ، فالتاريخ في نظرنا عبارة عن قصة للهو والسمر ، في حين أن التاريخ يمثل تجارب حياة سبقتنا ينبغي دراستها ومعرفة أيجابياتها وسلبياتها لكي نتجنب ما يمكن أن يصيبنا من ضرر ،فنحن في وضعنا الحالي نمر بمرحلة شبيه بمرحلة بني أسرائيل بعد موسى، صراعات ، وفتن ، وفوضى فكرية ، وتشتت بالأنتماءات ، وانقسام بالولائاة، فكان بني أسرائيل منقسمين ، منهم من يتودد آنذاك لملوك سوريا ، وهناك من يتزلف لملوك مصر ، وهناك من يولي وجهه الى شطر آشور ،كانوا غير مخلصين في انتماءهم العقائدي ، فتراهم شكلياً مع دين موسى وقلبياً يعبدون الاله بعل اله الكنعانيين ، كل ذلك أضعفهم وكان السبب في سقوط مملكتهم الشماليه أسرائيل على يد الآشوريين عام 722 ق م ، حينئذ قال لهم نبيهم أشيعا كلمته ( قوتكم في أيمانكم المطمئن)، أننا وفي صريح العباره ، لم نركن الى ركن ركين ، فلم نركن الا لنوازعنا الذاتية وعواطفنا الأنانية، نأبى التجمع ، ونهوى التفرق ، ولا يجمعنا جامع ، فقد أصاب بني أسرائيل الضياع في صحراء التيه أربعون عام ، وسقطت دولتاهم اسرائيل ويهوذا ، وذُبحوا وشُردوا الى كل أصقاع الأرض ، وذِلوا أيما أذلال نتيجة لأخلاقهم وعظيم معصيتهم وفساد نواياهم ،فقد طرِدوا من كل أرض سكنوها، وعاشوا في الصحاري وقرب الجبال ، وفي المدن في الغيتوهات منبوذين محتقرين ، وها نحن ومنذ تسعينات القرن الماضي في هجرة وتشتت ، حتى أصبح العراقيون ينتشرون على كل الجهات الأربعة للعالم ، ولازلنا في صراع يشتد أواره وتحتمي ناره ، لم يربطنا وطن، ولم يجمعنا دين، ولم يوحدنا مذهب، ولم يشد وزرنا ظلم لحق بنا جميعاً من نظام دكتاتوري ، نحن بلاشك سيكون مصيرنا أسوء من مصير بني أسرائيل ، والسبب أنهم عالجوا مشكلتهم بأن أستفادوا من تاريخهم ،وهم أكثر شعوب الأرض ممن رسخوا الدراسات التاريخية وأكدوا على موضوعها ،حتى أنه هيمن على مسارهم الأجتماعي والسياسي ،وظهر من بينهم مؤرخين عظام فلسفوا التاريخ ووظفوه لترسيخ وجودهم وتجنب كل مسببات ضياعهم ، وخرج من بينهم مفكرون أخلصوا لأمتهم من أمثال (موسى مندلسون 1729-1786 م) الذي دافع عن شعبه وحررهم من غيتوهاتهم وطالب بحقوقهم التي سلبها منهم الأوربيون أنذاك ،وترجم أسفارهم الى الألمانية لكي ينشر ثقافتهم ويعيد لهم ثقتهم بنفسهم، في حين أن مثقفينا يعملون جاهدين الى تمزيق دينهم ونعته بأسوء النعوت وتحميله كل مما حصل من مأسي من دون أن يؤشروا الى الأسباب الحقيقية لمأساتنا ، وبذلك فأنهم يسعون من حيث يعلمون او لا يعلمون في تفتيت مجتمعهم لانهم يساهموا في ضياع هوية شعبهم وتفتيت وحدته وبالتالي ضياع عروته الوثقى، وهم يعلمون أن الافكار اليسارية والقومية فشلت في توحيدهم وأن الدعوه لليبرالية السائله لم يزد بالطين الا بله ، وهنا يساهم مثقفينا مساهمة لا تقل عن عدونا في تفتيت جمعنا وتهوين حالنا . أنا أرى اليوم أكثر من أي وقت مضى أن لأساتذة التاريخ دور مهم وتاريخي في نشر الوعي التاريخي وأستنباط العِبر منه لتصحيح المسار المتخبط الذي يسير عليه العراقيون اليوم ، فقد كان للدكتور الراحل جاسب الموسوي رحمه الله مشروع رائد في الترويج لثقافة تاريخيه واعيه ولكن للأسف خطفه الموت مبكراً فخسرنا علماً ورائدا تاريخيياً كان من المؤمل أن يؤسس لكتابة تاريخ يضع فيه النقاط على الحروف، لأن تاريخنا الحالي هو سبب معظم مأساتنا وآلامنا لأنه مصنع ضخم لكل المفخخات التي أنفجرت علينا والتي ستنفجر في قادم الأيام والسنين ، فأنا أهيب بالمتخصصين المخلصين من المؤرخين لأنشاء وعي تاريخي يساهم بعملية بناء شخصية عراقيه فاعلة وخالية من عقد التاريخ المزيف، وتأسيس مركز بحوث للتاريخ لكي نؤسس لتاريخ حقيقي ،يساهم في بناء جيل يقدر الحياة ويحوله الى شعب مبدع يناضل من أجل وجود خلاق ومبدع وصامد بوجه التحديات، ويكون مساهماً في صناعة الحضارة الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا